آخر المواضيع

آخر الأخبار

08‏/10‏/2011

«قناص الداخلية» صوب على رأس «أحمد» لأنه صور الضباط وهم يطلقون الرصاص على المتظاهرين

111

ولا يعرف أحد، على وجه الدقة، لماذا قررت النيابة العامة إرسال قضية قتل المتظاهرين السلميين، فى «ميدان التحرير» خصوصا، إلى المحكمة من دون أن تتضمن أوراقها أى متهمين «أصليين»، وقصرت الاتهام فقط على متهمين بالتحريض والاتفاق وإصدار الأوامر بقتل المتظاهرين، هم: الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ونجلاه علاء وجمال، وصديقه رجل الأعمال الهارب حسين سالم، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى وستة من مساعديه. ثم يأتى شهود الإثبات، الذين قدمتهم النيابة العامة إلى المحكمة، ليقولوا كلاما من عينة «لا أعرف من الذى أصدر الأوامر»، و«لم يكن هناك تسليح لقوات الشرطة بالذخيرة الحية»، وغيرها من الأقوال التى تبرئ القتلة، وتصعب من إثبات تهم إصدار أوامر القتل عليهم، خصوصا بعد ما تبين تعمد إتلاف شرائط فيديو وتسجيلات حية، من كاميرات «المتحف المصرى» و«مجمع التحرير»، تضمنت مشاهد القتل العمد المروعة فى ميدانى التحرير وعبد المنعم رياض، وعلى كوبرى قصر النيل.

لكن السؤال الأبرز، الذى لم يجب عنه أحد، حتى الآن، لا وزير الداخلية، ولا النائب العام، هو: ماذا تم فى قضية قتل الشهيد أحمد محمود الصحفى فى صحيفة «التعاون» الأسبوعية، التابعة لمؤسسة «الأهرام»؟ رغم أنها قضية متكاملة الأركان، فيها قاتل محدد، هو ضابط من طاقم حراسة مبنى وزارة الداخلية، يرتدى الزى الرسمى، وصوره الشهيد بنفسه قبل مصرعه، بالإضافة إلى شهود إثبات، ومعاينة نيابة وطب شرعى.

ورغم ذلك كله، تنكر الوزارة وجود الضابط القاتل، على طريقة «مافيش قناصة فى الداخلية»، ثم تتقاعس النيابة العامة عن إصدار أمر «ضبط وإحضار» القاتل، الذى تظهر الصور ملامحه بوضوح.

أحمد، 39 عاما، توجه إلى مكتبه، صبيحة يوم 29 يناير الماضى، فى دار نشر خاصة ورثها عن جده، هى دار «اللطائف للنشر»، الواقعة فى الطابق الأول من العقار رقم (17) فى شارع مجلس الشعب، وتحديدا فى «ميدان لاظوغلى» الذى يطل عليه مبنى وزارة الداخلية. الصحفى الشاب، الذى وصل إلى مكتبه بصعوبة، أخذ يتابع ما يجرى من نافذة المكتب، فرأى اعتداءات بالضرب الوحشى على المواطنين العزل، من أفراد شرطة حرس الوزارة، بينما رأى ضباطا آخرين منهم يطلقون الرصاص -الخرطوش والحى- على المتظاهرين، فأخذ يصور ما يحدث بكاميرا هاتفه المحمول. فوجئ أحمد بضابط شرطة، برتبة نقيب، يقف فى الشارع، ويصوب سلاحه النارى إلى الصحفى، ويأمره بأن يدخل من النافذة.

لكن قبل أن يستجيب أحمد، عاجله الضابط برصاصة فى رأسه، ليسقط فى الغرفة وسط بركة من الدماء، وسمع زميله فى الغرفة المجاورة صوت سقوطه، فهرع لإنقاذه، وفشل فى الاستغاثة بالإسعاف، فنقله بسيارته الخاصة إلى مستشفى قصر العينى القديم، وهناك فقد الوعى، لإصابته بنزيف حاد وتهتك فى خلايا المخ، وبذل الأطباء محاولات مستميتة لإنقاذه، لكن الصحفى الشهيد راح فى غيبوبة، استمرت خمسة أيام كاملة، ليتوفى مساء الخميس 3 فبراير، متأثرا بإصابته، عشية مليونية «جمعة الرحيل»، التى نادت برحيل الرئيس المخلوع، ونظامه الفاسد. ونظم الصحفيون جنازة رمزية مهيبة لشهيدهم، خرجت من مقر نقابة الصحفيين، متوجهة إلى «ميدان التحرير»، فى مشهد حزين ومهيب.

الشهيد أحمد محمود، أطلقت اللجنة المشرفة بنقابة الصحفيين اسمه، بناء على اقتراح من كاتب هذه السطور، على جمعيتها العمومية المقرر انعقادها يوم «الجمعة» المقبل، تخليدا لذكراه، وتذكرة بصحفى شاب، قدم عمره فداء لوطنه وواجبه المهنى، وضميره الإنسانى.

الزميلة إيناس عبد العليم، رئيس قسم الشؤون الخارجية فى صحيفة «المسائية» بمؤسسة «أخبار اليوم»، وزوجة الصحفى الشهيد، تروى لـ«التحرير» أن زوجها كان يحادثها هاتفيا، قبل مصرعه بدقائق، وطلب منها عدم النزول إلى الشارع لأى سبب، بسبب الأحداث. وتحدث مع ابنته نورهان، 11 عاما، واطمأن عليها، ووعدها بالعودة مبكرا إلى المنزل، «لكنه لم يستطع، لأول مرة، الوفاء بوعده لابنته»، كما تقول إيناس، التى لا تزال مندهشة من عدم إكمال النيابة لتحقيقاتها فى واقعة استشهاد أحمد، وتقول إن القضية «متكاملة، فهى أول قضية، تقريبا، يتم إبلاغ النيابة بها، إذ لم يكن أهالى الشهداء يعرفون، وقتها، لمن يتوجهون للإبلاغ عن موت أبنائهم، نظرا لتوقف أقسام الشرطة عن العمل». وتضيف أن النيابة «انتقلت إلى مكتب زوجى، وعاينته، واستدعت الطب الشرعى، وأخذت أقوال الشهود، ومنهم موظف فى المكتب، كان يشترى أغراضا من الشارع، وشاهد الضابط يقف أسفل المكتب، ويصوب السلاح نحو أحمد، ثم يطلق الرصاص عليه».

زوجة الشهيد تواصل استغرابها «هناك أربع صور، وجدتها النيابة على موبايل أحمد، الذى سلمناه إلى النيابة، وأطلعت أنا عليها فى أثناء أخذ أقوالى، وهى تظهر بوضوح الضابط الذى قتل أحمد، لكن النيابة تقول إن الصور غير واضحة، وكتبت ذلك فى التحقيق». وتضيف إيناس أن النيابة عرضت الصور على عدد كبير من ضباط الشرطة، من مختلف الرتب «لكنهم جميعا قالوا إنهم لا يعرفون صاحب الصورة، وهو أمر متوقع بالطبع». وبعدها، قامت النيابة بفحص «دفاتر التحركات» الخاصة بأطقم الحراسة المعينة على مقر وزارة الداخلية، فى ذلك اليوم، وتبين وجود أربعة ضباط برتبة نقيب، من بين المعينين للحراسة، وأمرت النيابة باستدعائهم، أكثر من أربع مرات، لكن من دون جدوى.

محامى نقابة الصحفيين سيد أبو زيد، الذى يتولى متابعة القضية، قال إن النيابة «كان يجب عليها أن تصدر أمرا بضبط وإحضار الضباط الأربعة، بعد أن رفضوا الامتثال لطلبات الاستدعاء، وبعد تهرب وزارة الداخلية من الكشف عن هوياتهم». أبو زيد، الذى حضر الجلستين الثانية والثالثة مع زوجة الشهيد أحمد محمود، كان قد تقدم بمذكرة إلى محكمة جنايات القاهرة، التى تنظر القضية، برئاسة المستشار أحمد رفعت، مدعيا بالحق المدنى عن أسرة «شهيد الصحافة»، وطالب بتوقيع عقوبة الإعدام على المتهمين فى القضية، وإلزامهم بدفع مبلغ 5001 جنيه، على سبيل التعويض المؤقت، لأسرة الشهيد.

الدهشة والاستغراب، اللذان لا يزالان ظاهرين على وجه إيناس عبد العليم، كلما تحدثت عن تحقيقات النيابة فى قضية مقتل زوجها، يبدوان أيضا فى كلمات سيد أبو زيد، وهو يقول لـ«التحرير» إن حادثة وفاة الشهيد أحمد «هى الوحيدة، من بين جميع قضايا قتل المتظاهرين، التى تحمل دليلا مصورا، قدمه الشهيد بنفسه، على وجود قناصة كانوا يتمركزون فى المنطقة المحيطة بمبنى وزارة الداخلية». وأضاف أبو زيد، أن أسرة الشهيد «سلمت تليفونه المحمول إلى النيابة، التى قامت بتحريزه، واستعانت بخبراء لتفريغ ذاكرة الهاتف، ووجدت الصور التى التقطها قبيل وفاته، وآخرها صورة لضابط برتبة نقيب، يرتدى الزى الأسود الخاص بقوات العمليات الخاصة، التابعة للأمن المركزى، ويصوب بندقية قناصة تجاه الشهيد، قبل أن يطلق النار عليه». وأوضح أن الصور «عرضت على خبير من اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ليحدد هوية من فيها، وجزم الخبير فى التحقيقات أنها لأحد ضباط الشرطة الرسميين».

زوجة الشهيد لا تزال تتعجب، ومحاميه يستغرب، ونحن نتوجه إلى النائب العام بالسؤال: لماذا لم تستكمل تحقيقات «قضية أحمد محمود»، رغم أن النيابة أوردت اسمه فى أول قائمة الشهداء، الذين استعرضهم ممثل النيابة العامة، فى أولى جلسات محاكمة مبارك والعادلى، وهو يوجه إليهم الاتهام بالتحريض وإصدار الأوامر بقتل الشهداء.

هل يرد النائب العام؟.. وهل يأمر المستشار أحمد رفعت رئيس المحكمة التى تنظر القضية، بإعادة فتح التحقيقات فيها، باعتبارها الواقعة الوحيدة، التى تتضمن «متهما محددا»، لا متهمين «افتراضيين»؟.. وهل ينتهز محامو الدفاع عن أسر الشهداء والمدعين بالحق المدنى، هذه الواقعة، ويركزون عليها فى الجلسات القادمة من المحاكمة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى