إن كنت حبيبى ساعدنى كى أرحل عنك.. وأيام ويجىء يناير شهر تبطيل السجاير وشيل الحديد وتغيير الوزراء الذين نجحوا فى مجلس الشعب وفشلوا فى مجلس الوزراء، ويمضى عام كشفنا فيه على أرضنا من يتجسس لصالح حزب الله ومن يتجسس لصالح إسرائيل فهل أصبحنا بلداً «مفتوحا» أمام شبكات التجسس «مغلقاً» أمام شبكات التليفزيون.. والغنى ليس مبرراً للفساد، والفقر ليس مبرراً للخيانة، لكن علينا أن نراجع لماذا يسافر الشباب حتى قرى إسرائيل ولماذا يسبح حتى سواحل إيطاليا؟..
أما «التيحى» فرغم ظروفه فإنه لم يتجه إلى سواحل إيطاليا لأنه لا يجيد السباحة ولم يتجه للتجسس لأنه لا يجيد الإنترنت، وفضّل أن يتجه لسرقة المساكن ثم تاب عندما عثر فى إحدى الشقق على هذا الخطاب القديم من ابن غريق إلى أمه، فهل يقرؤه الفاسدون ويتوبون: (أمى الحبيبة.. تعلمين يا أمى أننى ذهبت لأعرق لا لأغرق، لكنه القدر وظلم البشر.. كنت أبحث عن لحظة دفء افتقدتها فى وطنى.. عن لقمة، عن قميص لى ومسطرة بلاستيك ملونة لابنى، ذهبت أبحث عن عباءة لك، ودواء الروماتيزم، عن نظارة طبية تحتاجها زوجتى.. أنقب فى القاع الآن عنهم ولا أجدهم.. لم يطردنى حضنك، لكن لفظنى حضن وطن لا يعرف الفارق بين البطولة والبطالة.. فى قاع البحر يا أمى لا بورصة ولا احتكار، ولا لجنة سياسات ولا تعذيب ولا خوف، فالغريق لا يخشى من البلل.. لم يعثروا يا أمى على جسدى حتى أوفِّر ثمن أكفانى، فنحن لم نسدد بعد ثمن السفر، فلا تسألينى عن اسم البحر الذى غرقت فيه الأبيض أم الأحمر أم النيل!
فقد غرقت مثلك فى الديون.. وسدوا أمامنا أبواب الأمل والعمل ليفتحوها لأبنائهم.. أوصيك بابنى لكى لا يغرق مثلى، دعيه ينسى ما حكيته له عن قطز وبيبرس وصلاح الدين، واحكى له عن ملوك السمسرة فى البورصة.. علميه ليصبح جديراً بأن يكون حارس أمن لرجل أعمال، أو سكرتيراً لسمسار، وإذا سألك عن قبرى فقولى له إن لى ألف قبر فى كل مصنع باعوه وكل بنك نهبوه.. وانتظرينى مع كل شروق على الشاطئ، واسألى الأمواج عن حفيد لى قد يأتى إليك وفى يده العباءة ودواء الروماتيزم والنظارة الطبية، وفى اليد الأخرى الأمل والخلاص.. ابنك الشهيد).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى