** ليس هناك ما هو أكثر إيلاما من نهر الدم المصرى الذى سال فى ماسبيرو مساء 9 أكتوبر، إلا تأكيد جنرالات مبارك فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالضرب بيد من حديد على من يهدد الوطن.
عبارات ممجوجة مستفزة ترش الملح على الجرح النازف فى جبين مصر منذ 28 يناير الماضى، ليس هناك ما هو أكثر إيلاما منها إلا الحديث عن فلول الحزب الوطنى والمؤامرات الخارجية والأيادى الخفية.
ثم تبلغ المفارقة إحدى ذراها المأساوية عندما يتنطع المتنطعون بحديث مثير للاشمئزاز عن فتنة طائفية!! بينما كل تلفزيونات العالم تعرض مشاهد حية لقوات الجنرال محمد حسين طنطاوى وعرباته ومدرعاته تفتك بالمصريين، فى مشاهد أعادت للأذهان ما فعلته قوات الجنرال حبيب العادلى وعرباته ومدرعاته يوم 28 يناير 2011. الفارق هو أن الجنرال العادلى نزيل سجن طره الآن، بينما الجنرال طنطاوى مازال مقيما فى مقر المجلس الأعلى للقوات المسلحة. والفارق أيضا أن قوات حبيب العادلى قتلت ألف مصرى فى سبعة أيام (28 يناير حتى 3 فبراير 2011) بمعدل ستة شهداء كل ساعة، بينما قوات طنطاوى قتلت 24 مصريا فى ثلاث ساعات، بمعدل ثمانى شهداء فى الساعة.
** حسب جريدة المصرى اليوم (11 أكتوبر 2011) أرسل المجلس القومى لحقوق الإنسان يوم 9 سبتمبر، أى قبل شهر بالتمام والكمال، مذكرة إلى كل من المجلس العسكرى ومجلس الوزراء يحذر فيها من تصاعد الأحداث فى أدفو بأسوان، بعد أن تلقى المجلس شكاوى عديدة بنشوب احتكاكات بين مسيحيين ومسلمين بسبب كنيسة قرية المريناب بمركز أدفو. فيما لو صحت هذه المعلومات، فإن صمت المجلس العسكرى، وتابعه مجلس الوزراء لا يمكن تفسيره إلى أنه إهمال أو تواطؤ، وكلاهما جريمة فى حق الوطن تستوجب المحاكمة.
** لا أعرف أين هو الجنرال ممدوح شاهين الآن، وهو القلق دائما على مصلحة الوطن لدرجة أنه لا يترد فى الاتصال بقناة فضائية يوم 27 مايو يوبخها على «استهانتها بمصلحة الوطن»، لأنها كتبت فى شريط أخبارها المتحرك أن ميدان التحرير يشهد مظاهرات «حاشدة»، بينما توارى عن الأنظار تماما عندما يحرق بعض الغوغاء والسفلة الكنائس من صول حتى المريناب، ربما لا يرى الجنرال شاهين فى حرق الكنائس أى خطر يهدد مصلحة الوطن، وربما يعتقد أن مصلحة الوطن تكمن على وجه التحديد فى حرق الكنائس.
** كل الناس تطالب بضرورة إعمال القانون، بمن فيهم جنرالات مبارك، دون أن يعرف أحد من هو المسئول عن إعمال القانون؟ ومن هو المتآمر على مصر وثورتها ومستقبلها بالتغاضى عن انتهاك القانون كل يوم على مرأى ومسمع من جنرالات مصر؟ ولماذا لم يطبق القانون على البلطجية الذين منعوا محافظ قنا السابق من ممارسة عمله وقطعوا خطوط السكك الحديدية؟ ومن الذى كان يرعى انتهاك القانون وتمزيقه بل والتبول عليه، بجلسات صلح عرفية بين الجانى والمجنى عليه غير السادة اللواءات جنرالات المتهم محمد حسنى مبارك؟
المصريون جميعا، مسيحيون ومسلمون، لا يريدون سوى تطبيق القانون وتقديم المجرمين إلى العدالة، فهل يقوى العسكر على هذه المهمة؟
** عندما قرأت تصريحات اللواء مصطفى السيد الذى يشغل رسميا منصب محافظ أسوان، عن كيفية تعامله مع مشكلة كنيسة المريناب، فكرت جديا أن أكتب مقالا أتعمد فيه إهانته والسخرية منه، فقط لأرى ماذا سيكون رد فعله؟ هل سيلجأ للقانون الذى مزقه وداس عليه بقدميه على الهواء مباشرة وأمام ملايين المشاهدين؟ أم أن الرجل سيكتفى بأن يرسل لى «مجموعة من الشباب يخلصوا الموضوع»؟ لكننى تراجعت عن الفكرة، لأن الرجل ليس أكثر من أداة فى يد من يدير البلاد، حسب اللواء مختار الملا، أو من يحكمها بسلطات البرلمان ورئيس الجمهورية، حسب ما تؤكد الوقائع، مدعومة بنصوص الإعلان الدستورى الذى أصدره الجنرالات. الخطأ الذى ارتكبه اللواء مصطفى السيد بسيط جدا لا يستدعى أكثر من «قرصة ودن»، فهو خلط بين منصبه الرسمى كمحافظ مطلوب منه تطبيق القانون، ودوره المكلف به وهو رعاية البلطجية وتشجيعهم على أعمال القتل والترويع، ولم ينتبه الرجل، من فرط حماسه وإخلاصه، إلى أنه يجب أن يقوم بدوره سرا، ويمارس أعمال منصبه بالتصريحات العلنية. يا ترى أنت فين يا سيادة اللواء شاهين؟!
** حسب جريدة التحرير (11 أكتوبر 2011)، قالت الجماعة الإسلامية فى بيان لها تعليقا على مجزرة ماسبيرو، إنها «لم تعجب كثيرا مما حدث أمس»، يعنى الجماعة معجبة بما جرى، لكن ليس كثيرا!! ولست أعرف ما هى العلاقة بين هذا «الإعجاب القليل» وسؤال ساذج قفز فجأة إلى ذهنى: أين يذهب المتأسلمون إذا ما اضطروا، لأى سبب، إلى مغادرة مصر؟، لاكتشف أن المتأسلمين على اختلاف أنواعهم وأشكالهم وألوانهم، لا يذهبون إلى من الدول التى تمثل لهم النموذج الحلم، لم نسمع عن متأسلم ذهب للعلاج فى أفغانستان، ولا نعرف متأسلما اختار منفاه الاختيارى فى السودان أو إيران، ولم نعرف مجموعة من الشباب المتأسلم الداعى إلى تطبيق الشريعة خرجت من مصر، بحثا عن لقمة خبز، اتجهت إلى جبال تورا بورا أو إيران. جميع المتأسلمين، أيا كانت مستوياتهم التنظيمية فى جماعاتهم، ومستوياتهم الاجتماعية فى المجتمع، وأيا كانت أسباب خروجهم من مصر، يتجهون إلى الدول العلمانية، فى أوربا وأمريكا وكندا، لماذا يرفضون الدولة العلمانية هنا ثم يسعون إليها حثيثا هناك؟ يذهبون برغبتهم الحرة وإرادتهم الكاملة إلى الدول التى تنتشر فيها مئات الصلبان، وتحتفل فى الكنائس والشوارع بعيد ميلاد المسيح وعيد قيامته، لماذا تستفزهم الصلبان وأعياد الميلاد والقيامة هنا فى مصر فقط، ثم يسعون إليها هناك بأقدامهم؟ لماذا يحاولون أن يسرقون الحلم منا هنا، ثم يذهبون إليه هناك بأرجلهم؟
** كثير من المحللين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين ونجوم «توك شو» أتحفونا بكلام جميل عن ضرورة تنظيم المظاهرات وحمايتها من المندسين، لكننى لم أسمع أحدا يتحدث عن ضرورة إزالة أسباب التظاهر.
** يوم 16 مايو 2011، قال المشير إن «المجموعة كلها بتاعة المجلس الأعلى للقوات المسلحة قالت لأ لن نفتح النار»، وكان «الموقف فى منتهى الصعوبة»، والكلام واضح لا يحتمل أى لبس، هناك رفض لفتح النار، يعنى أن هناك من أمر «المجموعة بتاعة المجلس الأعلى» بفتح النار على المتظاهرين، أو على الأقل طلب ذلك، وليس من حق أحد أن يأمر بذلك، أو يطلبه، إلا القائد الأعلى للقوات للمسلحة، المتهم حسنى مبارك، الأمر الذى وضع «المجموعة بتاعة المجلس الأعلى فى موقف فى منتهى الصعوبة» حسب كلمات المشير طنطاوى. كان ذلك يوم 16 مايو، بينما المسرحية الهابطة البائسة عن صحة الرئيس المخلوع مازالت تعرض بفشل منقطع النظير، فى محاولة لإنقاذه من المحاكمة، والمشير يعتقد أنه قادر على الالتفاف على إرادة الشعب، وإنقاذ قائده الأعلى من المحاكمة، لكن مظاهرات 8 يوليو وما تلاها من اعتصام فى ميدان التحرير وضع حدا لهذا البؤس، وأجبر الجنرالات على التسليم بتقديم قائدهم الأعلى للمحاكمة. ثم كانت الخطوة الثانية التى لم يتحسب لها الجنرالات أيضا، وهى استدعاء المشير للشهادة. هنا نسى المشير حكاية «المجموعة بتاعة المجلس الأعلى» و«الموقف اللى فى منتهى الصعوبة» الذى وجدوا أنفسهم فيه، وقال –كما صرح فى زيارته للمنيا- إن أحدا لم يطلب منا فتح النار على المتظاهرين، لكنه لم يقل لنا ما الذى رفضته «المجموعة بتاعة المجلس الأعلى» وما هو هذا الموقف «اللى كان فى منتهى الصعوبة»؟
كان هذا أيام الثورة، لكن الآن لم تجد «المجموعة كلها بتاعة المجلس العسكرى» أية صعوبة فى فتح النار على المتظاهرين فى ماسبيرو!!..
** سواء صحت الأنباء التى نقلت عن وزيرة الخارجية الأمريكية أن واشنطن عرضت على مصر إرسال قوات أمريكية لحماية الكنائس، أو لم تصح حسب النفى الصادر عن السفيرة الأمريكية فى القاهرة، فالمؤكد أن المصريين لا يريدون حماية دولية ولا إقليمية، لا يستحق المصريون الحياة ما لم يكونوا قادرين على حماية أنفسهم بأنفسهم.
** أسامة هيكل تلميذ أبله فى مدرسة أنس الفقى.
** فى مرات سابقة كنت أسأل المشير طنطاوى عما إذا كان قد سمع عن الفريق عبد الرحمن سوار الذهب، لكن الوقت يمضى والأسماء كلها تتساقط من الذاكرة، ولا يبقى إلا اسم ديكتاتور رومانيا نيكولاى شاوشيسكو.... هل سمعت عنه يا سيادة المشير؟
11/10/2011
هانى عياد : هوامش على دفتر وطن جريح
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
موضوعات عشوائية
-
ADDS'(9)
ADDS'(3)
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى