قاهر الإسرائيليين فى حرب اكتوبر

العميد يسري عماره.. قاهر الإسرائيليين:
شاركت في أول عملية خطف أسير من الضفة الشرقية في حرب الاستنزاف
* الإصابة لم تمنعني من أسر القائد الإسرائيلي عساف ياجوري

العميد يسري عمارة بطل في حرب أكتوبر شارك في عملية خطف أول أسير من الضفة الشرقية في حرب الاستنزاف واسمه دان أفيدان شمعون وإن ظلت عملية أسر قائد اللواء الاسرائيلي عساف ياجوري أشهر بطولاته.
في هذا الحوار يتذكر معنا مشوارا طويلا من البطولات والتضحيات بدأ منذ تخرجه عام 1969 وانضمامه لكتيبة مشاة ميكانيكي وحتي خروجه علي المعاش كمساعد مدير كلية ضباط الاحتياط برتبة عميد يعود العميد يسري عمارة بذاكرته إلي فترة حرب الاستنزاف ليتذكر نفسه شابا متحمسا برتبة ملازم أول يتسلم موقعه بسرابيوم وعين غصين ما بين الاسماعيلية والسويس ويقول: كان موقعي في خندق وكل مهمتي أن أطهره الصبح وأظل فيه طوال الليل وامنع أي شخص من الاقتراب منه في ذلك الوقت كنا بحاجة إلي دفعة معنوية هائلة ربطناها بخطف اسير اسرائيلي من الضفة الشرقية وفعلا في ديسمبر 1969 أبلغنا قائد الكتيبة مقدم صلاح حبشة بالعملية وتم عبور دورية بقيادة قائد سرية استطلاع اللواء النقيب أحمد ابراهيم وكان دوري حماية الدورية بالضفة الغربية وابلاغ القيادة بما يحدث وعبرت الدورية شرق القناة ومشيت كيلو ونص واستقررت في حفرة براميلية "كمين" وأبلغناهم بقدوم سيارة جيب قادمة من بورسعيد وهاجموها ودمروها وأسروا الضابط وكان اسمه دانت أفيدان شمعون.
استقبله الجنود المصريون بكل حماس وغضب خصوصا وأن زميلا لهم اسمه توفيق الشافعي استشهد قبل أسبوع في عملية ضرب عشوائي للموقع ويصف العميد يسري شعور زملائه بالرغبة في الثأر فالجندي المصري الذي لم يبرد دمه كان عائدا من اجازة خطوبة ويتذكرون جميعا سعادته وهو يوزع عليهم الجاتوه والشيكولاتة لذلك عندما رأوا الضابط الاسرائيلي أرادوا الفتك به فحاول هو تهدئتهم وناول الضابط شربة ماء عندما طلبها.
فهدأ الجنود قليلا وسأل الضابط الاسرائيلي عن اسم الملازم يسري الذي قدم له الماء فأجاب "جمال عبدالناصر" وسأل عن اسم باقي الجنود فأجاب بهدوء "جمال عبدالناصر" كلنا جمال عبدالناصر فارتسم الغيظ علي وجه الضابط الاسرائيلي وامتلأ الجنود حماسة وعرفوا أنهم بهذه الكلمة وحدها وبترديد اسم ناصر فقط قد انتقموا منه خير انتقام.
وتم نقل الضابط للمستشفي لعلاجه ثم تسليمه للمخابرات الحربية وكان أول ضابط تم تسليمه في عملية تبادل الأسري بعد نصر أكتوبر نظرا لأهميته فكان قريبا لجولدا مائير وفيما بعد أصبح نائب رئيس الموساد الاسرائيلي.
عقدة المياة كانت وهما
ويتوقف العميد يسري عند انتصار أكتوبر ليسترجع فترة قبيل الحرب الحاسمة والمشرفة ويقول كنا في ذلك الوقت دائمي التدريب علي العبور لتجاوز عقدة المياه التي تكونت لدينا وبالفعل أثناء حرب الاستنزاف كنا نصر أن يقوم تقريبا كل يوم ضابط بعبور الضفة الشرقية بدون سلاح ويعود في صباح اليوم التالي وكان الهدف من هذه العمليات القضاء علي رهبة الماء تماما وأول ضابط قام بهذه الخطوة كان الملازم أول رشدي عبدالله إمام الذي أخبرنا عند عودته ان تحصينات النقاط الاسرائيلية أضعف فالمخابئ كانت تخلو من الأشخاص تقريبا وكان اعتمادهم علي الرهبة النفسية التي تكونت بكثير مما قالوا عليها أما في حقيقة الأمر فهم أجبن من مواجهتنا وهكذا ارتفعت معنويات الضباط وأصبحنا نتسابق من يعبر .
ويواصل العميد يسري حديثه وقد علت وجهه ابتسامة فالحديث عن النصر يقترب والابتسامة تتسع يقول: كنا قبل حرب أكتوبر قد تدربنا علي العبور بشكل دائم من خلال عبور الترعة الحلوة في منطقة المحسمة غرب الاسماعيلية ما بين أبو صوير والقصاصين وكان يتم من خلال عملية التدريب اقتحام نقطة محصنة وكانت بروفة مماثلة لعملية العبور التي تمت فيما بعد. الفارق الوحيد أن العبور كان بالذخيرة الحية وليست ذخيرة التدريب.
بعد ذلك عادت كتيبة الملازم يسري وقد صار نقيبا إلي منطقة الفردان شمال الاسماعيلية ب 11 كيلو ومنها تحركت للعبور فيما بعد.
بدأ مشهد العبور صباح 6 اكتوبر بتحرك الطائرات المصرية وعبورها الطريق الاسفلت ما بين الاسماعيلية وبورسعيد في الثانية ظهرا وتحرك الجنود بسرعة وحماس في غطاء من الطائرات وهم يكادون أن يصافحوا الطيارين وجاءت صيحة "الله أكبر" أثناء العبور تلقائية.. لا يعرفون من بدأها ولكن الكل رددها مسلمين ومسيحيين وقام الجنود تحت قيادة البطل العقيد "في ذلك الوقت" حمدي الحديدي قائد اللواء بتنفيذ عملية العبور كما تدربوا عليها وقاموا بفرد كوبري المشاة ليعبر عليه الجنود وعرضه 120 سم وطوله 200 متر بطول عرض القناة للربط بين شرقها وغربها وجري الجنود بخفة وأثناء عملية العبور لم يخسروا سوي جندي واحد وكان جندي اشارة اختل توازنه بفعل الحمولة الكبيرة فوق كتفة "50 كيلو ذخيرة" وسقط في الماء شهيدا.
قصة عساف ياجوري
واستمر التقدم المصري في أيام 6 و 7 و 8 أكتوبر حتي جاءت إخبارية لدي القادة المصريين بأن قوات المدرعات الاسرائيلية ستقوم بهجمة مضادة علي القوات المصرية التي عبرت إلي الشرق لتعيدها إلي غرب القناة وتغرقها فيها.. تلقي الإخبارية قائد الفرقة العميد حسن ابو سعدة اتفق قادة اللواءات العقداء حمدي الحديدي و محمود المصري محمد صابر زهدي فيما بينهم علي التصدي للهجوم من خلال تكوين كماشة علي شكل حرف U تكون فيها فرقة مشاة بمثابة المصد لأنه لواء مشاة ميكانيكي يضم عربيات مدرعة وبالفعل نجحوا في تدمير 73 دبابة ولان دوي انفجار الدبابة هائل انتظروا لما هدأت الانفجارات وتلقوا أوامر أن يركبوا المركبات وتطوير الهجوم بكسب الأرض والوقت وهنا يصل العميد يسري إلي محطة أسر عساف ياجوري شارحا كان مخصص لي سيارة جيب عليها مدفع متحرك ب 11 وزنه 305 كيلو وكانت مهمتي التحرك حتي 9 كيلو مترات شرق القناة ولما اصيبت السيارة أخذت المدفع معي وركبت فوق سطح مدرعة من الخلف لأنه لم يكن لي مكان بالداخل وكان قائد "المركبة" بطلاً من المنصورة اسمه فاروق فؤاد سليم استشهد في يوم 9 أكتوبر وبينما كنت أجلس اكتشفت اصابتي بقاذفة رشاش دون أن أشعر ورأيت الدم يغرق الأفرول وصرخت علي فاروق ليوقف المركبة "استني أنا أصبت" وفي نفس اللحظة رأيت شخصاً يرتدي أفرول كاكي مختبئ وراء بقايا أسفلت الطريق فقفزت عليه دون أن أفكر وفوجئ الجندي الاسرائيلي بقفزتي وسقطنا معنا علي الأرض وأخرجت خزينة البندقية من جيبي وقتلته وقفز ورائي جندي من الأقصر اسمه محمد حسان خاف علي وهو يري إصابتي فبادرني "عنك يافندم" وقفز علي جنديين اسرائيليين وقتلهما وصاروا 3 قتلي فقمنا بتجميع أشيائهم من المكان لنجد 4 خارجين من حفرة تحت الأرض وهم يصرخون "أسري أسري" فقلت لفاروق قائد المركبة "اكبس عليهم بالمدرعة وأنا أروح أجيبهم" وقمت بذلك مع الجندي حسان الذي استشهد فيما بعد في 14 أكتوبر ويضيف أحضرنا الأربعة كالفئران وظلوا معنا لمدة ساعتين علي ما ربطت الجرح ونظفت إيدي" فيما بعد بالمستشفي عرفت أن ضمن من أسرت الضابط عساف ياجوري قائد اللواء مدرع الاسرائيلي 190 وكان يبدو من هيئته وسلاحه أنه رتبة هامة.
حصل علي وسام النجمة العسكرية عام 1974 وحظي بتكريم الرئيس أنور السادات وترك الجبهة إلي الشرطة العسكرية حيث تم انتدابه وعمل بكلية الضباط الاحتياط حتي وصوله إلي منصب مساعد مدير الكلية برتبة عميد.. وأمس واليوم وغدا لا يدخر العميد يسري عمارة جهدا في نقل تجربته العظيمة إلي الجميع.

مواضيع مشابهة