فجأة أصبح حديث كل بيت وكل صحيفة وكل فضائية وكل منتدي في مصر هو التيارات السلفية .. لماذا ظهرت الآن؟ومن هم السلفيون؟ وهل هم علي قلب رجل واحد أم تيارات متعددة ؟ولماذا نسمع سلفي يهدد بهدف الضرحة وآخر يستنكر؟ ونسمع سلفي ينتقد الإخوان وآخر يتعاطف معهم .. وهكذا .
(بوابة الوفد) سعت لإعداد دراسة متكاملة مبسطة عن التيارات السلفية كي نتعرف عنهم عن قرب ونحكم بأنفسنا هل هم "فزاعة" يسعي بعض أعداء الثورة أو محاربي طواحين الهواء لتوريط الثورة في معركة جانبية معهم .. أم هم بمثابة "فزع" وقلق حقيقي يهدد نقاء ووحدة الثورة !؟
ما هي السلفية ؟
السلفية كتيار إسلامي، يقوم علي أخذ الدين من نبعيه الصافيين: (القرآن
والسنة) ومحاولة مجانبة البدع والخرافات والعودة إلى نقاء العقيدة بفهم
السلف الصالح علما وعملا. وهم يرفضون عموما الاشتغال بالسياسية ويفضلون
العمل الدعوي .والسلفيون عموما يؤمنون بعدم جواز الخروج على الحاكم المسلم، حتي إن كان فاسقا منعا للفتن .. وبعضهم يعتبرأنه لا يجوز معارضة الحاكم مطلقا، ولا حتى إبداء النصيحة له في العلن بعكس آخرين يرون النصحية وحتي الخروج عليه بالسلاح لو خالف الشريعة الإسلامية .
من هم السلفيون في مصر ؟
ظهرت التيارات السلفية في مصر بشكلها التقليدي في منتصف السبعينات من
القرن الماضي، قبل أن يهيمن أحد تياراتها (الجماعة الإسلامية) علي الساحة،
ثم أختفت مع سياسة محاربة التيارات الاسلامية عموما من قبل النظام السابق
وسجن الآلاف منهم، خصوصا منذ الثمانينات .وعادت تلك التيارات لتظهر على استحياء في النصف الثاني من العام الماضي 2010، في المظاهرات المطالبة بالكشف عن مصير السيدة كاميليا شحاتة زوجة كاهن دير مواس بالمنيا في صعيد مصر، التي اختفت من بيت زوجها وترددت أنباء عن إسلامها قبل أن تعيدها الشرطة إلى الكنيسة التي تتحفظ عليها في مكان غير معلوم حتى الآن .
ونظم السلفيون عشر مظاهرات في القاهرة والإسكندرية للمطالبة بالكشف عن مصير كاميليا، كما هتفوا ضد ما أسموه «النفوذ المسيحي في الدولة» وكثيرا ما هاجموا البابا شنودة الثالث بابا المسيحيين الأرثوذكس بمصر، وترددت أنباء عن أن الشرطة شجعت هذه التظاهرات أو لم تتدخل لمنعها بعنف كنوع من الضغط علي البابا شنودة .
تقسيمات السلفيين:
يمكن الحديث عن تقسم (فكري) وآخر (تنظيمي) بين التيارات السلفية :وفقا للتقسيم الفكري ينقسم السلفيون إلي ثلاث فرق :
(الأولي) : السلفية العلمية (الدعوة السلفية)
نشات في منتصف السبعينات بواسطة مجموعة من قادة الحركة الطلابية الإسلامية في عدد من جامعات مصروكان ثقلها الرئيسي في جامعة الإسكندرية حيث قادها من هناك وإلى جميع أنحاء مصر محمد إسماعيل المقدم و سعيد عبد العظيم و أبوإدريس و أحمد فريد و غيرهم .
وقد رفضوا هؤلاء الانضمام للإخوان المسلمين عام 1978 بعدما سمح لهم الرئيس السادات بالحركة، وسموا أنفسهم (المدرسة السلفية) أسوة بالمدارس العلمية التي كانت قائمة في عصور الازدهار في التاريخ الإسلامي، واحتدم التنافس بين "المدرسة السلفية" و الإخوان على ضم الشباب و السيطرة على المساجد.
وعندما أصدرت المدرسة السلفية نهاية عام1979 م سلسلة كتب دورية باسم "السلفيون يتحدثون" تندر عليهم بعض الإخوان بقولهم (السلفيون يتحدثون والإخوان يجاهدون)، حيث كان الجهاد الأفغاني قد اندلع ضد السوفيت وكان الشائع حينئذ أن المجاهدين الأفغان هم من الإخوان المسلمين.
و ظلت السلفية العلمية تطلق على نفسها اسم "المدرسة السلفية" لعدة سنوات لكنها سعيا لتطوير حركتها و اعطاءها مزيدا من الحركية زاد اهتمامهم بالعمل الجماهيري و أطلقوا على منظمتهم اسم "الدعوة السلفية" و بذلك اصبح اسم"المدرسة السلفية" مجرد تاريخ.
و"الدعوة السلفية" منتشرة في كل أنحاء مصر ولها أتباع كثيرون يقدرون بمئات الآلاف يطلق عليهم اختصارا اسم "السلفيين" لكنهم ليسوا تنظيما هرميا متماسك مثل الإخوان المسلمين بل يغلب عليهم التفرق لمجموعات يتبع كل منها شيخ من المشايخ لكن مشايخها متعاونون بدرجة كبيرة جدا، ومن مشايخها المشهورين محمد حسان وحاليا لها تنظيم مشهور بصورة أكبر وعقدت مؤتمرات مؤخرا لنفي ما يلصق بها من اتهامات عن قطع أذن مسيحي أو تشويه وجه فتيات أو معاملة غير المسلمين بسوء.
(الثانية) : السلفية الحركية
في ذات الوقت الذي نشأت فيه الدعوة السلفية في الإسكندرية، كان هناك في حي شبرا في القاهرة مجموعة من الشباب شكلت تيارا آخر، أطلق عليه فيما بعد: السلفية الحركية، وكان أبرزهم الشيخ فوزي السعيد، ومن أهم رموزهم : الدكتور محمد عبد المقصود، والدكتور سيد العربي، والشيخ فوزي السعيد، والشيخ نشأت إبراهيم.
ومنهج السلفية الحركية يكاد يتطابق مع منهج الدعوة السلفية (مدرسة الإسكندرية)، والسلفيون الحركيون يكفرون الحاكم إذا لم يحكم بما أنزل الله، ويجهرون بذلك في خطابهم الدعوي، وينتقدون انتشار المحرمات في المجتمعات الإسلامية الحالية من تبرج وسفور ومعاص ويعتبرونها من الجاهلية، لكن لا يكفر بها، ويرون أن أي انحراف عن الشريعة بزيادة أو نقصان فهو أمر الكفر، وما خالف الإسلام فهو جاهلية بدون تكفير .
كما يعتقدون بحرمة المشاركة في المجالس النيابية؛ لأنها تتحاكم إلى غير شرع الله، وتجعل الدستور الذي وضعته حاكما لشريعة الله عز وجل وهذا كفر .
ويتفق السلفيون الحركيون مع سلفية الإسكندرية ومع جماعة أنصار السنة في مشروعية العمل الجماعي بضوابط وشروط، منها: عدم التحزب أو التعصب لفكرة بعينها -غير كلام الله ورسوله- فالسلفية الحركية ترفض تكوين جماعة خاصة بهم؛ كي لا تزيد افتراق الأمة، لكن تشجع أتباعها على التعاون مع جميع الجماعات العاملة على الساحة فيما اتفقوا عليه، وتعتزلهم فيما تفرقوا فيه وفرقوا الأمة بسببه؛ ولذلك فلا يرفض هؤلاء السلفيون العمل مع أي جماعة أو تنظيم أراد أن يقيم دولة الإسلام، أو أن يعيد دولة الخلافة، ومن هنا تأتي تسمية هذا التيار بالحركي.
وقد اشاد رموز السلفية الحركية بهجوم القاعدة علي الولايات المتحدة الأمريكية، وأفتوا بأن جهادها كجهاد إسرائيل، وبعدها تعرض هذا التيار لحصار أمني شديد، وتم اعتقال الشيخين نشأت إبراهيم وفوزي السعيد، وقدما مع مجموعة من الشباب السلفيين بتهمة تشكيل تنظيم أطلق عليه (الوعد)، لكن هناك من يرى أن دور الشيخين لم يتعد الافتاء لعدد من هؤلاء الشباب بجواز جمع التبرعات وتهريبها للفلسطينيين، كما أفتوا بجواز الانتقال للأراضي المحتلة للمشاركة في المقاومة المسلحة هناك .
(الثالثة) : السلفية الجهادية
السلفية الجهادية هو مصطلح يطلق على بعض جماعات الإسلام السياسي والتي تتبنى العنف منهجا للتغيير، وتقول إنها تتبع منهج سلف المسلمين وأن الجهاد أحد أركانه، وأنه يجب عليهم محاربة الحكومات والحكام الذين لا يحكمون بالشريعة الإسلامية ولا يطبقون مبدأ الحاكمية لله وأيضا الذين يتحالفون مع الدول غير المسلمة والتي تحارب المسلمين وتحتل أراضيهم.
وهم يعتبرون المفكر سيد قطب من منظري فكر السلفية الجهادية لما قدمه من صياغة في حقبة الستينات وطرحه لفكرتي الجاهلية والحاكمية ومن أبرز قادة هذا الفكر الطبيب المصري أيمن الظواهري والملياردير السعودي أسامة بن لادن ومن أبرز منظري هذا الفكر أبو محمد المقدسي، و أبو قتادة الفلسطيني .
وقد بدأت هذه السلفية الجهادية بقتال حكوماتها في العالم العربي ثم انتقلت لمحاربة الغرب بعدما فشلت في معركتها الداخلية .
ومن أبرز هذه الحركات تنظيم القاعدة بفروعه حول العالم وتنظيم الجهاد الإسلامي في مصر والجماعة الإسلامية في مصر (قبل أن يقوما بمراجعات فكرية تتراجع عن استخدام العنف ضد الدولة والحكام )، الجماعة المسلحة والجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر التي انضمت إلى تنظيم القاعدة وأصبحت جزءًا من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والجماعة الليبية المقاتلة والتي قامت بمراجعات فكرية تتراجع فيها عن استخدام العنف وجماعة جند الله السنية في إيران والجماعة المغربية المقاتلة ودولة العراق الإسلامية - تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين- جماعة شباب المجاهدين الصومالية.جماعة جند أنصار الله (جلجلت) في رفح بغزة.
وفيما يتعلق بـ(التنظيم) ينقسم السلفيون في مصر إلى عدة تنظيمات وتقسيمات أبرزها:
1- «الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية» التي تعرف اختصارا باسم «الجمعية الشرعية»، والتي أسسها الشيخ محمود خطاب السبكي عام 1912 بهدف إعادة الشريعة الإسلامية للحياة العامة بعدما رأى أنها غابت بسبب الاحتلال الانجليزي لمصر في ذلك الوقت.
وتفضل الجماعة عدم العمل بالسياسة تطبيقا لمبدأ الشيخ السبكي بالعمل الجماعي المنظم البعيد عن السياسة، والعمل بمبدأ «الانشغال بالسياسة وعدم الاشتغال بها»
2- «جماعة أنصار السنة المحمدية» التي ظهرت في القاهرة على يد الشيخ محمد حامد الفقي، أحد علماء الأزهر، وكان يدعو إلى التوحيد الخالص والدفاع عن السنة، والدعوة إلى صحيح السنة بفهم السلف الصالح، وإرشاد الناس إلى نصوص الكتاب، والدعوة إلى مجانبة البدع والخرافات ومحدثات الأمور، كما تدعو إلى أن الإسلام دين ودولة، وعبادة وحكم.
3- تيار السلفية «الوهابية» أو (المخرجية) التي نشأت في المملكة العربية السعودية قبل نحو 25 عاما، ودخلت مصر مع عودة المصريين العاملين في الخليج بعد حرب الخليج الثانية عام 1991.
4- تيار «الدعوة السلفية» التي أنشأها مجموعة من قادة الحركة الطلابية الإسلامية في الجامعات المصرية في منتصف السبعينات من القرن الماضي، وكان مركزها في جامعة الإسكندرية ورفض قادتها الانضمام للإخوان المسلمين، وأطلقوا على أنفسهم اسم «المدرسة السلفية» ثم «الدعوة السلفية» بعدما زاد أنصارهم وانتشروا في كل محافظات مصر.
5- بسبب انتشار الفضائيات الدينية .. ظهر تيار سلفي كبير شبه مستقل انتشر بعد ثورة 25 يناير هو (السلفيون المستقلون) الذين لا يجمعهم تنظيم معين ولا يسعون لذلك، ويجمعهم فقط حبهم لشيخ معين يتتلمذون على يديه، ويتفاوت عدد الأتباع أو التلاميذ من شيخ إلى آخر حسب نجاح الشيخ وشهرته في مجال الدعوة. ومن أبرز قادة هذا التيار الشيخ محمد حسان، والشيخ محمد حسين يعقوب، والشيخ أبو إسحاق الحويني وأسامة عبد العظيم أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر، والشيخ مصطفى العدوي.
ويؤمن أتباع هذا التيار بالتغيير القاعدي؛ عملا بالآية الكريمة: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفسهِمْ»، كما يدعون، مثل بقية التيارات السلفية، إلى تنقية الدين من البدع وطور أصحاب هذا التيار من وسائل دعايتهم من الخطابة وإلقاء الدروس في المساجد إلى القنوات الفضائية وشبكة الإنترنت؛ الأمر الذي ساعد على انتشارهم وزيادة أتباعهم.
وساهم في ظهور هذا التيار على المسرح السياسي بقوة، وجود الشيخ محمد حسان في ميدان التحرير خلال أحداث ثورة 25 يناير، كما لعبوا دورا مهما في حشد أتباعهم للتصويت بالموافقة على التعديلات الدستورية التي جرى الاستفتاء عليها في مصر مؤخرا، وهو الاستفتاء الذي تسبب في أزمة أخرى، عندما وصف الشيخ محمد حسين يعقوب في إحدى خطبه ما حدث بأنه انتصار في (غزوة الصناديق) . وبعض قادة هذا التيار لا يمانع من المشاركة في التصويت في الانتخابات النيابية وغيرها من أنواع الانتخابات لدعم محاولات الإصلاح وهم في ذلك يتفقون مع منهج الإخوان المسلمين.
وهم يؤيدون المقاومة الفلسطينية .. فقد رد الداعية الشهير الشيخ محمد حسان علي الشيخ محمد حسين يعقوب بشأن موقفه من حرب غزة ردا اتسم بالحدة الشديدة إذ مدح الشيخ محمد حسان صواريخ حماس في برنامجه «جبريل يسأل والنبي يجيب» علي قناة الرحمة وأنكر علي من يقلل من جهدهم ويسخر من صواريخهم .وحث حسان علي الجهاد والاستشهاد ومساندة الفلسطينيين فقال: «إننا نشتاق إلي الجنة بل إن من في قلبه مثقال ذرة من صدق يرجو الآن الشهادة في سبيل الله تعالي..»
الفارق بين السلفية والوهابية
مصطلح الوهابية يعود إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب في شبه الجزيرة
العربية، وهي حركة تختلف عن الحركة السلفية المصرية ولكن بعض الوهابيين
يشجعون الخلط بين السلفية والوهابية عن عمد لأن كلمة (الوهابية) تقف عند
محمد بن عبد الوهاب فاستبدلوه بـ(السلفية) ليوحوا للناس بصلتهم الممتدة
بالسلف الصالح وأنهم أمناء على العقيدة السلفية .
الفارق بين السلفية والإخوان
الإخوان يصفون أنفسهم بأنهم جمعية دعوية وحركة سياسية معا، ولهذا
يعتبرون العمل السياسي جزءا من العمل الدعوي لكن السلفيون يرون أن العمل
بالسياسة مخالف للعمل الدعوي ولا يفضلون العمل السياسي، كما أنهم يعتبرون
الأحزاب بدعة ولا يؤمنون سوي بضرورة أن تٌحكم الدولة الاسلامية بالشريعة .وهناك إخوان يسخرون من السلفية لتركيزهم علي فقة النجاسة ودخول الحمام وعدم انشغالهم بقضايا الأمة الاسلامية وفلسطين وغيرها، وبالمقابل يهاجم بعض السلفيين الإخوان ويعتبرون أنهم خالفوا العمل الدعوي بدخولهم المجال السياسي .
وقد عبر الداعية عبد المنعم الشحات أحد رموز الدعوة السلفية في الإسكندرية عن ذلك الموقف برفضه التصويت لصالح الجماعة التي تخوض الانتخابات على ثلث مقاعد مجلس الشعب. وبرر ذلك بأن الديمقراطية ليست هي الشورى الإسلامية، مستعينا برأي الرمز الإخواني الدكتور وجدي غنيم بشأن الفرق الجوهري بين الشورى والديمقراطية.
كما أقام رفضه تصويت السلفيين لصالح مرشحي الجماعة على التنازلات التي قدمتها بترشيح امرأة على قوائمها وقبولها ولاية غير المسلم. الشحات قال إن السلفيين سيقاطعون الانتخابات وليسوا مستعدين لتقديم قرابين منهجية أو تنازلات شرعية، إلا أن مواقع ومنتديات محسوبة على جماعة الإخوان ردت باعتبار المقاطعة مخالفة لفريضة عظيمة.
وانتقد الشحات ما وصفه بـ"التنازلات" التي يقدمها الإسلاميون في سبيل المشاركة الانتخابية، خاصة فيما يتعلق بـولاية غير المسلم وولاية المرأة" التي حدثت فيهما تنازلات أدت إلى ترشيح الإسلاميين للنساء "تحت ذريعة أن المجالس النيابية ليست ولاية"، رغم أن المجالس النيابية لها دور رقابي على الحكومة.
كما انتقد نزول الإسلاميين بسقف طموحاتهم إلى أن يكونوا جبهة معارضة فقط، "ولا يخوضون الانتخابات إلا على 30% فقط من المقاعد لا ينجحون كلهم بطبيعة الحال". وقال الشيخ الشحات إن السلفيين لن يؤيدوا مرشحي الإخوان المسلمين في الانتخابات التشريعية المقبلة، في الوقت الذي كانوا يؤيدون هؤلاء المرشحين في الانتخابات النقابية، مقللا من أهمية وجود تيار داخل الحركة السلفية المصرية يتبنى المشاركة الانتخابية بكافة أشكالها ويرفض المقاطعة.
السلفيون والصوفيون
الحرب بين الصوفية و السلفيين لا تنتهي أبدا وهي متجددة دائما على
الصعيد الفكري و الفقهي وحالة الخصومة بين الطرفين تصل إلى حد قيام بعض
الصوفية والسلفيين بتكفير كل طرف للآخر.وكثيراً ما تحدث اشتباكات بين الطرفين عندما يتناول الصوفيون مفتي السلفيين وفقيههم ” ابن تيمية” ويتهمونه بالكفر، كما يتهمون معتنقي أفكاره ومنهجه من الوهابيين أتباع محمد بن عبد الوهاب -مؤسس الحركة الوهابية في الجزيرة العربية- بالكفر و التنطع.
والخلاف لا يقف عند مسألة تكفير ابن تيمية، لكن هناك خلاف محتدم بين الطرفين في قضايا مثل إثبات صفات الله وأمور تتعلق بالعقيدة.ومن الاتهامات التي يوجهها السلفيون للصوفية أنهم يستخدمون “التقية” والكذب وأن الصوفية خرجت من التشيع، وأن فكرهم يعتمد على التهييج والكذب على الخصوم وعدم الرغبة في الحوار و المصارعة بالألفاظ بعيداً عن الحجة بالدليل والبرهان كالكتاب و السنة.والصراع بين السلفيين والصوفية لا يقف عند القضايا الفقهية العقائدية، فكل طرف يسعى لاستقطاب أكبر عدد من الأتباع ويرى أن لديه القوة لابتلاع الآخر وإلغائه وإنهاء وجوده الى الابد من خلال تكثيف الدعوة ومحاولة اجتذاب أتباع جدد.
ويؤكد السلفيون أن أفكارهم ومنهجهم الدعوي قائم على صحيح الدعوة الإسلامية ويركزون على إطلاق اللحى وتقصير الثوب للرجال ولبس النقاب للسيدات وهو الأمر الذي يراه الصوفيون تركيزا على الشكل والمظهر دون الجوهر، وأن السلفية هي شكل بلا روح وأنهم جماعات متشددة ومتجهمة تحتفل وتحتفي بالطقوس على حساب الحقيقة الدينية وتتعامل مع الاسلام بشكل لا يقوم على الحب بقدر ما يقوم على المنفعة، كما يتهم الصوفية السلفيين بأنهم مصابون بمرض التعالي على المجتمع الذي يعيشون فيه ولديهم شعور زائف بالاصطفاء.
أما السلفيون فيتهمون الصوفية بممارسة الشرك الخفي وأنهم يتبركون بالأضرحة ويلجأون للأولياء الصالحين لقضاء حاجاتهم ويصل بهم الأمر إلى تقديم الولي على النبي والإيمان بالحقيقة على حساب الشريعة وعدم الالتزام بالفرائض المعلومة من الدين بالضرورة، كما يوجه السلفيون نقداً حداً للسلوكيات التي تحدث في موالد الأولياء الصالحين التي يرتادونها ويحتفي بها الصوفيون ويؤكد السلفيون أن الموالد يحدث بها اختلاط بين النساء و الرجال، مما يترتب على ذلك شيوع أعمال الفسق و الفجور في زحام الموالد، كما أن هذه الموالد تشهد إقامة المراقص والملاهي التي تعتبر خروجاً فاضحاً على اخلاق وتقاليد الدين، بالإضافة إلى الغناء و الموسيقى المحرمة والماجنة ولا يقف السلفيون عند هذه الاتهامات، بل إنهم يتهمون الصوفية بالاحتفاء بحلقات الذكر على حساب الصلاة .
وقد شهدت حقبة التسعينيات من القرن الماضي أشد المواجهات بين الصوفية و السلفية ووصل الامر الى أن الصوفية حرموا التعامل مع السلفية أو مصاهرتهم، بل إن بعض الصوفيين تبرأوا من أبنائهم الذين اعتنقوا الفكر السلفي، ورغم وصول العلاقة بين الطرفين إلى درجة الغليان، فإنه لم تحدث مواجهات فعلية بينهما واكتفى كل طرف بالمواجهة عبر العمل الدعوي .
ومؤخرا اتهم صوفيون، سلفيين بأنهم وراء هدم أضرحة في مساجد بها أولياء الله الصالحين، بيد أن بعض الجماعات السلفية ومنها (الدعوة السلفية) نفت هذا وقالت إن هذه الاضرحة مخالفة للشرع ولكن دورها يقتصر علي الدعوة لا الهدم .
اتجاهات السلفيين المستقبلية بعد ثورة 25 يناير
الاتجاه الأول : هو بقاء قسم كبير في مجال الدعوة ولا يمارس السياسة بشكل مباشر ويكتفي بصنع وتأييد بعض السياسات التي تخدم رؤيته لقيام الدولة الإسلامية .
الاتجاه الثاني : انضمام جزء من السلفيين لأي حزب من الأحزاب ذات التوجه الإسلامي والتي أعلن عنها للعمل السياسي تحت رايته وفق برنامج عمل متفق عليه مسبقا وذلك بصورة منفردة كأشخاص وليس كتنظيم .
الاتجاه الثالث : وهو مطروح حاليا بقوة داخل المجتمع السلفي ويقول بالقيام بتأسيس حزب يمثل السلفيين وإن كانت كافة الشواهد والتعليقات تقول إن ذلك سيأخذ بعض الوقت لإعادة ترتيب البيت السلفي من الداخل وإعادة النظر في الاجتهادات السابقة والتي تحرم المشاركة السياسية وتأسيس فقه جديد يتماشى مع الانفتاح الموجود حاليا على الساحة.
الاتجاه الرابع : الاتجاه للعنف وهو الاتجاه الأقل عددا، والعنف المقصود لا يقتصر على العنف المادي فقط بل يمتد للمغالاة من قبل البعض في التشدد الفكري والاعتماد على بعض التراث الفقهي والفكري المُبرر لعنفهم المادي، ونلحظ آثار ذلك العنف المادي في الأحداث الأخيرة والتي قطع في أحدها أذن مسيحي أو بعض المحاولات لتغيير المنكر باليد وبسط الأمن بالقوة في بعض محافظات الصعيد, وكذلك هدم الأضرحة في الإسكندرية وقليوب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى