كشفت التحقيقات وتحريات المخابرات العامة والأمن الوطنى فى القضية المعروفة بـ«التمويل الأجنبى» عن مفاجئات جديدة، إذ تبين أن 7 موظفين فى المنظمات تقدموا باستقالة جماعية، والذين قالوا، أمام جهات التحقيق التى استدعتهم لسؤالهم عن أسبابها، إنهم اكتشفوا أن بعض المنظمات كانت تقوم بتصرفات مريبة، لا تتفق مع معايير عمل منظمات المجتمع المدنى، إذ إنهم أجروا «استطلاعات رأى»، وصفوها بـ«الغريبة»، وإنهم أرسلوا تقارير سرية إلى مراكزها الرئيسة فى واشنطن والسفارة الأمريكية بالقاهرة، واعترف المتهمون، فى التحقيقات، التى أجراها المستشاران سامح أبوزيد وأشرف العشماوى قاضيا التحقيق، بأن تلك الوقائع كانت فى تكليفات من المركز الرئيسى، ولا علاقة لهم بنتائجها، وكشفت التحقيقات عن تلقى معظم الأحزاب التى تم إنشاؤها بعد الثورة دعماً من المنظمات، ومن بينها حزب «الحرية والعدالة» التابع للإخوان المسلمين والأصالة السلفى، وتبين أن مسؤولى المنظمات استعانوا بمدربين من صربيا لتدريب أنصارهما على كيفية حشد الجماهير فى الانتخابات البرلمانية والمظاهرات، واستمع قاضى التحقيقات لشهادة فايزة أبوالنجا، وزيرة «التعاون الدولى» و3 سفراء فى وزارة الخارجية ضمن شهود الإثبات فى القضية وتسلم مكتب النائب العام ومحكمة استئناف القاهرة، الخميس ، ملف التحقيقات لتحديد جلسة بدء محاكمة المتهمين ومن المنتظر تحديدها اليوم أمام محكمة جنايات جنوب القاهرة.
63 حزباً بينها «الحرية والعدالة» و«الأصالة» تلقت دعماً وتدريباًمن المتورطين
توصلت التحريات، التى أجرتها أجهزة الأمن والمخابرات العامة، إلى أن هناك 7 موظفين مصريين والذين كانوا يعملون فى تلك المنظمات الأجنبية بالقاهرة والمحافظات، كان من بينهم ابنة الناشط السياسى نجاد البرعى، والتى كانت تعمل فى المعهد الجمهورى الحر، وتقدموا باستقالاتهم عقب الثورة، لأسباب تتعلق بسياسية وطبيعة عمل تلك المنظمات وأن المسؤولين فيها حاولوا احتواء الموقف، لكنهم فشلوا لإصرار الموظفين على الرحيل. وقرر قاضيا التحقيق استدعاء الموظفين «المستقيلين» للاستماع لأقوالهم فى القضية، والذين أكدوا أنهم التحقوا بالعمل فى المنظمات فى فترات مختلفة. والتى كانت تهتم فى البداية بالعمل الأهلى والمدنى ونظرا لحبهم لهذا النشاط وإجادتهم اللغة الإنجليزية التحقوا بالعمل، لكنهم فوجئوا فى الشهور التى أعقبت الثورة بتصرفات «مريبة وغربية» داخل تلك المنظمات - على حد قولهم فى التحقيقات - لا تتفق مع معايير عمل المجتمع المدنى.
وسأل المحقق الموظفين عن طبيعية تلك «التصرفات المريبة»، فقالوا إنهم اكتشفوا أن المنظمات طلبت منهم ومن آخرين النزول إلى الشارع وإجراء استطلاعات رأى حول أمور سياسية، مثل «رئاسة الجمهورية والأحزاب السياسية» وأن الأسئلة التى كانوا يطرحونها على المواطنين كانت تثير الشك لديهم، حيث كانوا يسألون على سبيل المثال: «من تفضل أن يكون رئيساً للجمهورية.. مسلم أم مسيحى؟.. ومن تفضل فى الأحزاب السياسية.. وهل يؤثر المظهر الدينى لمرشح الحزب فى النتيجة؟.. وهل تفضل النائبة بحجاب أم بدون؟». وأضاف الموظفون أنه ليس من المفترض قيام منظمات المجتمع المدنى بتلك الاستطلاعات، التى اكتشفوا حذف أجزاء منها وإرسال بقيتها ونتائجها إلى المركز الرئيسى فى الولايات المتحدة الأمريكية، ولما سألوا عن سبب هذا التصرف كان الرد أنه يتم إجراء تحليل مضمون لها وإعادة إرسالها مرة مجدداً، لكنهم كانوا يعلنون فقط عن الأجزاء والنتائج التى تتماشى مع أهدافهم السياسية.
وأدلى الموظفون المستقيلون بأسماء مسؤولى المنظمات وطبيعة عملهم على وجه التحديد، مما ساعد قاضيى التحقيق على تحديد الاتهامات لهم، وقالوا إن المسؤولين فى المنظمات الأمريكية الأربع المتورطة فى القضية، كانوا يعرضون ملخصاً لتلك النتائج ونشاط المعهد على مسؤولين فى السفارة الأمريكية بالقاهرة رغم تنافى ذلك مع معايير عمل منظمات المجتمع المدنى الغير حكومية لأنها يجب أن تكون مستقلة عن الدولة التى تتبعها أو الموجود بها المركز الرئيسى وإلا كان ذلك اختراقاً مباشراً للشؤون الداخلية فى مصر.
وكشفت التحقيقات أن المنظمات المتورطة كانت من أهدافها الأساسية دعم الأحزاب السياسية التى تم إنشاؤها بعد الثورة ومن بينها الأحزاب، ذات المرجعية الدينية، وأفادت تحريات جهاز الأمن الوطنى والمخابرات العامة واعتراف المتهمين أنفسهم بأنه تم عقد مئات الدورات التدريبية لممثلى الأحزاب على كيفية حشد ناخبين لصالحهم فى الانتخابات البرلمانية، خاصة فى المناطق الشعبية وجمع الأصوات وتحسين صورتهم وصورة حزبهم أمام الإعلام فى مصر والخارج، وكيفية التواصل مع وسائل إعلامية، وفى سبيل ذلك أحضرت تلك المنظمات مدربين من صربيا والولايات المتحده الأمريكية والذين دخلوا إلى البلاد بتأشيرات سياحية، وأن بعض ممثلى الأحزاب تم تسفيرهم إلى صربيا وأمريكا، للحصول على تلك الدورات تدريبية. وكشفت التحقيقات وأقوال المتهمين أن 63 حزباً تلقوا هذا دعماً بعد الثورة من بينهم حزبا «الحرية والعدالة» التابع للإخوان المسلمين، و«الأصالة» السلفى.
وخلال جلسات التحقيق مع المتهمين - تمت الاستعانة بمترجمين من الهيئة العامة للاستعلامات - والذين اعترفوا بأن دعم الأحزاب السياسية، كانت بتكليف من مسؤولى المراكز الرئيسية للمنظمات التى طلبت تكثيف العمل بعد الثورة بداية من مارس الماضى على وجه التحديد، ولذلك تم فتح فروع جديدة. كما طلبوا تكثيف الاتصال بكل الأحزاب الجديدة ومنظمات المجتمع المدنى المصرية لتدريبهم على كيفية التواصل مع المواطنين وحشد الأصوات الانتخابية.
وقال المتهمون إن برامج التدريب تم إعدادها فى واشنطن وبتمويل من الحكومة الامريكية، وعندما سأل المحقق عن سبب التمويل الحكومى لتلك المنظمات، ردوا بأن أهداف التمويل ضمن «المعونة الأمريكية لمصر».
وكشفت التحقيقات أن المسؤولين فى تلك المنظمات طلبوا من المدربين، الذين حضروا إلى مصر، عدم الإفصاح عن سبب حضورهم إلى مصر عند سؤالهم من أى جهة، والادعاء بأنهم جاءوا للسياحة، وعندما سأل قضاة التحقيق المتهمين عن الأموال التى عثروا عليها فى المقار، أكدوا أنها أموال خاصة بميزانية المنظمة ومخصصة للإنفاق على أعمال التدريب والانتقالات ورواتب الموظفين، رغم أن الرواتب يتم تحويلها عبر حسابات بالبنوك المصرية وعدم تقاضيهم لها نقداً.
يذكر أن النيابة العامة ضبطت 600 ألف دولار فى المعهد الجمهورى و230 ألف جنيه فى «الديمقراطى الحر»، وأنه وعند مواجهة المتهمين فى التحقيقات بالتحويلات وكعوب الشيكات قالوا إنها مبالغ مالية تم تحويلها من المركز الرئيسى للإنفاق على فرع المنظمة فى مصر، وخلال التحقيقات رد المتهمون بكلمة «معرفش أو محصلش أو معنديش معلومات عن ذلك» قرابة 35 مرة.
ضمت قائمة شهود الإثبات فى القضية 13 شخصاً على رأسهم وزيرة التعاون الدولى فايزه أبوالنجا و3 سفراء فى وزارة الخارجية المصرية - طلبوا من «المصرى اليوم» عدم نشر أسمائهم لحين مثولهم أمام المحكمة إذا طلبتهم.
وشرحت وزيرة التعاون الدولى خلال جلسة تحقيقات، استمرت قرابة 7 ساعات متقطعة، تفاصيل التقرير الذى أعدته وأرسلته إلى وزير العدل، وأكدت أن تلك المنظمات التى رفضت مصر طلبها بتأسيس فروع بها لعدم استيفاء الأوراق، كثفت من عملها وزادت من نفقاتها بعد الثورة لدعم الأحزاب السياسية الوليدة وأنها تدخلت فى الشؤون السياسية للبلاد، وقال سفراء وزارة الخارجية إن مسؤولى المنظمات تقدموا بطلبات للترخيص وتم تحويلها إلى وزارة التعاون الدولى، نظرا لاختصاصها، وجاءهم رد بالرفض من الوزيرة لعدم اكتفاء الشروط وتم إخطار مسؤولى تلك المنظمات بذلك.
وقال المستشاران سامح أبوزيد وأشرف العشماوى لـ«المصرى اليوم» إنهما لم يتأثرا بما كان يدور خارج غرفة التحقيق من ضغوط سياسية، واستشهدا بأنهما لو كانا تأثرا لأعلنا عن التحقيقات فى أوقات كان مطلوباً فيها تهدئة الرأى العام مثل الذكرى الأولى للثورة أو أحداث «محمد محمود أو مجلس الوزراء» لكنهما فضلا اتخاذ إجراءات قانونية بحتة فى القضية، وأكدا أن المنظمات الأجنبية محل الاتهام ليست جمعيات أو مؤسسات أهلية بل هى منظمات دولية، مراكزها الرئيسية فى دول أجنبية خارج مصر ولها العديد من الفروع على مستوى دول العالم، وإن التحقيقات أثبتت أن ماقامت به هذه المنظمات على أرض مصر من خلال الفروع التى افتتحتها وأدارتها دون ترخيص من الحكومة المصرية هو نشاط سياسى بحت لا صلة له بالعمل الأهلى.
وأضافا القاضيان أن أقوال الشهود وإقرارات المتهمين جاءت أيضا لتدل على عدم احترام المتهمين الأجانب العاملين فى تلك المنظمات للقوانين المصرية المنظمة للإقامة والعمل فى مصر لأنهم كانوا يعملون بتأشيرات سياحية.. كما خالفوا قوانين الضرائب بعدم تسجيل النشاط وعدم تسديد ضرائب عما يتقاضاه العاملون فيها من رواتب ومكافآت. وأشارا إلى أن من بين الأدلة التى أسفر عنها تفتيش مقار تلك المنظمات وجود ملايين الجنيهات فى بعض المعاهد بالإضافة إلى حوالات وكعوب شيكات بملايين الجنيهات لأشخاص بأسماء ثنائية مصريين وأجانب، وأسفرت التحقيقات أن جهات الأمن القومى والوطنى فى مصر رفضت مراراً الموافقة على التسجيل والترخيص لفروع تلك المنظمات للعمل فى مصر ومع ذلك مارست نشاطها وارتفع التمويل الخاص بها عقب ثورة 25 يناير، كما أكدت التحريات أن التمويل الأجنبى لتلك المنظمات اتخذ بعداً جديداً عقب أحداث الثورة، يهدف إلى محاولة التأثير من خلال توجيه العملية السياسية فى مصر. وقال قاضيا التحقيق، إنه فى أحد المعاهد، محل التحقيق، قام عدد كبير من العاملين فيها من الأجانب والمصريين بتقديم استقالتهم خلال شهر أكتوبر الماضى، نظرا لما وقفوا عليه من قيام ذلك المعهد بمخالفة معايير العمل المدنى والأهلى.
وأضاف قاضى التحقيق أن النشاط كان سياسيًا والموضوعات كانت متعلقة بتدريب الأحزاب السياسية على العملية الانتخابية وحشد الناخبين وتأييدهم لمرشح أو آخر، وهذا ما أخل بالسيادة المصرية.
وأكد قاضيا التحقيق أن السفيرة الأمريكية تدخلت بشكل يخالف القانون فى القضية، وأن جهة التحقيق لم تعمل فى القضية بشكل سياسى، ولكنها كانت تتبع الإجراءات القانونية، وأن التحقيقات مازالت مستمرة مع منظمات أخرى وبعضها له طابع دينى.
وأعلن قاضيا التحقيق أن هناك أجزاء من التحقيقات تم فصلها فى تلك القضية نظرا لوجود وقائع أخرى يجرى التحقيق فيها ومتورط فيها عدد من الناشطين المصريين.
المصرى اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى