لم يكن من باب المصادفة أن تبدأ الثورة في مصر يوم عيد الشرطة العام الماضي، حيث تضمنت مطالب المحتجين الأساسية إقالة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، ووقف الانتهاكات التي تقترفها قوات الأمن بحق المواطنين.
روابط ذات صلة
موضوعات ذات صلة
وكانت أحد أكثر صفحات الفيسبوك تأثيراً، التي طالبت الناس بالنزول إلى الشوارع ، صفحة "كلنا خالد سعيد" والتي أنشئت في ذكرى مقتل شاب على يد قوات الشرطة في مدينة الإسكندرية عام 2010.
وإلى الآن، لم يكن هناك سوى اصلاحات قليلة في جهاز الشرطة، بل وتفاقمت أزمة الشرطة في مصر.
فالشرطة بعد الثورة أصبحت أقل هيبة واحتراماً من أي وقت مضى.
وقد شهدت البلاد أخيراً سلسلة من الجرائم النوعية الخطيرة والتي لم تكن شائعة في الماضي، حيث زادت معدلات الجرائم من سرقة البنوك، والاختطاف من أجل الفدية، وأنواع السرقات الأخرى.
وكان من السهولة أن يعتقد الناس أن قوات الأمن إما غير مبالية أو متورطة بشكل مباشر في أحداث العنف التي وقعت في استاد مدينة بورسعيد عقب مباراة لكرة القدم والتي راح ضحيتها أكثر من 70 قتيلا.
وفي لقاء غير عادي لا تنقصه الصراحة مع أحد ضباط الشرطة الكبار، سمعت عن الأسباب التي جعلت القوات المنوط بها حماية الشعب أن تتحول إلى ما اشتهرت به من فساد وعنف.
وقال عميد الشرطة المتقاعد محمود قطري:"لقد حكمت الشرطة المصرية البلاد من خلف ستائر حديدية، فقد سيطرت على كل نواحي الحياة."
وأضاف: "فإذا كنت تريد ترقية في وظيفة حكومية، فعليك الحصول على موافقة من جهاز أمن الدولة، حتى لو كنت موظفا صغيرا."
ويشرح قطري كيف أن الشرطة أساءت استغلال سلطاتها الكاسحة بعدة طرق.
وقال: "إن كثيرا مما رأيت أثناء عملي كان صادما. فضباط الشرطة كانوا يخيفون الناس ويعذبونهم، ويختلقون القضايا، ويرسلون أناسا أبرياء إلى السجون عن عمد."
وضرب قطري مثلا لوالد ذهب إلى قسم الشرطة للإبلاغ عن ابنته المفقودة، وكيف أنه تعرض للتعذيب والسجن قبل أن تعود ابنته إلى البيت بمفردها.
وفي مثال آخر، قول العقيد المتقاعد إن جندياً صغيراً بالجيش تم سجنه بعد اجباره على الاعتراف بأنه اغتصب امرأة وقتلها، وظهر بعد ذلك أنها لم تتعرض لأي شيء.
"تعذيب روتيني"
وحكى عميد الشرطة السابق عن وسائل التعذيب الخطيرة التي استخدمتها الشرطة المصرية بشكل شائع.
وقال: "تستطيع الشرطة أن تستخدم بصمات الأصابع، أو الوسائل التنكولوجية الحديثة في تحريات المباحث الجنائية، ولكن رجال الشرطة لا يملكون الموارد الكافية لهذا، لذا فهم يقومون باستخدام وسائل أخرى لتوفير الوقت والمال."
"فعادة يقيدون يديك ويضعون قضيبا تحت ركبتيك، ويضربون أقدامك. وأحيانا يقيدونك ويعلقونك في أحد الأبواب حتى ينكسر كتفاك."
"وفي الريف حيث تعني الذكورة الكثير بالنسبة للسكان هناك، رأيت رجالا يتعرضون للصعق بالكهرباء في أعضائهم الجنسية. ويقومون أيضا بنفخ الهواء في مؤخرة أحد الرجال ويثبون على بطنه. وفي أقسام أمن الدولة، قد يحضرون زوجة أحد الأشخاص أو أخته أو ابنته ويقومون باغتصابها من أجل الحصول على اعتراف."
وقال قطري إنه كان من المستحيل أن يتكلم بهذا عندما كان في وظيفته، ولكن منذ أن تقاعد وهو يقوم بالإبلاغ عن العديد من القضايا.
وفي عام 2004، تهرب من الرقابة لينشر كتابه "اعترافات ضابط شرطة" والذي أدى نشره إلى رفع العديد من القضايا ضده، وإلى تعرضه لتهديدات.
وقال: "يتم تعليم طلاب الشرطة كيف يصبحون متكبرين جدا، وفي أكاديمية الشرطة تعطى الأوامر بأن تكون لهم مشية بطريقة معينة، وألا يستخدمون المواصلات العامة، وألا يجلسون في المقاهي. وقبل التخرج من الأكاديمية يشعرون أنهم أهم من الناس العاديين."
إصلاحات جذرية
واقترح قطري برامج جديدة يتم تدريسها للمتدربين بشأن القانون وحقوق الإنسان بالإضافة إلى تحسين مستوى الأجور الخاص بصغار رجال الشرطة، ووضع نهاية للعمل بنظام النسبة والذي يؤدي إلى فبركة الجرائم من قبل رجال الشرطة من أجل تحقيق عدد معين من الجرائم التي يعمل بها كل عام.
وقال قطري إن جهاز مباحث أمن الدولة تحت قيادة وزير الداخلية السابق حبيب العادلي كان يعطَى الأولوية عن جهاز الشرطة العام، وأن هذا الوضع يجب أن يتغير.
وهناك العديد من المبادرات التي تهدف إلى إعادة هيكلة وإصلاح جهاز الأمن والتي تقدم للبرلمان.
وقدم عمر عاشور، الباحث بمعهد بروكينغز الدوحة وبجامعة اكستير أحد هذه المقترحات.
وقال عاشور: "يجب أن تكون هناك مسؤولية تجاه المواطنين، سواء أمام البرلمان أو الرئيس، ويجب أن ينص الدستور الجديد على فكرة السيطرة على قطاع الأمن."
وقال القيادي في حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين الدكتور عمرو دراج إن إصلاح الأمن يأتي على قمة الأولويات داخل الحزب، والذي يسيطر على ما يقرب من نصف مقاعد مجلس الشعب الجديد.
وقال دراج: "هذا بالتأكيد هو أهم ملف نريد أن نعمل عليه، لأنه هو أساس أي استقرار، وأساس أية تنمية اقتصادية أو أية إصلاحات."
وقد تعرض المجلس العسكري الحاكم للبلاد في العام الماضي لانتقادات لعدم قيامه بإصلاحات كافيه.
وكان من أبرز التطورات هو حل جهاز مباحث أمن الدولة ومحاكمة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي بسبب الفساد واتهامه باعطاء أوامر أدت إلى قتل المئات من المتظاهرين وإصابة الآلاف منهم.
وفي تحقيقات حديثة بشأن الاحتجاجات التي أعقبت أحداث بورسعيد والتي قامت بها مجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان، قالت منظمة العفو الدولية إن شرطة مكافحة الشغب من قوات الأمن المركزي استخدمت نفس "القوة المفرطة" التي استخدمتها القوات عندما تم نشرها لمحاولة قمع الثورة المصرية.
وقد أدت هذه الاحتجات الأخيرة إلى مقتل 16 شخصا وإصابة المئات في كل من القاهرة والسويس.
وقالت حسيبة حاج صحراوي من منظمة العفو الدولية: "ما لم يتم إصلاح جهاز الشرطة المصرية بهدف توفير الأمن والحفاظ على حق التظاهر السلمي، ستكون لدينا مخاوف من أن يتواصل سفك الدماء."
BBC
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى