آخر المواضيع

آخر الأخبار

10‏/04‏/2012

«حريق» عمر سليمان.. و«قنبلة» ترشيح مبارك!

 

شريف عبدالغني

شريف عبد الغنى

بمجرد إعلان «الإخوان المسلمين» ترشيح المهندس خيرت الشاطر لانتخابات الرئاسة المصرية انفتحت طاقة جهنم باتجاه الجماعة من مختلف الأطياف: ليبراليون.. يساريون.. يمينيون.. ناصريون.. ساداتيون.. مباركيون.. من لهم في السياسة.. ومن ليس لهم في الكياسة.. رجال الصحافة.. وأهل السخافة.


الكل يرددون الاتهام: «الإخوان» حنثوا وعودهم وضحكوا علينا.. قالوا إنهم لن يقدموا مرشحا رئاسيا، والآن دفعوا «شاطرهم».


لدّ كثيرون في تطرفهم ضد الجماعة، وبدأت عملية ندب وردح: إنهم يريدون «التكويش» على السلطة.. وهم صورة مكررة من الحزب الوطني المنحل.. و «الشاطر» رجل الأعمال هو صورة من «أحمد عز» رجل أعمال نظام مبارك، وسيعيد تزاوج السلطة برأس المال.


لست من «الإخوان» ولا أدافع عنهم ولي العديد من المآخذ على أدائهم السياسي بعد ثورة 25 يناير، لكن المنطق يشير إلى تفاهة تلك الاتهامات وسذاجة من تصدر عنهم. السياسة ليس فيها «وعد ثابت» أو «قرار مقدس». رأت الجماعة في فترة من الفترات أنها لن تقدم مرشحا رئاسيا، ثم من خلال نقاشات داخلية وتغيرات على الساحة السياسية قرروا تقديم مرشح. ثم إنه من الطبيعي جدا أن تسعى الجماعة عبر حزبها «الحرية والعدالة» إلى السلطة. فما وظيفة الحزب السياسي إذا لم يقدم نفسه بديلاً عن السلطة القائمة ويطرح نفسه للجماهير على أنه الأجدر بالحكم. لو لم يفعل ذلك لكان حزبا فاشلا.


الاتهامات تكشف عن سر ضعف القوى الليبرالية والمدنية ومن يوصفون بـ «النخبة». إنهم يحصرون أنفسهم في «التنظير» داخل مقراتهم وبين جنبات استديوهات برامج التلفزيون. أيام مبارك كان النظام يضيق عليهم بالفعل ليمنعهم من التواصل مع الشارع، فما الذي يمنعهم الآن. ثم هل يرهنون مستقبلهم وما يرونه في صالح البلد على «وعد» من «الإخوان» بعدم خوض السباق الرئاسي. العقل يقول إن عليهم العمل وتوحيد صفوفهم خلف مرشح قوي بدلاً من التشرذم الحالي. يطرحونه على الرأي العام ويحاولون إقناعه أنهم -وليس الجماعة- من يحملون الخير لمصر، وأن مرشحهم «أشطر» من الشاطر!


ثم هل يستقيم أن نشبه جماعة لها وجود فاعل في الساحة والشارع المصري طوال أكثر من 80 عاما، تعرضت خلالها لكل صنوف الإقصاء والتعذيب والاعتقالات وظلت راسخة ومحافظة على كيانها، بحزب فوقي أسسه رئيس الدولة «السادات» وورثه «مبارك» ليكون مقراً للصوص المال العام وتجمعاً لأصحاب المصالح يحتكرون السلطة بالتزوير ويبسطون نفوذهم بالقهر و «العصا» و «الجزرة»!


ألا يخجل من يشبهوّن «خيرت الشاطر» بـ «أحمد عز»؟ هل يتساوى رجل أعمال وطني صاحب مشروعات ناجحة وليس في ماله شبهة «سرقة» أو استغلال نفوذ، برجل أعمال يواجه تلالاً من قضايا مص دم مصر؟ هل نضع «الشاطر» الذي قضى سنوات طوال في عتمة السجون بتهم يعلم أصغر «عيل» في مصر أنه برئ منها وأن نظام مبارك كان فاجرا في تلفيقها.. هل نضعه في كفة واحدة مع «عقلة الإصبع المعجزة» الذي كان كل همه «التكويش» على السلطة والمشروعات ووضعهما تحت نفوذه، والنساء لضمها إلى قائمة زوجاته؟!
الجماعة من جانبها لم تصمت، وردت على لسان «المرشد» متهمة من يعارض يعارضها في الصحافة بأنهم «سحرة فرعون».


هذه «الخناقة» الإخوانية-الليبرالية هي ضمن جو «المعارك» و «المشاحنات» التي تملأ مصر حاليا بشكل يدفع الفأر للعب في صدري بأنها ليست بعيدة عن تخطيط «الأصابع الخفية» التي تدير حركة الأحداث من وراء الستار استعدادا لتفجير «المفاجأة» قبل غلق باب الترشح للانتخابات الرئاسية. المعارك بدأت بمجزرة استاد بورسعيد، التي راح ضحيتها عشرات الأبرياء، وبـ «دم» وثأر بين العاصمة وعدة محافظات ينتمي إليها الضحايا مع المدينة الساحلية المتعصبة للنادي المصري. بعدها بدأت تسلية الناس وإيقاع أجهزة الإعلام في «فخ» سيل من سحبوا استمارات الترشح لأرفع منصب. فهذا «ماسح الأحذية» الذي يريد أن يلمع كل «مداسات» مصر، وتلك «عاملة النظافة» وبرنامجها توزيع «مقشة» لكل مواطن، وذاك «السمكري» الذي يرى أن مصر مفككة وبحاجة إلى من «يلحمها»، وهذا «سعد الصغير» الذي سيجعل «أحمد زويل» مستشاراً له و «شعبان عبدالرحيم» رئيساً للوزراء و «دينا» وزيرة للشؤون الاجتماعية. الكل وقع في مساخر حكايات هؤلاء وأولئك.


بعدها بدأت حكايات وبوسترات «حازم أبوإسماعيل». «الأصابع الخفية» موجودة من أيام مبارك ومن تكرار ما عهدناه منها نظن أنها ربما تدخلت في سيل الدعاية للرجل. فليس سراً أن جهاز أمن الدولة على علاقة وطيدة بمجموعات من السلفيين قد يكون بينهم بعض مؤيدي «أبو إسماعيل». ليس مستبعداً أن يكون من بين أفراد حملته من تلقوا توجيهات بل ودعماً بهذا الحجم من الدعاية، وشغل الناس بها في كل مكان، قبل أن تخرج «الأصابع» في الوقت المناسب بهدم المعبد على من فيه بورقة الجنسية الأميركية لأم الشيخ حازم، التي تعوقه عن استكمال السباق، تمهيداً لإظهار «مفاجأة» اللحظة الأخيرة!


في هذا السياق «خناقة» على الماشي بين اثنين من مرشحي «فلول» مبارك. هما يسعيان -رغم نفيهما الظاهر- إلى «القرب» من العسكر ونيل «الرضا» السامي. عمرو موسى وأحمد شفيق. الأول بعدما ركب موجة الثورة استنكر «تجرؤ» الثاني على الترشح وقد كان آخر رئيس وزراء في عهد مبارك. لكن «شفيق» لم يصمت، وقال كلمة حمّالة أوجه: «يكفي أنني من بيت ملتزم ومتدين». قبل أن يضيف: هل نسى «موسى» أنه وزير خارجية مبارك 10 سنوات وأن الرئيس السابق هو الذي عينه أميناً عاماً للجامعة العربية دورتين وكان يطمع للثالثة، وأنه أكد أن صوته سيعطيه لمبارك في انتخابات 2011».


التلاسن لم يتوقف، ورد «موسى» مكرراً كلامه «غير المقنع»، بأنه كان على خلاف مع مبارك، وطلب أن نذهب إلى «ياسر عرفات» في قبره لنسمع منه ما لم نسمعه في حياته بأن «عمرو» ينفذ سياسة خارجية تختلف عن توجيهات الرئيس المصري، وأنه سيتعرض بسبب ذلك للإقالة!


وسط هذا الجو المشحون كانت مفاجأة «الأصابع الخفية»: «عمر سليمان» مرشحاً رئاسياً.
إنه المنقذ من الشد والجذب بين المرشحين وحالة عدم الاستقرار التي تشهدها الدولة. لإعطاء مزيد من الإثارة اخترعوا كياناً اسمه «الجبهة الثورية لدعم عمر سليمان». الرجل كان قطباً أساسياً من نظام قامت ضده ثورة شعبية، لكن سبحان مغير الأحوال «جبهة ثورية» تدعمه الآن. في البداية اعتذر عن عدم الترشح مع الإيحاء بأن الباب ما زال موارباً. هنا خرج العشرات حاملين صور «سليمان» مطالبين بترشحه لـ «إنقاذ مصر»، وكالعادة نزل الرجل على رغبة الجماهير لخدمة الوطن!


حكاية «غير مهضومة» بحسب تعبير الإخوة اللبنانيين. كثيرون يرون أن «العسكر» يدفعون برفيقهم رئيس جهاز المخابرات السابق للرئاسة ليكون «زيتهم في دقيقهم». يسوقونه للأغلبية الصامتة من الشعب في صورة رجل المرحلة وصاحب «الكاريزما» وجالب الاستقرار بعيداً عن «تكويش الإخوان» وقلة خبرة السلفيين وطمع باقي المرشحين في الكرسي الذي هو أكبر منهم.


لكن هل رهانهم سينجح؟
مبارك سبق واستعان في أيامه الأخيرة بـ «سليمان» نائباً لامتصاص غضب الشارع واحتواء «ميدان التحرير». غير أن «النائب» فشل فشلا ذريعا. دخل فيما أسماه «حواراً وطنياً». التقى رؤساء أحزاب كرتونية وسياسيين صنعهم أمن الدولة ورباهم فأحسن تربيتهم. كان طبيعياً أن ينتهي أثر اللقاء بمجرد خروجهم من الاجتماع، فهم شخصيات مجهولة للشارع ولا أهمية أو تأثير لهم. وفي سعيه لاحتواء «ميدان التحرير» حاول إحداث انقسام بين المتظاهرين بأسلوب عقيم. اخترعت أجهزته عشرات الكيانات الوهمية بزعم أنهم لسان حال شباب الثوار. والنتيجة أن غضب الميدان ازداد اشتعالاً حتى خرج سليمان نفسه «والراجل اللي وراه» ليعلن قرار مبارك بـ «التخلي»!
أما على المستوى الشعبي، فالرجل يشبهه البعض بما يروى عن أن الإمام الشافعي عندما كان يجلس مع تلاميذه يتحدث إليهم في درس عن الصيام، وكان لألم في ساقيه قد جلس فارداً رجليه للأمام عندما دخل عليهم رجل فخيم ذو مهابة كانت تبدو عليه سمات العلم والوقار، وهنا قام الشافعي بسحب رجليه وثنيهما رغم ما به من ألم وذلك تأدباً في حضرة رجل تصور لمنظره المهيب أنه قد يكون أعلم منه. فلما أنهى الشافعي الدرس قام هذا الرجل وتوجه بالسؤال إلى الإمام قائلاً: «يا إمام.. من أي وقت إلى أي وقت يكون الصيام؟»، فقال الإمام: «من طلوع الفجر إلى مغيب الشمس». فقال الرجل: «فإن لم تغب الشمس فماذا عسانا نفعل؟»، وهنا قال الشافعي قولته المشهورة: «الآن آن للشافعي أن يمد رجليه».


قال ذلك بعد أن أدرك حقيقة الرجل بعدما كان يظن قبل أن يتكلم أنه بإزاء عالم كبير.
شخصية عمر سليمان ارتسمت بالغموض في أذهان المصريين، كونه رجل مخابرات لا يعرفون له صوتاً ويتميز بالجدية والمظهر الصارم، لكن بعد تعيينه نائباً للرئيس أدت مواقفه وتصريحاته وكلمته الشهيرة في خطاب تنحي مبارك «الله الموفق» بفتح الفاء لا كسرها، إلى إزالة الصورة الأسطورية التي تشكلت في الأذهان عنه. وجعلت الذاكرة تستدعي قولة الإمام الشافعي مع تعديلها: «آن لشعب مصر كله أن يمد أقدامه».


«مفاجأة سليمان» قد تتعرض للحرق، ووقتها أظن أن «الأصابع الخفية» لن يكون أمامها سوى الدفع بالمئات إلى الشوارع لرفع صورة «الرجل السريري» ودعوته للترشح خصوصاً أنه لم يصدر ضده أي حكم قانوني يحول دون ذلك.. وهنا سنبدأ فصول «قنبلة مبارك»!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى