خالد منتصر
مثل طلاب الثانوية الذين يعيدون السنة لتحسين مجموعهم دخلت مصر تجربة انتخاب البرلمان مرة أخرى بغرض تحسين المجموع والصورة والهيئة والأداء! لا داعى للانزعاج من العودة للمربع رقم صفر، فالطالب الذى يحسن مجموعه يحفزه التفاؤل بدخول كليات القمة على تطوير أدائه وتحسين مذاكرته ويساعده هذا التفاؤل على تحمل تكرار قراءة نفس الكتب برؤية أخرى وبدون ملل، كذلك الشعب المصرى لا داعى لأن يتململ قائلاً: «لسه هننتخب تانى.. ونقف فى طوابير تانى.. ونحضر مؤتمرات تانى»، لا بد أن يتفاءل بأن هذه الفرصة قد أرسلها له القدر ليحسن مجموعه ويدخل برلمانات القمة لا برلمانات الحضيض!
الطالب الذى يحسن مجموعه فيرتفع من 50% إلى 85% يعرف جيداً أنه بالفعل ذاكر وأجاب، هو ذاكر نفس الكتب ولكن من زاوية مختلفة وبقراءة أكثر تمعناً وتحليلاً، هو أجاب بنفس الخط وربما بنفس القلم ولكنه أجاب إجابات نموذجية تليق بطالب متفوق، الشخص هو نفس الشخص ولكن النتيجة ليست هى نفس النتيجة، الشعب هو نفس الشعب لكن البرلمان لا يمكن أن يكون هو نفس البرلمان، لن أقول إنه سيختلف 180 درجة ولكنه بالقطع سيكون مختلفاً.
الشعب بعد كبت 60 سنة صار كمن كان يعانى من تيبس مفاصل وعندما أتيحت له فرصة المشى تعثر وسار مترنحاً كالسكران ولا بد من منحه فرصة للتدريب على المشى، الشعب بعد كبت 60 سنة كمريض رحل عن جسده العليل فيروس القهر وطلبنا منه فى فترة النقاهة أن يختار ويقرر ويركض ويهرول بل ويحمل أثقالاً ويلعب مصارعة! الشعب اختار هذا البرلمان الكوميدى فى هذه الفترة وصوت عقابياً ضد مبارك والحزب الوطنى وأعطى صوته ومنح الأغلبية لمن اعتقد أنهم كانوا مظاليم وشهداء فى عصره، وعندما جرب واختبر هؤلاء المظاليم وجد أنهم صورة العملة الأخرى للحزب الوطنى واكتشف أن عقلية التنظيمات السرية وغريزة التكويش ما زالت مسيطرة على تلافيف الأمخاخ،
منح الله هذا الشعب فرصة تاريخية لتصحيح مساره وتحسين مجموعه واختيار برلمانه بصورة أكثر وعياً بعد أن تحصن بتطعيم مضاد لتزييف إرادته وغسل مخه بأن هذا المرشح مرشح الله، واستخدام قاموس التهديد والوعيد والجنة والنار فى لعبة هى بالأساس سياسية، بدلاً من أن ينتظر أربع سنوات فى متاهة مكبلاً بترسانة قوانين قندهارية طالبانية تعيده إلى القرون الوسطى تصدر من نواب لا هم لهم إلا ختان البنت وزواج الطفلة وكبت الحريات وقتل الإبداع والأذان فى البرلمان!
لا أعتبر أننا قد عدنا إلى المربع رقم واحد أو صفر فى لعبة السلم والثعبان، ولكنى أعتبر أننا قد أخذنا «سيرف» البداية فى مباراة تنس خسرنا شوطها الأول، ولكى يكون السيرف قوياً وصحيحاً لا بد أن نقف عند الخط الخلفى ونمسك المضرب بكل ثبات ونضرب الكرة بكل قوة ودقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى