لا تمثل الاعتصامات المتناثرة حول القصر الرئاسى خطرا كبيرا على الرئيس، قد تحدث بعضا من الارتباك، وتصنع مشهدا سيرياليا غريبا، لكنها ليست الخطر.
أما الخطر الحقيقى فهو حصار النظام القديم للرئيس من كافة الاتجاهات، وأحسب أن حكومة الجنزورى فى قمة سعادتها الآن، وهى ترى عربات الباعة الجائلين تقف على أبواب قصر الرئاسة، هذا القصر الذى كان الاقتراب منه أيام مبارك نوعا من الانتحار، ولعلك تذكر تلك الفاجعة التى وقعت فى التسعينيات حينما ضل شاب ابن شخصية رفيعة الطريق ودخل بسيارته فى ممنوعات محيط القصر فأطلق عليه الرصاص وغادر الحياة.
والحاصل الآن أن تكاثر الاعتصامات والوقفات على هذا النحو المكثف إنما هو ناتج من تعطيل جميع مؤسسات الدولة، فلا برلمان، ولا حكومة أيضا، ومن ثم فالسلطة الوحيدة القائمة فى الحياة المصرية الآن هى مؤسسة الرئاسة، وعليه فليس أمام الرئيس والحال كذلك سوى شيئين: إما الإسراع بتشكيل حكومة جديدة تعبر عن قيم وروح عصر جديد.. أو المد فى عمر حكومة الجنزورى الحالية، تحت مسمى «تسيير أعمال» أو «تصريف أعمال» وبالتالى ومع تصاعد دراما اعتصامات الاتحادية يصبح ثمة اضطرار لأن يبقى الجنزورى ورجاله فترة أطول للتعامل مع هذه الملفات التى فتحت فجأة، وبشكل يدعو للتساؤل والريبة فى التوقيت.
ومرة أخرى أكرر أنه لا بد من أن نفرق بين الاعتصام من أجل الإفراج عن معتقلى الثورة، وهو فعل سياسى شعبى متحضر ونبيل يستحق الدعم والمساندة والضغط لكى يؤتى ثماره المستحقة والمشروعة، وبين اعتصامات عائلية وفئوية نبتت فجأة الآن، وكأن الحكومة التى تستعد للوداع وجدت فيها ضالتها.
والمفترض نظريا أن حكومة الجنزورى لاتزال فى الخدمة، وبالتالى لديها مهام عمل، غير أن ما تنطق به هذه الاعتصامات أن أحدا من أصحابها لا يعترف بأن فى مصر حكومة ووزراء، لذا توجه إلى قمة هرم السلطة مباشرة.. وأظن أن هذه تصلح إجابة قاطعة على من يروجون على استحياء لاستمرار حكومة الجنزورى فى عملها، ذلك أنه لو كان لهذه الحكومة وجود أو أثر فى حياة المواطنين لتوجهوا إليها محتجين وغاضبين ومطالبين.
وفى وسط هذا الضباب من الضرورى أن يحث الرئيس الجديد الخطى فى تكليف من يتولى تشكيل حكومة جديدة، تعفيه وتعفى مصر من حصار الدولة العميقة للقصر الرئاسى، وتمنح الناس إحساسا بأن تغييرا حدث، لأن كل يوم يمضى مع هذا الحالة من السكون السياسى تكرس بقاء الأوضاع القديمة، وتفتح الباب أمام احتمالات الترقيع والتهجين تحت لافتة «التوافق والمصالحات».
إن المصريين فى حاجة إلى خطوة واسعة من الرئيس الجديد تجسد معانى التغيير، وأظن أنه لو صدر قرار من «الاتحادية» بالعفو عن معتقلى الثورة السياسيين فإنه سيكون رسالة واضحة وشديدة البلاغة فى أنه مصمم على ممارسة صلاحياته غير منقوصة، ويمنح الجماهير أملا فى المستقبل.
سيادة الرئيس: انفض عنك وعنا غبار النظام القديم واذهب إلى مستقبل مختلف.
وائل قنديل يكتب : الرئيس تحت الحصار
قسم الأخبار
Thu, 05 Jul 2012 11:30:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى