الوحدة الرابعة
الدرس السابع
فى أعقاب الانتخابات البرلمانية المزورة وبسبب انتشار الفساد والبطالة والفقر، بالإضافة إلى القمع الوحشى الذى مارسته أجهزة الأمن ضد المواطنين.. اندلعت الثورة ضد حسنى مبارك فى يوم 25 يناير عام 2011، واشترك فيها ملايين المصريين. قمعت أجهزة الأمن الثورة بوحشية فقتلت وأصابت آلاف المتظاهرين لكن الثورة استمرت لمدة 18 يوما حتى تخلى مبارك مجبرا عن الحكم وعهد بإدارة البلاد إلى المجلس العسكرى الذى اضطر تحت ضغط الشعب إلى القبض على مبارك ومحاكمته بطريقة صورية.. لكن المجلس العسكرى بدلا من أن يعمل على تحقيق أهداف الثورة حافظ على نظام مبارك الذى نفذ خطة محكمة للقضاء على الثورة بالوسائل التالية:
أولاً: إحداث انفلات أمنى فى كل أنحاء البلاد وسط لامبالاة كاملة من جهاز الشرطة والشرطة العسكرية مما تسبب فى ترويع المصريين.
ثانياً: التشويه المتعمد لسمعة الثوريين عن طريق الإعلام الفاسد.
ثالثاً: اصطناع أزمات معيشية متلاحقة مثل ارتفاع الأسعار ونقص المواد التموينية، مما زاد من معاناة المصريين وجعل كثيرين منهم يكرهون الثورة.
رابعاً: ارتكاب سلسلة من المذابح البشعة ضد الثوريين، حيث تم قتل المتظاهرين بالرصاص الحى وفقء عيونهم بالخرطوش وانتهاك أعراض البنات وسحلهن والتحرش بهن جنسيا.. كل ذلك بغرض كسر إرادة الثوار وإعادتهم إلى حالة الإذعان.
خامساً: تحالف المجلس العسكرى مع الإخوان المسلمين الذين تنكروا للثورة التى شاركوا فيها وصاروا بمثابة الذراع السياسية للعسكر وساعدوهم على إجراء تعديلات على الدستور القديم بدلا من كتابة دستور جديد للثورة.
تم تنفيذ المخطط على مدى 16 شهراً عانى المصريون خلالها بشدة ثم انهار التحالف بين الإخوان والعسكر، وبدأ الصراع بينهما مما دفع المجلس العسكرى إلى حل مجلس الشعب المنتخب، وتمت الدعوة إلى انتخابات رئاسية، وارتكب الثوريون خطأ جسيما فلم يتوحدوا حول مرشح واحد، مما أدى إلى سقوط مرشحى الثورة جميعاً وجرت الإعادة بين محمد مرسى مرشح الإخوان والفريق أحمد شفيق رئيس وزراء مبارك وتلميذه المخلص الذى لاحقته قضايا فساد عديدة قام المجلس العسكرى بحمايته منها.. أنفق فلول نظام مبارك ملايين الجنيهات لدعم شفيق وساندته أجهزة الدولة جميعا مثل الشرطة والوزارات وأمن الدولة والمخابرات. حدثت المفاجأة عندما أعلنت النتيجة فكان الفائز محمد مرسى. يفسر المؤرخون ما حدث بأن تغيير النتيجة لصالح شفيق كان مستحيلا لأن ملايين المصريين كانوا سيرفضون التزوير. كما أن مجموعة من القضاة المستقلين أعلنت النتيجة الصحيحة قبل إعلانها رسمياً. تقبل المجلس العسكرى فوز مرسى على مضض وأصدر إعلاناً دستورياً مكملاً سحب فيه سلطات كثيرة من رئيس الجمهورية حتى صار أقرب إلى سكرتير للمجلس العسكرى.. منذ اليوم الأول لتولى مرسى مهام الرئاسة بدأت حملة عنيفة من نظام مبارك لإسقاطه، شنت وسائل الإعلام حملة شعواء لتحقير الرئيس المنتخب وإشاعة ذعر بين الناس من مخططات سرية سيقوم بتنفيذها لصالح الإخوان، وفى نفس الوقت قام نظام مبارك المسيطر على أجهزة الدولة بمضاعفة الأزمات المعيشية والانفلات الأمنى.. وقد اشترك فى الحملة ضد الرئيس المنتخب الفئات التالية من المصريين:
1- فلول النظام القديم الذين يريدون إسقاطه ليفرضوا رئيساً موالياً لهم.
2- بعض الأقباط الذين أصابهم الذعر من وجود رئيس إسلامى لدرجة جعلتهم يريدون التخلص منه حتى لو كان الثمن إجهاض الثورة وعودة النظام القديم.
3- مجموعة من المثقفين الانتهازيين الذين كانوا يعملون فى خدمة مبارك فتحولوا لخدمة المجلس العسكرى طمعا فى المناصب والعطايا.
4 - بعض الليبراليين واليساريين الذين لم يدركوا أن جوهر الصراع يدور بين رئيس منتخب وسلطة مستبدة ودفعتهم خصومتهم للإخوان إلى مساندة المجلس العسكرى ضد الرئيس المنتخب.
على أن الرئيس مرسى يتحمل القدر الأكبر من المسؤولية عن إخفاقه لسببين: أولاً لأنه لم يعمل على طمأنة الرأى العام بإجراءات واضحة تثبت أنه رئيس للمصريين جميعا وليس مندوبا للإخوان فى الرئاسة، وثانياً لأن الرئيس مرسى كان يستعمل اللين حين تلزم الشدة. لو أن الرئيس مرسى طالب بصلاحياته كاملة لسانده الشعب فى هذه المعركة الوطنية المشروعة. لكن الرئيس مرسى راح يتحاشى الصدام ويتردد ويناور ويتراجع واستمر فى توزيع تحياته ومجاملاته على جميع الأطراف حتى تمكن العسكر من إسقاطه بعد أقل من عام. تم إجبار الرئيس على تقديم استقالته بعد كتابة الدستور بواسطة لجنة خاضعة لتأثير المجلس العسكرى الذى دعا إلى انتخابات رئاسية قدم فيها العسكر مرشحاً جديداً هو اللواء عبدالظاهر شركس، القائد السابق لسلاح الإشارة.. اندفع النظام القديم بكل طاقته للترويج للواء عبدالظاهر فتم تأليف الأغانى فى تمجيد بطولاته وظهر على التليفزيون خبراء استراتيجيون ليؤكدوا أن اللواء عبدالظاهر شركس عبقرية عسكرية غير مسبوقة لدرجة أن تكتيكاته فى سلاح الإشارة يتم تدريسها فى الأكاديميات العسكرية العالمية.. كان المصريون قد صاروا فى حالة من التخبط والإحباط والإنهاك جعلتهم يستسلمون ويدعمون مرشح المجلس العسكرى أملا فى تحسن الأحوال، فاز اللواء عبدالظاهر فى انتخابات الرئاسة بفارق كبير عن مرشح اليسار حمدين صباحى ومرشح الإسلاميين محمد البلتاجى. وهكذا تم إجهاض الموجة الأولى من الثورة وعاد النظام القديم بكل قوته إلى الحكم. استعاد اللواء عبدالظاهر الأمن فى أيام قليلة ثم منح الموظفين علاوة استثنائية مما جعل المصريين يستبشرون خيراً، ولكن بعد أسابيع قليلة من تولى الرئيس عبدالظاهر لمنصبه شنت أجهزة الأمن حملة مروعة تم خلالها اعتقال آلاف الثوريين وإلقاؤهم فى السجون بتهم ملفقة. كما استمر الفساد ونهب موارد الدولة بطريقة أسوأ من أيام مبارك، وأغلق الرئيس عبدالظاهر الباب تماما أمام محاسبة النظام السابق، ولجأ إلى حيل قانونية مكنته من العفو الصحى عن مبارك وإطلاق سراح رموز نظامه الذين غادروا البلاد إلى أوروبا لينعموا بثرواتهم التى نهبوها من الشعب.. كل هذه الممارسات أثارت غضب المصريين وجعلتهم يتأكدون أن دماء الشهداء ستذهب هدرا إذا استمر عبدالظاهر فى الحكم .. بعد عامين من حكم عبدالظاهر اندلعت الموجة الثانية من الثورة بشكل أقوى مما كانت عليه الموجة الأولى، ووعى الثوار الدرس فتوحدوا جميعا (الإسلاميون والليبراليون) وشكلوا مجلسا لقيادة الثورة كان بإمكانه حشد ملايين المتظاهرين فى كل أنحاء البلاد، واستعمل المجلس العسكرى أعتى أساليب القمع فى مواجهة الموجة الثانية من الثورة فسقط مئات الشهداء، لكن الثوار أصروا هذه المرة على البقاء فى الشوارع حتى تنحية المجلس العسكرى الذى رضخ أخيرا ووافق على تسليم السلطة، وتم عقد اتفاق مكتوب وقّعه الثوار والعسكر وتسلمت الثورة المصرية بموجبه حكم مصر فى يوم 4 أغسطس عام 2015.. كان هذا تاريخ بداية الجمهورية الثانية، اندفع المصريون يعملون بحماس وجدية فتحقق ازدهار لم تشهده مصر من قبل.. تم محو أمية ثلاثين مليون مصرى فى أقل من عامين، وتم توجيه نداء إلى العلماء المصريين فى جامعات الغرب فعاد كثيرون منهم إلى الوطن وقاموا بدور عظيم فى النهضة.. صارت الدولة تقدم العلاج والتعليم مجاناً للفقراء وتوفر السكن والعمل للخريجين وارتقى مستوى التعليم حتى أصبحت الجامعات المصرية تضاهى أكبر جامعات العالم وحققت الصناعات المدنية تقدما مذهلا فأدرت الملايين على ميزانية الدولة كما برز اسم مصر كواحدة من أهم دول التصنيع العسكرى واشتهر المدفع الرشاش المصرى «فجر»، بالإضافة إلى الدبابة المصرية من طراز «أكتوبر» التى لا تقل كفاءتها عن الدبابات التى تنتجها الدول الكبرى، استعادت مصر قدرتها الزراعية بشكل لم تعرفه منذ أيام الرومان واكتفت ذاتيا من المحاصيل وصارت تصدر الفائض. فى أقل من عشر سنوات تحولت مصر إلى دولة كبرى بمعنى الكلمة وصار لها ثقل إقليمى ودولى.. على أن التقدم الأعظم حدث فى مجال حقوق الإنسان، فقد استقل النظام القضائى تماما عن السلطة التنفيذية لدرجة صار معها من الطبيعى أن يستدعى وكيل نيابة رئيس الجمهورية للتحقيق معه، وأصبح جهاز الشرطة فى خدمة المواطنين وليس أداة لقمعهم، أما المعتقلات ومقار أمن الدولة، حيث تم تعذيب ملايين المصريين، فقد تحولت جميعا إلى متاحف مفتوحة يتم تنظيم رحلات مدرسية لزيارتها حتى يشاهد التلاميذ الأدوات التى طالما استعملت فى تعذيب آبائهم وأجدادهم. ازدهرت مكانة المرأة المصرية ورأى المصريون المرأة تعمل فى كل الوظائف دون استثناء، بدءا من النيابة العامة وحتى قيادة الطائرات، وقد استقر النظام الديمقراطى، وصار راسخا حتى تعاقب على رئاسة الجمهورية رئيس من الإخوان المسلمين ورئيس شيوعى ورئيس ليبرإلى فازوا جميعا بانتخابات نظيفة وحكم كل واحد فيهم لفترة رئاسية واحدة، وفى عام 2035، بعد عشرين عاما من قيام الجمهورية الثانية، ترشحت للرئاسة امرأة قبطية اسمها مارى عبدالنور عن الحزب الاشتراكى، ونافسها على المنصب مرشح مسلم هو أحمد عبدالحفيظ عن حزب الوسط. الجدير بالذكر أن الإخوان المسلمين والسلفيين (الذين تطورت أفكارهم وانفتحت على العصر) أعلنوا دعمهم للمرشحة القبطية لأنها فى رأيهم أكفأ للرئاسة من المرشح المسلم مما يجعل تأييدها واجبا شرعيا بغض النظر عن جنسها ودينها. وفازت السيدة مارى عبدالنور لتصبح أول رئيسة قبطية لمصر.. هذه النهضة المصرية الكبرى كيف أثرت على الدول العربية المجاورة..؟! هذا موضوع الدرس القادم
تمارين تُحلّ مع المدرس:
1- اكتب بالتفصيل كيف استطاع نظام مبارك إجهاض الموجة الأولى من الثورة ولماذا نجحت الموجة الثانية؟
2- ضع الكلمة المناسبة مكان النقاط:
■ الديمقراطية معناها.... الشعب وبالتالى لا يجوز لهيئة.... مثل المجلس العسكرى أن تضع الدستور بعيدا عن.... الشعب.
■ كان هدف الثورة المصرية استعادة.... من المؤسسة العسكرية وإعادتها إلى.... لأنه صاحبها الشرعى.
3- ضع علامة صح أو خطأ أمام الجمل الآتية:
■ المجلس العسكرى قام بحماية الثورة.
■ الرئيس مرسى ليس مسؤولا عن فشله فى الرئاسة.
■ بعض الأقباط واليساريين والليبراليين تسببوا فى إجهاض الموجة الأولى من الثورة بسبب رفضهم الرئيس المنتخب لأنه إسلامى.
■ الإسلام يمنع تولى المرأة أو القبطى منصب الرئيس.
(الإجابات النموذجية صفحة 344)
(من كتاب التاريخ المقرر على تلاميذ الصف الثالث الإعدادى للعام الدراسى 2050 - 2051)
( طبق الأصل )
الديمقراطية هى الحل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى