آخر المواضيع

آخر الأخبار

14‏/08‏/2012

معيار استقلال القرار - فهمي هويدي

من أخبار أمس أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أجرى اتصالا هاتفيا مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون لإقناعه بعدم حضور قمة عدم الانحياز فى طهران. وطبقا لما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت فإن نتنياهو قال فى اتصاله الهاتفى إن ذهاب الأمين العام للامم المتحدة إلى طهران يضفى الشرعية على نظام يهدد السلام العالمى. لم تشر الصحيفة إلى رد السيد بان كى مون، لكننى أتصور ان أى مهتم بالسياسة سوف يعتبر كلام رئيس الوزراء الإسرائيلى مزحة سمجة، لأن الجميع يعرفون نتيجة استطلاع الرأى الذى قام به الاتحاد الأوروبى، والذى ذكرت الأغلبية فى نتائجه ان إسرائيل وليست إيران هى الأكثر تهديدا للسلام العالمى. ولكن السيد نتنياهو لا يراهن فقط على ضعف ذاكرة الأمين العام للأمم المتحدة، ولكنه يستخدم فى خطابه استقواء بلاده بالولايات المتحدة الذى جعلها تتحدى الإرادة الدولية بممارستها فى الأرض المحتلة، كما تتحدى أحكام محكمة العدل الدولية خصوصا فى قرارها بطلان إقامة السور العازل.
أحد الأسئلة التى تطرحها  واقعة الاتصال الهاتفى ما يلى: هل تلقى الرئيس المصرى الدكتور محمد مرسى اتصالا مماثلا من نتنياهو؟.. معلوماتى أن مصر لم تعلن رسميا ان رئيسها لن يحضر المؤتمر، لكننى قرأت خبر امتناعه عن حضور المؤتمر فى الصحف الإسرائيلية والصحف السعودية التى تصدر فى لندن. وإذا نحينا جانبا دلالة تلك المصادفة، فإن السؤال يظل واردا، خصوصا ان مصر فى تعاملها مع الملف الإيرانى لاتزال فيما بدا حتى الآن ملتزمة بالاطار الذى ظل معمولا به فى عهد الرئيس السابق. الأمر الذى يدعونا إلى إعادة صياغة السؤال لكى يصبح على الوجه التالى: هل كان الرئيس المصرى بحاجة إلى اتصال من رئيس الوزراء الإسرائىلى أو غيره لكى يمتنع عن المشاركة فى قمة  طهران؟
ليست لدىَّ معلومات فى هذه الجزئية تحديدا، لكننى أفهم أن الضغوط التى مورست على الرئيس المصرى لكى يقاطع قمة طهران لم تمارس من إسرائيل أو الولايات المتحدة، ولكنها كانت من الدول العربية من ناحية ومن المؤسسة العسكرية المصرية من ناحية ثانية. وليست بعيدة عن الذاكرة التصريحات التى أدلى بها الدكتور نبيل العربى حين تولى وزارة الخارجية، قبل انتخابه أمينا عاما للجامعة العربية، والتى دعا فيها إلى تصويب العلاقة مع إيران، بحيث يتم التطبيع بين القاهرة وطهران كما هو الحاصل مع بقية الدول العربية. ذلك ان تلك التصريحات أحدثت دويا شديدا فى منطقة الخليج بمجرد اطلاقها. واضطر الدكتور العربى حينذاك لأن يقوم بجولة خليجية لكى يشرح فيها وجهة نظره ويهدئ من خواطر القادة الخليجيين.
اتصالا بهذه النقطة فإن وزارة الخارجية المصرية كانت فى الماضى ومازالت فى الحاضر، منحازة إلى فكرة التطبيع مع طهران، ليس فقط لأن مـد الجسور مع الجميع فى الخارج يعد جزءا أساسيا من وظيفتها الطبيعية، ولكن أيضا لأن الدبلوماسية المصرية مدركة تماما لأهمية تعزيز العلاقات بين الدول المحورية الثلاث فى الشرق الأوسط، وهى مصر وتركيا وإيران. بقدر ما انها مدركة لحجم الخسائر التى تترتب على عدم التواصل بين اضلاع ذلك المثلث، والتى من شأنها إضعاف كل دولة على حدة، والتأثير سلبا على قضاياها المشتركة. ولم يعد سرا أن ثمة قوى إقليمية ودولية (إسرائيل والولايات المتحدة بوجه أخص) أشد حرصا على إحلال التقاطع محل التواصل بين اضلاع ذلك المثلث.
معلوماتى أيضا ان حذر المؤسسة العسكرية أكبر فى مسألة السياسة الخارجية، وانها فى ذلك أقرب إلى الالتزام بالخطوط المرسومة لمصر فى عهد النظام السابق، ولابد ان يلفت انتباهنا فى هذا الصدد ان التصريحات الإسرائيلية والتسريبات الأمريكية تتحدث بثقة واطمئنان أكثر عن تلك المؤسسة، وتعتبرها الطرف الأكثر تفهما لها وتعاونا معها.
لكن العنصر الأكثر حسما فى المشهد يتمثل فى عدم استقرار الجبهة الداخلية، الأمر الذى لا يشجع القيادة السياسية على فتح ملف السياسة الخارجية وتصويب ما يعتورها من عوج لا يستقيم استمراره فى ظل الثورة التى قامت دفاعا عن كرامة المواطنين وكرامة الوطن أيضا. الأمر الذى يستصحب ضرورة الانعتاق من معسكر التبعية واستعادة الاستقلال الوطنى. وهى النقلة التى لم تتحقق حتى الآن. وهو ما قد يفسر لنا اعتذار الرئيس المصرى عن عدم المشاركة فى قمة طهران دون أن يتلقى اتصالا هاتفيا من نتنياهو. ليس فقط لأنه لا يريد. ولكن لأنه فى ظل المعادلات الراهنة لا يستطيع.
لقد أصبحت العلاقة مع إيران أحد معايير استقلال القرار السياسى المصرى. الأمر الذى يسوغ لنا أن نقول إن قرار مصر تطبيع العلاقات مع طهران، سيكون إعلانا عن انعتاقها من أسر التبعية وانتقالها إلى فضاء الاستقلال المنشود.

معيار استقلال القرار - فهمي هويدي
قسم الأخبار
Mon, 13 Aug 2012 15:30:00 GMT

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى