بقلم: محمد فتحي*
جريمة قتل معنوي مع سبق الإصرار والترصد قام بها الكابتن أحمد شوبير من خلال برنامجه الذي خصص منه ساعات للهجوم على موقف أبو تريكة الذي اعتذر عن خوض مباراة السوبر ، ولمجرد أن موقف تريكة لم يعجب شوبير وبعض الإعلاميين وعدد من الرياضيين راحت الاتهامات تتوالى والجميع يؤكد أن أبو تريكة (ممثل) ، وأنه لعب من قبل و(فرح) بعد إحرازه لأهداف عديدة في المباريات السابقة ليضبط متلبساً بالفرحة، وكأن الفرحة تهمة، وكأن أهالي الشهداء أنفسهم لا يفرحون، والواقع أن أهالي الشهداء أنفسهم لم يفرحوا بحق والجميع يتاجر بأحزانهم أحياناً، ويتحدث باسمهم زوراً وبهتاناً في أحيان أخرى رغم أن طلبهم الوحيد العادل والمنطقي والذي وافق عليه المولى عز وجل من فوق سبع سماوات هو (القصاص)، وهو ما لم يتحقق، وما (لن) يتحقق لأن الكابتن شوبير وغيره من الإعلاميين يريدون أن يقنعونا أن القانون سيأخذ مجراه، وأن المحكمة ستعرف القتلة، وأن المحامين سيقدمونهم للعدالة، وأننا سنراهم وهم يعاقبون على ذبحهم ورميهم لحوالي 74 مشجعاً لم يكن أيهم يتخيل وهو في طريقه إلى استاد بورسعيد أنه سيذهب ليموت، ولعبت لجان تقصي الحقائق ونواب مجلس الشعب المنتمين لبورسعيد دوراً مهماً في الطرمخة، وإفساد ملفات القضية، التي نعرف أنها ستنتهي على (فشوش)، وأن ثغرة في القانون، مع ثغرة في الإجراءات، مع إهمال في القبض على المتسببين في الكارثة والقتلة الجقيقيين على حساب آخرين وضعوا في السجن لمجرد أن الداخلية تريد تقديم كبش فداء، كل ذلك سيتكفل بأن يكون الطرف الثالث هو المسئول، واللي ييجي ع الطرف الثالث.."مايكسبش"، لكن اللي ييجي على الألتراس يكسب، طالما أن الألتراس يسبب كل هذا الإزعاج للإعلاميين الذين تفرغوا لمهاجمته بدلاً من الحوار المحترم معهم وتفهم شعور مجموعة رأت الموت بأعينها وشاهدت أصدقائهم يذبحون أمامهم، كما أن عودة الدوري تعني عودة استديوهات التحليل وبالتالي عودة الإعلانات وبالتالي زيادة عقود الإعلاميين الذين يعانون من (جفاف) في الموارد منذ كارثة بورسعيد التي ألقوها – فقط وحصرياً – على الألتراس، وكأن الألتراس (قتالين قتلة) منذ فجر التاريخ، وكأن مدير أمن بورسعيد مثلاً لم يكن موجوداً في الاستاد، وكأن الأمن والشرطة لم يشاهدوا ما يحدث أمام أعينهم و(يطنشوه) وكأن الجاني في النهاية هو الثورة والنشطاء كما حاول الكابتن شوبير نفسه أن يصور الأمر في رد فعله الأول يوم المجزرة وهو يصرخ ليييييه..ليييييه..ليييييييه، في الفيديو الذي كان يفترض أن يثير التعاطف فإذا به يثير ضحك كل من شاهده رغم علمي بأن مشاعر الكابتن شوبير صادقة تماماً، لا سيما وأنه وضع فيها كل كرهه للثورة والنشطاء والحركات السياسية والألتراس في كلمة واحدة راح يؤكدها (ليييييه)..(ليييييه)..(ليييييه)، وليسمح لي الكابتن شوبير أن أقول له ليه بعد أن نوضح عدة أمور.
فأولاً: لا أحد يقف مع الألتراس في موضوع اقتحام اتحاد الكرة وإلقاء المولوتوف والشماريخ والتكسير الذي حدث للمكان (الفارغ) بكل ما تكمله كلمة (فارغ) من معاني، فلم يصب أحد، ولا أعلم سبباً يجعل أي أحد في مصر يحترم اتحاد الكرة وسياساته وأعضاؤه الذين يهاجمهم الكابتن شوبير نفسه ليل نهار ويترشح في الانتخابات القادمة للاتحاد ضمن قائمة هاني أبو ريدة وهنا نأتي إلى ثانياً..
ثانياً: إذا كان أخذ الحق صنعة، وإذا كنت تختلف مع الألتراس، فمن فضلك اوجد لي حلولاً أو بدائل للعدالة البطيئة التي هي ظلم والتي سيحاسبنا الله على تسميتها بالعدالة لأن ما يحدث هو (طرمخة) جديدة في مسلسل طويل ينتهي دائماً بأن الجاني طليق السراح وأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون وسنسمي الدوري باسمهم والكأس باسمهم ونهديهم بطولة أو بطولتين وكأن دماءهم بهذا الرخص الذي يتصوره البعض لمجرد رغبته في عودة (السبوبة) من جديد.
ثالثاً: ما الذي فعله أبو تريكة ؟؟ الرجل قال أنه لن يلعب السوبر لظروف شخصية فإذا بأبواب جهنم تفتح عليه، وإذا بالكابتن شوبير يقود حملة اغتيال معنوي منظمة يخلط فيها الحق بالباطل، ويزايد على الجميع، ويدعي ما لم يحدث، ويطلق أحكاماً مطلقة غير حقيقية ومن العيب أن يطلقها إعلامي يشتغل في هذه المهنة منذ سنوات.
أبو تريكة لاعب، واللاعب بني آدم، والبني آدم وارد أن تكون لديه ظروف (نفسية) تمنعه من المشاركة في أي مباراة، وتعاطف تريكة مع الشهداء معروف، وتأثره بما حدث بعد اقتحام الألتراس لتدريبات الأهلي بالغ الأثر، وكل جريمة تريكة أنه قال أنه لن يلعب..إذن فلنذبح أبو تريكة، ولنؤكد أن زملائه مستاؤون منه (من صاحب هذه المعلومة العبقرية وما هو مصدرها)، وليخرج شوبير ليؤكد أن شعبية أبو تريكة انخفضت بشدة بعد هذا القرار (لم يكن قد مر على القرار 24 ساعة وإذا بشوبير يمتلك مؤشرات الرأي العام والدراسات العلمية التي تتبعها الدول المحترمة والإعلام الأكثر احتراماً ليؤكد أن شعبية تريكة انخفضة..هأأووو) بل ويتمادى الكابتن شوبير ليقول نسباً على منوال (95% من مشجعي الأهلي وأسر الشهداء مستاؤون من تصرف اللاعب..طب مين حسبهم وحسبهم ازاي.. اسألوا شوبير)، ثم تأتي الزلة الكبرى التي يقع فيها كثيرون حين يخلطوا الحق بالباطل ويسألوا نفس السؤال الذي هو امتداد لسؤال ضيقي الأفق الذين رأوا فتاة يعتدى عليها وتتعرى وتسحل في التحرير فإذا بهم يسألون:طب وإيه اللي وداها هناك؟؟..طب وإيه اللي لبسها عباية بكباسين، ليسأل شوبير: طب وإيه اللي خلى أبو تريكة يلعب كل المباريات السابقة، وإيه اللي خلاه يفرح وهو يحرز أهداف، وإيه اللي خلاه يشارك في الأوليمبياد.
حق يراد به باطل..
لعب أبو تريكة مثلما لعب الجميع بعد الاتفاق مع الألتراس وأسر الشهداء على هذا اللعب يا كابتن شوبير.لعب أبو تريكة ولعب الجميع بعد أن اتفقوا على أن يتركوا الأمور تسير وفق القانون والمحاكمات ليروا ما سيحدث وهل سيأتي حق الشهداء أم لا؟؟..لعب أبو تريكة في الوقت الذي كان الألتراس فيه يقيم اعتصاماً عند مجلس الوزراء، وفي الوقت الذي وقفوا فيه في وقفة اجتجاجية عند مكتب النائب العام، وفي الوقت الذي ضغطوا فيه بمنتهى السلمية والتحضر لكي تسير الأمور أسرع، ولكي يروا الجاني الحقيقي يطبق فيه عدل الله الذي يتحدث عنه الجميع دون أن يعرفوه، لعب أبو تريكة دون أن يتهمه أحد بأنه ممثل أو يسعى للظهور وهو الذي استضاف اسراً للشهداء وعوضهم من ماله الخاص في وقت تقاعست فيه إدارة النادي الأهلي والدولة نفسها، وأنت بنفسك قلت أنه كان يذهب لبيوت أهالي الشهداء في السر لكي يقوم بواجبه الإنساني.أبو تريكة يا كابتن شوبير هو الذي عدل مفهوم لاعب الكرة من لاعب يصاحب الراقصات ويسهر في الديسكوهات ولا يفهم الألف من كوز الدرة إلى لاعب إنسان مهموم بقضايا وطنه متفاعل مع الجمهور الذي صنع منه لاعباً كبيراً مشاركاً في العديد والعديد من الأنشطة الخيرية والتنموية فإذا به الآن يطلب منه أن يكون (مجرد لاعب) يسمع كلام (الإدارة) ويفعل ما يأمر به (الإعلام الرياضي الكسيح) ، رغم أنه هو أبو تريكة الذي صفق له الجميع حين رفع تي شيرت التضامن مع غزة ولم يقل أحد وقتها (مالك ومال السياسة) بل كرمه الجميع وحلفوا بحياته.
هل فهمت يا كابتن شوبير لماذا لعب أبو تريكة ولماذا كان يفرح، وأنت تعلم جيداً لماذا كان يلعب ولماذا كان يفرح، وتعلم جيداً أنك تخلط الأمور وتزيف الحقائق لمجرد إثبات وجهة نظرك؟؟..إن لم تكن تعلم فدعني أقل لك أن فيس بوك وتويتر وردود أفعالهم على حلقتك قد يكون معياراً تقيس عليه شعبيتك أنت شخصياً قبل أن تقيس عليه شعبية أبو تريكة.
رابعاً: لماذا لم يعد هناك أي معنى لكلمة (حوار).. وكيف ستطلب (الحوار) من مجموعة اتهمتها وسببتها وقلت عنها ما قال مالك في الخمر ، ثم تماديت في حلقتك الأخيرة لتؤكد أنهم كانوا على اتصال بالحزب الوطني وأمين تنظيمه أحمد عز ، ثم قلت أنهم "لا ثورة بقى ولا بتاع"..، ثم عدت لتناقض نفسك وتؤكد أن قياداتهم وقتها غير قياداتهم الحالية. ثم هاأنذا أسألك : لماذا تكرههم إلى هذا الحد، ولماذا تلصق أي شئ بالثورة في جملة مفيدة للإساءة لها ولمن قام بها..
يا كابتن شوبير لا يمكن أبداً أن نقبل تهديدك بالقتل من أي شخص كان ، لكننا لا يمكننا في الوقت ذاته أن نقبل تحريضك ضدهم وتسخير (ساعات) من برنامجك للهجوم عليهم بمناسبة وبدون مناسبة، ثم يتطور الأمر إلى مهاجمة كل من يتعاطف معهم وليكن أبو تريكة عبرة، وكان أبو تريكة ارتكب خطيئة كبرى باعتذاره عن مباراة لا تغني ولا تسمن من جوع.
خامساً : يعلمونا في الإعلام أن الأخبار (المجهلة) عيب وتدل عن ضعف مصدرها ، وعدم احترافية الإعلامي الذي ينقلها، ولذلك حين تقول أن أحد أعضاء مجلس الإدارة في النادي الأهلي ثم تنسب له كلاماً ضد الألتراس كان هو أجبن من أن يقوله أو يصرح به مثل أي رجل محترم يدافع عن مواقفه، بينما تهاجم صديقك خالد مرتجي عضو مجلس الإدارة الذي صرح بشجاعة وباسمه عن تفكيره في تقديم الاستقالة وعن تضامنه مع الألتراس ومع أسر الشهداء.. مالكم كيف تحكمون يا ابو الكباتن؟
أخيراً: يا كابتن شوبير راجع نفسك لمرة أخيرة..الألتراس رجالة..، والرجال قد يخطئوا أو يصيبوا لكنهم يظلوا رجالاً..وللأسف أنت تصورهم في صورة الشياطين لخلافاتك معهم..صدقني وأنت تعلم أن علاقتنا طيبة..شعبيتك هي التي في تناقص مستمر بسبب اندفاعك وتسخير برنامجك لوجهة نظر واحدة هي وجهة نظرك التي لا تملك أن تقول أنها الصحيحة .. فلا تكن ممن يخوضوا مع الخائضين، ولتقل خيراً.. أو لتصمت.
* كاتب صحفي ومدرس مساعد بقسم الإعلام بآداب حلوان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى