دون الدخول فى مناقشات لحكم قضاء الاستئناف بإبطال قرار إبعاد المستشار عبد المجيد محمود من موقع النائب العام وتعيين المستشار طلعت عبد الله بدلا منه.. ودون التورط فى خطيئة التعليق على أحكام القضاء، تبقى هناك عدة ملاحظات بشأن ردود الأفعال على الحكم، أهمها استمرار هذه الحالة من المزج بين الثورة واللا ثورة، ووقوع البعض فى شرك اعتبار عودة عبد المجيد محمود مكسبا ثوريا يستحق الاحتفال والطبل والزمر والرقص، وربما نسمع أن «القوى الثورية» التى لطالما اعتصمت واحتشدت فى الميادين للمطالبة بإسقاط نائب عام نظام مبارك، ترتد على أعقابها وتحمل عبد المجيد محمود على الأعناق وتلف به ميدان التحرير على دقات طبول الانتصار.
ولو نظرت فى وقع الخبر على أطراف اللعبة السياسية الآن فإن سيناريو الهتاف بحياة الشهيد عبد المجيد لن يكون خيالا محلقا، ذلك أن اللدد فى الخصومة وصل بالبعض إلى أن يدهس كل قيم الثورة الراسخة فى الوجدان، وينسف شعاراته وهتافاته القديمة، ولو مددت الخط على استقامته فإن الاحتفال بعودة عبد المجيد ربما يؤدى إلى السعى للاحتفال بعودة حسنى مبارك شخصيا.
والحاصل أننا نعيش مرحلة تشنجات ثورية تجعل أصحابها لا يتورعون عن الانقلاب على كل ما نادوا وحلموا به سابقا، إذا كان ذلك سيعزز فرص إسقاط أول رئيس منتخب بعد الثورة، ومن هنا ليس مفاجئا أن تتبدل مشاعر ومواقف الكتلة الثورية (المهجنة) من الثورة السورية التى كان ميدان التحرير فى وقت ما حاضنة لها، وقد رأينا شيئا من ذلك فى مناسبات لم يمر عليها وقت طويل.
ويلفت النظر فى هذا السياق الطريقة التى استقبلت بها كتلة الغضب والمكايدة خطاب الرئيس محمد مرسى فى القمة العربية بالدوحة وتحذيراته شديدة اللهجة لأطراف لم يسمها من التدخل فى الشأن المصرى لصالح الدولة القديمة ونظامها، وهو التدخل الذى لا يخفى على أحد ويعلمه الجميع.
وعلى نحو متعجل سمعنا وشاهدنا ترجمة فورية من إعلام مبارك المختبئ فى أحراش الثورة الجديدة (المستحدثة) لهذه التحذيرات واعتبارها موجهة إلى دولة الإمارات العربية الشقيقة، على الرغم من أن الدكتور محمد مرسى لم يحدد طرفا بذاته.
والطريف أن هؤلاء تحولوا فجأة إلى إماراتيين أكثر من حكام الإمارات أنفسهم، أو على الأقل متحدثين باسم أبوظبى فى القاهرة، فراحوا يذرفون الدموع على ما اعتبروه إهانة للإمارات.. ولو وضعت فى الاعتبار أن اسم الإمارات ارتبط خلال الشهور الأخيرة بجنرال الثورة المضادة الهارب، فإن هذه الانتفاضة (الثورية) حزنا على الإمارات تكون بوجه من الوجوه شيئا سارا ومبهجا لذلك المختبئ هناك.
والأمر ذاته تجده فى استقبال الكتلة الثورية للحدث التاريخى والأهم فى القمة العربية بالدوحة وهو منح مقعد سوريا فى الجامعة العربية لرموز الثورة العربية ومن ثم إسقاط الشرعية عن نظام بشار الأسد.. فلم يلق التطور المذهل ترحيبا من أولئك (الثوار) المحليين الذين اعتبروا يوما أن ميدان التحرير هو عاصمة الثورات العربية، ويحتفلون الآن بعودة نائب عام سالت دماء غزيرة من أجل إسقاطه.
إنه العطب أصاب ضمير الثورة وسيطر على مفاصلها فجعلها تهتف وتغنى على موسيقى نظام مبارك.
نقلا عن الشروق
وائل قنديل يكتب : عودة الشهيد عبدالمجيد محمود
قسم الأخبار
Thu, 28 Mar 2013 10:47:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى