آخر المواضيع

آخر الأخبار

27‏/09‏/2013

شريف عبدالغني ..يكتب : مرسي فرصة تاريخية خسرتها مصر!

شريف عبدالغني
       شريف عبدالغني
سنة 1953 وقع انقلاب على رئيس وزراء إيران الوطني المنتخب محمد مصدق، انتصرت دولة الشاه العميقة بمساعدة انقلاب خططت له واشنطن، أما السبب فهو نجاح الرجل في تأميم النفط والسير في طريق إنهاء تبعية بلاده للغرب، عاد الشاه للسلطة بعد هروبه إلى إيطاليا، وحكم على مصدق بالإعدام في محاكمة صورية هزلية بتهمة الخيانة، ثم خفف الحكم إلى ثلاث سنوات سجنا، وبعد انتهاء المدة فرضت عليه الإقامة الجبرية مدى الحياة حتى مات عام 1967.
هل هناك تشابه بين تجربة محمد مصدق في إيران، وتجربة محمد مرسي في مصر؟
يقولون من لا يرى من الغربال أعمى، التشابه واضح جدا بين التجربتين.

أولا: مصدق جاء لرئاسة الوزراء بعد ثورة مدنية حقيقية، ومرسي وصل لسدة الحكم نتاج ثورة على عسكري قمعي.

ثانيا: كلاهما وطني من الطراز الأول، طاهر اليد، يحمل مشروعا حقيقيا لنهضة الدولة.

ثالثا: مصدق وراء تأميم النفط، الذي أثار القوى الاستعمارية على إيران، ومرسي حدد هدفه في اكتفاء مصر من الغذاء والدواء، وصمم على تنفيذ مشروع القرن «محور تنمية قناة السويس» الذي اعتبره البنك الدولي قاطرة التنمية الحقيقية للاقتصاد المصري في القرن الجديد، مما دفع قوى الشر وكلاب السكك بالخارج التي يؤثر هذا المشروع العملاق على مصالحها، ولا تريد لمصر خيرا، إلى محاربة مرسي من أول ضخ أموال جبارة لنشر الفوضى، وانتهاء بإرسال شحنات أسلحة للمساعدة في قتل المتظاهرين السلميين الرافضين لوأد التجربة الديمقراطية.
رابعا: جرى في إيران إخراج «تظاهرات معادية» لمصدق وإبرازها في وسائل الإعلام الإيرانية والدولية، كما أوعز الرئيس الأميركي روزفلت إلى كبير المسؤولين الأمنيين الإيرانيين بالسيطرة على الشارع، وإطلاق الهتافات الرخيصة التي تحط من هيبة مصدق، الأمر حصل بالمسطرة في مصر ضد مرسي، وصارت هناك منافسة بين «شراشيح» الإعلام والكتاب على كيل الشتائم والبذاءات للرئيس المنتخب لإظهاره بمظهر الضعيف عديم الهيبة.

خامسا: في إيران اتهموا مصدق بالخيانة، وهي التهمة نفسها التي تواجه مرسي في مصر، بعد أضحوكة التخابر مع «حماس»، والتي جاءت بعد شهر كامل من اختطافه، رغم أن القانون يقضي بأن تخبر النيابة أي محتجز بتهمته خلال 24 ساعة، لكن القوم كانوا مشغولين بتعليب تهمة له.

هذه مجرد نقاط خمس لأوجه التشابه بين التجربتين، لكن النقطة الأهم، هي ما حدث في إيران بعد عزل مصدق وانتصار الدولة العميقة. وركز معي يا قارئ في هذا الكلام الله يخليك: لقد رأى الشباب والصبية كيف أن حلمهم في دولة وطنية مستقلة عادلة بين أبنائها، ولا يحتكرها فئة منهم لحسابهم، تم إجهاضه لعدم وجود قوة تحمي حلمهم وحقهم في وطن نظيف بلا فساد، ظل الغضب كامنا في النفوس، وعندما قامت الثورة الإسلامية عام 1979، وعي هؤلاء الصبية وقد أصبحوا من قادة الثورة درس مصدق جيدا، أزالوا من تفكيرهم فكرة المصالحة مع الماضي ودولة الشاه، أدركوا أن الأمر لن يستتب لهم في ظل قوة مناوئة لهم، وأنه من الضروري وجود قوتهم الخاصة، لم يضيعوا وقتا وعقدوا محاكمات ثورية سريعة انتهت بتصفية الصفين الأول والثاني من قيادات الأجهزة العسكرية والأمنية، تم حل الجيش وأصبحت ميليشيا الحرس الثوري بديلا له، وهكذا نجحت الثورة الإيرانية في البقاء والحكم حتى الآن، متغلبة على كل العواصف بالداخل والخارج.

السؤال: هل يمكن أن يتكرر هذا السيناريو في مصر؟
في ظني -وبعض الظن ليس إثما- أن احتمالات تكراره كبيرة جدا، لقد أجهض انقلاب الدولة العميقة على رئيس وطني منتخب أحلام الملايين الذين بدؤوا يشعرون في عهد مرسي فقط أن مصر أصبحت بلدهم، وأنه لأول مرة يحكمهم رئيس منهم باختيارهم، لو حكيت عن مآسي التهميش والظلم في عصر دولة مبارك لاحتجت مساحة من هنا حتى الصومال، تلك الملايين أصيبت بنكسة نفسية كبرى وهم يرون أصواتهم تلقى في صفائح القمامة، وجثث زملائهم المطالبين بالحرية تحملها الجرافات، بينما يتم حرق المعتقلين أحياء.

إذن: كيف سيتصرف هؤلاء إذا وصلوا للسلطة بعد الثورة الشعبية المستمرة منذ عزل مرسي؟
توقعاتي أنهم سيأتون بشخصية مثل حازم أبوإسماعيل، بعدما ثبت لهم صحة بعد نظره، بضرورة «تطهير» أجهزة الدولة أولا قبل البناء، فلا بناء على أسس فاسدة وقواعد ينخر فيها السوس، بينما كان مرسي يريد تكرار ما فعله مانديلا في جنوب إفريقيا بالتصالح مع ما هو قائم وعدم إقصاء أحد، وهذه كانت نقطة الخلاف بين الرؤيتين، وللأسف ثبت أن وجهة نظر «حازم» هي الأصح، بعد تحالف الدولة العميقة بكل فسادها وجبروتها وبلطجتها ضد الرئيس الشرعي.
قناعتي الشخصية أن مصر خسرت محمد مرسي، بل أراه فرصة تاريخية لن تتكرر للتداول السلمي السلطة، أثبتت الأحداث أنه ديمقراطي فعلا وقولا ورئيسا لكل المصريين، ويكفي الدستور الذي صدر في عهده ومنح رئيس الوزراء سلطات واسعة ربما تساوي سلطات رئيس الدولة، والذي يمكن عزله من قبل البرلمان، كل من صدق أضاليل الفاجرين وفجر المضللين في الإعلام الذين تحدثوا عن الميليشيات الإخوانية المسلحة، يجب أن يخجل من نفسه، بعدما شاهد بأم عينيه اللي يندب فيهم رصاصة أن مقرات الإخوان تحرق وبيوتهم تنتهك، ويتم القبض عليهم دون وجود مسلح واحد يدافع عنهم.

الآن.. نحن أمام خيارين، إما أن يحكم العسكر البلد بشكل مباشر بالحديد والنار، وعندها لن يتركوا السلطة طواعية، أو يحكمون من وراء الستار على أن يدفعوا إلى الواجهة بـ «طراطير» يحركونهم كما شاءوا وكيفما أرادوا، وهؤلاء يملؤون المحروسة أكتر من الهم على القلب، ويعرضون حاليا خدماتهم، الليبرالي منهم والناصري واليساري واليميني و «الهلهلي». أما الخيار الآخر فقد نكون بالفعل في انتظار دولة دينية فاشية على النموذج الإيراني، يقودها حاكم متشدد تعلم جيدا من تجربة مرسي أن الحلم لا يستقيم مع مجتمع يتلذذ بالعبودية ويستمتع بحياة الفساد.
هل أدركتم الآن أن محمد مرسي فرصة تاريخية خسرتها مصر!
shrief.abdelghany@gmail.com
صفحة الكاتب على تويتر http://twitter.com/shrief_ghany

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

موضوعات عشوائية

-

 


مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

ADDS'(9)

ADDS'(3)

-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى