آخر المواضيع

آخر الأخبار

22‏/11‏/2014

الولايات المتّحدة وإيران: اتّفاق سيغيّر وجه الشرق الأوسط !

هل ستطوى الصفحة، هذا الاثنين الموافق للرابع والعشرين من نوفمبر، التاريخ الهدف لإنهاء المفاوضات حول الملفّ النووي الإيراني؟ التحدّي يتجاوز المسألة، الخطيرة جدًّا، لانتشار النووي؛ إذ يتمّثل تحديدًا في وضع حدّ لـ 35 عامًا من الصراع بين الجمهورية الإسلامية في إيران والولايات المتّحدة الأمريكية.

ومن المؤكّد أن الحلفاء المحليين للغرب لا يمكنهم إدارة الأزمات الإقليمية المتنامية: “الربيع العربي” والحرب في سوريا وظهور تنظيم الدولة الإسلامية والتنافس المتصاعد بين إيران والعربية السعودية الّذي تطوّر نحو صراع ثقافي وديني سني/شيعي غير قابل للسيطرة وتدهور الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الّذي اتّخذ أيضًا منحى دينيًا.

ثمّ إنّ تراجع أسعار البترول والمناورات على سوق الغاز أضافوا تحديّا اقتصاديا لهذه الأزمات كون إيران لاعبًا رئيسًا. الاتفاق الدولي على النووي الإيراني لن يكون انقلابًا للتحالفات، ولكن بكلّ بساطة بداية العودة إلى التوازن، بقليل من العقلانية، الضروري لاستقرار المنطقة. وعلى المدى القصير، هناك نتيجة ملزمة بألّا تتطور الأزمة الناتجة عن تنظيم الدولة الإسلامية إلى حرب.

النووي ليس أولوية واتفّاق جيّد، هو بلا شكّ ضرورة ولكن من الملحّ طيّ الصفحة الدبلوماسية واتّخاذ إجراء لموازين القوى على الأرض. حتّى في إسرائيل، العديد من الخبراء العسكريين يعتقدون أنّ الخطر الأكبر لم يعد التهديد النووي الإيراني ولا الأزمة الفلسطينية ولا حزب الله، ولكن بعد الهجمة الإسرائيلية على غزّة في صيف 2014، يتمثّل في تدهور صورة إسرائيل والدعم الإعلامي وبالتالي السياسي الّذي تتمتّع به.

وجود اتّفاق

الفشل التامّ للمفاوضات غير ممكن باعتبار أنّ منذ عام يلتقي الدبلوماسيون الإيرانيون والأمريكيون؛ الأمر الّذي لم يكن ممكنا، بل ممنوعا منذ 35 عامًا. ما من قوّة معارضة، لا في إيران ولا في واشنطن، تبدو قادرة على فرض أي عودة إلى الخلف وإعاقة تطبيع العلاقات بين إيران والولايات المتّحدة الأمريكية. بلا شكّ، بناء تعايش سلمي مشترك سيكون طويلا وشاقًّا بعد ثلاثة عقود من القطيعة بين “الشيطان الأكبر” الأمريكي و”الدولة المارقة” الإيرانية. تغيير المصطلحات المستعملة هي أوّل خطوة قام بها الدبلوماسيون والتقنيون من الطرفين، مع احترام مصالح كلّ طرف. وهذا نجاح لا تراجع عنه.

التوقيع الرسمي -قبل التاريخ المحدد بيوم 24 نوفمبر- لاتّفاق شامل على النووي سيكون “مثيرًا”، ولكن الأهمّ هو استقرار الاتفاق السياسي الّذي يضمن التنفيذ الجيّد لاتفاق تقني والّذي لا يجدّد التجربة المأساوية لاتّفاق إيران مع الاتّحاد الأوروبي في أكتوبر 2003؛ حيث لم يرغب أي طرف في تنفيذه. ولكنّ الطرفين يريدان وفي حاجة هذا الاتّفاق؛ إذ إن الرئيس الأمريكي يبدو عازما على إيجاد -فيما يخصّ إيران- نجاح في إدارة الأزمات الإقليمية.

وإثر رسالة أرسلت يوم 6 نوفمبر 2014 من باراك أوباما إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، تمّ عقد اجتماع في عمان يوم 9 نوفمبر بين وزير الشؤون الخارجية محمّد جواد ظريف وجون كيري وكاثرين أشتون الممثلة السامية للاتّحاد الأوروبي للشؤون الخارجية. ويبدو أن هذا الاجتماع قد أكّد على وجود إجماع على الوضع الحالي والسيناريوهات المحتملة، وأيضًا على إطار سياسي جامع حسب عبارة المفاوض الإيراني عباس أرغشي. إذن يمكن الاعتقاد بأنّ البرنامج النووي الإيراني أصبح تحت السيطرة، وأنّ مبدأ رفع العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران قد اُكتسب.

وللذهاب أبعد من المبادئ، يجب التوصّل خلال أيام إلى اتّفاق محدّد وتقني على عدّة نقاط: عدد الطاردات العاملة وجدول رفع العقوبات الاقتصادية وبرامج المراقبة وغيرها. والأفضل هو عدوّ الجيّد، أي يمكن أن نتوقّع أن الاتّفاق سيكون ممكنا ولكن جزئيًا، حاملا قرارات فورية وذات معنى وخارطة طريق معلقّة لضبط التفاصيل.

اتّفاق “بثغرات” سيكون من السهل تفعيله إذا ما تعزّزت الثقة من التجربة المتوفّرة أخيرًا من خلال العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية “العادية”. بالمرور إلى الصف الثاني من الأولويات، بعد تنظيم الدولة الإسلامية، وخاصة المسألة الفلسطينية، الأزمة النووية الإيرانية ـ المحلولة مبدئيًا ـ ستجد تدريجيا، بصمت، حلّها الشامل.

المعارضة

لن تكون إذن هذه هي الليلة الكبرى، وهذا الاتّفاق “بثغرات” قد يكون المفضّل؛ لأن معارضي الاتفاق النهائي الّذي يؤدي إلى عودة ممكنة لإيران كثر. إذ لا يتوقّف الإسرائيليزن وأغلبية الكونغرس الأمريكي ـ الديمقراطيين كما الجمهوريين ـ ومملكات البترول أنّه من الأفضل عدم التوصل إلى اتّفاق على التوصّل إلى اتّفاق سيئ. ويبدو أن موقف الحكومة الفرنسية قد تطوّر حول هذه النقطة. كما إنّ هذا الاتّفاق الإيراني الأمريكي ـ سواء كان شاملًا أو جزئيًا ـ يُعتبر من قبل إسرائيل والمملكات العربية كتخلّ ثان بعدد إعطاء الحكم في 2003 إلى الشيعة في العراق.

في تلّ أبيب عاد، الحديث عن عمليات عسكرية، في حين أنّه من الملاحظ أن في العربية السعودية هناك سعي للحصول على صناعة نووية مساوية لما تملكه إيران، بمساعدة باكستان. وفي الكونغرس الأمريكي وداخل المجموعات الضاغطة الّتي تعتبر أنّ إيران هي المصدر الأساسي للصراعات في المنطقة، يتمّ التحضير إلى عقوبات أكثر قسوة. المخاوف كبيرة والرغبة في احتواء إيران أقوى ممّا كانت من قبل، ولكن جميع هؤلاء المعارضين لديهم وعي بأن الفترة الّتي يتمتّعون فيها بالدعم الأمريكي الحصري قد ولّت وعليهم أن يتعلموا التعامل مع عودة إيران الّتي، في جميع الحالات، لن تكون قريبا “حليفة” للغرب، إذا ما ستكون يومًا ما.

في إيران، هناك معارضون أيضًا. إذ تشكّلت لجنة للمحافظة على المصالح الإيرانية بزعامة النائب مهدي كوجك زاده بعد المكالمة الهاتفية القصيرة بين الرئيسين باراك أوباما وحسن روحاني في سبتمبر 2013. الصحافة المحافظة (كيهان، ياوان) ـ التابعة للحرس الثوري وممثلي حزب بيدارى شكّلوا مجموعة غير متجانسة ولكن نشطة جدًّا في الوسائل الإعلامية وعلى الميدان مع ميليشيات الباسيج للتذكير بأن إيران لا يجب عليها التفريط في حقوقها ومكتسباتها، وخاصة إعطاء الثقة إلى الولايات المتّحدة ورئيسها.

آفاق التغيير

هؤلاء الراديكاليين لاحظوا بحسرة أن المرشد الأعلى لم يعارض اتّفاقا ضروريا لنجاة الجمهورية الإسلامية، ويبدو أنهم ابتعدوا من أجل صراع داخلي. وبالتالي يتحضرون لمكافحة النتائج السياسية والاجتماعية والثقافية التي ستنشأ في إيران إثر التطبيع السياسي والانفتاح الاقتصادي وحضور عدد هائل من المقيمين الأجانب في إيران. ويبدو أنّ علي خامنئي يتّبع الاستراتيجية نفسها بدعم سياسة روحاني في الملفّ النووي مع التأكيد في كل مناسبة على عدائه لإسرائيل ورغبته في “مكافحة العدوان الثقافي الغربي”. تنفيذ أي اتّفاق، حتى ولو كان جزئيًا، على النووي قد يصاحبه كنتيجة طبيعية، على المدى القصير والمتوسط على الأقلّ، خطاب معاد لإسرائيل تصلّب للوضع في المجال الثقافي وحقوق الإنسان ووضع المرأة، ولكن الجميع يعلم أنّ عودة المؤسسات الغربية إلى إيران مع رفع العقوبات سيؤدي إلى تغيير عميق ولا رجعة فيه.

يحتلّ البرلمان مكانة هامّة في الجدال، ويبحث عن التموقع في إعادة بناء السياسة الداخلية الّتي ستلي الاتفاق. علاء الدين بروجردي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية لم يتوقف عن التأكيد، كذلك خلال زيارته إلى فرنسا يوم 29 أكتوبر، على أنّ المجلس يجب أن يناقش الاتّفاق وأيضًا المصادقة عليه؛ لأنّه يتمتّع بالشرعية الشعبية بالإضافة إلى الشرعية الدينية للمرشد. ولإظهار عزيمته أمام الحكومة من خلال السيطرة منذ الآن على الحقل الاجتماعي والثقافي، صوّت البرلمان من أجل عزل وزير التعليم العالي ورفض لأربع مرات المرشحين لتعويضه من قبل الرئيس حسن روحاني.

الجميع يتجهّز للطيران نحو النصر، سواء كان الاتّفاق شاملا أو “بثغرات” أو مستحيلا. سيكون هذا نصرًا للمرشد الّذي سيسمح بالاتّفاق أو سيدافع عن المصالح الوطنية في حال فشله. وبالنسبة لحكومة حسن روحاني، سيكون الاتّفاق الشامل نجاحا سياسيا كبيرا مؤكدين ليس فقط إعادة انتخابه، ولكن أيضًا الاندماج على المدى الطويل والإجماع الوطني على التغيير السياسي والاجتماعي الذي ينهي “الثورة” مع تعزيز الجمهورية الإسلامية. وفي حالة الفشل الخطير، قد يحفظ محمد جواد ظريف والحكومة ماء الوجه بالإشارة إلى أنّهم لم يستسلموا للمطالب غير المعقولة للقوى الكبرى.

ولكن هذه الحجة الوطنية ستشعل نارًا طويلة؛ إذ إنّ الجميع يدرك أن في إيران سيسهّل الفشل أو سوء تنفيذ الاتّفاقات فوز الراديكاليين والمحافظين في الانتخابات البرلمانية سنة 2015 والعودة المحتملة لأنصار محمود أحمدي نجاد. وستتفاقم خاصة التوتّرات الدولية ربما بالحرب في العراق، وأيضا تظاهرات فئة كبيرة من الشعب والنخب السياسية الذين يريدون الانفتاح، في الداخل وكذلك على الصعيد الدولي والذين لم يعد بإمكانهم الانتظار أكثر.

المصدر

logo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

موضوعات عشوائية

-

 


مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

ADDS'(9)

ADDS'(3)

-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى