إمبراطورية الحزام الأخضر
المصدر: الأهرام المسائى
بقلم: عبدالله الصبيحي
في غفلة عن أعين مسئولي وزارتي الاسكان والزراعة, تسللت أيادي المستثمرين العقايين إلي منطقة الحزام الأخضر بالسادس من أكتوبر, وحولتها لمنطقة فيلات ومساكن فاخرة تباع بعشرات الملايين من الجنيهات رغم
أن الدولة خصصتها عام 1985 لزراعة الأشجار الضخمة "والمعمرة" لتكون "حامية" لمدينة القاهرة من الرياح والعواصف الرملية باعتبار أن الحزام الأخضر لا يخرج عن كونه منطقة صحراوية.
أراضي المنطقة خصصتها وزارة الإسكان منذ عام 1985 لزراعة أشجار ضخمة كمصدات للرياح فتحولت إلي فيلات فاخرة مستثمرون حصلوا علي مساحات شاسعة بأسعار زهيدة وباعوها بالملايين بحجة أنها لا تصلح للزراعة لعدم وجود مياه .
بنود العقد تنص علي سحب الأرض في حال تغيير نشاط الاستثمار من الزراعة للبناء لكن ذلك لا ينفذ مع المستثمرين الكبار
وكيل أول الوزارة يتهرب من المسئولية ويؤكد: "لست مسئولا عن هذا المكان واسألوا رئيس جهاز أكتوبر". وفرحات يرد: أتحدث بأوامر من الوزاراة فقط
حسب الله الكفراوي ينعي الحزام الأخضر بقوله "عليه العوض أصبح كمباوند". وسعر الفدان المميز يصل إلي 4.5 مليون جنيه
مدير المساحة بالمنطقة: الأسعار تتحدد حسب إمكانات العميل "واختياره للسكن في مناطق بالحزام الأخضر ليس بها ناموس"
- مستثمرو العقارات. وهواة الصيد في لمح البصر.. وجدوا في هذه المنطقة "صيدا ثمينا" قرروا السيطرة عليها دون أدني عناء. فما كان منهم إلا التحجج بعدم وجود مياه للزراعة فحولوا "ما استطاعوا" من أراض إلي استثمار عقاري. بنوا ما بنوا. واشتروا منه ما يشاءون بهدف البناء. وكأن منطقة الحزام الأخضر ليس لها صاحب يسأل عنها. ولا هدف وجدت من أجله. فوقعت في فخ البيع "بأبخس الأسعار".
وليس مبالغة إذا قلنا إن الحزام الأخضر أحد أهم حصون الأمان لمحافظتي القاهرة و 6 أكتوبر, لكن عندما سألنا أحد مسئولي وزارة الاسكان عن حقيقة البيع قال في اجابته
"الكوميدية" انه لا يعرف شيئا عن تلك المنطقة وطالبنا بسؤال رئيس جهاز 6 أكتوبر. استجبنا لمطلبه وتحدثنا إلي رئيس الجهاز لكنه رفض الرد إلا بتصريح رسمي من وزارة الاسكان, وكأنها لعبة القط والفأر بين "الوزارة" و"الجهاز" ويكون الضحية "الحزام الأخضر"
- وما بين غفلة المسئولين عن الحزام الأخضر, وتضارب الآراء حول حقيقة بيع أراضيه, فإن سعر بعض الأفدنة وصل إلي 4.5 مليون جنيه وكأنها أصبحت سبوبة لبعض رجال الأعمال يفعلون ما يشاءون بها.
- الأهرام المسائي في جولة له داخل منطقة الحزام الأخضر ارتدي فيها ثوب الباحث عن قطعة أرض كشف عن أن المنطقة بها 22 ألف فدان تم تقسيمها إلي 26 حوضا ويتم بيع الأحواض من 1 إلي 21 بهدف الاسكان والأحواض من 22 إلي 62بهدف الزراعة, علما بأن هناك بندا ضمن البنود المبرمة بين الشركة الأصلية المالكة للأرض ينص علي ضرورة زراعة الأرض بأشجار خشبية واذا لم يحدث ذلك يتم سحب الأرض من المستثمر بسبب مخالفة بنود التعاقد.
- لكن معظم الشركات لا تنفذ هذا البند مما تسبب في تحويل الأراضي إلي اسكان فاخر وفيلات.
ولم يتحرك جهاز المدينة أو هيئة المجتمعات العمرانية لسحب الأرض بالفعل قبل الجولة سألنا المهندس حسب الله الكفراوي وزير الاسكان الأسبق عن الهدف من إنشاء الحزام الأخضر. فقال في جملة بسيطة عليه العوض ضاعت الأرض (كمباوند).
ويضيف انه تم تخصيص أراضي الحزام الأخضر منذ عام 1985 لتكون منطقة زراعية وتتم زراعتها بأشجار الجازورين كمصدات للرياح والتلوث والعواصف الرملية خاصة أنها مدينة صحراوية ويضيف: من المتعارف عليه عالميا انه يتم تخصيص مساحة لا يقل عرضها عن 2 كيلو متر من جميع الجهات لكل المدن الجديدة لتحميها من أشياء كثيرة مثل رياح الخماسين والتلوث وتكون منفذا للأجيال القادمة بالمدينة خاصة بعد زيادة عدد سكانها عن المساحة المخصصة للسكان وبخلاف أنه سيكون هناك أجيال بعد الجيل الحالي مؤكدا أن المدينة لايزال بها أماكن كثيرة صالحة للتوسع السكاني والدولة ليست بحاجة إلي بناء هذه المنطقة.
- ويقول انه يحسب علي الجهات المختصة ان تقوم بمعاقبة كل من يخالف بنود التعاقد ويتم سحب الأرض منه فورا.
تركنا المهندس حسب الله الكفراوي وبدأنا جولتنا داخل منطقة الحزام الأخضر في البوابة الأولي وسألنا الأمن عن المسئول عن بيع الأراضي لأننا نرغب في شراء قطعة أرض فقالوا إن المسئول عن ذلك المهندس محمد بكر مدير المساحة بمنطقة الحزام الأخضر وبالفعل اصطحبني أحد أفراد الأمن إلي المهندس محمد وعرفته بنفسي وقلت انني أرغب في معرفة ما اذا كانت هناك أرض للبيع أم لا؟
فأجاب محمد بكر بالفعل توجد مساحات كبيرة للبيع عبارة عن قطع كل قطعة مكونة من 5 أفدنة ولا يمكن شراء أقل من ذلك لكن يمكن شراء قطع متعددة حسب امكاناتك.
- سألني من الذي يريد شراء الأرض؟
فقلت في الحقيقة انه الوالد ولكنه الان موجود خارج مصر ومن المقرر عودته بعد عدة أيام لن تتعدي أسبوعين ويريد معرفة كل شيء عن الأرض قبل العودة إلي مصر حيث إنه بمجرد وصوله سيقوم بشراء الأرض علي الفور.
- سألناه عن الأسعار فقال: ان الأسعار تختلف من حوض إلي آخر حيث ان بعض الأفدنة يبدأ سعرها من 100ألف جنيه والبعض الآخر يصل إلي الملايين.
فسألته عن أنسب مكان من وجهة نظره فقال
"حسب الهدف" من عملية الشراء اي اذا كنت ترغب في السكن فيجب عليك أن تشتري الأحواض من (1) إلي (5) نظرا لتوافر المياه النقية الصالحة للشرب بالإضافة إلي الابتعاد عن الحشرات الموجودة في المنطقة الزراعية خاصة "الناموس" أما إذا كنت تشتري الأرض بهدف الزراعة فيجب ان تشتري في الأحواض ما بين 22 إلي62 لانها صالحة للزراعة وقريبة جدا من مياه الزراعة.
وتابع. الزراعة في هذه المنطقة لها شروط ولابد من الالتزام بها بحيث لا تزرع اي نوع من الأنواع المثمرة سواء كانت للإنسان او الحيوان نظرا لأن مياه الزراعة من مياه الصرف الصحي المعالج, ولكن الزراعات المحددة في هذه المنطقة هي الأشجار الخشبية ونصيحتي هذه ان هذا النوع من الزراعة يحتاج إلي خبرة لا تتوافر إلا عند أفراد قليلين جدا لذا اتوقع عدم نجاح أي فرد فيها.
قلت في الحقيقة نحن نسمع كلاما يثير الشكوك فسأل ما هذا الكلام؟ فأجبت انه سيتم سحب الأراضي من بعض الأفراد ولا نعرف السبب وراء ذلك, فقال هذا الكلام ليس له أساس من الصحة لأن هذه الأرض ملك لأفراد وخاصة بعد قيام الشركة وهي الشركة الزراعية بـ6 أكتوبر الأم التي استلمت الأرض ببيع كل المساحات إلي أفراد بهدف الاستثمار.
ورد بقوله: في الحقيقة تنتابني بعض الشكوك في هويتك فمن أنت؟ فأجبت سبق وان عرفتك بنفسي فقال: في الحقيقة انت تسأل بدقة وليست اسئلة مجرد فرد يبحث عن شراء أرض لذا عندما يصل والدك إلي مصر فأهلا به ونحن تحت أمره.
فقلت: سؤال أخير هل عند شراء الأرض يفرض علينا زراعتها؟ فأجاب: نعم يوجد بند ضمن بنود التعاقد ينص علي انه إذا لم تتم زراعة الأرض ستسحب منك فعاودته بقولي لكن هناك أفرادا كثيرين لم يفعلوا ذلك ولم يتم سحب الأرض منهم.
فرد قائلا: دول ناس ربنا يسهل ليهم ولا يمكن ان تسحب منهم الأرض.
وهنا كان التساؤل هل مياه الزراعة وصلت إلي كل الأحواض فقال: نعم وصلت إلي كل الأحواض لكن مياه الشرب لم تصل إلا للأحواض ما بين 1 و5 فقط.
وكان الرد إذن الأفراد الموجودون في الأحواض ما بين (1) إلي (5) ليس عندهم اي عذر في الا يزرعوا لعدم وجود مياه للري ويمكن بسهولة سحب الأرض منهم لعدم قيامهم بزراعة الأرض حسب بنود التعاقد.
ولجأ بعضهم لإقامة الفيلات والمساكن الفاخرة.
تخوف محمد بكر من كثرة تساؤلاتي وعندما لاحظت ذلك علي وجهه حاولت الانسحاب من الحوار وطلبت رقم هاتفه فاستجاب لطلبي وقلت له اراك علي خير.
وبسؤال حسين الجبالي وكيل أول وزارة الإسكان عن عدم سحب الأراضي من المستثمرين المخالفين لبنود التعاقد في الحزام الأخضر, وتحويل المنطقة إلي فيلات جاء رده ببساطة قائلا: أنا غير مسئول عن المنطقة ولا أعرف اي معلومات عنها مرجعا ذلك إلي أن الحزام الأخضر ليس من اختصاصه وطلب منا الرجوع إلي رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر.
وفي عبارة ظهر فيها مدافعا عن المستثمرين بالحزام الأخضر قال الجبالي: ربما تكون المياه لم تصل إلي كل الاماكن بالمنطقة فأجبرهم ذلك علي عدم الزراعة وربما يكون المستثمرون قد قاموا بتقديم طلبات إلي هيئة الإسكان والتعمير لتأجيل عملية الزراعة بحجة عدم توافر المياه.
كلمات المهندس حسين الجبالي بدت متضاربة حول رأيه في استيلاء المستثمرين علي أراضي الحزام الأخضر ففي الوقت الذي قال فيه في البداية انه لا يعلم شيئا عن هذا الموضوع كان رده مخالفا عندما قال إنه ربما يكون نقص المياه سببا في اقدام المستثمرين علي البناء واجهنا المهندس مجدي فرحات رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر السابق ورئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة الحالي بما حدث في جولتنا مع المهندس محمد بكر وحقيقة البناء علي أراضي الحزام الأخضر قال في عبارة واحدة ربما يكون لها دلائل خفية انا لا أتحدث الا بأمر رسمي من وزارة الإسكان حول هذا الموضوع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى