آخر المواضيع

آخر الأخبار

09‏/01‏/2015

سلامة عبد الحميد ..يكتب : رداً على محمد أبو الغيط: مغالطات وتعليقات

Salamah Atef Abdulhameed
لا شك أن الكاتب محمد أبو الغيط أقرب مني لفهم عقلية جماعة الإخوان المسلمين، يقال إنه تربى بينهم، ولست ممّن يقولون إنه من المنفصلين عن الجماعة "إكس إخوان"، ولا ممن يروجون أنه يكرههم أو يكيد ضدهم، ولست في معرض الدفاع عنهم، في رأيي أنهم أولى بالدفاع عن أنفسهم، وأتفق مع أبو الغيط في أنهم لا يفعلون، لم يفعلوا سابقاً، ولا يفعلون الآن.
رداً على محمد أبو الغيط: مغالطات وتعليقات
ولن أختلف مع الكاتب في مجمل مقاله، الذي أجد فيه الكثير من الأمور الثمينة، وفيه أيضاً تشريح لحالة يصعب على غير الإخوان، مثلي، فهمها أو تفسيرها، ناهيك عن تفهّمها والتعامل معها.
ولا أرفض بالكلية، تعبيره في وصف قيادات الجماعة بأنهم "جيل من الدراويش"، ولا أنهم في سنة حكم الرئيس محمد مرسي "أداروا الدولة بعقلية مسؤول الأسرة الإخوانية"، وأجدني متفقاً مع قوله إن الإخوان يرون كل كارثة تحيق بهم "ابتلاء وتمحيصاً قبل النصر".
كما أنني أرى مثله أن الإخوان، كفصيل سياسي حقيقي في الشأن المصري، يحتاجون "أن يحددوا ماذا يريدون"، أظنهم لا يعرفون فعلاً، أو أن قياداتهم ليست قادرة على معرفة ما هو خير لهم ولبلادنا المنكوبة، ولثورتنا المترنحة.
لكني لم أستسغ منه كمثقف، وباحث جيد، وشخص مقرّب من الجماعة، لم أستسغ تلك المغالطة المعلوماتية التاريخية التي بنى عليها كثيراً من مقاله، حول تغاضي الإخوان عن جرائم جمال عبد الناصر تجاههم في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ولا حديثه عن "تصالح الإخوان مع الرئيس أنور السادات"، والذي يراه الكاتب في مقاله "هو نظام عبد الناصر نفسه".
يقول الكاتب نصاً: "إننا لم نسمع أبداً عن معتقل إخواني رفع قضية ضد معذبيه في عهد عبد الناصر"، ويقول: "قادة الإخوان تاريخياً كانوا يفتخرون بأنهم لم يحاسبوا (أبداً) مرتكبي مذابح عبد الناصر ضدهم، لا رموز نظامه ولا أصغر مخبر أو عسكري كان يعمل جلاداً لهم".
***
دعك بداية من أن الإخوان كانوا مطاردين في عصر السادات مثل غيرهم من القوى السياسية، وأن قمع عصر السادات لم يكن بعيداً عن قمع عصر عبد الناصر، ودعك من كل الدراسات والأبحاث والمقالات، متباينة المصادر، التي تشير إلى استعادة السادات الإخوان إلى المشهد السياسي لمواجهة تنامي التيار الشيوعي واليساري، وهو أسلوب سياسي معروف، ولا حاجة بالأساس للحديث عن مهادنة باقي التيارات للنظام الحاكم وقتها، وأسماء سياسيين وكتّاب وعلماء كثيرين ألقى بهم عبد الناصر في المعتقلات يحفظها المهتمون بالشأن السياسي وبتاريخ تلك الفترة، وكثير منهم شيوعيون وناصريون ويساريون، وليسو إخواناً.
لكن كيف يجزم الكاتب أن جماعة الإخوان، أو للدقة "منسوبيها"، تجاوزوا عن جرائم عهد عبد الناصر ضدهم؟
الثابت أن هذا لم يحدث، ربما للدقة، تجاهل الإخوان "تنظيمياً" تلك الجرائم، ولم يقوموا كجماعة بمطاردة الجناة، لكن الموثّق أن أحكاماً قضائية صدرت ضد عدد من مجرمي عهد عبد الناصر، ليست بالقطع أحكاماً كثيرة، ولم تستخدم لفضح عصر من القمع والقتل، لكنها تظل موجودة ومسجلة في مضابط المحاكم المصرية، بما لا يسوّغ للكاتب نفيها بتلك الصرامة والحدة.
"
تجاهل الإخوان "تنظيمياً" تلك الجرائم، ولم يقوموا كجماعة بمطاردة الجناة، لكن الموثّق أن أحكاماً قضائية صدرت ضد عدد من مجرمي عهد عبد الناصر
"
في 30 مارس/ آذار 1975، أصدرت محكمة جنوب القاهرة في قضية واحدة من قضايا التعذيب، مجموعة أحكام قضائية، حيث قررت تعويض المستشار علي جريشة (1935- 2011)، وهو أحد أعضاء جماعة الإخوان المعروفين، بمبلغ ثلاثين ألف جنيه، يدفعها شمس بدران، وزير الحربية السابق، وقيادات عسكرية وقتها، بينهم ورثة حمزة البسيوني، قائد السجن الحربي، وورثة سعد زغلول عبد الكريم، قائد الشرطة العسكرية، والعقيد حسن خليل، والرائد حسن كفافي، والملازم أشرف صفوت الروبي.
وحكم على جريشة في قضية "تنظيم 65" بـ12 سنة سجناً وكان عمره حينها 30 عاماً ويعمل نائباً بمجلس الدولة، ووضع في السجن الحربي لمدة 8 سنوات من 1965 إلى 1973، وهي الفترة التي كان يُطلق عليها "البعثة"، وكتب عنها كتابه "في الزنزانة".
وطالبت المحكمة رئيس الجمهورية وقتها، أنور السادات، بهدم السجن الحربي باعتباره شاهداً على إذلال الشعب وتعذيب أبنائه، واعتبرت هذه الأحكام بلاغاً إلى المدعي العام ضد أربعة وزراء عدل مصريين سابقين وهم: بدوي حمودة، وعصام الدين حسونة، ومحمد أبو نصير، ومصطفى كامل إسماعيل، والذين اتهمهم الحكم بالتواطؤ والتستر على جرائم التعذيب والإذلال.
وكتب جريشة من السجن: "من باستيل مصر الرهيب. من السجن الحربي الأثيم. مصر كلها هنا معتقلة. هنا العامل والفلاح. هنا القاضي وأستاذ الجامعة. هنا الشاب والشيخ. هنا الزوجة وهنا الفتاة. يحرسهم، بل يعذبهم عساكر قساة غلاظ لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها".
كما كتب: "أنا أحد قضاة مصر. قُبض عليّ رغم الحصانة القضائية، من غير إذن، وبغير أمر قبض. وفُتش بيتي. ونمت على أسفلت الزنزانة من غير فراش وبغير غطاء. وحُرمت من الماء في شدة الحر القاسي".
***
وفي عام 1984، أصدرت محكمة استئناف القاهرة حكماً ألزمت فيه وزير الدفاع بدفع 89 ألف جنيه، تعويضاً لأسرة مواطن مصري من قرية كمشيش، ينتمي إلى جماعة الإخوان أيضاً، مات في السجن الحربي من التعذيب، وقضت برفض كل الدفوع التي تقدم بها وزير الدفاع، بعد أن استمعت إلى الشهود الذين عاصروا عمليات التعذيب داخل السجن الحربي، ويقال إن رجال المباحث العسكرية في ذلك الوقت، اقتسموا أموال المواطن ومواشيه بعد أن اطمأنوا لوفاته.
ووجهت المحكمة في حيثيات الحكم نداءً إلى الرئيس وقتها، حسني مبارك، لكي يأمر بهدم السجن الحربي فوراً، وأكدت أن "وجود السجن الحربي حتى الآن (لا يزال قائماً)، يُعدُّ عاراً مشيناً على كل مصر".
"
البعض، ولو كانوا قلّة، طارد نظام عبد الناصر، بعكس ما جزم به كاتب المقال
"
تلك أمثلة لأحكام قضائية ثابتة، ولا شك أن هناك غيرها، ما يعني أن البعض، ولو كانوا قلّة، طارد نظام عبد الناصر، بعكس ما جزم به كاتب المقال، وما يعني أن هناك من الإخوان مَن أصرّ على الحصول على حقه، وأظن الكاتب أدرى مني أن أعضاء جماعة الإخوان لا يخرجون على رأي الجماعة، وأن أحدهم، خاصة لو كان بمكانة المستشار علي جريشة، لن يقاضي النظام رغماً عن قرار الجماعة بالتصالح.
***
تفصيلة معلوماتية أخرى أراها غير دقيقة في المقال، تحدث فيها الكاتب عن تمثيل الإخوان في البرلمان المصري، وأن "قمة تمثيلهم كان عام 1987، وفاز تحالفهم بـ65 مقعداً"، وبينما تلك المعلومة في نصفها حقيقي حيث كانت تلك النتيجة حدثاً كبيراً وقتها، إلا أنها في المطلق خاطئة، لأن قمة تمثيل الإخوان في البرلمان المصري كان في عام 2005، عندما فازوا بـ88 مقعداً، وكان في هذا البرلمان عدد كبير من قياداتهم الحالية، وبينهم محمد مرسي نفسه.
يبقى أن نقر أن صدور أحكام، أو مطالبة البعض بحقوقهم، ليست كافية لإدانة نظام أجرم في حق مواطنين مصريين، لأنهم فقط ينتمون إلى تنظيم سياسي يعارضه، أو يخالفه الرأي.
وعلينا أيضاً الإقرار بأن جماعة الإخوان لم تقم بالدور المنوط بها كجماعة كبيرة في كشف الكثير من حقائق فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وبعضها لا يزال غامضاً حتى اليوم، والكثير منها يروى بشكل مخالف لما جرى في الواقع، تحت سمع وبصر الإخوان.
شخصياً، لست أفهم لماذا يصر الإخوان حتى اليوم، على إبقاء تلك الفترة غامضة، فليس لدى تلك الجماعة التي تضم آلاف الكتّاب والأكاديميين والمثقفين، إلا بضعة كتب قليلة تتناول تلك الفترة الهامة من تاريخ البلاد.
وأجدني موافقاً الكاتب في أنهم في رواياتهم القليلة لقصص التعذيب الأسطورية لهم يفخرون "بمواقف نُبل الإخوان في العفو عن معذبيهم".
كما أجدني متفقاً مع الكاتب محمد أبو الغيط في أن "ما يحتاجه الإخوان الآن فعلاً، هو أن يحددوا ماذا يريدون"، ومتفق معه ختاماً في رسالته إلى الإخوان: "يمكنكم فعل أي شيء، فقط اختاروا ما تريدون وتحركوا في طريقه. هذه ليست نصيحة سياسية فقط، بل نصيحة إنسانية أولاً".
لكن هذا لا يعني، بل بالأحرى لا ينفي، أن على باقي التيارات السياسية في مصر أن "تختار ما تريد وتتحرك في طريقه"، فالهدف هو تحرر مصر من الفاشية والفساد والنفاق والفشل، والوضع القائم ليس مسؤولاً عنه الإخوان وحدهم، ولا العسكريون وحدهم، بل كل مصري.​
- See more at: http://www.alaraby.co.uk/society/5a29142f-495e-4836-975e-76c4a5008de6#sthash.vYNG8N4L.dpuf

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى