«لا توجد أموال كافية في ميزانية الدولة لتحمل تكاليف إنشاء عاصمة إدارية جديدة».. كلمات قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه بعدد من ممثلي المبادرات والمؤسسات العاملة في العمل الخيري والتطوعي، يوم 7 أبريل الماضى، الأمر فتح الباب أمام تساؤلات عديدة للمصريين، أبرزها "أين ذهبت أموال الخليج والدول المشاركة في المؤتمر الاقتصادي، وهل سيكون المؤتمر أملا زائفا يلحق بسابقيه كجهاز علاج فيروس سي، ومشروع المليون وحدة، وإزالة التعديات على أراضي الدولة، والقضاء على الإرهاب، وتشغيل محطة مترو السادات؟".
«محاربة الفساد».. كلمات لا أفعال
تجلت عبارة "محاربة الفساد" فى أغلب خطابات الرئيس السيسي، موضحا أن الدولة تضرب بيد من حديد على كل فاسد، كما لم يغفلها أيضا المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، مشددا على أن الدولة لن تسمح بالمتاجرة بقوت المصريين، لكن الواقع يثبت عكس ذلك، بل يؤكد أن الفساد مازال مستمرا ويزداد، والدولة أضعف من مواجهته.
خرجت تصريحات الوزراء الوردية لتنسف - على خلاف الواقع- وجود فساد فى الدولة، فخالد عبد العزيز، وزير الشباب والرياضة، نفى وجود بطالة من الأساس في الدولة، أما المهندس رزق على، رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام بالقاهرة، فأقسم أنه لا يرى أي مواطن يقف خلال ركوبه لأتوبيسات النقل العام، ولا يوجد أي ازدحام داخل هذه الحافلات أو غيرها.
صورة المستشار محفوظ صابر،
أما المستشار محفوظ صابر، وزير العدل السابق، أكد أنه لا يمكن لابن عامل النظافة أن يصبح قاضيا، بينما الدكتور عبد الواحد النبوي، وزير الثقافة، "مابيحبش التخان"، وتعامل مع أمينة متحف محمود سعيد بالإسكندرية بشكل من العنصرية كونها تتسم بالبدانة، ولم يتم محاسبة أي من المسئولين على تصريحاتهم سوى وزير العدل فقط، بعزله وتعيين المستشار أحمد الزند، رئيس نادى القضاة السابق، بدلا منه، ليطرح علامة استفهام أكبر حوله، خاصة بعد اتهام هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، له بقضايا فساد.
مشكلة الفساد تحتاج إلى ثورة اجتماعية
يقول الدكتور محمود سلمان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الفساد داخل مصر متواجد منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات، حين بدأت الأجهزة الرقابية والإدارية تغفل دورها الحقيقي، حتى تفاقمت الأمور وصولا إلى وضعنا الحالي، متابعا: "برغم أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومة محلب، وضعوا عددا من الخطط من أجل مكافحة الفساد، إلا إنهم لم يراعوا الأمور ومجرياتها في مصر واختاروا مدة زمنية قليلة "عام واحد"، فلم يتحرك الفساد من موضعه "مثقال ذرة" .
وأضاف "سلمان" أن الفساد في مصر له عدد أسباب، على رأسها "اختلال الميزان الاجتماعي"، فنجد أن الشريحة الغنية في الدولة من تهتم بالمؤتمر الاقتصادي وبالمشاريع الجديدة التي تأتي إلى مصر خلال الفترة المقبلة، في حين يلهث المواطن الفقير خلف الـ7جنيهات زيادة في السلع التموينية خلال شهر رمضان، ما يزيد من الفجوة على المستوي الاجتماعي، إضافة إلى انتشار الفساد بشكل واسع في جميع الأوساط السياسية، فيطلقون مبادرات لدعم مكافحة الفساد في مصر، هم رجال أعمال وسياسيون ينتمون في الأصل إلي نظام المخلوع مبارك.
وتابع أستاذ العلوم السياسية، أن مصر لا ينقصها القوانين أو القرارات أو المبادرات لمكافحة الفساد، لكن ينقصها السلطات التي يجب أن تكون خالية من الفساد؛ حتى تستطيع محاربته، مؤكدا أن الخلل يكمن في التعدد غير المنطقي للتشريعات، وعدم الفهم الحقيقي لدور السلطات في مصر، مستنكرا عدم وجود قانون حتى وقتنا الحالي محدد ضد مكافحة الفساد، لكن توجد عقوبات فقط، كتجريم الرشوة الإيجابية والسلبية، واستخدام الموادر العامة لتحقيق المكاسب والابتزاز وقوانين مكافحة غسيل الأموال وإساءة استخدام المنصب .
وأوضح "سلمان" أن حل أزمة الفساد في مصر تتمثل في الثورة الاجتماعية تشمل كافة مؤسسات الدولة، وتعيد توزيع موارد الدولة وهيكلتها من جديد .
غياب العدالة الاجتماعية يساعد على انتشار الفساد
من جانبه، يقول الدكتور محمد عبد الفتاح، الخبير القانوني بجامعة القاهرة، إن الاستراتيجية الأخيرة التي أطلقتها مصر من أجل مكافحة الفساد، تضمنت نقطة في غاية الأهمية، وهي الاعتراف بتأثير غياب العدالة الاجتماعية على انتشار الفساد، فضلا عن تأثيرات الممارسات الاحتكارية والإنفاق الحكومي المبالغ فيه على السيارات والأثاث وعلى إهدار موارد الدولة، لافتًا إلى أن الحكومة أدركت أسباب الفساد في مصر بنسبة تتجاوز الـ70%، لكنها أخطأت حين وضعت مدة زمنية لمكافحته، خاصة أن العملية تتطلب حوالى 10 أعوام .
«المركزي للمحاسبات»: دورنا رقابى.. ومصر تتقدم فى مؤشر مكافحة الفساد
ويرى محمد زكي، المتحدث باسم الجهاز المركزي للمحاسبات، أن تقارير الجهاز الرقابية بمثابة نوع من أنواع محاربة الفساد، مؤكدا أن الجهاز غير مختص بالقوانين والتشريعات الخاصة بالفساد، لكن دوره رقابي ويقتصر فقط على تقديم التقرير للجهات المختصة ورئيس الجمهورية.
ويوضح "زكى" أن تقرير منظمة النزاهة والشفافية التابع للأمم المتحدة، أكد على ارتفاع مرتبة مصر في مؤشر مكافحة الفساد، إلى 94 خلال الـ6 أسهر الماضية بعدما كان 114.
صورة نجاد البرعي
وفى نفس السياق، يري نجاد البرعي، المحامي والناشط الحقوقي، أن الفساد موجود داخل الدولة نفسها، وكل ما يشاع عن تسبب الإخوان والفلول في الفساد، مجرد شماعات تعلق عليها الدولة فشلها، وتعطي مبررات للمواطن، مشيرا إلى ما تم نشره في تقرير أصدرته مؤسسة "انجاز الدولية للصحافة الاستقصائية" عن أهدار أكثر من 70 مليار جنيه من أموال الدولة المنهوبة، تم إخفاؤها في نحو 6700 حساب بنكي في البنك المركزي والبنوك التجارية، وكلها حسابات غير خاضعة للمراجعة المحاسبية ولا تظهر أبدا في الموازنة العامة.
«الفساد» ينخر في جسد الدولة.. وينذر بـ«ثورة الاجتماعية»
شريهان أشرف
Wed, 10 Jun 2015 12:00:43 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى