في صفقة بالأمر المباشر لتوريد أجهزة طبية إلى مستشفى المنيا الجامعي، فوجئت لجنة الفرز السنوي لمخازن الأجهزة الطبية بفندق الجامعة، بوجود طوب أحمر مفرغ داخل كراتين الأصناف الواردة المتعاقد عليها، بدلًا من الأجهزة؛ لتصل قيمة الفاقد إلى 6 ملايين جنيه.
البداية عندما توجه عضوا لجنة الفرز أحمد عبد الحميد سيد، وفاطمة سمير الشيخ، في حضور كل من: عمر رمضان أمين المخزن، ومحمود شرف سائق سيارة، وشعبان عبد اللطيف فرد أمن، ومحمد حسن عبد الحكيم فرد أمن، إلى فندق جامعة المنيا، السبت الماضي؛ لفحص كراتين أجهزة كبسولات العمليات الطبية المتعاقد عليها؛ ليفاجَؤوا باختفاء جهازي كبسولة، ووجود طوب أحمر داخل 3 كراتين واردة، مع وجود باقي الأجهزة داخل الكراتين.
أثبتت اللجنة أن قيمة الأجهزة المستبدلة بطوب طفلي ٦ ملايين جنيه، وعليه حررت محضر إثبات حالة، واتهمت الشركة الموردة بالتدليس، وأوضح تقرير اللجنة أن الصفقة عبارة عن ألواح كبيرة يتم تجمعها وتركيبها بغرفة العمليات؛ بهدف تعقيم الغرف.
وكشفت اللجنة عن وجود أجهزة مخزنة دون الاستفادة منها، بقيمة ٢٥ مليون جنيه، رغم حاجة الأقسام الداخلية إليها، منها ٧ وحدات أسنان معلقة، ٧ شفاط عمليات، ١٧ مونيتور، ١٧ سيرنج، ٧ دياترمى، ٨ أجهزة تنفس صناعى، ٢ كشاف عمليات، ٣ أجهزة رسم قلب، جهاز صدمات، ١٧ سرير عناية، ٤ أجهزة تخدير، إضافة لوجود مياه بأرضية المخازن يعرضها للخطر.
الصفقة تمت منذ شهر مضى، بقيمة 30 مليون جنيه؛ لشراء أجهزة طبية لتطهير غرف العناية المركزة، من دولة ألمانيا، وجاءت بالمخالفة للقانون؛ لكونها تمت بالأمر المباشر، بدلًا من أن تتم عن طريق المناقصة، أو الممارسة، أو الإنابة، كما أن القائمين عليها حذروا مسئولي المستشفيات من فحص الواردات؛ بحجة تعقيمها بمواد شديدة الحساسية؛ وبالتالي لم يتم فحصها عند التسليم، وذلك حسب مدير المشتريات بمستشفيات المنيا الجامعي يسري سليم، والذي أضاف أنه تم تدبير ١٢ مليون جنيه من مخصصات المستشفى، و٩ ملايين من الصندوق، و٣ من بنود أخرى؛ لإتمام الصفقة.
أمين المخزن عمر رمضان قال إن الأمر تَحوَّلَ لعملية نصب، فالواردات لم يتم فحصها عند التسليم، بطلب من الشركة الموردة؛ بحجة تعقيم الأصناف وشدة حساسيتها، على أن يتم فتحها بمعرفة الشركة، وداخل المستشفى؛ حتى لا تتعرض للتلوث.
وردًّا على لجنة الفحص قال رئيس جامعة المنيا الدكتور جمال الدين أبو المجد إنه شكَّل لجنة للتحري والتحقيق في الواقعة، وإعداد تقرير مفصل، برئاسة مدير التوجية المالي والإدري، مشددًا على أنه حال ثبوت عملية النصب، سوف يتم إبلاغ النيابة العامة لا الإدارية. وطرح رئيس الجامعة المشكلة خلال اجتماع مجلس الجامعة، أمس، بحضور المحافظ اللواء طارق نصر، مؤكدًا اتخاذ القرارات الهامة لفحص المخالفات، وتقديم تقرير بها لإحالتها لجهات التحقيق.
في الوقت نفسه كان تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات قد كشف عن ارتكاب مخالفات مالية جسيمة خلال شهري مايو ويونيو 2015، دون التقيد بالحدود القصوى الواردة بقانون المناقصات، بإصدار أوامر مباشرة للشركات؛ لتوريد أجهزة ومعدات طبية بإجمالي 12 مليونًا و52 ألفًا و968 جنيهًا، بواقع 2 مليون و295 ألف جنيه لتوريد وتركيب 17 جهاز مونيتور، و2 مليون، و756 ألفًا و438 جنيهًا قيمة الأشعة المقطعية، و301 ألف و950 جنيهًا قيمة 25% من ثمن جهاز الأشعة العادية الديجيتال، و905 آلاف و850 جنيهًا باقي جهاز الأشعة العادية، و742 ألفًا و500 جنيه قيمة باقي جهاز c-arm، و2 مليون و320 ألف جنيه لتوريد وتركيب 16 جهاز تنفس صناعي، و100 ألف و500 جنيه لتوريد وتركيب 3 أجهزة رسم قلب، و600 ألف جنيه توريد وتركيب صدمات كهربائية، و480 ألف جنيه توريد وتركيب 20 سرير رعاية مركزة، و200 ألف جنيه توريد 10 سرنجات ومضخات محاليل كهربائية، و720 ألف جنيه توريد 3 أجهزة تخدير، ومليون و170 ألف جنيه و730 جنيهًا قيمة 25% من ثمن جهاز الأشعة المقطعية وجهاز c-arm.
وعلى خلفية الواقعة تساءل مدير إدارة المخازن بمستشفى المنيا الجامعي عادل القاضي: كيف تتم صفقة بمبالغ ضخمة بالأمر المباشر مع شركة مجهولة غير متعارف عليها، وبدون مناقصة تكون فيها منافسة بين الشركات المتخصصة؟! وكيف يتم تسلم كراتين مغلقة اعتمادًا على ادعاء الشركة الموردة بأن الأصناف معقمة؟!
وأضاف القاضي: حدثت أخطاء وتواطؤ فى عملية الشراء، فكان لزامًا على لجنة الفحص والاستلام فحص الأصناف الواردة، وعلى القسم الطبي الطالب لهذه الأصناف فحصها أيضًا؛ لكى يقرر فى محضر الفحص مع اللجنة المشكلة ما إذا كانت الواردات هي المطلوبة، ولكي يتأكد من سلامتها، وأنها خالية من العيوب، وذلك عند تجربتها.
وأكمل: طالما لم يتمفحص الواردات، كان لا بد من وضع شرط هام، وهو إيقاف صرف مستحقات الشركة عن الصنف المورد لحين حضور المندوب وفتح الكراتين والتأكد من سلامة الصنف.
رجب شعبان، موظف بالمنيا الجامعي، قال إن الشركة لم تنصب على المستشفى، هناك من اختارها، واشترى منها، ودفع لها، وهناك من يعرف ما بداخل الكراتين، وتَعمَّد عدم فحصها؛ على أمل التخلص منها فيما بعد.
وطالب اثنان من العاملين بمستشفى الجامعة – رفضا ذكر اسميهما – بإقالة كل مجالس إدارات المستشفيات الجامعية، وتعيين كفاءات بدلًا منهم، مؤكدين أنهم “شغالين بالبركة، والتربح من شركات الأدوية والمستلزمات، ومن خلال الهدايا والرحلات واللقاءات والمؤتمرات”.
فيما رأى المدرس المساعد بكلية طب المنيا الدكتور مينا ثابت أن الواقعة قد تكون مدبرة بعناية لإحراج الجامعة، ومقاومة محاولات الإصلاح الجادة بالمستشفيات الجامعية، لافتًا إلى أن قيمة ما تم دفعه بواسطة خطاب بنكي 750 ألف جنيه من قيمة الصفقة.
وقال مصدر باللجنة – رفض ذكر اسمه – إن الأمر لا يخرج عن احتمالين لا ثالث لهما، فإما أن الشركة قامت بالتدليس ووضع الطوب بدلًا من الكبسولات، أو أن هناك من تورط باستبدال الكبسولات بالطوب بقصد التربح غير المشروع.
وتواصل لجنة التفتيش الرقابي عملها لليوم الثالث على التوالي؛ لكشف ملابسات الواقعة والمتورطين فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى