في الحادي والثلاثين من كانون أول/ ديسمبر عام 1947، هاجمت العصابات الصهيونية "الهاغاناة"، بلدة الشيخ، ولاحقت المواطنين العزل، وقتلت نحو 600 مواطن بينهم نساء وأطفال، وجدت جثامين غالبيتهم داخل منازل القرية.
ووقعت هذه المذبحة، عندما ثار العمال الفلسطينيين في شركة مصفاة بترول حيفا على اليهود العاملين في الشركة نفسها بعد أن انفجرت قنبلة خارج بناء المصفاة وقتلت وجرحت عددًا من العمال القادمين إلى المصفاة، وهاجم العمال العرب، اليهود داخل المصفاة بالمعاول والفؤوس وقضبان الحديد وقتلوا وجرحوا منهم نحو41.
وكان كبير من العمال في المصفاة يقطنون قريتي بلد الشيخ وحواسة الواقعتين جنوب شرق حيفا بمسافة خمسة كيلومترات على طريق حيفا – الناصرة والمجاورتين لمستوطنة "نيشر" اليهودية شرقيهما، لذلك خطط اليهود للانتقام لقتلاهم في المصفاة بمهاجمة بلد الشيخ وحوّاسة.
ويروى يوسف امطانس، من قرية كفر برعم المهجّرة، الشاهد على ما حصل في مصفاة البترول، قائلًا "كعادتهم، تجمّع في هذا اليوم، قرابة 200 عامل فلسطيني من قرية الشيخ على بوابة مصفاة البترول المعروفة اليوم باسم ريفينري، والتي كانت في حينها منطقة مستقلة تحت السيطرة الانجليزية، إلّا أن العمّال المتجمّعين حينها لم يعلموا أن منظّمة (إيتسل) الصهيونية الإرهابية كانت تراقب البوابة، وتجمّعات العمّال العرب عليها".
ويضيف نقلًا عن موقع "عرب 48": "مرّت سيّارة بجانب العمّال العرب المنتظرين خروج الموظّف، وألقيت منها قنبلتان يدويتان باتجاه العمّال، فقتل 15 عاملًا منهم، وأصيب العشرات بإصابات متفاوتة، بعضها خطيرة جدًا.
ويشير امطانس إلى فظاعة الجريمة، قائلًا: إن" أشلاء العمّال تطايرت في المكان".
ويتابع "خرج العمال العرب العاملون بشكل دائم داخل المصفاة، فثارت ثائرتهم على منظر زملائهم وحجم المجزرة".
وهاجم العمال العرب في ثورة غضبهم العمّال اليهود في المصفاة، وقتلوا 40 عاملًا يهوديًا بالمواسير والبلطات وأدوات العدة الموجودة في المصفاة خلال ساعة واحدة من الزمن.
ويضيف امطانس عن اليوم نفسه أن ما رأيته حينها كان يوحي بأن المصفاة لن تفتح بعد اليوم، فثأر العمّال العرب لزملائهم كان كبيرًا على الرغم من أن أحدًا لم يعرف هوية السيارة التي مرّت وألقت القنبلتين، إلّا أن الحالة المتوتّرة في حيفا بين العرب واليهود إثر صدور قرار تقسيم فلسطين كانت تؤكد أن أحدًا لم يفعلها سوى إحدى المنظّمات الصهيونية".
وفي مساء اليوم ذاته، وفي أعقاب ثأر العرب لزملائهم، اتخذت المنظمات الصهيونية، التي كانت تنتظر الذريعة، قرارًا باجتياح القرية، وفعلًا هاجمت قوّات الهاغاناة ومنظّمات صهيونية أخرى، وبمشاركة طلّاب من معهد التخنيون، القرية بذريعة الانتقام لليهود الذين قتلوا في مصفاة البترول كون عمّال المصفاة بأغلبيتهم من بلد الشيخ.
وغارت المنظّمات الإرهابية على القرية بالرشاشات ليلة رأس السنة الميلادية، فاستشهد قرابة 600 فلسطيني، وهجّر باقي أهالي القرية، واستولت تلك القوّات عليها، وأقامت البلدة اليهودية "نيشر".
ومنذ الإعلان عن قرار التقسيم رقم 181 بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947، والجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين لم تتوقف، بهدف تهجيرهم وتشريدهم وتفريغ المدن والقرى الفلسطينية من سكانها الأصليين لأجل توطين اليهود مكانهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى