لم يحظ الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي أطيح به من السلطة تحت وطأة الاحتجاجات الشعبية بالتعاطف حتى من بين أفراد عائلته ذات الجذور الريفية، والتي تنتمي لمحافظة المنوفية في دلتا مصر، فقد قوبل الأمر بارتياح شديد بينهم وإن بدا البعض متحفظًا في التعبير عن رأيه مراعاة للتقاليد، لكن هناك من كسر هذا الصمت وكشف أنه كان داعمًا ومساندًا للمطالب بإسقاطه وشارك في التظاهرات الشعبية.

فبرأي محمد حسني مبارك- لواء الشرطة المتقاعد- وهو ابن عم الرئيس المخلوع حسني مبارك، "لم يكن بعيدا عن الشعب فقط، بل أيضا كان بعيدا عن أقاربه"، معتبرًا أنه هو الذي "كتب نهايته بيده بعد انفصاله عن الشعب"، وإن "كنت أتمنى أن ينهي مبارك حياته السياسية كرئيس للجمهورية، وليس بهذه النهاية المهينة".

وكشف في حواره مع ملحق "شباب التحرير" بصحيفة "الأهرام" الرسمية أنه شارك في مظاهرات ثورة 25 يناير وهتف بإسقاط النظام، معتبرًا أن محاولة "توريث الحكم" لصالح جمال مبارك، النجل الأصغر للرئيس المخلوع كانت على رأس الأسباب التي أدت إلى سقوط نظام مبارك في 11 فبراير الماضي.

وأضاف: "أول مسمار دق في نعش النظام كان سيناريو التوريث الذي تم تداوله منذ ظهور جمال مبارك علي الساحة السياسية‏,‏ وكنت أعلم أن الرئيس كان يرفض فكرة التوريث لكن كانت هناك خلافات وانقسامات كبيرة داخل أسرة الرئيس السابق لكون سيدة القصر الأولى (سوزان مبارك) كانت تصر علي توريث نجلها سدة الحكم، خاصة وأنه كان الابن المدلل لها عن ابنها الأكبر علاء.. وكان جمال نفسه يسعى إلى تنفيذ سيناريو التوريث‏".

وواصل ابن العم: "وفي رأيي كان الخطأ الأكبر الذي ارتكبه الرئيس السابق هو عدم الخروج إلي الشعب والإعلان عن رفضه لفكرة التوريث منذ تداولها‏,‏ إلا أن الضغوط التي مورست عليه منعته من ذلك‏".‏

كان سقوط نظام مبارك نتيجة انفصاله عن الشعب خلال السنوات الأخيرة من حكمه، وترك المهمة لنجله جمال والدائرة المقربة منه، هكذا خلص ابن عم الرئيس المخلوع.

وقال إن "الرئيس السابق انفصل تماما عن الشعب منذ نحو 7 سنوات، ولم يكن يدير شئون الحكم بنفسه، بل استطاع من حوله أن يعزلوه في جزيرة خاصة، ويقطعوا الخيط الرفيع الموصول بينه وبين الشعب‏,‏ أما من كان يدير شئون البلاد بالفعل فهم المحيطون به، وعلى رأسهم جمال مبارك وزكريا عزمي وأصدقاؤه من رجال الأعمال"‏.‏

لم يكن مبارك ذلك الشخص البار بأهله خلال سنوات وجوده بالحكم التي امتدت إلى 30 عامًا، فبحسب ابن عمه اللواء مبارك: "لم يكن انفصال الرئيس السابق عن الشعب فقط‏,‏ وإنما عن أفراد عائلته أيضا.. وأنا عن نفسي طوال السنوات الماضية لم أقابله إلا ثلاث مرات، منها مرتان خلال أداء واجب عزاء".

وكشف أإن عبد الفتاح مبارك، وهو عم الرئيس السابق، رفض مقابلته في إحدى زياراته لبلدته "كفر مصيلحة" بالمنوفية؛ لأنه كان بحسب رأيه "ابن عاق قام بدفن والديه خارج بلدته"، وأضاف إن الرئيس المخلوع "لم يلتقِ بأفراد عائلته إلا في السنوات الأولى من الحكم، وكان ذلك بلقاء أربعة أو خمسة أفراد علي الأكثر من كبار العائلة في شهر رمضان"‏.‏
وعن علاقته الشخصية به، قال: "أنا شخصيا لم استفد من قرابتي منه شيئًا؛ فعلي الرغم من كوني ابن عم الرئيس إلا أنني كنت أعامل كمواطن درجة ثالثة‏,‏ ومازلت أسكن في شقة بالإيجار بقويسنا بمحافظة المنوفية".

وتابع "حاولت بعد إحالتي مبكرًا للمعاش من وزارة الداخلية أن أنضم إلي الحزب الوطني لبداية حياه سياسية جديدة، ورشحت نفسي في انتخابات مجلس الشوري الماضية‏,‏ وحسبما علمت من قيادات الحزب فإن الشرط الوحيد لخوض الانتخابات تحت عباءة الحزب هو حسن السمعة والشعبية، لكنني اكتشفت أن الواقع مغاير لذلك تماما‏ عندما تم استبعادي وتفضيل واحد من أًصحاب سلطة المال".

وأشار إلى أنه "بعد هذه التجربة قررت أن أخوض انتخابات مجلس الشعب مستقلا.. وأرسلت رسالة إلى الحزب الوطني قلت فيه إنه لا يشرفني أن أكون ضمن أعضائك.. ولكن حتى في انتخابات مجلس الشعب وقعت أعمال تزوير فادحة لصالح مرشح الحزب في دائرة أشرف عليها أحمد عز‏" أمين التنظيم السابق بالحزب "الوطني" الحاكم سابقًا.

لكن ابن عم الرئيس لا ينكر أن عددا آخر من أقارب الرئيس المخلوع استفادوا كثيرا من قرابتهم منه. ولكن في رأيه فإن من نجحوا في الحصول على هذه الفائدة كانوا ممن وافقوا على المشاركة في عمليات التزوير.

ومن هؤلاء الدكتور أمين مبارك "الذي نجح في انتخابات مجلس الشعب بالتزوير‏,‏ وحاول أن يكون رئيسا  للجنة الصناعة في المجلس لولا تصدي رجل الأعمال محمد أبو العينين له فمنحوه لجنة الثقافة والإعلام‏,‏ وأيضا عصام مبارك شقيق الرئيس الذي كون ثروة كبيرة من أعمال "البيزنيس"، وكان يتقاضي‏22‏ ألف دولار شهريا كاستشاري في أحد البنوك في الوقت الذي لا يقوي  فيه علي العمل نظرا لكبر سنه‏".

ومن هؤلاء أيضا وهبة عيسي، وكيل أول وزارة البترول، "الذي أشاع أنه علي صلة قرابة بالرئيس من ناحية الأم، وركب علي أعناق سامح فهمي وزير البترول السابق واستولي علي كافة فرص العمل الموجودة بالوزارة ليوزعها علي أقاربه ومعارفه"، على حد قول اللواء مبارك‏.‏

وأثنى ابن عم الرئيس مبارك على الثورة الشعبية التي أدت إلى الإطاحة بمبارك من الحكم، وقال ‏:‏ "كنت سعيدا بالثورة‏,‏ وخرجت لأتظاهر مع الشباب في الإسكندرية من أجل إسقاط النظام‏,‏ وتابعت مجريات الثورة لحظة بلحظة، وكنت أسمع  خطابات مبارك التي لا تعبر عن مطالب الشعب، ومن خلف الكواليس كنت أعلم أن المحيطين به أفهموه أن الثورة الشعبية هي لعب عيال، وسيتم قمعها خلال يوم أو اثنين علي الأكثر، إلا أن إرادة الشعب انتصرت في النهاية وسقط النظام بالكامل‏".‏

وأكد اللواء مبارك أنه لم يفاجأ بتنحي ابن عمه الرئيس، لكنه يشفق علي نهايته المأساوية؛ لكونه رجلا كبيرا في السن، وخرج بهذه "المهانة"‏.

وتابع: "وبعد أن تنحى مبارك عن الحكم‏ عرض عليّ بعض أقاربه زيارته في شرم الشيخ، فكان ردي: من نساني وهو على كرسي الحكم فأنا أنساه اليوم.. لكنني أدعو له بالشفاء وأن يهدأ الله من روعه في هذه الظروف".

مفكرة الاسلام:

http://www.islammemo.cc/hadath-el-saa/Entefadat-Masr/2011/03/01/118221.html