آخر المواضيع

آخر الأخبار

19‏/09‏/2011

وائل قنديل : احتقار الثورة بشعارات ثورية

362

واهم من يتصور أن الأوروبيين يبدأون صباحهم بسؤال «كيف سنحارب الإسلام ونضطهد العرب اليوم».

إن عشرات الملايين من المسلمين يعيشون فى أوروبا، مواطنين أو مقيمين، حياة طبيعية يعملون ويتعلمون ويمارسون شعائرهم، فى هذه العواصم، ويؤثرون فى محيطهم، كل على حسب قدرته، بدليل إقدام أوروبيين على اعتناق الإسلام، وبالتالى يكون الاستسلام لفكرة أن الغرب لا يفعل شيئا سوى محاربة الإسلام نوعا من البلادة العقلية التى تعفى صاحبها من مشقة التفكير والإبداع والعمل.

لقد رأيت فى الدنمارك محجبات يمشين فى الشوارع على الأقدام أو فوق دراجات، ويتجولن بالأسواق دون أن يتوقف مواطن دنماركى ليطلق صيحة الحرب مطالبا بطرد هؤلاء الغزاة العرب، كما أعطت السلطات الدنماركية إشارة البدء فى بناء المسجد الكبير بالعاصمة، وأقرت تشريعات ملزمة باحترام حقوق المسلمين فى المحلات والمطاعم بتعليق لافتة «حلال» على الأطعمة كى لا يتناول المسلم من الطعام ما يتنافى مع عقيدته.. ولم نسمع أن المظاهرات خرجت فى الشوارع ضد هذه الإجراءات.

وقد سمحت السلطات لوفد كبير من الإعلاميين وشباب الأحزاب المصرية الجديدة بالتجول فى أروقة البرلمان وتفقد لجان الانتخابات البرلمانية، ومقار الأحزاب، دون أن يخرج مواطنون غاضبون من السماح لهؤلاء «الأعداء» القادمين من الشرق باختراق المجتمع الدنماركى.

وكما قلت من قبل فإن تكتل الأحزاب اليسارية الذى فاز بالانتخابات الأخيرة يتبنى برامج ويرفع شعارات شديدة الإيجابية فيما يخص قضايا العرب والمسلمين فى الداخل الدنماركى وخارجها، خصوصا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وهو ما يعنى مباشرة نسف فرضية أو وهم معاداة العرب والمسلمين التى تعشش فى عقول البعض منا.

ولا يعنى ذلك أن المجتمعات الأوروبية عبارة عن مجموعات من الأخيار الطيبين بإطلاق، فهناك بعض المتعصبين والمتهوسين، كما هو الحال فى كل مجتمع إنسانى، غير أن المؤكد أن ثورات الربيع العربى أوجدت مزاجا مختلفا على مستوى الشعوب الأوروبية أكثر تقبلا للوافدين من الشرق.

وأكرر أن الناخب الدنماركى أسقط ذلك النائب العربى الوحيد فى البرلمان السابق، السورى الفلسطينى ناصر خضر، وهو الشخص الذى خاض معركة طاحنة مدافعا عن نشر الرسوم المسيئة للرسول، وقاتل قتالا مريرا من أجل منع العلامة الدكتور يوسف القرضاوى من دخول الدنمارك عام 2008.

إن هذه شعوب تعشق الحياة والعمل وتقدس الحرية، وتناصب الجهل والفقر والمرض والتخلف العداء، وتمارس الديمقراطية والتطور، تلك هى معركتها الأساسية فى الحياة، بدليل أن ما يسمى حزب التحرير الإسلامى الذى ينشط هناك بلا شرعية مؤسسية، مارس حرية الغرب التى يعتبرها كفرا فى التحريض على عدم المشاركة فى العملية الديمقراطية، ولم يحدث أن طالب أحد بتطهير البلاد منه أو ترحيل المنتسبين إليه.

وتبقى مشكلة بعض المسلمين المتشددين أنهم يتعاملون مع قضية الحريات بمنتهى الانتهازية والنفعية، فهذا الحزب يستفيد من الديمقراطية وإعلاء قيمة الحرية فى إشاعة أفكاره الرافضة لقيم الديمقراطية والحربية، وتلك هى الآفة الخطيرة التى تجدها فى كوبنهاجن كما تجدها فى الريف المصرى، أناس يكرهون الديمقراطية والحداثة، ويمارسون هذه الكراهية بالاستفادة من هذه المفاهيم التى يعلنون الحرب عليها.. تماما مثل آخرين يكرهون الثورة ويحتقرونها، ولا يتورعون عن امتطاء هذه الثورة وصولا إلى أوضاع تسمح لهم لاحقا بالفتك بها.

إن مشكلتنا ليست مع الغرب، مشكلتنا مع أنفسنا للأسف ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى