آخر المواضيع

آخر الأخبار
‏إظهار الرسائل ذات التسميات وائل قنديل. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات وائل قنديل. إظهار كافة الرسائل

31‏/12‏/2021

ديسمبر 31, 2021

ارشيف مقالات الثورة .. وائل قنديل : استعيدوا يناير أو جهزوا أكفانكم

 


ماذا بقي في مصر لا يحاربه عبد الفتاح السيسي؟ ماذا بقي لم يدمغه بالإرهاب، حتى يحصل على فواتير الحرب عليه، من المانحين والممولين والمكافئين؟

 

أعلن السيسي، منذ اللحظة الأولى، مصر “دولة إرهابية” بجميع مكوناتها، فأكبر تنظيم سياسي وأضخم كيان مجتمعي، جماعة الإخوان المسلمين، أعيدت مرة أخرى إلى “المحظورة”، ثم “الإرهابية”، وتبعتها كبرى الحركات الثورية الشبابية “6 إبريل”، ثم امتدت فوبيا الاتهام بالإرهاب، لتشمل سيناء بكل ما فيها من بشر وحجر وزرع، وتنتقل إلى خارج الحدود، لتشمل المقاومة الفلسطينية “حماس”، وبالأمس كان القرار بضم كل روابط جماهير الرياضة المصرية إلى قائمة الإرهاب.

 

إلى جانب كل هؤلاء، هناك من تشملهم لائحة مبتكرة لقانون لقيط، لا نظير له في أكثر دول العالم استبداداً، أطلقوا عليه قانون الكيانات الإرهابية، يمكن بضغطة زر واحدة أن تتحول جميع جلسات المقاهي والمتنزهات وساحات الجامعات وأفنية المدارس ووسائل المواصلات العامة إلى حواضن لكيانات ومجموعات إرهابية، تبعاً لمزاج من بيده القرار السياسي والأمني، في البلاد.

 

ووفقا لهذا الجنون السياسي الذي تعيش عليه مصر، تجري أوسع عملية سطو على الحقوق الاقتصادية، واغتصاب الأملاك الخاصة بكل من لا يحبهم النظام، أو يعتبرهم من معارضيه، أو من غير مؤيديه، فكانت القرصنة على أموال وأصول وشركات كل من ينتمي إلى “الإخوان”، ثم إجراءات المصادرة والتحفظ على أموال الشخصيات العامة، في جميع المجالات، من التعليم إلى الصحة إلى الرياضة، حتى وصلنا إلى مرحلةٍ، يستطيع فيها أي صعلوك كاره لوجود محترمين في مجاله، الإبلاغ عمن لا يطيق نظافتهم ومحبة الناس لهم “وشاية مصطفى تونس بمحمد أبو تريكة نموذجا”، فيهرع العسس إلى الاستيلاء على كل ما يملك.

 

بوضوح شديد، يؤكد هذا النظام، بالدليل العملي، أنه يؤسس لمصر عديمة القيمة، المتجردة من أي التزام تاريخي أو أخلاقي، أو قانوني، وطبيعي في هذه الأجواء أن يكون “البقاء للأكثر انحطاطا”، و”الأقوى جرأة على القيم والمثل”، فيموت كل من يتمسك باحترامه نفسه، ولشعبه، قتلا، بأحكام القضاء، أو قتلا برصاص المؤسسة الأمنية وتوابعها من ميليشيات، أو تعذيبا وحرمانا من العلاج داخل السجون والمعتقلات.

 

ومن الطبيعي، إذن، وقد أعلنت سلطة عبد الفتاح السيسي، منذ البداية، محدداتها السياسية والفكرية، أن يكون مشروعها الوحيد هو إبادة جمهور يناير ومحو ثورته من الوجود. وعلى ذلك، لا يمكن اعتبار أن جملة أحكام أو قرارات الإعدام الصادرة أمس، تعبيرا عن كراهية لجماعة الإخوان فقط، بل تأتي في إطار عملية اجتثاث ثورة يناير، وتعبيراً، في الوقت نفسه، عن محبة للعدو الصهيوني، كونها تستهدف بالأساس مشروع المقاومة، للاحتلال والانقلاب معا.

 

لقد أعلنت مؤسسة الانقلاب، لصاحبها عبد الفتاح السيسي، قبل خمسة أيام من التنفيذ في 30 يونيو/ حزيران 2013 أنها جاءت للقضاء على ثورة يناير، فأن يصدر قاضي “تمرد” حكماً في قضية سجن وادي النطرون في 25 يونيو، رافضا الاعتداد بمذكرة عضو اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، حاتم بجاتو، التي تبرئ الرئيس محمد مرسي من الاتهامات بالهروب من السجن، والتي، على أساسها، قبلت أوراق ترشحه، فهذا يعني أن قرار الإعدام جاهز منذ عامين تقريبا.

 

في التوقيت نفسه، كانت القوات المسلحة تفتح القاعة الكبرى في معهد إعداد القادة، التابع لها، لمدير مكتب عمر سليمان، مدير مخابرات دولة مبارك، وصبية تمرد ليدعو للخروج للتخلص من ثورة يناير التي وصفها بالمؤامرة.

 

وحين تنظر في هذا العدد الكبير من المقاومين الفلسطينيين الذين طالتهم قرارات الإعدام، ومنهم من قضى شهيدا قبل سنوات، تدرك أنك بصدد عملية تصفية مخابراتية، وليست محاكمة قضائية عادلة.

 

مرة أخرى: هذا شخص قرر أن يحرق كل شيء كي يبقى في سلطته، يعدم معارضيه، ويقتل قضاته، ولا يتورع عن ارتكاب أي جريمة، أو حماقة، يتوهم أنها تطيل بقاءه في الحكم. وفي سبيل ذلك، يهمه أن يصنع الإرهاب بيديه، إن لم يكن موجوداً، كي يحيا على عوائد محاربته.

 

لقد جاءت هذه الحزمة من قرارات الإعدام، لتغلق كل ما تبقى من نوافذ مشرعة للحل السياسي، وتعلن أن النظام ماض في حربه على “الشعب الثاني” الذي لا يتمنى بقاءه على قيد الحياة، وتكشف عن حالة هلع هيستيري، يقود إلى الجنون تسيطر على سلطة فاشلة، كلما بدا أن فرصة اصطفاف تلوح في الأفق، وتوفر مناخاً مثالياً لكي يتخلص فيه “أهل يناير” من تلك المناكفات العقيمة، والمعايرات السقيمة، والاستسلام لسيكولوجية التخوين وتبادل القصف بالكلمات والاتهامات، بما لا يليق إلا بمجموعة من المنتحرين، بمشانق الثرثرة البذيئة.

 

استعيدوا سلاحكم “التوحد خلف قيم ومبادئ ثورة يناير”، أو جهزوا أكفانكم.

05‏/03‏/2016

مارس 05, 2016

وائل قنديل يروي: ما لا تعرفه عن توفيق عكاشة

 ما لا تعرفه عن توفيق عكاشة

كتب : احمد شعبان .. المصريون
أكد الكاتب الصحفي وائل قنديل أن قضية فصل النائب السابق توفيق عكاشة من البرلمان لم تنتهِ بعد لافتًا إلى أن هناك فصول أخرى في تلك الرواية "بحسب تعبيره"

وقال قنديل في مقال له : هل انتهت "حقبة عكاشة" في فضاء السياسة المصرية، بإسقاط عضويته البرلمانية، وإغلاق قناته؟ هل صورة "عكاشة" الكاريكاتورية، مفترشاً الأرض، يده على خده، ناظراً إلى سرب من البط، هي مشهد النهاية في هذا الفيلم الهابط؟  .. وأجاب قائلًا: عليك أن ترجع بالذاكرة إلى أكثر من ست  سنوات مضت، حين ظهر الدكتور محمد البرادعي في الأفق، قائلا لحسني مبارك: كفى، من حق مصر أن تتذوّق كعكة التغيير. وقتها ظهرت فضائية توفيق عكاشة التي أعلنت عن فرص عمل لمذيعات بمواصفاتٍ جسدية محددة، وانطلقت تنهش كل من يعارض حسني مبارك، أو يعترض على محاولات توريث الحكم لجمال مبارك من بعده. ومع تصاعد مطالب التغيير، بدأت تتكشف ملامح الأجهزة الداعمة لهذه القناة، حتى جاءت لحظة يناير/ كانون الثاني 2011، وظهر أن "القناة العكاشية" ليست مشروعاً لشخص، أنفقت والدته كل ما تملك، حتى تراه إعلامياً، وإنما هي قناة الثورة المضادة بامتياز "بحسب تعبيره"

وأضاف: كان كل "آبائنا الذين في الأجهزة الأمنية" يلقنون "عكاشة" كل ما يريدون ترويجه، من حكايات وفزاعات، لدغدغة الوعي وإعادة تشكيله. وهنا، أطل المجلس العسكري الحاكم جهة راعية وداعمة لهذا النوع من الإعلام المدمر لخلايا التلقي العاقل، ليتطوّر الأمر فيما بعد، وتقرّر "الأجهزة" طرح عكاشة زعيماً شعبياً لجمهور الثورة المضادة، وتخصص له "ميدان العباسية" منصة لقصف "يناير" وثوارها، بكل أنواع الأسلحة القذرة..  اتخذت مليونيات عكاشة في العباسية عنوانا ثابتاً، "مليونيات دعم المجلس العسكري"، على الرغم من أنه لم يكن يحضرها سوى عشرات من البشر، المدفوع لهم "بحسب رأيه"

وزعم "قنديل" أن "عكاشة" من صنع الرئيس عبد الفتاح السيسي قائلًا:  تحدث عكاشة كثيرا عن لقاءاته السرية بالجنرال، واتفاقاتهما الخفية على ترويج شائعات بعينها، بإلحاح، حتى تستقر وتثبت، ولم يحدث أن أحداً كذبه، أو نفى ما يقول "بحسب زعمه"

وأستدرك : مع وصول الرئيس محمد مرسي إلى الحكم، بدأت عملية "الاستخدام المفرط للقوة العكاشية"، ولاح أنهم نصّبوا توفيق عكاشة متحدثاً رسمياً ووحيداً باسم مشروع الثورة المضادة.. مشيرًا إلى أن إذاعة مقربة من جهة سيادية كانت تنقل تغطيات حية لكل ما يقوم به عكاشة من وقفات ومؤتمراتٍ تسب الرئيس المنتخب، وتحشد "للانقلاب" عليه "بحسب تعبيره".. والأسوأ أن بعضا ممن كنا نظنهم سياسيين ومثقفين كباراً، لم يعودوا يجدون غضاضةً أو يستشعرون خجلاً من المثول بين يدي "عكاشة" في ستوديو قناته، واشتغلت أجهزة الدولة العميقة كلها على تسويق "عكاشة" نموذجاً للوطنية والمهنية معا، باعتباره واحداً من مفجري وقياديي "30 يونيو"،  ثم راح الجميع "يتعاكشون" على خطاه، ويتقرّبون إليه.

و تابع : رأينا الصحف والفضائيات تتسابق على استضافة" مفكر 30 يونيو"، وتتوسع في نشر صور الجولات التفقدية وزيارات "القائد" مقارها، ومحاضراته للعاملين فيها، حتى استقر، في يقينه، أنه من صنع "دولة عبد الفتاح السيسي"، فحلق به الحلم إلى طلب رئاسة البرلمان، مترفعاً عن المناصب الوزارية الصغيرة التي لم تعد تناسب حجمه. . مضيفًا: أدرك النظام وأقرّ بأن الاستخدام الأمثل لعكاشة يتجسد في تثبيت مفهوم جديد للوطنية، يقوم على أن أعداء مصر هم " الإخوان وثورة يناير والمقاومة الفلسطينية وقطر وتركيا"، في مقابل "إسرائيل" صديقاً وحليفاً وداعماً وراعياً للنظام الجديد "بحسب قوله"

وتساءل: لماذا، إذن، قرّروا إحراق عكاشة، أو إخفاءه قسريا، بشكل مؤقت، وهو يذهب بمشروع التطبيع والانفتاح على الداعم الصهيوني إلى آفاق غير مسبوقة؟ .. أجاب: القصة باختصار أن عكاشة رأى وعرف واطلع، أكثر مما يجب، على دقائق العلاقة الخفية بين السيسي والكيان الصهيوني، وكشف منها أكثر من المسموح بكشفه، وتحدث باعتباره شريكاً أساسيا للسيسي في حب إسرائيل، وليس مجرد وسيلة أو مرسال غرام، فكانت النهاية "جزاء سنّمار أو جزاء عكاشة".. على أن هذا ليس الفصل الأخير في الرواية العكاشية "بحسب زعمه"

21‏/07‏/2012

يوليو 21, 2012

وائل قنديل : ابحث مع الثورة (هنلاقيهم)

جميل أن يتم الإفراج عن أكثر من خمسمائة سجين بقرار رئاسى استقبالا لشهر رمضان، لكنها تبقى خطوة يجب أن تتبعها خطوات أخرى لتحرير آلاف آخرين فى ظلام الزنازين، من ثوار ومواطنين عاديين.
وإذا كان مكان هؤلاء معروفا، أو يمكن تحديده ببعض الجهد والدأب والإيمان الحقيقى بأنهم يستحقون الحرية، فإن مأساة مفقودى أحداث الثورة أفدح، لكن لا يأس مع الحياة ومع هذه النوعية من شباب الثورة الذين لا تزال أفئدتهم معلقة بالميدان وقيمه النبيلة.


ومن هؤلاء مجموعة من الشباب كونوا فيما بينهم حملة ترفع شعار «هنلاقيهم» وتكرس جهدها من خلال صفحة على موقع «فيسبوك» وخط تليفونى للبحث عن مصير ضحايا مجهولين انقطعت أخبارهم ولا يعرف أحد مكانهم، وقد تلقيت من القائمين على هذه المجموعة قائمة بأسماء ٢٨ من مفقودى الثورة، أضعها أمام اللجنة الرئاسية المشكلة لمعالجة قضية معتقلى الثورة وضحايا المحاكمات العسكرية، على أمل أن يتم اتخاذ إجراءات تحقق بعضا من الراحة لذويهم الذين أعيتهم الحيل فى العثور عليهم:


عمرو محمد محمد درويش فُقد يوم ٨ أبريل 2011.. سامى بكرى قرنى فُقد يوم 8 فبراير 2011.. أبوالحسن محمد أحمد عبدالتواب واحد وعشرون سنة... فُقد فى 15/3/2011 فى رمسيس.. هيثم محمد عبدالسميع مصطفى خرج فى 28 رمضان لشراء ملابس العيد ولم يرجع وهناك ــ تأكيدات أنه فى أمن الدولة «لاظوغلى» وهناك من قال إنه رآه فى مديرية الأمن باب الخلق.. أحمد عبدالفتاح أحمد بخيت اختفى فى 2 فبراير وأحمد محمد زكى محمد أحمد ومحمد محمود فهمى محمد سالم الذى فُقد فى 25 يناير 2011 فى ميدان التحرير «ظابط شرطة سابق» وتتلقى زوجته تهديدات تطلب منها عدم البحث عنه خوفا على حياة بناتها.. ومحمد محسن على محمد فُقد فى 25 يناير 2012 من شارع جانبى بجوار التحرير ــ تم القبض عليه من قبل رجال أمن بملابس مدنية وتم العثور عليه فى قسم زينهم ثم اختفى مرة أخرى.. محمد أسامة سليمان أحمد على موسى اختفى من أمام مسجد الاستقامة بالجيزة فى 28 يناير يوم جمعة الغضب.. ومحمود محمد محمود على خضرة فُقد فى أحداث العباسية الأخيرة.. ومحمد محمد حامد بيومى زعير صاحب محل تجارى ــ أربعة وثلاثون عاما ــ فُقد يوم 27 مايو 2011 «جمعة الغضب الثانية» غير معلوم محل إقامته، وحسن يوسف سطوحى محمد.. وأرزاق أحمد إبراهيم مواس فُقدت فى 28 يناير ــ مقيمة فى إمبابة ولديها طفلان.. ومحمد مجدى كامل الفرعونى، واحد وعشرون سنة ــ ملتحى وكان دائم الصلاه فى المسجد.. ليس من مفقودى الثورة، وترجح حملة «هنلاقيهم» أنه لدى أمن الدولة حيث فُقد فى مايو 2010 فى المنوفية.


وفى القائمة أيضا أحمد شوقى مصطفى عبدالرحيم.. ومحمد الشافعى إبراهيم عبدالعاطى «مجند» والذى قُبض عليه فى كمين جيش أمام أبناء عمه واختفى بعدها.. وكذلك محمد صديق توفيق محمد فُقد منذ يوم 28 يناير ووصلت مكالمات لوالدته تبلغها أنه موجود فى السجن لكن من الأفضل ألا تبحث عنه.


وتضم قائمة المفقودين: زيان سيف النصر عبدالفتاح عبدالغنى، وجمال فرج، ورمضان ماهر اللذين قُبض عليهما فى كمين دهشور، وعمرو عبدالملاك على أبوالدهب «مجند أمن مركزى» قبض عليه يوم 25 يناير 2011، ومحمود أمين محمود شلتوت، صاحب ورشة ميكانيكا فى مدينة العبور فُقد يوم 8 مارس 2011 ويرجح أنه قبض عليه فى كمين جيش على طريق إسماعيلية، وكذلك ياسر عبدالفتاح عبدالمحسن عبدالفتاح «فى أحداث محمد محمود» 18 سنة، وأحمد خلف عبدالحافظ محمد، وإبراهيم السعيد أحمد سيد أحمد تسعة وتلاثون سنة ــ عامل رخام وعنده أربعة أولاد ــ فُقد من 28 يناير 2011، ومصطفى محمد أمين خليل.

تلك هى الأسماء وما تيسر من ملابسات اختفاء أصحابها كما وردت من القائمين على الحملة، الذين يؤكدون أن هناك نحو ١٢.. حالة من مفقودى الثورة تنتظر تدخل من يهمه الأمر.

ابحث مع الثورة (هنلاقيهم) - وائل قنديل
قسم الأخبار
Sat, 21 Jul 2012 12:54:00 GMT

29‏/06‏/2012

يونيو 29, 2012

وائل قنديل يكتب: مشاغبون فى القصر الجمهورى

محمد مرسى وأسماء محفوظ والأسوانى ووائل غنيم.. فى صالون المخلوع
كان من الممكن جدا أن يكون مكان هذا اللقاء معتقل طرة أو س 28، غير أن القدر شاء أن يتجمع كل هؤلاء المشاغبين المنبوذين فى قصر الرئاسة، وبدلا من أن يقعدوا على «البرش» فى الزنازين، جلسوا على مقاعد صالونات المخلوع فى قصر العروبة.
يستوى فى ذلك الدكتور محمد مرسى أو الشاب أحمد نديم عضو حركة شباب 6 أبريل، والدكتور علاء الأسوانى والدكتورة هبة رؤوف عزت وكاتب هذه السطور وأسماء محفوظ ووائل غنيم.

لقد كان يوما تاريخيا بحق.. أن يلتقى محمد مرسى الذى قبض عليه يوم جمعة الغضب، مع أكثر من عشرين شخصية مشاغبة من مختلف الأعمار داخل القصر الجمهورى، على رأسهم الدكتور عبدالجليل مصطفى والكاتبة الكبيرة سكينة فؤاد ومحمد البلتاجى وحسن نافعة ومحمد السعيد إدريس وأيمن الصياد، ومن الشباب الصاخب فى معارضته وتمرده وائل غنيم وتميم البرغوثى ومحمد القصاص ووائل خليل وشادى الغزالى وأحمد إمام وإسلام لطفى والنائب حاتم عزام ومحمد الشهاوى.
كل هؤلاء يدخلون إلى ساحة القصر الرئاسى بسياراتهم ويمشون فوق البساط، ويجلسون فى قاعات مبارك.. ان يحدث ذلك فتلك واحدة من مآثر الشعب المصرى، ووثيقة اعتراف بالفضل والجميل والعرفان لأرواح شهداء وتضحيات مصابين كانت صانعة لهذه اللحظة الفريدة.
ولذلك لم يكن ينبغى لمثل هذا اللقاء النادر أن يمر دون أن تكون قضية الشهداء والمصابين والمنسيين فى ظلمات المحاكمات العسكرية حاضرة فى النقاش.. ودون أن تكون قضايا الحريات مسيطرة على الجلسة التى امتدت لأكثر من ساعتين بينما كان مقررا لها مسبقا ألا تتجاوز خمسا وأربعين دقيقة.
ولذا افتتح الدكتور سيف الدين عبدالفتاح الحوار بالتذكير بأن هذه الجبهة الوطنية للدفاع عن الثورة ليس كيانا داعما لشخص الرئيس محمد مرسى، بل هى داعمة للرئيس الذى جاءت به الثورة منعا لعودة النظام السابق لاعتلاء الحكم، لذا فهى جبهة تدعم وتتابع وتراقب وتحاسب الرئيس أيضا وقت اللزوم.. وأن ما بينها وبين الرئيس تمت بلورته وصياغته فى مؤتمر صحفى شهده العالم كله الجمعة 22 يونيو وقبل إعلان فوز محمد مرسى بثمان وأربعين ساعة، وهو ذلك البيان الذى تلاه الإعلامى الكبير حمدى قنديل  الذى غاب عن اللقاء لسفره خارج مصر  متضمنا ستة بنود تمثل جوهر اتفاق شراكة وطنية بين الرئيس والقوى الوطنية لحماية الثورة واستكمالها.
ومن جانبه طرح الدكتور علاء الأسوانى بكل وضوح المخاوف المثارة فى الشارع المصرى حاليا من تضييق هامش الحريات العامة والخاصة، مركزا بشكل خاص على حرية الإبداع الفنى والأدبى، حيث تناول هواجس المبدعين من نوع من التربص التشريعى بهذه القضية من خلال قوانين دار حولها جدل برلمانى تكشف عن استهداف لصناعة السينما والدراما فى مصر.
كما تناول الأسوانى مخاوف إخوتنا الأقباط من إشارات فزع متناثرة هنا وهناك، ربما كان وراءها جهات تعمل لحساب الدولة العميقة، وربما كانت آتية من ممارسات تعبر عن ضيق أفق بعض المتطرفين.
وعند هذه النقطة علق الرئيس الدكتور محمد مرسى بقوله إنه يشعر بالإهانة والجرح حين يتصل به مسئول غربى مهنئا بفوزه ثم يقول له إنهم مطمئنون إلى أن حقوق الأقباط لن تمس أثناء حكمه، معتبرا أن العبارة الأخيرة ربما تحمل نوعا من القلق والتشكك من جانب المهنئين فى وضع الأقباط فى ظل حكم رئيس قادم من جماعة الأخوان المسلمين.. وحسما للجدل شدد مرسى على أنه حريص على التطبيق الكامل لكل ما أعلنه فى حملته وبرنامجه الانتخابى من ان الأقباط إخوة متساوون مع أشقائهم المسلمين، لهم الحقوق ذاتها وعليهم الواجبات نفسها، على أساس من المواطنة المتساوية الكاملة.
وفى الطريق إلى القصر كنت أقرأ سطور بيان صادر من مجموعة من الحركات الثورية للتضامن والتذكير بقضية المعتقلين على خلفية أحداث العباسية ومجلس الوزراء ومحمد محمود وماسبيرو.
كان البيان يتحدث عن أنه لا ينبغى أن يغمض للرئيس الجديد جفن وآلاف الشباب خلف القضبان جراء محاكمات عسكرية فقدت كل أشكال التقاضى العادل وسلبت منهم حريتهم زورا وتلفيقا.
ولم أجد افضل من هذا البيان مدخلا للحديث حين جاء دورى حيث قلت للرئيس إن هؤلاء وقبلهم الشهداء والمصابين هم أصحاب الفضل فى الجلسة التى تدور الآن، ولا يجب أن نتركهم منسيين دون البدء فورا فى إجراءات وقرارات تعيد لهم حريتهم، مذكرا بأن الأحداث التى جرى اعتقالهم خلالها مثلت مادة خصبة استغلها أتباع المعسكر الآخر فى السباق الرئاسى للنيل من مرشح الحرية العدالة باتهامه وحزبه بالصمت على البطش بالثوار والمتظاهرين.
وفى هذا الموضوع تحدثت أيضا الناشطة أسماء محفوظ وقالت إنها وهى تهم بالدخول وجدت عددا من أهالى الشهداء والمصابين على باب القصر يريدون مقابلة الرئيس ويشكون من أن اللقاء الذى عقده فى اليوم السابق مع أسر الشهداء والمصابين ضم شخصيات بعينها يجرى اختيارها فى كل مرة لمقابلة المسئولين دون أن يكونوا ممثلين حقيقيين لهذه القضية.
ومن ضمن ما قلته للرئيس إنه رئيس جديد لمصر جديدة، ومن ثم يجدر بمصر أن يحكمها نظام جديد لا يصح أن يكون ضمن مكوناته رموز تنتمى لنظام مبارك حتى لو كانوا ملائكة أو عباقرة.. وأعدت التذكير بأن ما جرى الإعلان عنه فى مؤتمر الجبهة الوطنية يوم 22 يونيو لم يكن وعودا من جانب الدكتور مرسى وإنما إشهارا لوثيقة شراكة وطنية تضم ستة بنود هى الحاكمة للعلاقة بين أعضاء هذه الجبهة ورئيس الجمهورية، وفى مقدمتها الالتزام بأن يكون رئيس الحكومة شخصية وطنية مستقلة من خارج الإخوان وأغلبيتها ليست من الحرية والعدالة، وكذلك نواب الرئيس وأن يكون بالفريق الرئاسى تمثيل للأقباط والمرأة والشباب.
وأكد معظم المتحدثين فى كلماتهم أنه يجب أن يكون نقل السلطة كاملة للرئيس المنتخب من الشعب على نحو كريم ومحترم يصون كبرياء منصب الرئيس، مشيرين إلى حتمية الحرص على أن يكون مسنودا ومدعوما بظهير شعبى يمثل الضمانة الوحيدة للتصدى لمحاولات بقايا الدولة العميقة وضع العراقيل وصناعة الأزمات لكى تعود عقارب الساعة إلى الوراء، وهذا لن يتأتى إلا من خلال اعتماد قيم الشفافية والوضوح فى التعامل مع الشعب كما ذهبت أستاذتنا سكينة فؤاد والشاعر تميم البرغوثى والمدون وائل خليل.
وفى ذلك أفاض الدكتور عبدالجليل مصطفى منطلقا من مسألة الجمعية التأسيسية للدستور وضرورة أن تأتى معبرة عن مصر بتنوعها وتعدديتها، بحيث يأتى تشكيل الجمعية ضامنا للتوازن النسبى بين مكونات المجتمع.
وفى نهاية اللقاء اتفق «المشاغبون» على أنها لن تكون الجلسة الأخيرة، بل سوف تتكرر لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه فى مؤتمر 22 يونيو.

وائل قنديل يكتب: مشاغبون فى القصر الجمهورى
قسم الأخبار
Fri, 29 Jun 2012 09:29:00 GMT

25‏/06‏/2012

يونيو 25, 2012

جاء وقت الحساب يا مرسى - وائل قنديل

الفائز فى هذه الانتخابات العصيبة ليس محمد مرسى ولا الإخوان ولا الحرية والعدالة.. الفائز هو الميدان، المنتصر هم الشهداء، هم الجرحى والمصابون والمسحولات والمسحولون.
الفائز هو الشعب الرائع النبيل الشريف الطاهر الذى قاوم كل هذا القبح وكل هذا الفساد، وكل تلك الترسانة الفتاكة التى قصفت الثورة من كل اتجاه.
لقد انتصرت مصر وارتقى المصريون معارج المجد والشرف حين أثبتوا أنهم كائنات عصية على التشويه والمحو.. لقد قاوم المصريون السيناريو الرومانى واستبسلوا دفاعا عن ثورتهم وشهدائهم، وقهروا التاريخ ونظريته البائسة «التاريخ يعيد نفسه».
لقد نجت مصر من السقوط فى دنس الغواية، وحافظت على طهرها، وصمدت أمام شلالات أرادت أن تدفعها إلى الكفر بثورتها والارتداد إلى عصر الفساد والاستبداد، فقهرت كل أساليب التجويع والترويع.
«ارفع رأسك أنت مصرى» ولك أن تختال على الدنيا فخرا واعتزازا بأنك لفظت كل ما وضعوه فى جوفك من سخائم.
مبروك محمد مرسى، لكن قبل أن ترد التهنئة أذكرك بما قطعته على نفسك أمامى وعلى مدى سبع ساعات: لنا فى رقبتك رئيس حكومة من خارج الإخوان والحرية والعدالة وتشكيلة حكومية غالبيتها من خارج الإخوان.
لنا فى رقبتك نواب رئيس من خارج الإخوان.. لنا فى رقبتك إحداث التوازن المطلوب فى تأسيسية الدستور، وعدم الاقتراب من المادة الثانية من الدستور.
لنا عليك أن تفتح ذراعيك وتحتضن إخوتنا وشركاءنا فى الوطن أقباط مصر الرائعين، ونودع معا مقولة: «عنصرى الأمة» ولنكن جميعا عنصرا واحدا فى مصر الجديدة الجميلة.
كان أمس أطول أيام التاريخ المصرى الحديث، الدقيقة فيه بألف ساعة، والساعة بألف يوم، وكأن الزمن تجمد ولم يشأ التحرك فى اتجاه الثالثة عصر التى لم تأت فى موعدها، تماما كما كان مساء العاشر من فبراير 2011 طويلا وثقيلا ومؤرقا.
لقد عاشت مصر أسبوعا من غليان العقول والنفوس فوق مراجل الشائعات والتسريبات والتكهنات، فى واحدة من أعنف حروب الأعصاب.
وكله كوم والدقائق التسعون التى أعقبت الثالثة كوم آخر، ذلك أن اللجنة العليا تحولت إلى أعمال سفلية مارست من خلالها أقسى أنواع التعذيب النفسى على المصريين بإلقائهم فى أفران الترقب.
إن هذا السيناريو البائس فى إعلان النتيجة هو المسئول عن شحن الجماهير بكل عناصر الغضب والشك والريبة وكأن واضع السيناريو يستمتع بدور المدير لصراع الديوك، واضعا البلاد والعباد على حافة الحريق، منتشيا بنجاحه فى إثارة حرب الكل ضد الكل، غير مدرك ــ وربما يدرك ــ لأن هذه اللعبة الخطرة قد تأكل الأخضر واليابس.
ويبقى أن الحقيقة الناصعة هى أن الثورة المصرية لن تتنازل عن إتمام دورتها.

24‏/06‏/2012

يونيو 24, 2012

وائل قنديل : «العكشنة» مستمرة



 وائل قنديل
  
عندما «يتعكشن» من كان يعتبر نفسه مثقفا ومفكرا وطنيا بارزا، ويردد خطابا يطير البط ويعوم اليمام من فرط تهافته وتناقضه عليك أن تنبش فى ذاكرتك وتفتش فى أرشيفك عن كلمات ومواقف لكبار بحق مروا فى حياتنا مثل عبدالوهاب المسيرى ومحمود عوض ومحمد سيد سعيد.
واحد من هؤلاء «المتعكشنين» العائدين من حملة دعم أحمد شفيق كتب مقالا فى الصحيفة الكبرى قبل نحو شهرين ألح على كاتب هذه السطور فى قراءته وإبداء رأيه لأنه على حد قوله سلخ المجلس العسكرى فيه، من خلال حدوتة علقت فى ذاكرته منذ أيام الشباب، عن تكتيكات لصوص أتوبيسات النقل العام، حين كان الحرامى من هؤلاء يصعد الأتوبيس لنشل الركاب ثم وبينما هو يهم بالنزول مهرولا يصرخ «حراااااااامى» فيهرول الجميع بلا تفكير فى الاتجاه الذى يشير إليه النشال الحقيقى، لينعم الأخير بالأمن والأمان ويفوز بما نشل.
هذا الذى كان يطرح نفسه مثقفا ثوريا نوريا، وتسلق يوما منصات الهتاف فى ميدان التحرير، قرر فجأة أن يناضل فى الصفوف الخلفية لحملة الجنرال مرشح الثورة المضادة، متشحا بطنين أجوف عن مدنية الدولة وديمقراطيتها واستنارتها، ثم وقف فى مؤتمر ساويرس أمس مدافعا عن «العسكرة» ومقاتلا من أجل تمرير ما أجمعت الأمم على وصفه بالانقلاب الناعم وفى رواية أخرى الانقلاب الأبيض، بينما هو فى حقيقة الأمر لا يبتعد عما تفاخر صاحبنا الثورى النورى المعتزل بكتابته على ضوء حدوتة نشال الأتوبيس.
والحاصل أن كثيرين يرتدون الآن «قميص المدنية» ليس حبا فيها وإنما تزلفا للعسكرية، لأنهم لو كانوا مدنيين حقا لعرفوا أنه لا يستقيم أن تزعم أنك مدافع عن المدنية وفى اللحظة ذاتها تعمل فى آلة الدعاية لجنرال عسكرى.
ومن عجب أن بعضا ممن كانوا يطالبون مرشح الإخوان بضمانات واضحة لكى لا يتجهوا لدعم الجنرال يبدو وكأنهم أصيبوا بالصدمة بعد مؤتمر مرسى وعدد من الشخصيات المحترمة أمس الأول والذى توصل فيه الجميع إلى بيان مكتوب أذيع عبر الفضائيات وشهد عليه العالم أجمع يعلن فيه محمد مرسى حال وصوله للرئاسة التزامه بمدنية الدولة وعدم الاقتراب من المادة الثانية من الدستور، ورئيس حكومة من خارج حزبه وتياره، ونواب رئيس ليسوا من الإخوان، والسعى لتغييرات فى تشكيلة الجمعية التأسيسية الخاصة بالدستور.
وأزعم أن هذه هى الضمانات التى كانت تطالب بها القوى السياسية كشرط للاصطفاف خلف مرشح هو الأقرب للثورة من منافسه الذى يعلن عداءه الصريح لها، وقد قبل بها مرسى بعد انتهاء السباق واقترابه من حسم النتيجة، غير أن المفاجئ هنا هو هذه الحالة من الانزعاج والتلمظ لأن اتفاقا جرى على مشروع شراكة وطنية معلن ومكتوب.
ويدهشك أكثر أن نفرا ممن كانوا ينشطون فى الوصول إلى حالة مصالحة وطنية شاملة، يؤلمهم ويفقدهم صوابهم أن يحدث وفاق واتفاق داخل معسكر شركاء الثورة ذاته، فعن أى مصالحة يتحدثون؟
لقد بلغت «العكشنة» قمتها لدى بعضهم حين امتشقوا السيوف فجأة معلنين الكفاح ضد ما أسموه الهيمنة والتدخلات الأمريكية فى الشأن المصرى، فى مشهد يذكرك بوقائع معركة الدكتورة فايزة والقائد جنزورى ضد التمويل.. وفى خلفية المشهد إعلام «متعكشن» من رأسه حتى قدميه يطلق صيحات الحرب على أمريكا والغرب الإمبريالى.. والنهاية أظنك سيد العارفين بها واسأل السيد المحترم عبدالمعز.

21‏/06‏/2012

يونيو 21, 2012

وائل قنديل: مصر فى مراجيح العسكرى

 
مبارك مات ولم يمت.. مرسى فاز ولم يفز.. شفيق الذى قتل وانقتل هو أيضا خسر ولم يخسر.. كل شىء فى مصر موجود وغير موجود.. حدث ولم يحدث.. عادت مصر من جديد «وطن الفوتوشوب»، يفخر حكامها بأنهم أجروا أنزه انتخابات فى العالم أنتجت برلمانا يباهون به الأمم، ثم يقومون بمنتهى الهمة والصرامة بإزالة هذا البرلمان من الوجود، فيما يغضون الطرف عن إزالة واجبة لأبنية مغتصبى الأراضى الزراعية.. يصدرون إعلانا دستوريا طويل القامة عريض المنكبين، ويفرضونه بالقوة على الجميع، ثم يقولون إن الإعلان فى حاجة إلى «كمالة» لكى يكون لائقا وصالحا للاستخدام.
 
وطوال الساعات الماضية و«العسكرى» يرج مصر فى خلاط عملاق للشائعات، ويهزها حتى الدوخة والغياب عن الوعى فى أرجوحة التسريبات، ممارسا على الجميع أقسى أنواع الحروب النفسية، فى إطار لعبة المساومات والضغوط لكى يمرر ما يريد، بحيث يبقى فوق كل السلطات، أو دولة أعلى من الدولة المصرية.

إنها حرب الأعصاب تدار الآن بمنتهى المهارة، وتستخدم فيها كل الوسائل اللازمة لبعثرة كل الأوراق وإنهاك الأنفس المتعبة أصلا بمزيد من المراوغة والضبابية وغياب اليقين، من خلال إطلاق النار على اليقين، بحيث لا تبقى هناك حقيقة واحدة ثابتة، ليدخل الجميع عنوة إلى حلقة زار صاخبة، يترنحون فيها حتى السقوط من الإعياء، ليفيقوا على واقع جديد مفروض عليهم بالإكراه.. هكذا يتصور من خططوا ونفذوا سيناريوهات «الصدمة والرعب» دون أن يتوقفوا لحظة للتفكير وإدراك أن الشعب اعتاد هذه الألاعيب وصار يمتلك القدرة على قراءة الرسائل المشفرة وغير المشفرة، ويبتدع من أساليب المقاومة ما يجعله صامدا وثابتا مكانه فى مواجهة هذه الطاحونة العسكرية، التى وإن بدت متفوقة على «الطاحونة الهولندية» فإن مصيرها إلى خروج كما حدث لمنتخب القمصان البرتقالية فى بطولة أمم أوروبا.

ويبدو أنهم لم يستوعبوا صدمة مقاومة المصريين الباسلة فى معركة الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، والتى استخدموا فيها كل مخزونهم الاستراتيجى من الأسلحة لتمرير الجنرال إلى مقعد الرئاسة، ولم يصدقوا أن كل أساليب الترهيب والترغيب لم تنجح فى اختطاف إرادة المصريين وتوجيهها إلى حيث يريدون، ولم يتخيلوا أن الناخبين صوتوا ضد العسكرة، على الرغم من أن البديل غير واضح الانحياز للمدنية، بالقدر الذى يطمئن الجميع، وأمام زلزال الأرقام، عمدوا إلى اختراع حواديت المطابع الأميرية والطعون المتطايرة للعبث فى النتائج التى أجمعت عليها جهات المراقبة والمتابعة والرصد، وتقارير حركة «قضاة من أجل مصر» وبالمناسبة فإن الأرقام التى أعلنتها الحركة فى الجولة الأولى جاءت مطابقة تماما للنتائج الرسمية التى أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات.

وإذا كان هؤلاء يطبقون سياسة حافة الهاوية مع الجماهير، ويروعون المواطنين بجحيم الاحتمالات والتكهنات، فإن السياسة ذاتها جربها الشعب المصرى فى أيام موقعة الجمل السوداء، وانتصر عليها، ولم تفلح معه فزاعات الغزو الخارجى والحريق الداخلى، وبقى صامدا فى ميادينه حتى انتزع حلمه من فوهة بركان الرعب.

لقد كادت هذه الأجواء الغائمة تنسينا تهنئة الشاب الثائر الجميل محمود أمين على عودته سالما من زنزانة العسكر إلى براح الميدان وهوائه النقى بعد إخلاء سبيله بضمان محل إقامته أمس الأول.

17‏/06‏/2012

يونيو 17, 2012

وائل قنديل : أبانا الذى فى المجلس العسكرى


التأكيد وقعت عيناك يوما على صورة ملصقة على باصات النقل العام الحمراء لجندى يحمل طفلا على ذراعيه، يهدهده ويسكته وينيمه، هذا هو ملخص ما يسمى بالمرحلة الانتقالية، حيث تعامل المجلس العسكرى مع الشعب باعتباره طفلا يتيما، وتصرف مع الثورة على أنها لقيطة فتلقفها من الشارع ونصب نفسه أبا لها بالتبنى، بعد أن مارس حربا نفسية واجتماعية شرسة ضد أهلها الحقيقيين، لكى يحتفظ لنفسه بحق الولاية عليها.
وفى وضع كهذا لا يمكنك أن تكتفى بلوم «العسكرى» على مهارته فى تنفيذ مخططه، بل اللوم على من زعموا أنهم آباء الثورة وأهلها لكنهم تركوها ملقاة على الرصيف وانشغلوا بتقاسم أنصبتهم فيها، وتصارعوا على حضانتها، دون أن يفكر أحد فيما تحتاجه الثورة الوليدة لكى تبقى على قيد الحياة وتنمو وتقف على قدميها.
وبهذا المعيار يكون ما توصلت إليه مجلة «فورين بوليسى»من أن مصر شهدت أغبى مرحلة انتقالية قولا غير دقيق على الإطلاق، فالحاصل أن هذه المرحلة أديرت بذكاء شرير ومهارة غير مسبوقة فى تدجين وإجهاض ثورة عفية فى زمن قياسى، وفق أداء يجعل إبليس شخصيا يتوارى خجلا من تواضع مستواه وتدهور لياقته مقارنة بالعقلية الاحترافية التى تألقت على مدى ١٨ شهرا.
وبالعودة إلى الصورة الشهيرة على باصات النقل العام، فقد نجح مديرو المرحلة فى إخفاء معالم الثورة وإضاعة ملامحها، بشكل كامل، قطع الصلة بينها وبين أهلها، وفى غضون أقل من عامين تمكن من فطامها عن الحلم والتطلع لتحقيق أهدافها الكاملة، بعد أن استدرج نفرا ممن زعموا أنهم يمتون بصلة قرابة لها، ليقوموا بدور المرضعات الدستوريات، وبجرعات مكثفة من الحليب الفاسد، أوشكت على الدفع بها لمرحلة الاختناق.. وبالتوازى مع ذلك جرت عملية حقن ممنهجة للقطاعات الأوسع من الشعب بهرمونات الاستقرار الزائف والأمن القائم على آليات الإخصاء والكى لكل غدد التفكير وخلايا الوعى والضمير فى المواطن المصرى.
والنتيجة كما ترى: الملمح الوحيد الدال على أن لهذه الثورة أهلا، وأعنى البرلمان المنتخب، تم مسحه من على خارطة الوجود، وهو البرلمان الذى فاخر المجلس العسكرى يوما بأنه صنعه على عينيه وقدمه هدية أو عطية للمصريين تحت حكمه السعيد، وأمضى شهورا يمارس علينا المن والأذى انطلاقا من تنعمه علينا بإجراء انتخابات برلمانية نزيهة وشفافة.. وبعد ٢٤ ساعة من الآن سيقدم «العسكرى» أحدث منتجاته: رئيس مستأنس منزوع الصلاحيات، بلا دستور يحدد نطاق عمله، ولا برلمان يراقب أداءه، بل مجرد برواز فخم معلق على حوائط صالون الجنرالات، وفى أفضل الظروف والأحوال لن يتجاوز نطاق خدمته تلك المساحة الضئيلة البائسة التى كان يتريض فيها كمال الجنزورى الذى اخترعوه لنا وأوهمونا بأنه يتمتع بصلاحيات رئيس دولة، باستثناء ملفات القضاء والأمن.
وهكذا يا سادة يا كرام تحول كل الكلام اللطيف عن الخروج الآمن للعسكر، لدخول مخيف لمصر كلها إلى أتون حكم الكاكى.
لكن وبرغم العتمة هناك جيل جديد صنعته الثورة، سيكون قادرا عما قريب على تحريرنا جميعا من العجز وقلة الحيلة والغباء

13‏/06‏/2012

يونيو 13, 2012

المضاربة بموقعة الجمل فى بورصة الانتخابات - وائل قنديل

ماذا يبقى من الثورة إن استبدت الأهواء والمكائد الصغيرة بأصحابها فراحوا يغمزون ويلمزون فى أنبل وأشرف معارك الصمود يوم موقعة الجمل؟
أفهم أن يجتاح الغضب من الإخوان وتيار الإسلام السياسى صدور البعض، وأوقن أن آخرين يبحثون عن حجج وذرائع يبررون بها سقوطهم فى حجر مرشح الثورة المضادة.. غير أن كل ذلك لا يبرر أبدا الانتقام من الثورة وبيعها فى سوق النخاسة السياسية، كيدا للإخوان، وتقديما لفروض الخنوع والمذلة لمن يتوهمون أنه سوف يعتلى سدة الحكم. لقد بلغ العته والسفه حدا، صار معه البعض مستعدا لافتعال حرائق فى تاريخ مجيد سطره المصريون بدمائهم، نكاية فى رفاق الميدان عند احتدام الخلاف معهم.. أو تجارة بالدم والهم فى سوق الانتخابات.
وأول ما يلفت النظر فى هذا الانتعاش المفاجئ لذاكرة مقاولى الميدان هو التوقيت، ذلك أنهم لو كانوا فعلوا ذلك بعد أن هدأ غبار المعركة لكان هناك بعض من الوجاهة والمصداقية فيما يفعلون.. لكنهم صمتوا ونشطوا فى بناء أمجاد زائفة على جثث الشهداء، وعذابات المصابين، وعند أول منعطف تعروا، وقفزوا فى قارب الفلول، واستثمروا علاقتهم بالميدان فى بورصة السباق الانتخابى.
لقد كان غريبا أن أحد الذين تتردد أسماؤهم فى إعادة كتابة قصة موقعة الجمل، جمع قبل نحو عشرة أيام وتحديدا يوم 2 يونيو مجموعة من شباب الثورة فى منزله لكى يوقعوا على مبادرة يتقدم بها صاحبنا إلى كلا المرشحين تتضمن عدة مطالب من الرئيس القادم.. ويلفت النظر فى مسودة هذه المبادرة أنها فى بندها التاسع تطلب ما يلى:
«تحديد موقف واضح من موقعة الجمل أ (سيوف وسلاسل) وموقعة الجمل ب (قناصة على أسطح العمارات) والرعاية المباشرة من رئيس الجمهورية لفتح ملفات ما يسمى «الطرف الثالث».
لقد أفلت شباب الثورة من الفخ المنصوب لهم ورفضوا التوقيع أو الظهور فى مؤتمر صحفى لإعلان تلك المبادرة، التى حملت عبارات ترددت بنصها فيما بعد على لسان جنرال الثورة المضادة، تجرد موقعة الجمل من كل قيمها الأخلاقية والبطولية وتحولها إلى مؤامرة مزعومة ارتكبها الثوار ضد ثورتهم.
ولعله ليس من قبيل الصدف أنه فى الوقت الذى تثار فيه هذه الزوبعة حول موقعة الجمل، يتم اصطياد مجموعة من أسر شهداء الثورة وتسفيرهم إلى إيران للتكريم والاحتفاء، وفقا لسيناريو شديد الخبث يحاول أن يكرس الأكاذيب المخترعة عما جرى يوم 2 فبراير، من أن عناصر مدربة هى التى قتلت المتظاهرين.
إن موقعة الجمل كانت وستبقى درة هذه الثورة، وهدمها هو هدم للثورة، فلا تكونوا كمن أراد أن يغيظ زوجته فتخلص من رجولته.

30‏/05‏/2012

مايو 30, 2012

وائل قنديل:الرئيس كونتا كنتى…شخص خدم فى بلاط مبارك


إذا كنت مستعدا لتصديق أكذوبة أن شخصا خدم فى بلاط مبارك سنوات طويلة يستطيع أن يطعمك من جوع ويؤمنك من خوف، ويعطس فتهتز الدنيا ليتساقط عليك المال، وتمطر السماء عسلا ولبنا، فهذا يعنى أنك تتلذذ بأن تعيش فى دور المخدوع الذى أدمن ألاعيب الحواة والنصابين.

لقد مكث حسنى مبارك فى الحكم ثلاثين عاما، كان خلالها يتحدث سنويا عن الرخاء والنماء والرفاهية التى عرفتها مصر على يديه، وكلما أمعن فى الكلام عن المنجزات كانت مأساة الواقع تتسع والكارثة تتكشف، لنصحو جميعا على كوابيس المرض والفقر وإهانة آدمية البشر.

لقد اعتمدت خطة المرحلة الانتقالية على تحويل عملية الانتخاب من فعل أخلاقى محكوم بالعقل والوجدان والضمير، إلى مجرد ممارسة غريزية تقوم على مخاطبة واستثارة البطون التى جرى تجويعها بتعمد، ومداعبة حاسة الخوف والرعب بعد 15 شهرا من زراعة الفزع والترويع.. وبالتالى يمكن القول إن من حكم البلاد وقهر العباد طوال هذه الفترة كان يزاول نوعا من القتل المتعمد لأغلى ما يملكه الإنسان، وهو ضميره وبشريته، بحيث يصبح مع الانتخابات كائنا يفكر بمعدته، يسهل سحبه من أمعائه وتوجيهه إلى حيث يشاء من بيده المقاليد.

والحاصل أنهم عملوا على اعتقال إرادة المصريين داخل أسوار الإحساس بالجوع والخطر، وافتعلوا أزمات اقتصادية محبوكة، مثل مسلسل نقص البنزين والبوتاجاز، بالتوازى من صناعة سينما الخطر الخارجى ومخططات الغزو الأجنبى، مراهنين على أن المواطن سيلغى عقله، ويضع معدته فى رأسه، وينصرف تماما إلى البحث عن الرغيف ونبوت الخفير الذى يحميه.

وعلى هذه الأوتار يعزف المرشحون المباركيون، متقمصين شخصية كونتا كونتى الشجيع الذى سيذهب إلى الغابة يقتل الوحوش والضوارى ويصطاد الحيوانات البرية ويقطع الأخشاب، ويعود لإطعام الجوعى وتأمين الخائفين وإشعال المواقد كى يستدفئ عليها العراة.

وإذا سألهم سائل: كيف ومن أين كل هذه القوة والعافية، وما هى وسائلهم؟ لا تجد أكثر من كلام مثل الذى كان يردده سلفهم المخلوع، غير عابئين بأن هناك شيئا اسمه الوعى الفطرى والضمير السوى، الذى يسطع فجأة فى توقيت يدهش الجميع.

وما جرى فى انتخابات مجلس الشعب التى جرى تخطيطها وتصميمها بحيث تعيد بقايا نظام مبارك للحياة، كان فيه المثل والعبرة.. تماما كما تقدم مواطنون شجعان أسوياء للتصدى إلى مسخرة الجمعة الماضية فى حدائق القبة، غير آبهين بالبطش والقمع، ليثبتوا للعالم كله أن الشعب الذى ثار من أجل حريته وكرامته الإنسانية لن ينخدع بهذا الأداء الأكروباتى المضحك من مرشحين يخبئون مبارك تحت جلدهم، وكانوا شركاءه فى جريمة سحق الشخصية المصرية طوال فترة حكمه.

إن الشعب الذى منع الفلول من استعمار البرلمان، ونزل بالملايين انتصارا للدم والعرض عقب جرائم محمد محمود وماسبيرو، لن يتحول بين عشية وضحاها إلى مجرد أمعاء خاوية.

04‏/05‏/2012

مايو 04, 2012

وائل قنديل : دم المصرى.. وعرق العسكرى

 
لا جديد.. المجلس العسكرى يعزف على وتر عزل الشعب عن القوى الثورية بحديث عاطفى يربط بين الجيش كمؤسسة هى ملك الشعب بالفعل، وبين المجلس العسكرى الحاكم الذى يقوم مقام رئيس الجمهورية الآن.
إن مؤتمر اللواءات الثلاثة عبر بخفة شديدة على الدماء التى سالت فى العباسية، والتى هى امتداد للدماء التى أريقت فى ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وبورسعيد، ليواصل عملية الانفراد بالشعب، ودغدغة عواطفه بخطاب مكرر لدرجة الحفظ.
ولا خلاف فى أن الشعب يثق فى الجيش ويحبه، وباعتبارى واحدا من هذا الشعب فقد قلتها وأكررها الآن : شرف لى أن أعمل فى حمل أحذية الجنود إذا كانوا ذاهبين لقتال من أجل حماية مصر من عدوان خارجى، لكن حين تتحول هذه الأحذية لأدوات قتل وتنكيل بثوار وثائرات من خير من أنجبت مصر يجب أن نصرخ بأعلى الصوت «يسقط حكم العسكر» حبا فى الجيش وصونا لقدسية مهمته الأساسية والأصلية فى حماية تراب مصر.
أما الإلحاح على أن الشعور الوطنى حكر على المؤسسة العسكرية فقط، فهذا نوع من تزييف الوعى، والمزايدة، كون الثوار الذين كانوا سببا فى وصول مجموعة المجلس العسكرى لقمة هرم السلطة لا يقلون وطنية أو حبا لوطنهم عن حضرات السادة اللواءات.. كما أن الأصوات الإعلامية المعارضة لسياسات المجلس وطريقة إدارته للبلاد ليست أقل انتماء لهذا البلد، وحرصا على سلامته وازدهاره من الجنرالات.
وإذا كان أعضاء «العسكرى» يعتبرون التصفيق لهم ولخطابهم معيارا للوطنية والانتماء، فهذا معيار خاطئ ومعوج ومسيئ للدولة والشعب معا، ذلك أن زمن الإعلام المصفق الصفيق قد ولى.
لقد لوح السادة اللواءات بقانون الطوارئ مرة أخرى، وقال عضو المجلس العسكرى اللواء ممدوح شاهين إن قانون الطوارئ لم يتم إلغاؤه وسيتم استخدامه عند الضرورة فى لهجة تهديد واضحة، وهذا تراجع مخيف عما سبق وأعلنه المشير طنطاوى قبل مليونية إحياء الذكرى الأولى للثورة فى الخامس والعشرين من يناير الماضى بساعات، فمن نصدق : رئيس المجلس أم أحد أعضائه؟
لقد قال أعضاء المجلس فى مؤتمرهم الصحفى أمس إن الدم المصرى غال، وهذا ما لا يختلف عليه أحد، لكننا نتمنى أن يكون غاليا بالقدر نفسه الذى يتمتع به عرق المجلس العسكرى، الذى أعلن اللواء محمود نصر فى لقاء مع الإعلاميين نهايات مارس الماضى «سنقاتل على مشروعاتنا وهذه معركة لن نتركها.. العرق الذى ظللنا ٣٠ سنة لن نتركه لأحد آخر يدمره، ولن نسمح للغير أيا كان بالاقتراب من مشروعات القوات المسلحة».
لقد تحدث لواءات العسكرى، أمس، عن أن القوات المسلحة ملك للشعب، وهذا جيد وجميل، لكنه يتعارض مع ما قاله اللواء نصر من أن «هذه ليست أموال الدولة وإنما عرق وزارة الدفاع من عائد مشروعاتها ولن نسمح لأحد بالاقتراب منها» فمن نصدق مرة أخرى؟
وفى مناخ غامض ومرتبك مثل هذا لا يبقى إلا أن نقول للقوى السياسية: توافقوا أو موتوا.

29‏/04‏/2012

أبريل 29, 2012

وائل قنديل : كرامة مصر فى القمامة

 

لا جديد.. النظام هو النظام والخارجية هى الخارجية، ومبارك لايزال موجودا، فلماذا نتوقع موقفا محترما من سفير مصر فى السعودية فى قضية المحامى أحمد الجيزاوى؟

لقد نطق السفير مرددا الرواية الرسمية السعودية بحذافيرها، وهى رواية لا تقنع طفلا، ومعلوم أنها اختلقت واخترعت على عجل، بعد اندلاع الغضب عقب إعلان اعتقاله فى المطار واتهامه بالعيب فى الذات الملكية.

إن السفير لم يختلف فى أدائه عن سلفه فى السعودية عام 1995 حين كان عمرو موسى وزيرا للخارجية، وجلد الطبيب المصرى محمد كامل لأنه صرخ دفاعا عن ابنه الذى تعرض للاغتصاب من قبل مواطن سعودى.

فى ذلك الوقت ضحت الحكومة المصرية وخارجيتها بكرامة مواطن، ظنا منها أنها تحمى مصالح الوطن العليا، فسقطت فى اختبار السياسة، كما سقطت فى اختبار الأخلاق، فكان أن حاول الخطاب الدبلوماسى التقليل من أهمية الواقعة وخطورتها، على أنها حالة فردية، وكانت قمة الانحطاط الحضارى عندما تحول الطبيب المصرى ــ الضحية ــ إلى متهم فى بعض وسائل الإعلام الحكومية المصرية، وبعد أن تعرض للجلد بالكرباج فى السعودية، جلدوه بسياط الكلام الوضيع فى مصر، ورأينا وسمعنا السيد مفيد فوزى ينهال على الرجل طعنا وتجريحا، ويلومه على أنه صرخ وتكلم وانتفض غضبا لما وقع لابنه الطفل، ووصلت البجاحة منتهاها عندما اتهموا والد الضحية بأنه الجانى كونه تحدث ففضح ابنه، بينما كان يجب عليه أن يبتلع الإهانة والمذلة ولسانه ويصمت ولا ينطق بكلمه.

وإذا كان ذلك ممكنا فى ظل نظام كان يفاخر بأنه يهتم بالمبلغ أكثر من اهتمامه بالمبدأ، وينشغل بالثمن على حساب القيمة، ويمد يده هنا وهناك، فإن هذا النظام من المفترض أنه سقط، بفعل ثورة قامت من أجل الكرامة الإنسانية، وكان من المتوقع أن نرى رد فعل مختلفا فى اختبار الجيزاوى، غير أن الإجابة جاءت من أرشيف الأداء الدبلوماسى المصرى، ووجدنا السفير يردد ما يملى على مسامعه من قبل السلطات السعودية.

ومرة أخرى.. سعر المواطن يتحدد بالعملة المحلية، حيث يكتسب قيمته من وضعه داخل حدود بلده، فإذا كان مهانا مسحولا فى بيته، فكيف نتوقع أن يكون مكرما وعزيزا فى الخارج؟

إن سلطة ألقت بثوار وثائرات فى القمامة على مرأى ومسمع من العالم كله، من العبث أن ننتظر منها شيئا غير التصريحات الوردية الكاذبة عندما يهان مواطن مصرى فى الخارج.

لقد ألقوا بأنبل ما فى شباب مصر فى قمامة الداخل، فلماذا نتوقع تعاملا مختلفا على مستوى الخارج؟

18‏/04‏/2012

أبريل 18, 2012

وائل قنديل : (العسكرى) يصلى الفجر فى الرابعة عصرًا

 

 

تسلم المجلس العسكرى الثورة نهرا جاريا، يفيض بالعذوبة والأمل فى مصر أفضل، لكنها تحولت على يديه إلى مجموعة من المستنقعات والبرك الآسنة.

فى البداية قيل لنا إنها أخطاء ناتجة عن قلة الخبرة بالإدارة السياسية، كون الجنرالات لا يصلحون إلا للجبهات والمعارك، وأن انخراطهم فى الحياة المدنية فرض عليهم فرضا.. غير أن الأيام كشفت أن المسألة ليست إدارة، بل إرادة تجلت فى مواقف كثيرة أكدت أن «العسكرى» يصنع الفوضى، ويعقد الساحة، ويتفنن فى وضع العراقيل أمام أى تحرك إلى الأمام.

والمحصلة بعد 14 شهرا من الثورة أننا نتحرك فى المكان على طريقة «محلك سر»، حيث مارس حكام المرحلة منطق الاحتكار والاستحواذ ذاته فى إدارة شئون البلاد، وتعاملوا مع كل الدعوات المحترمة لتأسيس المرحلة الانتقالية على قواعد علمية عرفها العالم، وجربها وأتاحت له الانطلاق للأمام، باعتبارها محاولات خبيثة لهدم الدولة وزعزعة الاستقرار، وتصرفوا كأنهم ملاك الحقيقة المطلقة.

إن الوقائع تذكر جيدا أن شخصا نبيلا ومخلصا وخبيرا فى إدارة مراحل ما بعد الثورات اسمه الدكتور محمد البرادعى طرح بعد أيام قلائل من إزاحة الرئيس المخلوع أن يتشكل مجلس رئاسى انتقالى، يتولى إدارة مصر لفترة مؤقتة، ويتولى الإشراف على وضع دستور للبلاد، تجرى على أساسه العملية السياسية، وكان رد العسكرى وأعوانه الرفض التام لهذه الفكرة، دون أن يفكر فى مناقشتها ودراستها.

وبعد 14 شهرا من العك والعجز والفشل واستنفاد كل الحيل والألاعيب فى إجهاض معنى الثورة والوقوف ضد صيرورتها الطبيعية، ها هو العسكرى يعود متمحكا فى طرح البرادعى القديم، بالذهاب إلى التفكير فى تأجيل الانتخابات الرئاسية لحين وضع الدستور.

ولقد كانت فكرة البرادعى وجيهة وعبقرية فى فبراير 2011، لكن هذا لا يعنى أنها تبقى على هذا النحو فى أبريل 2012 لأن جيفا كثيرة ومخلفات وأنقاض هدم ألقيت فى البركة الآسنة، فزادتها تلوثا وانسدادا فى مصارفها، وبالتالى فالعودة إلى نقطة البداية بعد كل ذلك التيه من شأنه أن يفجر الأوضاع بشكل مخيف.

إن معنى هذا بالضبط أن العسكرى يريد أن يؤم الناس لصلاة الفجر فى الرابعة عصرا، أو أن يذهب بالناس للحج فى شوال، ومع ذلك هناك من المأمومين من لا يمانع، لأنه اتخذ قرارا مبكرا للغاية بموالاة العسكر فى كل ما يريدون ويقررون ويعكون، على الرغم من أن تجارب الأيام أثبتت أنه لا يصلح للإمامة.

ولكل هذا وغيره من المهم أن تبنى الدعوات للم الشمل واستعادة التوحد والاصطفاف على أرضية مبادئ الثورة وأهدافها الأولى، وليس على اعتبارات التقاء المصالح، على نحو براجماتى تفوح منه رائحة الفئوية.

فلتكن مليونية 20 أبريل يوما للعودة إلى المبادئ وفضيلة الرجوع إلى الحق، وليس على طريقة «المصالح تتصالح».

26‏/03‏/2012

مارس 26, 2012

خروج أبوتريكة من منتخب الدستور

فرق شاسع بين وضع تشكيل منتخب مصر الكروى، وبين تشكيل جمعية إعداد الدستور، ومع ذلك يبدو أن قواعد تشكيل المنتخب أكثر منطقية واحتراما من آلية انتقاء أعضاء جمعية الدستور.

ولعل هذا ما دفع اللاعب محمد أبوتريكة للاعتذار عن عدم الانضمام لمعسكر كتابة الدستور، احتراما لنفسه أولا، وللجمهور والدستور ثانيا، ذلك أننا لم نسمع عن تشكيلة منتخب تقوم على معيار الكثرة، أو القرابة، أو الانتماء لأغلبية جماهيرية، أو المحاصصة على أساس الموقع من جدول الدورى العام.

فالثابت أن التشكيل الموضوعى يعتمد على الكفاءة أولا، وعلى تمثيل كل مصر فى فريق العمل، فلم يحدث على سبيل المثال أن النادى الأهلى، كونه صاحب الرصيد الأكبر من البطولات، يتحكم فى وضع تشكيل الفريق القومى، أو تخصص له حصة نصيب الأسد فى عناصر التشكيل لمجرد أنه المتصدر.

وليس معنى أن تكون لاعبا فى الأهلى أن تصبح بالضرورة ضمن تشكيل المنتخب، حتى لو كان رئيس اتحاد الكرة والمدير الفنى والمدرب العام من المنتمين للأهلى.. ولا يعنى أن تنتسب لقاطنى المركز الثانى فى البطولات المحلية أن تكون ممثلا بالنسبة ذاتها والترتيب ذاته فى الفريق القومى، وإلا كنا كمن يطلق الرصاص على معايير التفوق والتميز والكفاءة، والأجدى فى هذه الحالة أن نغير مسمى المنتخب القومى، إلى منتخب الأهلى والإسماعيلى.

إن واحدا أو اثنين أو ثلاثة من حزب الأغلبية يكفيان للتعبير عن فكر الحزب والجماعة التى يعبر عنها سياسيا فى دستور مصر، والأمر ذاته ينطبق على التيار السلفى، أو التيارات الليبرالية واليسارية، وهو ما يسرى على النقابات ومنظمات المجتمع المدنى والجامعات، وتجمعات العمال والفلاحين.

أما أن يكون الدخول إلى عضوية الجمعية التأسيسية معتمدا على مقاييس القوة والمغالبة، ومنطق الشلة، فهذا ما لا يصنع تشكيلا حقيقيا لمجموع العناصر المكونة للأمة المصرية، لأن التفاعل هنا لن يكون وفقا لمعادلة كيميائية سليمة، أو منهج علمى منضبط، بل سيكون مؤسسا على رغبة مستعرة فى التحكم بالنتائج، بصرف النظر عن مدى صحتها وملاءمتها وتعبيرها عن الواقع.

غير أننا ابتلينا بصنف من البشر يحتقرون العلم، ويهينون السياسة والتاريخ والمنطق، ويمارسون الدجل باعتباره قمة العلوم، ويستبدلون الشعوذة بالطب والكيمياء.

إن تركيبة جزىء الماء تعتمد على ذرة واحدة أكسجين واثنتين هيدروجين، لكن هناك من يريد العبث بنسب مكونات هذه المعادلة ويتصور أن زيادة نسبة الهيدروجين على حساب الأكسجين  من الممكن أن تعطيه نوعه المفضل من الماء، غير عابئ بكارثية النتائج المحتملة.

ويبقى أن دستورا يكتب على طريقة «الكثرة تغلب الكفاءة» ويغيب عنه قانون التنوع الطبيعى سيكون دستورا فئويا، شلليا، مصبوغا بألوان صناعية، فرضتها القوة وليس الحق.

25‏/03‏/2012

مارس 25, 2012

خطيئة الاحتماء بالعسكر

 

سيكون خطأ قاتلا لو كررت قوى سياسية تتحدث باسم الثورة الوقوع فى فخ لعبة الاستقطاب التى أوردتها وأوردت الثورة التهلكة.. سيكون نوعا من الانتحار مرة أخرى إن هم استجابوا لإغواء الذهاب إلى «العسكرى» لمواجهة «الدينى» فى موقعة الدستور.

ولو دقق الذين يعاودون مناشدة «العسكرى» التدخل فى تفاصيل صورة مصر الآن لأدركوا أن المتسبب الأول فى صناعتها على هذا النحو الشائه هو المجلس العسكرى، الذى يعد المسئول الأول عن دخول البلاد فى هذا النفق المظلم، حين قام بعملية إقصاء «ممنهجة» لقوى الثورة الفعلية، مخليا الساحة للقوى المتحدثة باسم الإسلام السياسى، والتى أظهرت منذ البداية قابلية للعب الدور المطلوب منها، طارحة نفسها فى هيئة من يقدم فروض الولاء والطاعة.

ولعل أحداث محمد محمود الأولى فى 18 نوفمبر الماضى كانت الكاشفة لهذا التحالف المقدس بين «الإسلام السياسى» و«العسكرى» حين تطوع متحدثون من الإخوان والسلفيين لتوفير الغطاء الشرعى لكل الجرائم التى ارتكبها رجال المجلس فى سحق الثورة فى تلك الأيام العصيبة، وبدا الطرفان فى خندق واحد، وعلى مسافة واحدة من الثورة.

ولاحظ أن هذه الموجة من الحرب على الثورة اندلعت بعد ساعات من المليونية التى حشدت لها قوى الإسلام السياسى فى ميدان التحرير لرفض وثيقة المبادئ الدستورية، وما إن حققوا ما أرادوه من الميدان انسحبوا تاركين أهالى الشهداء المعتصمين يواجهون السحل والتنكيل.

وفى ذلك الوقت نشطت أصوات إخوانية وسلفية فى التحريض على المتظاهرين والمعتصمين فى التحرير ومحمد محمود، فى ظل ما سميته فى هذا المكان «معرة سياسية كاملة» وقلت «على أن «المعرة» تمددت واستطالت لتلحق بمعظم الأحزاب والقوى السياسية التى بقيت منشغلة ومستغرقة فى حساب «غنائم الصناديق» دون أن تقدم على خطوة محترمة توفر سقفا سياسيا وأخلاقيا، ربما كان من الممكن أن يحمى الثوار من القنابل المنهمرة فوق رءوسهم جزئيا، وليت بعضهم اكتفى بالسكوت بل قرر ألا يفوت الفرصة وشارك فى الجريمة بإطلاق تصريحات بذيئة ومسفة من نوعية أن الموجودين فى التحرير ليسوا سوى أناس يقطعون الطريق على الشعب الحالم بالديمقراطية والانتخابات، كما أعلنها بركة الإخوان ونجم شباك الجماعة وحزبها فى مداخلة مع قناة الجزيرة، وبعدها بدقائق بدأت عملية «الرصاص المصبوب» على الثوار فسقط عشرات الشهداء».

وقد عاد هذا الحلف وعبر عن نفسه مرة أخرى فى أحداث مجلس الوزراء ومحمد محمود الثانية، وصار الطرفان يرددان خطابا واحدا تقريبا ضد الثوار الذين صاروا بلطجية فى نظر المجلسين.

وعليه فإنه من العبث أن تتصور قوى سياسية محسوبة على الثورة أنها قادرة على انتزاع «العسكرى» من «الدينى» أو العكس، فالأجدر أن يناضل الجميع بعيدا عن التوازنات واللعب على التناقضات ــ العابرة ــ فى معركة الدستور، لأن الثابت تاريخيا أن ما نحن فيه الآن هو حصاد تعاون استراتيجى بين الطرفين، وأزعم أن ما يدور بينهما الآن ليس سوى سحابة صيف سرعان ما تنقشع، لتكتشف قوى الثورة بعدها أنها بلا سقف يحميها من قيظ التحالفات الحارقة.. وربما تجد نفسها على أرضية واحدة مع السادة الفلول.

وتذكروا أن الثورة قامت من أجل مصر مدنية، لا عسكرية ولا دينية.  

14‏/02‏/2012

فبراير 14, 2012

وائل قنديل : ثورة التلامذة

عندما ينضم إلى قافلة الثوار تلاميذ مدارس فى عمر الزهور، يصبح شيئا عبثيا أن يقال إن الدعوة إلى الإضراب العام لم تحقق شيئا من أهدافها.. وعندما يتحدى الصغار تهديدات الكبار ويلفظون تعليماتهم المرتعشة ويتمردون على وسائل الترهيب ويخرجون فى مسيرات إلى الشوارع، فإن شيئا كبيرا يكون قد حدث.

ولو أن الراحل الجميل جلال عامر أتيح له أن يلقى نظرة على عصافير المدارس وهى تغرد مطالبة بحق الشهيد وزوال حكم العسكر، ربما كان من الممكن أن ينتعش قلبه المتعب ويصمد أمام الأزمة الأخيرة.

إن بيان «العسكرى» الذى يحتفل بالانتصار على الثوار، ويشكر الشعب الذى أيده فى الحرب على الشعب، يثبت مرة أخرى أن الشعب أنضج وأوعى كثيرا من حكامه، فضلا عن أن البيان أغمض عينيه وصم أذنيه عن مشاهد مبهرة احتضنتها ساحات الجامعات وأفنية المدارس أمس الأول، كانت بمثابة احتفالية بتخريج دفعات جديدة من الثوار الصغار ينضمون إلى جيش التغيير والحلم بمستقبل أنظف.

لقد أرادوا ألا يروا إلا ما هو قابع فى أذهانهم من أوهام، وعلى سبيل المثال عندما يخرج وزير التعليم العالى من جامعة حلوان شبه مطرود تلاحقه هتافات الغضب وصيحات الامتناع عن الانتظام فى الدراسة، ثم يقول لوسائل الإعلام إن الدراسة منتظمة والأمور تسير بشكل طبيعى، فإنه هنا يبدو وفيا تماما لمنهج نظام مبارك، فى التعامل مع الأشياء.. ولعلك تذكر ذلك اليقين الواثق الذى تحدث به رجال مبارك عندما سئولوا عن تأثير ثورة تونس على مصر، والدعوات للتظاهر فى ٢٥ يناير ٢٠١١، حيث لم تكن الإجابات تخرج عن ابتسامات ساخرة وتأكيدات على أن ما جرى فى تونس لا يهز شعرة فى النظام الحاكم فى مصر، كما قال حبيب العادلى فى حوارات وتصريحات قبل اندلاع الثورة.

وأزعم أنه لو وصل مائة ألف متظاهر إلى وزارة الدفاع، مطالبين بحكم مدنى وعودة العسكر إلى مكانهم الطبيعى، فإن تغييرا مذهلا قد وقع، مع الوضع فى الاعتبار تلك الحرب الشعواء التى شنت ضد المشاركين فى هذه الفاعليات، بما اشتملت عليه من تكفير دينى وتخوين وطنى، فى أجواء مخجلة من التعامى الإعلامى، الذى كشفت الأحداث عن نكوصه إلى تلك الأيام التعبيرية، حين كان يقال فى صحف الحكومة عن عشرات الآلاف إنهم بضع عشرات من المتظاهرين، وتهرب كاميرات ماسبيرو من بحر البشر الهادر فى الميدان، إلى السمك الراقص فى النيل ابتهاجا بالحياة فى كنف نظام مبارك.

غير أن الخطير فى مسألة تهنئة الشعب وشكره على الانتصار على الشعب، أنها تظهر أن العقلية الحاكمة لا تصر على مواصلة اللعب بالنار، امتدادا لتلك اللعبة الخطرة التى بدأت فى بورسعيد ولا يريد صانعوها أن يتوقفوا عن ركل كرة النار فى ربوع مصر.
مقالات أخرى للكاتب

13‏/01‏/2012

يناير 13, 2012

وائل قنديل : سارق فرح الثورة

313

منتهى اللطافة أن يحتكر الاحتفال بالثورة من يهين الثورة ويحتقر الثوار ويطاردهم فى الميادين، ويوسعهم قتلا واعتقالا وسحلا وفقأ للعيون.

هى ليست ثورة المشير ولا الفريق ولا اللواء عتمان حتى يقرروا مكان وزمان الاحتفال بها ويفرضوا على صانعيها طريقة الاحتفال ومن يغنى ومن لا يغنى.

إنها ثورة الشعب، هو وحده الذى دفع ثمنها من لحمه الحى ودماء شبابه الطاهرة، هو من صنع المعجزة وأذهل العالم وأسقط الديكتاتور من عليائه، وبالتالى أن تمارس عليه ديكتاتورية الاحتفال.

إنها لم تكن ثورة لقيطة ولا مجهولة النسب حتى يأتى من يمثل عليها دور الأب البديل ويزوجها لمن يريد، ويختار للغناء فى فرحها من يشاء، ولأنها إبداع شعبى خالص من الألف إلى الياء فهى تعرف شعراءها ومغنيها، تعرف أبناءها وأصدقاءها وأهلها الحقيقيين، وهى التى أفرزتهم فى أرضية الميدان واحتضنتهم وعرفت الدفء معهم.

لقد كان من الجائز أن نحاول أن نصدق هذا العطف المفاجئ والحنان المباغت الذى ظهر قبل العيد، غير أن قوائم المسحولات واللاتى جرت تعريتهن بأحذية وهراوات الجنود، والذين فقدوا عيونهم فى الشوارع والميادين بخرطوش العسكر، والراقدين بين الحياة والموت فى المستشفيات، هذه القوائم تقف أمامنا شاهدا وشهيدا على منتهى الازدراء لثورة والامتهان لضحاياها، الأحياء منهم والأموات.

إنها المهزلة مكتملة التفاصيل لو أن حمادة هلال أو تامر حسنى فى مسرح الجلاء يجريان بروفات على أغانى حفل الثورة، بينما علاء الأسوانى ونوارة نجم ومظهر شاهين أمام النيابة.. أو أن يتجلى سيادة اللواء إبداعيا فيكتب كلمات أغانى الثورة، بينما سيد حجاب والأبنودى ونجم وإبراهيم عبدالفتاح وطابور من الشعراء الحقيقيين فى بيوتهم غير مدعوين للمشاركة فى الاحتفال.

وإذا كان السادة اللواءات الذين يحكموننا جادين حقا فى الاحتفال بالثورة ورد الاعتبار لها، فليفرجوا عن النشطاء المحالين للمحاكمات العسكرية والاستثنائية، كما يفعلون فى المواسم والأعياد فيفرجوا عن مئات من المسجونين فى قضايا سرقة وبلطجة وسطو مسلح.

إذا كانوا صادقين ومصدقين أنها بالفعل ثورة عظيمة فليحاكموا الذين صوبوا طلقاتهم على عيون الثوار، وعروا البنات وسحلوهن فى الشوارع، وليعتذروا عن الأكاذيب وحملات التشويه التى مورست فى حق مؤيدى الثورة وداعمى الثوار.

إن الحكمة العربية القديمة تقول: «كيف أعاودك وهذا أثر فأسك» ومن ثم لن يصدق أحد أن الذين مازالت طلقات رصاصهم مغروسة فى أجساد الضحايا، يحبون الثورة ويحترمون الثوار على هذا النحو المصطنع.

إنهم للأسف يريدون «تأميم الثورة» ومصادرتها من أصحابها الحقيقيين.

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى