جمال عيد
الحوار المتمدن - العدد: 497 - 2003 / 5 / 24
المحور: الحركة العمالية والنقابية
مقدمة
تسعى الرأسمالية دائماً عبر مؤسساتها المختلفة لا سيما المؤسسة التشريعية وباختلاف مسمياتها (مجلس النواب أو مجلس الأمة أو مجلس الشعب .....الخ)
الى السيطرة على الطبقة العاملة من خلال سن وتشريع القوانين العالمية ثم التشدق دائما باحترام تلك القوانين والتشريعات ، خاصة تلك القوانين التى تصدر فى فترات تراجع الحركة العالمية أو عقب معركة خسارة للطبقة العاملة مثل حين يكون القانون العالمى قد صدر عقبب انتصار عالمى أو فى حالة مد فى الحركة العالمية ، فان البرجوازية المصرية - مثلها مثل برجوازيات العالم - تقبل به على مضض ثم تحين الفرصة لخرقة ثم الانتفاضة عليه والغاءه والاطاحة بكل المكتسبات العالمية فيه أو بجزء منها من خلال سن تشريع آخر يلغى ذلك التشريع الذى فرضته العمال بكفاحهم وعرقهم والذى حققوا فيه تلك المكتسبات أو الامتيازات .
القانون ......عقد بين طرفين
والتشريع العمالى هو محصلته النهائية عقد بين طرفين
- الطرف الاول:
هو الدولة بكل أحهزاها ومؤسساتها المختلفة كمعبر عن الطبقة الرأسمالية فى مجتمع ما .
- الطرف الثانى:
هو الطبقة العاملة بكل فئاتها وشريحاتها والتى لا تملك سوى قوى عملها ووعيها بنفسها كطبقة ومدى قدرتها على تنظيم قوتها .
لذلك فمن البديهى أن تأتى التشريعات العمالية فى أغلبها وهى تعبر عن وججهة نظر الرأسمالية ورجال الأعمال فى علاقات العمل ، والتى بالطبع تفرض شروط عمل غاية فى الاستغل والنه- المقنن - للعمال .
أما فى الحالات التى تكون الطبقة العاملة فيها من التنظيم والوعى بمصالحها فإنها تستطيع فرض قوانين عمالية (وغير عمالية) تطرح بها وجهةنظر فى علاقات العمل والتى تقلل فيها قدر الامكان من الاستغلال والنهب الواقع على عليها وعلى جميع الطبقات الفقيرة والكادخة .
من هنا فإن القوانين العمالية هى إحدى حبيات الصراع الدائم بين العمال والرأسمالية يسعى كل طرف فيها الى الفوز وطرح شروطه حتى ينتقل الى حلبة أخرى حتى يتمكن من الفوز والسيطرة على مقاليد الامور فى تلك الرقعة من العالم ، تمهيداً لنقل الصراع الى رقعة أخى .
وقد تتشابه المقدمات فى أغلب بلدان العالم إلا أن أشكال الصراع ودرجة حدته تتباين من بلد لآخر ، وكذلك التجارب والخبرات النضاليةللعمال ايضاً ، وقد كان للطبقة العاملة المصرية خبراتها ونضالاتها الكثيرة منذ نشأتها فى أخريات القرن التاسع عشر وحتى اليوم ، حتى أنها استطاعت فى العديد من الاوقات فرض قانون لمصلحتها أو اسقاط قانون ضد مصالحها .
فى نفس الوقت الذى أصبحت فيه تلك القوانين التى تفرضها الرأسمالية المصرية أو التى تفرضها الطبقة العاملة تقوم بدور المؤشرالذى يوضح بدرجة كبيرة حال الطبقة العاملة المصرية منذ نشأتها وحتى الآن .
- قانون الباتنتا -الانتقال من العلاقات الحرفية الى العلاقات الصناعية .
على الرغم من أن النظام الصناعى فى مصب قد بدأ منذ عهد محمد علي وما يعينه من ظهور العمل امأجور ، حيث لا يحصل العامل على وسيلة عيشة ألا ببيع قوة عمله ، لا سيما فى المصانع التى أنشأئها محمد على ، إلا أن هذا النظام الصناعى لم يتبلور فى شكل علاقات عمل طبيعية ، حيث لم يكتب له النجاح نظراً لمغامراتمحمد على السياسية والعسكرية ، والطرق التى كان يتم بها جمع العمال للعمل فى تلك المصانع بشكل جبرى (( تشبه الى د كبير معسطرات العمل الجماعى فى الاتحاد السوفيتى إبان عهد سالتين))!
أيضاً فإن الاستعمار البريطانى الذى رزحت مصر تحت وطئته طويلاً كان يعمل جاهداً لعرقلةنمو الصناعة المصرية والاكتفاءفقط ببعض الصناعات التكميلية أو الترفيهية والمرتبطة أغليها بإنتاج القطن ولكنحتى تلك الصناعات البسيطة الممثلة فى حلج وكبس القطن والنقل والسجائروالاثاث ق تطورت وكانت سبباً فى نشأة غيرها من الصناعات حتى بلغ عدد العمال المشتغلين فى الصناعات والحرفوالمهن المختلفة نحو 4162554 عامل فى عام 1907 ، وقد أدى تطور تلك الصناعات وغيرها الى تقلص العلاقات الحرفية والطوائف الى حد كبير مما يتعين معه اصدار قانون يدشن المرحلة الجديدة المعتمدة على نظام العلاقات الصناعية فجاء قانون الباتنتا عام 1890 (الرخص الصناعية) ليصنع مبدأ حرية العمل وحرية التصرف حيث نص على أنه :
(( مباح لكل شخص قاطن بالديار المصرية أن يمارس أى صنعة أو حرفة أو تجارة أو فن يستثنى من ذلك الصنائع الخطيرة أوالتى تكون متعلقة بأشياء احتكرتها الحكومة ويمكن أن تحتكرها فىالمستقبل .وعلى كل شخص أو شركة يمارس فى القطر صنعة أو حرفة أو فناً أو تجارة غير منصوص على إعفائها فىالمادة الثانية من أمرنا هذا أن يدفع عوائد رخصة الصنعة التى يمارسها ويستثنى من ذلك الأجانب والشركات الأجنبية)) ولم يقتصر التطور على النشاط الصناعى فقط ، وانما قدوا كبة أيضاً فى النشاط الزراعى بعد تسلمالاستعمار البريطانى لزمام الامور فى مصر ونشأه طبقة من كبار ملاك الاض من الاجانب وكبار الموظفين .
وونشأة عدد م التفاتيش الزراعية التى تستخدم أساليب رأسمالية فى الزراعة ، الأمر الذى استدعى الغاء السخرة رسمياً فى عام 189 بعد 48 عاماً من صدورها قبيل حفر قناة السويس وتحديداً عام 1856 فى عهد محمد علي سعيد باشا . ولم يكن قانون إلغاء السخرة قد صدر بدافع انسانى أو بسبب الرغبة فى تسين حال الفلاح أو العامل الزاعى ، بل أنه على العكس قج صدر بدافع اقتصادى بحت وهو الرغبة فى وفير الظروف والايدى العامبة للعمل فى المشاريع الصناعية فى الري خاصة بعد ازدياد معدلات الهجرة من الريف للمدينة وارتفاع نسبة الهاربين من نظام السخرة . وقدكان الدليل الساطع على زيف إدعاءات الاصلاحيين فى ذلك الوقت ، أن متوسط أجور العمال فى لائحة السخرة التى أصدرها محمد على سعيد باشا كان يتراوح بين 25- 30 ميم بحانب الجراية اليومية ، فى حين أن متوسط الاجور لم يزد بعد الغاء السخرة عن 13 مليم فى اليوم .!!
الحركة العمالية تفرض مؤسساتها وقوانينها
وقد كان للتطور الذى شهدته مصر فى ذلكالوقت وما استتبعه من صدور قوانين تنظم شئون الصناع وتلغى السخرة أثره الطبي على وضوح الإنتماء الطبقى للعمال بغض النظر عن فوارق الجنسية أو اللغة (حيث كان فى مصر فى هذا الوقت نسبة كبيرة من العمال الأجانب) أو الذين مما ساهم بدرجة كبيرة فى نجاح آخر وأهم إصراب شهده القرن التاسع عشر وهو اضراب عمال لف السجائر فى ديسمبر 1899 والذى كان هدفه رفع الاجور ، وعلى الرغم من نجاح الاضراب الذى استمر حتى فبراير 1900 إلا أن العمال تقينوا أن استمرار وحدتهمهو الكفيل باستمرار نجاحهم فكان أن تكونت أول نقابةفى مصر وهى . جمعية لفافى السجائر فى القاهرة , التى ترأسها طبيب يونانى يدعى "كريازى" وسرعان ما انتشر خبرةوتجربة عمال لف السجائر الى زملائهمالعمال فى صناعات أخرى حيث تكون عقب تكين جمعية لفافى السجائر ، العديد من الجمعيات مثل جمعية اتحاد الخياطين بالقاهرةوجمعية عمال امطابع ، جمعية السجائر فى الاسكندرية ن جمعية كتبة المحاميين وغيرها .
محمد فريد والطبقة العاملة
م تجد الطبقة اعاملة فى مصرفى بداية نشأتها من يرتبط بها ويتحدث بلسانها فى ذلك الوقت خيراً من محمد فريد ( الذى خلف مصطفى كامل فى رئاسة الحب الوطنى) ، وعلى الرغم من أن الوعى الاشتراكى لم يكن قد تبلور بعد فى مصر إلا أن ارهاصات هذا الوعى قد لاقت قبول أخذ بها جانب العمال وتحدث عن مطالبهم والتى كان من أهمها وجود قانون لحماية ، ففى 29 يوليو 1908 وعلى صفحات جريدة اللواء يكتب مطالباً بقانون للعملة استهله قائلاً :-
(للآن لا يوجد بمصر قوانين خاصة بحماية العمال ولا قوانين تعين سن العمال ولا عدد الساعات التى يجب أن يقضيها العامل فى الشغل ,,) ثم أعقب ذلك فى نفس قيام محمد فريد بإنشاء عدداً من مدارس الشعب انتشرت فى العديد من أحياء القاهرة مثل بولاق وشبرا ثم امتدت الى الاقاليم ، الاسكندرية والمنصورة و طنطا ، مما كان له أكبر الاثر على انشاء الكيان النقابى الاقوى فى ذلك الوقت وهو - نقابة الصنائع اليدوية - والتى وصل عدد أعضائها الى 800 عضو فى نهاية 1909 .
1- لا يجوز استخدام الاحداث الذين لم يتموا من عمرهم فى معامل حليج القطن ولا السماح لهم بالدخول فى عنابر الشغل .
2- كذلك منعت اللائحة اعمل أكثؤر من 8 ساعات فى اليوم ، العمل ليلاًمن 7 مساء حتى 5 صباحاً (بالنسبة للأحداث) .
إلا أن أشتداد ساعد الحركة العمالية كان له على الجانب الآخر دوراً كبيراً فى اقدام أصحاب رؤوس الاوال على الضغط على الحكومة صجار تشيع يكبح جماح العمال ويضعف شوكتهم فأصدرت الحكومة قانون المتشردين فى 19/4/1909 والذى بموجبه ، يلقى القبض على كل من لم يكن له محل اقامة مستمر ولا وسائط للتعيش !! .
وبذلك أصبح أى عامل يتم فصله من العمل ((وخاصة من شارك بأحد الاضرابات)) عرضه :لإلقاء القبض عليه والزج به داخل السجون .
وعلى الرغم من اتساع حركة الاضرابات واسعة النطاق فى مصر فى تلك الفترة مثل اضراب عمال ترام القاهرة وعمال عنابر السكة الحديد ـ الا أن بدء الحرب العالمية الاولى واعلان الحماية على مصر عام 1914 كان ايذاناً ببدء هجوم استعمارى على الطبقة العاملة فاعتقل عدد كبير وهدوء فى صفوف الحكركة العالمية حتى بداية ثورة 1919 .
نضال ثورة 1919 وتشكيل لجنة توفيق بين العمال وأصحاب العمل
ما أن بدأت حالة المد الوطنى عام 1919 إلا وكانت الطبقة العاملة المصرية وعت ضرورة التحام نضالهاالاقتصادى والاجتماعى بالنضال السياسي والوطنى من أجل الاستقلال ، لذلك التحم نضال الطبقة العاملة بالحركة الوطنية وأكسبها درجة عالية من الجمهورية والتنظيم وضح أثره من الكم الهائل من الاضرابات العامية التى شهدتهامصر على اختلاف ارجائها والتى لم تهدأ (رغم انخفاض وتيرةالحركة الوطنية) حتى إنصاع مجلس الوزراءأنذاك الإرادتهم وقام بتشكيل لجنة للتوفيق بين العمال وأصحاب لأعمال استطاعت من خلالها الطبقة العاملة تسين شروطالعملليس فقط على مستوى الشركا والمؤسسات الكبرى ولكن حتى على مستوى المحال التجارية والورش الصغيرة ، وقد كان من أهم ما أنجزته تلك اللجنة :- 1- مضاعفة الاجور
2- سريان يوم العمل ب 8 ساعات فى العديد من الشركات
3- منح العمال أجازة سنوية
4- مكافئة نهاية الخدمة بواقعشهرعن كل سنة خدمة
5- فرض نسب من المرتب عن أيام الاصابة أو المرض
الحزب الاشتراكىالاول واتحاد النقابات الاول
كان من جراء شور العمال المصريين بنجاحهم ودورهم الفعال فى ثورة 1919 فضلا عن ترسيخ قناعتهم بأهمية توحدهم فى مواجهة رأس المال المتمثل فى الشركات الاستعمارية المصرية ، أثره الكبير فى انتشار حى تكوين النقابات حتى لقد بلعت فىأوائل العشرينات نحو 95 نقابة مقسمة كالتالى:-
القاهرة 38 والاسكندرية 33 نقابة - منطقة القنال - الاقاليم نقابات .
هذا على الرغم من شعور الاستعمار البريطانى ورأس المال المصرى بخطر توحيد العمال وظهورهم كطبقة مما جعلهم يصدرون ...
القانون رقم 2 لسنة 1921 بشأن تجريم الاشتراك بالنقابات !
وفى عام 1920 وعقب إعلان تأسيس الحزب الاشتراكىالمصرى كانت استجابة العمال الى نداء الحزبالاشتراكى بتكوين اتحاد للنقابات سريعة بحيث استجابة للنداء مندوبو هيئات تمثل نحو 30 ألف عامل .
وخو ما لفت أنظار الأحزاب السياسية والاسرة (المالكة) الى أهمية العمال المصريين ودورهم فبدأ كل منها يحاول احتوائهم الاستفادة وصولا الى قمعهم خاصة بعد أن أعلنت العديد من النثابات عدم التزامها بهذا القانون بعد مبادرة من نقابة عمال ترام القاهرة .
فما كان من السلطات إى أن أصدرت القانون رقم 32 لسنة 1922 بشأن تشديد العقوبة على من يرود للشيوعية ، والقانون رقم 37 لسنة 1922 بشأن تحريم االاضراب على المستخدمين فى المصانع ذات النفع العام !
وقد مان من المسلم به أن تبدأ الحركة العمالية (بعد تلك القوانين القمعية التى عانت منها) فى التراجع حتى إستطاع حزب الوفد بعد تسلم سعد زغلولرئاسة الوزراء أن يشنحملة مسعورة عى اتحاد النقابات وقيادات الحزب الشيوعي أسفرت عن حل الاثنين ونهايتهما .
الاتحاد الثانى للعمال تت لواء الوفد .
لم تكن الضربة التى وجهها حزب الوفد لاتحاد النقابات المصرية (الاول) إلا محاولة منه للسيطرة على حركة الطبقة العاملة واحتواءها الاستغلال ، لذلك فماأن تم القضاء على اتحاد النقابات فى فبراير 1924 حتى بادرت حكومة الوفد الى تكوين ما سمى ب الاتحاد العام لنقابات العمال بالقطر المصرى - برئاسة الرجل الثانى فى حكومة الوفد قد أظهرت تنازلات شكلية وحاولت إظهار هذاالاتحاد على أنه المدافع عن مصالح العمال ، خاصة مع إصدار قانون أساسى له ، إى أن العديد من النقاط تثبت عكس ذلك ومنها :-
1- لم تلتفت حكومة الى المطلب العمالى الأهم فى هذه القترة وهو إصدار قانون للعمل .
2- سحب حق الاضراب الذى نص قانن الاتحاد عليه وذلك بالاشتراط على موافقة 80% من الأعضاء عليه .
3- إزدياد حالات فصل النقابيين والعمال وغض حكومة الوفد الطرف عنهم .
ذلك كان من الطبيعي ألا يرفع صوت العمال أو تبدر منهم معارضة حينما انتهى هذا الاتحادبعد عام واحد فى1925 على يد وزراء زيورا باشا، نتيجة لشعور العمال بأن هذا الاتحاد- المنحل - قد جاء من أعلىولا يعبر عن مصالحهم الطبقية .
أيضاً كان من الضربات التى وجهت للطبقة العاملة والتى جعلتها توقن من حدة الصراع بينهما وبين الحكومات المعبرة عن الرأسمالية الاجنبية والمصرية على حد سواء هو إضافةأحكام جديدة الى قانونالعقوبات بتحريم الاضراب على المستخدمين فى المصانع ات النفع العام وقيع العقاب على من يمارسه أو يحرض عليه ، مما دعى الكاتب أمين الرفاعى الى كتابة مقال بخصوصجلسة مجلس الوزراء بهذا الصدد استهلهاقائلا :
<إن مجلس الوزراء قد عقد جلسته الأخيرة ولم يعقدها دون أن يخرج للناس بنكبة جديدة كالنكبات السابقة>
مشروع لجنة رضا لوضع تشريع العمل
ل يشهد النصف الثانى من العشرينيات تغيراً ما عى السياسة فى مصر ، خاصة بعد تولى عدد من الوزاراتالتى لمتفق سوى فى البطش بالطبقة العاملة المصرية ، فيما عدا تشكيل لجنة برئاسةعبد الرحمن رضا باشا لوضع تشريع للعمل بدأت فى 1927 وانتهت فى 1929 إلا أن المشروع لم يرى النور بسبب بدء الازمة العالمية فى نفس العام والتى أثرت كثيراً على مصر ، وأيضاً بسبب تخلى حكومة الوفدعن مساندة الطبقة العاملة (الشكيلة) حرصاً على عدم اضافة أى أعباء جديدة على رأس المال الذى يمثله اتحاد الصناعات .
شئون العمال فى الأمن العام
خطوة تعكس رؤية !!
كان التراجع الذى أصاب حركة الطبقة العاملة فى نهاية العشرينيات ومحاولةالاتواء والسيطرة التى مارستها الاحزاب عليها قد شجعت الحكومة المصرية - التى وعت تماماً قوة وتأثير الطبقة العاملةعى محاولة حصار النضالات العمالية وكبحح جماحها فكان أن أصداراسماعيل صدقى قرار تأسيس مكتب العمل فى مصلحة الامن العام بوزارة الداخلية فى فبراير 1930 ، وكما يقول جويل بنين :
((أنه كان من الطبيعي أن يكون مكتب العمل الجديد جزءاً من الجهاز الأمنى الذى يديره الانجليز ، وكان أيضاً يعكس رأى الحكومة وأصحاب الاعمال بأن الشئون العمالية مشكلة بوليسية أكثر منهااتماعية)) إلا أن هذه الفترة شهدت إهتمام فعلى وتدخل مباشر - بدوافع مختلفة - من بعض الشخصيات الهامة مثل النبيل عباس حلي واسماعيل صدقى نفسه وحزب الوفد ، فكان أن تشكل فى هذه الفترة اتحادانللعمال :
الاول - هو اتحاد عام نقابات عمال القطر بقيادة عباس حليم .
والثانى- المجلس الاعلى لاتحاد النقابات بقيادة حزبالوفد .
وهنا حدث إنشقاق فى الحركة العمالية نتيجة لتنافس عباس حليم مع حزبالوفدعلى اجتذاب العمال وخروج اسماعيل صدقى من دائرة التنافس بعد كشف زيفإدعاءاتهبتبنى قضايا العمال .
إلا أن نفس الفترة شهدت صعود حاد فى الحركة العمالية تتمثل فى عدد هائل من الاضرابات التى تطورت الى احتلال لعديد ن المصانع والشركات مثل إضرابات عمال جباسات البرح فى أغسطس 1933 وعمالمصانع الزيت فى الاسكندرية عام 1936 وعمال مصنع تكرير السكر بالحوامدية نفس العام وعمال ناة السويس (ذى الأغلبية الفرنسية المتأثرين بالحركة العمالية الفرنسية **
وازاء تلك الحركة العمالية لم تجد وزراء صدقى بدأ من الانصياع للمطالب العمالية - ولو جزئياً - فتمتشطيل لجنة من المصريين والبريطانيين لعمل مشروع عمالى بالاضافة الى إيفاد بعثة .
هارولدبلترالتابع لمنظمة العمل الدولية> لدراغسة الاوضاع العمالية وقد تمحضت تلك البعثة الى وضع الأول - نظم عمل الاحداث برقم 48 والثانى - برقم 80 ونظم عمل النساء وعلى الرغم من أن الضمانات المكفولة بموجب هذب=ين القانونين لحداث والنساءكانت محدودة إلا أن أحداً منهم لم يطبق ولميحسن وضعاً .!
كما أفل نجمى الاتحادا العالمية المشكلة فى هذا الوقتنتيجة التنافس ورغبة كل منهم - الاتحاد الوفدى - فى السيطرة وليس التعبير عن الطبقة العاملة .
فلم يلبث العمال أن أعلنوافى 8 مايو 1938 إضراباً عاماً للمطالبة باصدار تشريع عام للعمل وتحركات العديد من النقابات فى مظاهر حاشدة لتعلن مطالبها وه :-
1- الاعتراف بالنقابات العمالية .
2- إعادة النظر فى قانون إصاات العمل .
3- مراقبة المحال لتنفيذ تعليمات وقرارات مصلحةالعمل .
4- تحديد ساعات العمل بثمانى ساعات.
5- حل مشكلة البطالة .
ثم بعد هذا الاضراب قررت بعض القيادات العمالية من ثمانى نقابات اعلان عن الطعام حتى يتم الاستجابة لمطالبه التى تلخصت فى الاعتراف بالنقابات واستصدار تشريعاتهم وكان أن بدأت حركة جماهيرية واسعة لتأييد القادة المضربينعن الطعام فى مطالبهم ، وتحت تأثير تلك الحركة الاضرابية والجماهيرية أحيل مشروع النقابات لمجلس النواب فى عام 1939 ، لكنه ظل حبيس الادراج حتى عام 1924 .
الحكم بحق الاضراب لعمال السكة الحديد 1940 :
ودائما السكة الحديد
م تهدأالحركة العمالية بعد تقديم الوعود بالنظر فى اقرار تشريعاتهم وإنما كانت حركتهم تزداد حدة وتأخذ أبعاداً جديدة حتى تمكنوا من الحصول على حكم من محكمة الاسكندرية الكلية الأهلية فى 24فبراير 1940 يعطيهم الحق فى الاضراب حيث جاء به :
((وحيث أن حق العمالفى التوقف عن العمل فرادى وجماعات حق مقرر قد سلم لهم به الشارع ..
فلا جناح على العال اذا اجتمعوا وتشاوروا واتفقوا على أن مصلحتهم تقتضى عليهم الامتناع عن العمل و قرروا ذلك وعمدوا الى اذاعة هذا التقرير......)) ثم أعقب ذلك أن العمال المصريين الى جانب فرضهم لوجود تمظيمهم النقابى بقوة نضالهم من الحصول على حكم قضائى آخر يعترف بهذا الحق ، وهو حكم محكمة مصر الابتدائية الأهلية فى 20 مارس 1940 الذى جاء فيه :-
((ليس فى نصوص القوانين المصرية حتى اليوم ما يوجب صدور قانون خاص لتكوين النقابات والجمعيات ، كما لا يشترط صدور هذا القانون لإكتسابتلك الهيئات الشخصية المعموية ...............))
صدور أول قانون ينظم نقابات العمال فى مصر 1942
من هنا لجأت حكومة الوفد الى محاولة إرضاءالجماهيروالعمالوذلك باصدار القانون رقم 85لسنة942 بشأنالاعتراف بنقابات العمال ، ولكنه كان قانون لا يرقى حتى الى مستوى الأمر الواقع ، بل عمل على أن ينقص تلك المكتسبات التى حققتها الطبقة العاملة ، مثل إهدار هذا القانون لحق عمال الزراعة والممرضون وعمال المستشفيات ومن فى حكمهم من الاندراج تحت لواء النقابات ، كذلك حرم هذا القانون على النقابات أن تشكل فيما بينهما تحاداً يوحد كل العمال على اختلاف منهموحرفهم تحت لواء اتحاد نقابى واحد يمثل مصالحهم ، فضلاً عن عمل حكومة الوفد بنصائح الانجليز وإخضاع النقابات للرقابة الحكومية !
وعلى الرغم من تلك العيوب الكبيرة فى القانونإلا أنه يعد خطوة أولى فى طريق نضال العمال مما دفعهم الى زيادة نشاط تكوين النقابات حتى بلغ عدد النقابات المسجلة عام 1944 الى 210 نقابةتضم 102876 عامل .
ثم أعقب هذا القانون صدور كل من القانون رقم 86 لسنة 1942 بشأن التأمين الاجبارى عن حوادث اعمل والانون رقم 41 لسنة 1944 الخاص بعقد العمل الفردى .
قوانين المل الوفدية ، خطوة للأمام - خطوة للخلف !!
مثلت تلك القوانينالتى وضعتهاحكومة الوفد بدأ من عام1942 حالة من حالات إمساك العصا من النصف أو كما يقولون <الضحك على الذقون> فبقدر ما كانت تلكالقوانين تؤكد حقوقاً للعمال ، كانت على النقيض من ذلك تهدر حقوقاً اخرى وتخل بعلاقات العمل ، وهو ما يتمثل فى الآتى :-
1- إيجابيات تلك القوانين :
?أ) تحقيق المطلب الخاص بالاعتارف بالنقابات ومنحها الشخصية المعنوية .
?ب) ضمان تعويض للإصابة التى تحدث للعامل فى العمل .
?ج) منح العامل إجازات مدفوعة الأجر .
?د) معاقية أصحاب العمل الذى يخل بشروط عق العمل .
2- سلبيات تلك القوانين :
?أ) سلب حق الكثير من العمال فى تكوين نقابات لهم مثل عمال الزراعة .
?ب) حرمان العمال من تكوين اتحاد عام لنقاباتهم .
?ج) الانصياغ لإراداة رأس المال وذلك باستثناء اصحابالاعمال التجارية من التأمين على عملهم .
?د) منح أصحاب العمل حق سخ عقد العمل وإمكانية التحايل على منح العامل تعويضاً عن ذلك .
وقد شهدت الفترة الاولى التى أعقبت انتهاء الحرب الثانية موجة تصاعد من الاضرابات العمالية والمد الجماهيرى تصدت بها حكومة اسماعيل صدقى بشراسة ووحشية إلا أن العمالية استمرت فى تصاعد وصل الى ذروته بالتقاءها بحركة الطلبة تكوين الجنة الوطنية للعمال والطلبة .
ظهور مطلب حل النقابات :
كانت المرة الاولى التى دعى فيها حل النقابات ى إضراب عمال شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة فى يونيو 1947 حينما تم فصل عدد كبير من العمال كبار السن ونشرت الشرطة لائحة جديدة مليئة بالجزاءات المتعسفة ، دون أى تحرك من النقابات بل وتأييده الإجراءات الشركة المتعسفة ، فكان ن طالب العمال ضمن مطالبهم الاربعة بحل النقابات الحالية لأنها تخضع لعملاء الشركة وانتخابات نقابة جديدة ، أمام تعسف الشركة قام العمال باحتلال المصنع مطالبين بصرف رواتبهم عن فترة الاضراب وحل النقابة مما إضطرت الشركة لإستدعاء قوات عسكرية إصطدمت بالعمال ولكن العمال إستطاعوا افراض ارادتهم وتمحل النقابة وانتخاب نقابة جديدة ، وإن لم يتم الاستجابة للمطالبة الأخرى وهىالغاء لائحة الجزاءات ووقف فصل العمال .
الحقبة الناصرية قوانين جديدة .. بسياسات قديمة
خميس والبقرى والقضاء العسكرى بعد استيلاء تنظيم الضباط الاحرار على مقاليد السلكة فى مصر 1952 ، كان أول ما التزم به الضباط الاحرار هو مبدأ عدم السماح بأى تحد سياسى منظم للنظام .
وقد ساعدت الروف الضباط لتأكيد ذلك على حساب الطبقة العاملة عندما انتهزو فرصة تظاهر عمالية لعامل كفر الدوار يعلنن فيها عن بعض مطالبهم ، وآملين فى حركة الجيش خيراً ، فتتحرك قطاعات عسكرية ضخمة لتسيطر على مدينة كفر الدوار وتلقى القبض على 545 عاملاً .
ثم يعد رجال يوليو محاكمة عسكرية صورية لثلاثة من العمال هم - مصطفى خميس ، محمد البقرى ومحمد شهاب ، ويتولى الدفاع فيها أحد رجال السلطة اليمينية (والذى ترك المحاماة وتفرغ للصحافة) وهو مرسى صبرى .
حيث يتم اعدام خميس والبقرى وسجن محمد شهاب ، وقد أفلحت أراد نظام يوليو العسكرية إرسالها لكل القوى الاحزاب السياسية ، وعلى رأسها حركة حدتو التى يعد سكوتها على اعدام خميسوالبقرى إحدى سقطاتها والتى استمرت ووصلت الى حد تأييد نفس نظام يوليو العسكرى .
هذا وقد استمرتالمحاكمة العسكريةالصورية كطأداةطيعة فى يد النظام وسيف مسلطة على رقاب العمال المصريين خاصة مع بدء التقارب بين نظام يوليو وجماعة الاخوان المسلمين المعادية للطبقة العاملة .
*******قوانين الضباط الاحرار*******
لم تكن الاساليب التى برع فبها حزب الوفد فى تعامله مع الطبقة العاملة لتغيب ن الاذهان رجال يوليو _وهى السيطرة والاحتواء أو المنح بيد والسلب بأخرى) لذلك فلم يجد تنظيم الضباط الاحرار غضاضة فى استخدام نفس الاساليب واللآليات فى التعامل مع الطبقة الععاملة ، حين قاموا بتشريع العديد من القوانين التى تمنح فى ظاهرهاللعمال لكنها على الجانب الآخر تحاول تفريغ الحركة العمالية من مضمونها وتفقدها العديد من حقوقها الأخرى .
ومن أهم تلك القوانين :
1- قانون عقد العمل الفردى رقم 317 لسنة 1952 :
والذى حدد فترة للإختبار ووفر الرعاية الطبية وحماية الحق النقابى وتعويض الفصل ، إلا أنه يلزم بإجراءات محددة ومواعيد ملزمة مما فرغ القانون من مضمونه وجعله لا يطبق إلا فى نطاق ضيق .
2- قانون نقابات العمالرقم 319 لسنة 1952 :
والذى سمحح ولأول مرة لعمال الزراعة والمستفيات بالانخراط فى النشاك النقابى فضلاً عن جواز تكوين اتحاد عام للنقابات ، إلا أن القانون كان هو فاتحة السيطرة على النقابات وتفريغها من مضمونها حينما جعل العضوية اجبارياً لمن يلتحق بالمنشأة الصناعية ، مهملا العضوية الطوعية التى تزيد تزيد اللجنة النقابية صلابة وقوة .
3- القانون رقم 318 لسنة 1952 بشأن التوفيق واتحكيم .
والذى يعد أبرز ما قرره حظر الإضراب نهائياً .
وعلى الرغم من محاولة نظام يوليو الظهور بمظهر المعبر عن كل الطبقات الاجتماعية إلا أن انتمائه الطبقى البرجوازى ومعداته للطبقة العاملة يتضح ليس فقط من خلال تلك القوانين المفروضة من أعلى والتى تسفر عن مكاسب حقيقية ، بل أيضاً من خلال تعطيله حتى لتلك القوانين التى فرضها بعدم سماحه بقيام اتتحاد للعمال كنص القانون أو الاعتراف باللجنة التأسيسية للإتحاد العام للنقابات والتى تشكلتفى عام 1951. ثم مصادرته للحريات السياسية فى مصر وتشكيل وحزبه الواحد (هيئة التحرير) والذى جاء ذكر الطبقة العاملة فيه بعبارات مائعة بعد نظرية الوههم وشعار (تحالف قوى الشعب العامل!)
**** تأسيس اتحاد العمال فى يناير 1957 :
بعد أن أفلح نظام يوليو فى شق وحدة العمال إبان أزمة 1954 (بأن حرضوا العديد من النقابات على الاضراب لتأييد الغاء الديمقراطية واستمرار النظام العسكرى ، فى مواجهة نقابات أخرى تؤيد الابقاء على الديمقراطية والغاء الطوارئ الإراج عن العمال السجناء ) كان أن فرر النظام مكافأة العمال على مشاركتهم الفعالة فى حرب 1956 بأنسمحوا بسريان القانون 319 لسنة 1952 <بعد تعطيله خمس سنوات> والى ينث على تكوين اتحاد عام ، وبالفعل تم تشكيله ولكن قطاعات كبيرة من الطبقة العاملة كانت قد كشفت الدور البرجوازى والانتماء الطبقى للضباط الاحرار فلم يستجيب لنداء تكوين اتحاد للنقابات سوى 242485 من مجموع العضوية النقابية المقدرة بـ 45942 تقريباً .
((لقد توصلنا الى أخذ موافقة مجلس الثورة على إقامة الاتحاد العام ..
رغم تخوفه الشديد من ذلك ..
وباختصار لقد ظل هذا التخوف قائما ..
وطالبونا المؤتمربأسماءاختاروا هم منها - رئيس وأعضاء التشكيلة وحددوهم بالاسماء ..
بل أن ذلك استمر لعدة دورات متالية ..!!))
هكذا كان حال أول اتحاد عام للنقابات بعترف به رسمياً ، وعلى الرغم من ذلك نتيجة لعدم ثقة ثورة يوليو وخشيتها من الطبقة العاملة ، فقد صدر أيضاً القرار رقم 8 لسنة 1958 الذى كان يشترط عضوية الاتجاد القومى بالنسبة لكل من يرشح نفسه لمجالس ادارات المنظمات النقابية .
ثم بناء على اعتراض أجهزة الأمن لم يطبق الجزء الخاص بالنقابات فى قانون العمل الموحد الذى صدر عام 1959 برقم 91 .
وبشكل عام يمكن القول أنه فى مقابل بعض المكاسب الشكلية (والتى أتت من أعلى) فإن الحركة النقابيةالتى ولدت فى أحضان السلطة قد فقدت استقلاليتها وباتت تابعة للأنظمة الممتابعة بدأ من نظام يوليو حتى النظام الحالى ، وهو ما عبر عنه أحد العمال السلطة ، فقد فقدت استقلاليتها وباتت تابعة للأنظمة المتتابعة بدءاً من نظام يوليو حتى النظام الحالى ، وهو ما عبر عنه أحد العمال عقب ازدياد حالات الفصل فى ظل نظام يوليو <أن العمال كانوا يصدمون أحياناً عندما يكشفون أن هناك فارقاً بين النضال الوطنى والصراع الطبقى> .
قانون النقابات 62 لسنة 1964:
التأميم يطول النقابات
لم يدخر نظام يوليو جهداً فى تهميش الطبقة العاملة وتكبيلها بقوانين تفقدها استقلاليتها ودورها حتى استطاع السيطرة على الاتحاد تماماً ، ثم قيامه بحملة اعتقالات 1959 التى طالت العديد من القيادات العمالية ، وكان أن شنت تلك المرحلة التى صودرت فيها الحركة النقابية تماماً باصدار القانون 62 لسنة 1964 والذى أضاف قيوداً جديدة على العمل النقابى ، حينما جعل موافقة الاتحاد الاشتراكى (والذى يعتمد بدوره على الجها الأمنية) شرطاً أساسياً لترشيح أى عامل لمستويات نقابية ، ثم تعليق معظم التصرفات النقابية مقراراتها لتكون متوقفة على موافقة الجهات الادارية ووزير العمل!! وكان من الطبيعي فى هذه الظروف أن تنصرف جماهير العمال عن تلك النقابات السلطوية فيصبح عدد المقيدين أقل من مليون ونصف مليون عامل ضمن أكثر من سبعة ملايين ونصف مليون عامل هو عدد العاملين فى مصر فى الستينيات، فضلاً عن استمرار شكلية تنظيم عمال الزراعة (وحتى اليوم) .
والغريب فى الأمر أن اليسار الذى هلل طويلاً لنظام عبد الناصر كان ثنى على تركيز النقابات العامة فى 27 نابة بدلاً من 75 نقابة ، وكأنها خطو تقدمية من النظام الاشتراكى ...........!!
ناسين أو - متناسين - أن الهدف كان إحكام القبضة على التنظيم النقابى وقد كان ، حتى أن قلة قليلة من كتتابات هؤلاء السياريين لم تذكر أن نظام عبد الناصر قد عطل الانتخابات العالمية (رغم صوريتها وشكليتها) من عام 1964 حتى عام 1971 ! على الرغم من اجراء انتخابات الاشتراكى ومجلس الأمة والنقابات المهنية ، أما النقابات العمالية فقد كانت بالتعيين ، ويقول جمال البنا عن هذه الفترة :
أنه يكفى الاشارة هنا الى أنه بعج رئيسى الاتحاد الأولين الذين
كان لهما اعدة عمالية تؤهلهما لرئاسة الاتحاد - ولم يقل لقيادة
الحركة العمالية - وهما - أنور سلامة (1957 - 1962 )
وأحمد فهيم (62 - 1969) بدء زحف القيادات المسيسة ممثلاً فى
عبد اللطيف بلطية (69 - 71) الرءيس الأول للإتحاد الذى مع ما بين
رئاسة الاتحاد وتولى الوزراء ثم صلاح غريب (71 - 76) الذى
لم يكن يشفع له رئاسة الاتحاد سوى صداقته لممدوح سالم
وزير الداخلية ثم رئيس الوزراء بعد ذلك
الحركة العمالية فى السبعينيات ،
مكاسب قانونية ..............وخيانات نقابية .
وبعد تولى عبد الناصر تولى إستيلاء السادات على مقاليد الحكم فى مصر كانت أولى اجازاته هو حل جميع المنظمات الشعبية وضمنها النقابات العالمية ، فيما مى ثورة التصحيح ، وأعقب ذلك بشهور سعى نظام السادات لإعادة بناء النقابات العمالية لتكون أكثر موالاة له وبنقس القواعد القديمة وبدعم من اليسار الاصلاحى توج صلاح غريب(رجل الأمن) فى مواجهة أحمد الرفاعى المحامى السيارى .
وقد ظل صلاح غريب رئيساً للإتحاد حتى 1976 فقطأنه كان أفضل من يمثل مصالح الرأسمالية المصرية فى خندق العمال ، حتى أنه كان من أول المطالبين بدعم الانفتاح ورأس المال العربى والاجنبى ، ففى سبتمبر 1973 وبعد أن قام صلاح غريب باستبعاد العديد من القادات النقابية والسيارية (بعد أن أدوا دورهم فى دعمه كرئيس للإتحاد ) قدم اتحاد العمال الذى يرأسه تقريراً الى حكوممة السادات طالب فيه (باصدار قوانين لحماية رؤوس الأموال العربية والاجنبية التى تبغى أن تستثمر فى مصر ، ويطالب توسيع الأفق للإتفاقات الاقتصادية الدولية .....) تماماً مثلما يحدث فى الأمة:.
وكان هذا الموقف من اتحاد العمال - المعادى للعمال - يعبر عن الضوء الأخضر لصدور القانون 43 لسنة 1974 والمعروف بقانون الانفتاح ، الذى أعطى لرؤوس الأموال من كل الجنسيات حوافز سخية ومقتطعاً الكثير من حقوق العمال المصريين، الذين لم يكونوا عند حسن ظن الرأسمالية المصرية واتحادها النقابى ، حيث واجه العمال المصريين هذا الهجوم الرأسمالى وأثاره عليهم بموجة ضخمة من الاضرابات والاعتصامات العمالية وصلت الى حد احتلال المصانع فى شبرا الخيمة بالاضافة الى تمرد عمالى فى المحلة - استدعى تدخل الجيش - عبرت الطبقة العاملة خلال تلك التحركات العمالية عن رفضها لسياسات نظام السادات الرأسمالية وإتحاده العمالى الموالى للرأسمالية ، حتى استطاعت الطبقة العاملة عبر هذه الاحتجاجات والتحركات العمالية أن تفرض العديد من المكاسب والامتيازات سواء النقابية أو الاقتصادية حتى أنها توصلت الى تقنينها وفرض الكثير من شروطها خلال ثلاثة قوانين هى :-
1- القانن 35 لسنة بشأن النقابات العمالية .
كان هذا القانون أولى ثمار الضغط ضد نظام السادات البرجوازى وعلى الرغم من أنه لم يقدم مكاسب ضخمة إلا أن العمال استطاعو أن ينتزعة حق الاعتراف بالشخصية الاعتبارية للجنة النقابية وهو الحق الذى سلبه القانون 91 لسنة 1959 الناصرى ، فضلاً عن استصدار حق النظر فى التشريعات التى تخص المهنة والعمال .
2- القانون 47 لسنة 1978 للعاملين المدنيين بالدولة .
3- القانون 48 لسنة 1978 للعاملين بالقطاع العام
وبهذه القوانين التى فرضها العمال بتحركاتهم استطاعوا ضمان حد أدنى للأجور وعدد ساعات محددة وضمان ضد الفصل التعسفى وأيام الاجازات المدفوعة الأجر .
* إلا أن التحركات العالمية من أسفل والتى أذت الى العديد من المكاسب لم تقابل من قيادات الاتحاد العام للعمال إلا بمزيد من التلااجع والارتماء فى أحضان نظام السادات الارأسمالى ، حيث تجلى ذلك فى رفض قيادات الاتحاد العمالى فى لقاء مع السادات لفكرة قيام حزب عمالى أساس طبقى ، فى مقابل قيام السادات بتصفية القلة الباقية من العناصر النقابية والعمالية من بعض اليساريين والناصريين - فى الاتحاد على الركوز والموالية له والتى قانت - وحتى اليوم - بتأدية الدور المرسوم لها بمحاولة تزريز الطبقة العاملة المصرية .
قوانين الثمانينيات والعودة للخلف :
- لم تدخل البرجوازية المصرية جهداً فى سبيل اعادة الوضع مرة أخرى الى ما كانت عليه قبل تفجر الغضب العمالى فى السبعينيات ، خاصة وقد سطرت القيادات النقابية الصفراء فى الاتحاد العام والنقاباتاعامة شهادة ايجارتها الى الطبقة الحاكمة ، لذلك ففكان أن استهل عقد الثمانينيات بشن حملة تشريعية يتم بها سحب العديد من المطتسبات العمالية التى تم الحثول عليها إما بنضالات العمال فى السبعينيات ، أو حتى ما منحه نظام يوليو للعمال من مكاسب شكلية :
1- القانون 1 لسنة 1981 . بتعديل قانون النقابات 35 لسنة 1976 :
وقد تلاقت فى هذا القانون رغبات النظام الطبقى فى مصر مع اتحاد العمال الموالى له فى سب البساط من تحت أقدام اللجان النقابية القاعدية فى المصانع والشركات ، فكان أن تم سحب الشخصية الاعتبارية من اللجان النقابية وذلك عبر شطب اسم اللجنة النقابية ووضع اسم النقابة العامة بدلاً منها فى 22 مادة ضمن سبعة وثلاثين مادة تم تعديلهم فى القانون 35 لسنة 1976 . بذلك أحكم الاتحاد العام من قبضته (وبالتالى قبضة النظام الطبقى) على اللجان النقابية مصدر التوتر الطبقى الدائم له .
- لذلك فإن التحركات العاليمة اللاحقةعلى هذا القانون ، قد أتت وفى الأغلب الأعم منها وليدة قيادات عمالية خارج التنظيم النقابى بكل مستوياته ، بل كان الصراع دائما بين العمال وقيادتهم الطبيعية من جانب والنقابات الرسمبة والدولة من جانب آخر .
2- القانون 137 لسنة 1981 (قانون العمل) .
جاء هذا لاقانون الدعائى شديد السشبه بقوانن نظام يوليو من حيث ان الظاهر يوحى بحماية حقوق العمال وهو فى حقيقته يقيد المال ويفرغ تلك الحماية من أى مضمون حقيقى لها !
فهو قد جاء ملئ بالمواد العقابية لمن يخالف أحكام ( من أصحاب العمل ) ، لكنها عقوبات هظيلة وغير رادعة تصل فى حدودها القصوى الى الغرامات المالية بمبلغ عشرة جنيهات !!
وكما يقول أشرف الدهشان المحامى:
(والمدهش فى الأمر أن جنحة إصدار شيك بدوم رصيد معاقب عليها بالحبس الوجوبى الذى يصل الى ثلاثة سنوات ، بينما يعاقب صاحب العمل على المخالفات والجرائمالتى يرتكبها ضد العامل بالغرامة التى لا تتجاوز (عشرة جنيهات) ثم يتضح الدور الطبقى العادى للعمال عند تفسير المشرع لتلك العقوبات الهزلية ، فى المذكرة الايضاحية للقانون قائلاً <<لا شك أن زيادة الانتاج من أهم المتطلبات ، ولا يأتى ذلك إلا بقيام القطاع الخاص بدور ملموس فى الانشطة الاقتصادية ، سواء باستمرار الأموال الوطنية أو العربية أو الأجنبية ، ذلك أن عقوبة الحبس قد تؤدى تخوف المستثمرين ويمنعهم من الاقبال على المشورعات الاقتصادية المرتبطة بخطة التنمية>>!!.
وهكذا ، فإن كل شئ مباح بالمنطق البرجوازى فى سبيل الاستثمار ورأس المال، بدءاً من استغلالالعمل حتىتشريده .
قوانين التسعينيات ، والحركة العمالية:
بين التضليل الايدولوجى والشراسة الرأسمالية .
إن عودة الروح الى الطبقة العاملة المصرية والتى تجلت فى موجة عنيفة من الإضرابات بدءاً من 1984 (إضراب عمال كفرالدوار ) وحتى إضراب الحديد والصلب 1989 ، لم يواكبه وجود حركة يسارية قادرة على ربط تلك الحركات العمالية بالساحة السياسية كخطوة الى الامام ، بل على العكس ، فقد كان اليسار الاصلاحى فى مصر يمثل - فى أحوال كثيرة - حجرة عثرة فى طريق تحول الاضرابات الاقتصاديةالى إضرابات سياسية ، عبرالعديد من الشعارات المضللة طبقياً ، لذلك لم يكن يسار الأمس (الذى تواط بسكوته على اعجم خميس والبقرى فى 1952 والذى هلل لنظام يوليو العسكرى ونعته بالاشتراكى .) يتخلف عن يسار اليوم الذى يرقع شعارات التنمية المستفلة بدلاً الدولة العمالية ويحرض العمال ضد صندوق النقد الدولى بدلاًمن النظام البرجوازى تحت مقولة التبعية المضللة ، وهو الأمر الذى مهد الطريق لهذا النظام البرجوازى المتحالف مع الرأسمالية الدولية لأن يشن هجمة تشريعية جديدة ضد الطبقة العاملة تمثلت فى :
1- القانون 203 لسنة 1991 (المعرف بقانون قطاع الأعمال العام) .
وقد صدر هذا القانون ليفتح الطريق ويجعله أما بيع وحدات القطاع العام وعودة النظام المصرى من مرحلة رأسمالية الدولة الى الرأسمالية الكلاسيكية والتقليدية ، إلا أن هذا التحول يستدعى أيضاً الاجهاز على العديدمن الحقوق العمالية التى قضى القانون عليها بالفعل :-
1- تفتيت الحركة النقابية من خلال المادة 43،42 التى تعطى لكل شركة - على حدة - حق إصدار اللوائح و الأجور = بدلاً من كل مهنة أو نقابة عامة .
2- تركيز الادارة فى يد رئيس مجلس الادارة (المعين) دون تدخل من أحد .
3- سحب حق اللجان النقابية فى المشاركة فى اعداد اللوائح وومنحه للنقابات العامة - (الفاسدة فى أغلبها).
4- النزول بسقف الحقوق العمالية من القانون 48 لسنة 1978 الى القانون 137 لسنة 1981 مما يعنى اهدار العديد من أيام الاجازات السنوية والمرضية والعارضة.
5- ربط الاجو بالانتاج - وبالتالى يتحمل العمال نتائج أى فساد أو إهمال ادارى من مرتباتهم بدلاً من الربط بالاسعار
6- العصف بأرباح العاملين ، حيث أصبح نسبة أرباح العاملين لاتجاوز 10% فى مقابل 25% فى قانون هيئات القطاع العام .
2- قانون النقابات العمالية رقم 12 لسنة 195 .
كان تغيير قانون النقابات العمالية قصوى حتى يتم سريان القانون 203 ثم قانون العمل اموحد (المزمع إصداره) دون حدوث إضطرابات وتحركات عمالية فى مواجهة هذه القوانين ، لذلك فإن هذا القانون الجديد بتعديل قانون النقابات المالية لم يكن له سوى أهداف محددة وبسيطة تعمل بشكل مباشر على بقاء الأمر على ما هو عليه أو عودتها أكثر للخلف من خلال ما نصعليه القانون مثل :-
1- الإبقاء على التنظيم الحالى - وبأشخاصه المحددين خاصة فى النقابات العامة والاتحاد - حيث لن تجد الرأسمالية أفضل منهم ليساعدها على تمرير سياستها وبرامجها المعادية للطبقة العاملة ، وذلك عبر منح عضو النقابة العامة أو الاتحاد العام حق الترشيح للنقابة العامةمباشرة دون المرور باللجنة النقابية أو الترشيح لها بشروط واهية .
2- السماح للنقابيين بالاستمرار فى عضويه النقابية حتى لو وصل وظيفياً الى منصب المدير العام .
3- مد الدورة النقابية لتصبح 5 سنوات بدلاً من 4 سنوات .
4- النص على بقاء نقابات عامة فقط فى اهدار لمبدأ التعددية .
3- قانون العمل الموحد .
أوشك النظام الرأسمالى فى مصر وبعد تأجيل أكثر من 4 سنوات لمشروع قانون العمال الموحد ، أن يبدأ العمل بهذا القانون وهو على ثقة أن مجلس الشعب - المطعون فى شرعيته - لن يبدر منه معارضة ، فضلاً عن أن الواقع أصبح مهيئاأكثر لإستقباله بعد صدور القوانين 203 ، والنقابات العمالية التى حرثت الأرض ومهدت له .
أما اليسار والذى ما زاليتباكى على علاقات العمل فى العهد الناصرى ثم على قوانين السادات ، فدلاً من طرح علاقات عمل من وجهة نظر الطبقة العاملة والنضال من أجل قرضها ، نجد أنه قد اكتفى باصدار العديد من الأوراق التى تارن هذا القانون بالقوانين السابقة - ناسياً أنه كانيرفضها . وكأنتلك الوريقات التى أصدؤها من خلال مشاريعه الخاصة تحت مسميات المراكز النقابية أو القانونية أو حقوق الانسان ، سوف يكتفى لأن تتراجع الرأسمالية المصرية عن فرض علاقات عمل تتضمن شروطها الجائرة ، والمتأمل لنصوص هذا القانون سوفيجد أن شروطاًغاية فى الاجحاف والاستغلال قد تم فرضها على الطبقة العاملة وأهمها :
1- حق العمل .
أ?- حق صاحب العمل فى تعديل شروط العمل وإنقاص أجر العامل ، للعامل أن يقبل أو يترك العمل (أى أنه خيار بين القبول بالاستغلال أو التشريد)
ب- حق صاحب العمل فىانهاء علاقة العمل لو استند الى مبرر مشروع .
(وبالطبع هذا المبرر أيا كان سوف يكون مشروع من وجهة نظر صاحب العمل)
ج- الابقاء على دور وهمى الى اللجنة الثلاثية بدلاً ن الدور الإستشارى .
(فبدلاً من تحويلها الى اللجنة ملزمة تم القضاء على دورهافعلياً تماماً)
2- الأجور
أ?- العصف بالاجور من خلال النظر للحد الادنى كل ثلاثة سنوات .
(وبالطبع لن تتوقف الاسعار عن الارتفاع الجنونى فى خلال هذه السنوات الثلاثة)
3- الاجازات
أ?- رفع عدد ساعات العمل الى 8 ساعات ، لا يدخل فيها وقت الراحة وتناول الطعام .
(ومع جواز زيادة الساعات الثمانى فى حالات يحددها وزير القوى العاملة ).
ب- الاطاحة بـ 15 يوم من حقوق العمال فى الاجازات كحد أدنى .
ج- الغاء حق العامل فى الاجازة المرضيةبأجر .
4- التمييز ضد المرأة
أ- تكريس التمييز ضد المرأة من خلال استثناءها من العمل مساءاً إلا بقرار من وزير القوى العاملة .
ب- حظر تشغيل النساء فى بعض الاعمال (تحت زعم الضارةبهم صحياً أو أخلاقياً).
(وكان المشرع بذلكيعاقب المرأة ويحرمها من العمل بدل من توفير شروط عمل أفضل لهن)
ج- التحريض على ترك المرأة للعمل والتفرغ للمنزل فى تكريس للدورالأبوى فى المجتمع وذلك بالنص على حقها فى ترك العمل عند الزواج أو الانجاب .
د- الغاء حق العمل نصف الوقتللمرأة .
6- حق الاضراب عن العمل
أ- التحايل على الاضراب من خلال تكبيله بالعديد من الشروط التى تجعل ممارسته مستحيله مثال :
* عدم ممارسته أثناء مرحلة الوساطة .
* عدم مارسته أثناء مرخلة التحكيم .
* عدم مارسته فى المنشآت الحيوية للجمهور ويحددها رئيس الوزراء .
* موافقة ثلثى أعضاء مجلس إدارة النقابة العامة على الاضراب .
* الاضربا يوقف عقد العمل أى أنه يوقف الأجر .
هذا هو موجز لبنود قانون العمل الموحدالذى تزمع الرأسمالية إصداره ، فما العمل؟؟
إن التشريع والقانون كما أسلفنا هو نتاج للصراع الطبقى والشد والجذب بين الرأسمالية والطبقة العاملة وكما استطاعت الطبقة العاملة أن تفرض العديد من القوانين ، فإنها قادرة أيضاًأن تسقط أى قوانين تعصف بحقوقها وحقوقالفقراء والكادحين ، ولكن لذلك يستدعى منها الوعى بدورها والدفاع عن حقوقها وعدم الاكتفاء (كما يدعو بعض اليساريين) بالنضال القانونى أو النقابوى ، بل من العمل السياسي وفرض الدور السياسي للطبقة العملة فى مواجهة الدور السياسي للبرجوازية
جمال عبد العزيز عيد
المحامى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى