أعلن يسري فودة تعليق برنامجه إلى أجل غير مسمّى
إلغاء حلقة يسري فودة الذي أراد الردّ على أعضاء المجلس العسكري، وإبراهيم عيسى يقول إنّه تعرّض لمضايقات... الرسالة هذه المرة واضحة: العسكر لن يقبلوا النقد بعد اليوم
محمد عبد الرحمن
القاهرة | مساء ساخن عاشه الوسط الإعلامي المصري، أول من أمس الخميس. حلقة برنامج «آخر كلام» الذي يقدّمه يسري فودة على قناة «أون تي في» لم تر النور. وكان مقرراً أن يستضيف الإعلامي المصري كلاً من الأديب والكاتب علاء الأسواني، والصحافي إبراهيم عيسى للتعليق على حوار عضوي المجلس العسكري لقناة «دريم» مع الإعلامية منى الشاذلي وإبراهيم عيسى الذي جرى مساء الأربعاء. وكان من المفترض أن ينضم إلى حلقة فودة الكاتب الصحافي ياسر رزق المقرّب من المجلس الحاكم لمصر الآن. الحلقة أيضاً كانت ستتناول ردود الفعل على مقتل معمر القذافي والتطوّرات التي تشهدها ليبيا. لكن قبل ساعة من موعدها، أبلغ فودة جمهوره عبر تويتر بأنّ الحلقة ألغيت متابعاً أنّه سيصدر بياناً لاحقاً للكشف عن الملابسات، وبدأت ردود الفعل تتوالى منذ الساعات الأولى من فجر الجمعة.
وأمس، أصدر فودة بيانه الذي أعلن فيه تعليق برنامجه «آخر كلام» إلى أجل غير مسمّى. وأشار فيه إلى وجود «محاولات حثيثة للإبقاء على جوهر النظام الذي خرج الناس لإسقاطه... من خلال ضغوط على من لا يزالون يؤمنون بالأهداف النبيلة للثورة». وتابع أنّه قرر تعليق برنامجه فـ «هذه طريقتي في فرض الرقابة الذاتية: أن أقول خيراً أو أن أصمت». أما قناة Ontv، فخرجت لتؤكد عدم مغادرة يسري فودة الذي تحوّل أبرز إعلاميي مصر بعد الثورة. وتابعت القناة إنّ الأزمة سيتم تجاوزها.
هذا المشهد يحتاج تفسيره إلى العودة 48 ساعة كاملة إلى الوراء. بدأت «دريم» وبرنامج «العاشرة مساءً» يوم الثلاثاء الماضي في الإعلان المكثف عن حلول بعض أعضاء المجلس العسكري في حلقة خاصة مساء الأربعاء في ما اعتبر سبقاً صحافياً جديداً لمنى الشاذلي، شاركها إياه إبراهيم عيسى، رغم أن الأخير ينتمي حالياً إلى قناة «التحرير». لهذا، بثّ اللقاء عبر الشاشتين، لكن التصوير تمّ في استديوهات «دريم». في الليلة نفسها، قرر يسري فودة عدم الظهور على «أون تي في» لمتابعة اللقاء الهام الذي يأتي بعد عشرة أيام فقط على مذبحة «ماسبيرو» التي جرّت وابلاً من الانتقادات على المجلس العسكري الحاكم في مصر. أعلن فودة أنّه سيتابع الحلقة مع الجمهور، على أن يستضيف مساء الخميس الأديب علاء الأسواني للتعليق عليها. والأخير الذي يعدّ من أبرز المنتقدين للمجلس العسكري في الآونة الأخيرة، يشير دوماً إلى أنّ ثورة مصر لم تكتمل بسبب قرارات العسكر السياسية. أما الحوار الذي جرى بين منى الشاذلي وإبراهيم عيسى من جهة، واللواءين محمد العصار ومحمود حجازي من جهة أخرى، فقد جاء مخيّباً للآمال، فتح باباً واسعاً للهجوم على الشاذلي وعيسى لأنّهما لم ينجحا في الحصول على تصريحات جديدة ومؤثرة من الضيفين، إذ صمّم الأخيران على قول ما يريدانه، لا ما يريد الشعب أن يسمعه. هكذا، جاء الحوار صورة طبق الأصل عن التصريحات التي كان يلقيها رجال المجلس بعد الثورة مباشرة حول العلاقة القوية بين الشعب والجيش في محاولة للرد على اتهامات بأنّ الجيش استهدف الأقباط في المذبحة الأليمة. وعلى المستوى السياسي، بدا أن رجال المجلس راضون تماماً عن أداء الحكومة، على رغم كل الانتقادات الموجّهة لها. وجاءت أسئلة الشاذلي وعيسى مبتورة إلى حد كبير، سواء بسبب التداخل بينهما أو ردود الضيفين التي حصرت الإجابات في مجالات بعينها. لكن عيسى الذي انضم لاحقاً إلى ضيوف حلقة يسري فودة التي لم تُعرض على «أون تي في»، مرّر تصريحاً يؤكد فيه أنّ هناك ترتيبات كانت معدة للحلقة لم يعلمها، وأنّه تعرض لتضييقات من منى الشاذلي وفريق عمل البرنامج على الهواء مباشرة، ما أثّر على أدائه الإعلامي. وجاءت أزمة حلقة الخميس من برنامج «آخر كلام» والصورة التي خرجت عليها حلقة الأربعاء من برنامج «العاشرة مساء» لتؤكد حجم الضغوط التي تعرضت لها الفضائيات المصرية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وتحديداً عندما بدأ استدعاء الإعلاميين إلى النيابة العسكرية لمناقشة تصريحات وردت في برامجهم، كما حدث مع ريم ماجد من قناة «أون تي في». يضاف إلى ما سبق، خروج محمود سعد وبلال فضل من قناة «التحرير»، والإشادة العسكرية بتغطية التلفزيون المصري لمذبحة «ماسبيرو» التي انتقدها الشعب والنخبة، وعدم تعرض أيّ ممن شاركوا فيها للعقاب. وفي الخلفية بالطبع، هناك إغلاق قناة «الجزيرة مباشر مصر»، وتعرّض بعض القنوات أحياناً للتشويش.
كل هذه العناصر تقدّم للرأي العام صورة شبه متكاملة عن الرقابة غير المباشرة التي تعانيها الفضائيات المصرية، وخصوصاً برامج الـ«توك شو» في الأحداث الجارية، وتحديداً في ما يتعلق بملف إدارة المجلس العسكري لشؤون البلاد سياسياً. ورغم أنّ مجموعة من النشطاء أطلقوا فجر الجمعة عبر تويتر الدعوة إلى اكتتاب شعبي من أجل إطلاق قناة غير قابلة لـ«الترويض» بسبب ملكية رجال الأعمال للقنوات الخاصة، يبقى السؤال: هل سيفشل النظام في العثور على وسيلة تضييق على القناة المستقلة إذا نجحت الفكرة وخرجت من نطاق تويتر إلى الشارع، الذي لا يزال يبحث عن إعلام مهني صادق يعوضه سنوات التغييب التي فرضها إعلام مبارك وتوابعه؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى