السيد الرئيس السابق، انتابتنى فجأة رغبة أن أكتب إليك. لم أفهم لماذا الآن وأنا التى لم يخطر ببالها الكتابة إليك أثناء فترة حكمك التى ابتلعت ثلثى عمرى وأحلاما بوطن لا يشعرنى فى كل لحظة بانعدام الأمان وغياب العدل. لم أكتب إبان حكمك لا لخوف منك بل تجاهلا لهذا الوجود الذى لوح فى خلفية حياتى ولم أره يوما يستمع أو يستجيب لكلمة حق.
لابد أن أوضح أولا أننى لا أتحدث عن شخصك ولكن عما كنت تمثله لى كمصرية. السيد الرئيس السابق، لقد كنت دوما خادما مطيعا لقوى الاستعمار، رضخت لمطالبهم بتقزيم دور مصر وحجمها فى المنطقة، ولاشك أنك حققت المعجزات فى هذا المجال، لقد وضعت أقدام صندوق النقد الدولى فوق رقبة مصر وأنت مبتسم وواعد إيانا بالرخاء فأفقرت حتى الطبقة الوسطى المصرية التى كانت تعيش بكرامتها حتى سبعينيات القرن الماضى، لقد انصعت لمطالب الولايات المتحدة الأمريكية فأدخلت مصر فى غيبوبة تركت لإسرائيل الساحة شاغرة تستبد وتبنى مستوطناتها وتقتل من تشاء من أهل فلسطين، لقد أرهقت نفسك على موائد المفاوضات الكرتون أمام عدسات الإعلام فى نفس الوقت الذى كانت إسرائيل تدك فيه ما تبقى من فلسطين.
أعى تماما أنك لم تكن متفردا وحيدا على طريق العبودية للولايات المتحدة وسياسات البنك الدولى، كان فى صحبتك حكام كثر دفعوا بـ60% من سكان بلدانهم المنكوبة إلى تحت خط الفقر، أضف إلى ذلك الـ25% الذين فوق خط الفقر بسنتيمترات لكنهم عانوا غياب الكرامة والمهانة اليومية وغياب المجتمع العادل حيث قيم المواطنة التى تتمتع بها الشعوب الحرة وتصبو إليها الشعوب المقهورة.
لست متفردا فى تبعيتك للاستعمار، ومصيرك ليس غريبا عن باقى الحكام الذين على شاكلتك، الآن أنتم تتقزمون أمام رغبة الشعوب الحارقة فى الاستقلال. حتى أمريكا، أمكم مصاصة الدماء، فى طريقها للتقزم أمام رغبة شعبها فى العدالة وتقليص دور المال فى تحديد السياسة الدولية وحياة الأمريكيين اليومية. الآن تحاول الشعوب أن تستعيد استقلالها كى تتخذ قرارات تصب فى مصالحها المالية والاقتصادية.
أنت أيضا تمثل لى الأنانية المطلقة وإعلاء روابط الدم فوق مصلحة الوطن، فقد هيأ لك الأغبياء من حولك أن بإمكانك أن تنقل ملكية عزبة مصر إلى ابنك، كأننا 85 مليون بهيمة، وأيا كان سبب تلك الأنانية، هو عمى بصيرة أم غياب حكمة، فإن النتيجة واحدة. ولا تظن أننى أتحدث هنا عن قضبان السجون. لقد أصدر شعب مصر حكمه الباتر بنفيكم إلى صفحات التاريخ الأسود.
صحيح أن الثورة أطاحت بك وببعض من أفراد حاشيتك، لكننا نعرف أن نظامك لم ينتهى، ومهما تشبث صبيانك بالنظام القديم فنحن كفيلون بهم ومعنا حركة التاريخ الآن التى تؤذن بانتهاء الأنظمة المنكفئة وبزوغ صوت الشعوب الحر.
وختاماً، أؤكد أننا لا نتشفى فيك، فنحن أرقى حسا من ذلك، إننا غاضبون من أنفسنا لأننا تركناك تمتهن مصر كل هذا العمر، وأتمنى ألا تسعد كثيرا بحالة الفوضى التى وعدتنا إياها، فثورتنا كالمهر العربى الأصيل، قد تتعثر قليلا وهى وليدة، لكنها لن تلبث أن تركض بكل عزم نحو البراح والنور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى