إنها لمثيرة للدهشة: تصريحات المسئولين بتخصيص آلاف من الأفدنة الإضافية لشباب الخريجين على ترعة السلام بسيناء، متزامنة مع وعود من داخل المؤسسة العسكرية بسرعة حل مشكلة تملك الأراض في سيناء. فهي تتجاهل الأزمة الحقيقية للتنمية الصحراوية في مصر: سوء التخطيط
"استصلاح ٤٠٠ ألف فدان أراض صحراوية"، كان هذا هو الهدف المعلن للمشروع القومى لتنمية سيناء عند تدشينه في منتصف التسيعينيات. وكان مخططا لترعة السلام، ذلك الامتداد الاصطناعي لنهر النيل، أن تكون هي الشريان التاجي لاستصلاح شبه الجزيرة. فما هي الحصيلة بعد مضي 17 عاما على إطلاق المشروع؟ إنها مخيبة للآمال على أقل تقدير: فالمساحة التي تم استصلاحها بالفعل لا تتعدى نصف المساحة المستهدفة من المشروع.
وحتى هذه النسبة، فإنها تعاني مشاكل شتى. ترعة السلام باتت مجرى للاشباح بعد ان انقطعت عنها المياه معظم ايام الاسبوع - وان جاءت فتاتى محملة بالتلوث الذى لايصلح معه لاحياة ولاتنمية. المنطقة التي كان يفترض أن تتحول إلى قبلة لشباب الخريجين أصبحت الآن طاردة للسكان.
الحكومة اذن من طين واخرى...
ترعة السلام تعاني من الجفاف التام
أما عند مواجهته بشكاوى الأهالي من الانقطاع المستمر للمياه عن أراضيهم، فإن المهندس مدحت عطية، مدير عام مشروع محطات رفع المياه فى ترعة السلام نفض أيديه عن المسئولية، فالمتحكم الرئيسي فى مياه ترعة السلام على حد قوله هي وزارة الموارد المائية والرى.
مصدر من داخل الوزارة رجح أن يكون انقطاع المياه المستمر عن المزارعين راجعا لعدم امتلاك شريحة كبيرة منهم للأراض المتضررة من انقطاع المياه، بل اشتروها من البدو الذين لايملكوها بدورهم: هي بحسب المصدر مساحات مملوكة للدولة، ولن تطلق وزارته المياه فيها إلا بعد طرحها في مزايدات علنية وتخصيصها وفقا للقواعد والاشتراطات المتبعة.
المشكلة أعمق
الخبير الزراعى احمد حسن ذهب إلى أبعد من ذلك كله. فبالنسبة له ليس توقف المياه الدوري هو المشكلة، بل ليس ثمة مياه صالحة للري أصلا.
فالمشروع برمته يعاني وفق تصريحاته من سوء تخطيط يهدد مستقبله كله. يستشهد حسن بتصريحات وزير الاسكان الاسبق صلاح حسب الله والذى اكد خلالها ان الترعة اقيمت فى منطقة غير التى تمت دراسات الجدوى عليها ورغم علم الحكومة انذاك بعدم صلاحية التربة للمشروع – فهي تربة ذات نسبة ملوحة عالية في مناطق كثيرة، تتسرب لمياه الترعة وتجعلها غير صالحة للري. واكد حسن ان الحل الوحيد لاستمرار تدفق المياه الحلوة هو تغليف ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ بالأسمنت على امتداد الترعة.
فهل رداءة المياه هي السبب الحقيقي وراء منع تدفقها عن بعض الأراض التابعة للمشروع؟
مسار "خاطئ تماما"
الدكتور عاطف دردير، رئيس هيئة المساحة الجيولوجية الاسبق، أكد أن مسار ترعة السلام خاطىء تماما، وأضاف: "اللواء منير شاش محافظ شمال سيناء السابق حارب من اجل تحويل مسار الترعة لوسط سيناء، الا ان الحكومة لم تستجب له."
ويشرح دردير أن المسار الحالى للترعة اسفله طبقات ملحية تصل الى سمك مترين، "وهذا الكلام لما سُئل عنه الدكتور محمود ابو زيد قبل ان يكون وزيرا للموارد المائية اكد اننا فى حاجة لغسيل تربة لمدة سبع سنوات حتى يتم تطهيرها من الملح - فهل هذا معقول؟"
وعن تغليف مجرى المياه اسمنتيا فيؤكد دردير انه سيكون حلا مناسبا لكى تكون مياه الترعة صالحة للرى لانه سيبعد الملوحة عن المجرى. لكن تبقى مشكلة الاراضى المتاخمة والتي تعاني من نسبة الملوحة المرتفعة ذاتها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى