تقول الحكاية إن أحمد نجل الرئيس محمد مرسي احتك بأمين شرطة أثناء سفره في طريق منيا القمح ـ الزقازيق، وأنه يبدو أن الاثنين تلاسنا، وكلمة من هنا وكلمة من هناك "فشخط" ابن الرئيس في أمين الشرطة وتعجرف عليه وقال له: شوف شغلك، فانفجر فيه أمين الشرطة وسبّ له الدين، وصل الخبر إلى رئاسة الجمهورية فطلبت على الفور التحقيق مع أمين الشرطة بتهمة سب ابن الرئيس، هذه هي الحكاية التي انتشرت بسرعة البرق في مواقع وصحف عديدة، والبعض زود في "التوابل" فقال إن الرئاسة طلبت من الداخلية "سحل" أمين الشرطة، الحكاية لذيذة، وهي من اللون "البياع" في سوق الصحافة هذه الأيام، كما أنها مفيدة في حملة تشويه الرئيس من مدخل أسرته، غير أني أندهشت جدًا من توقف بعض المثقفين عندها وكتاب مرموقين في صحف خاصة وحزبية، سلموا بها كحقيقة بدون تمحيصٍ أو شكٍ أو حتى تساؤل، بعضهم استنكر موقف ابن الرئيس، والآخر وجه له النصح بالتعقل وعدم الإساءة لأبيه، وبعضهم راح يسخر منه ومن أبيه "والزمن" الذي جعله "يتنطط" على الضباط وأمناء الشرطة، والغريب أن أحدًا ممن نشر الواقعة لم يذكر أطرافها ولا اسم أمين الشرطة، صحيفة كبيرة أجرت متابعة للواقعة الخطيرة فنشرت خبرًا آخر صدرته بقولها "قالت مصادر وثيقة الصلة بأمين الشرطة..!!"، وهو أسلوب مضحك جدًا، لأنه اعتبر أن "أمين الشرطة" شخصية اعتبارية خطيرة وحساسة مثل مؤسسة الرئاسة مثلًا، أو مثل مكتب وزير الداخلية!!.
في المحصلة اتضح لي أن الحكاية كلها اختلاق وأكاذيب، ليس فقط لأن نجل الرئيس المشار إليه في الواقعة تحدث وقال إنه موجود في السعودية منذ قرابة عام للعمل هناك كطبيب وأنه لم ينزل مصر أبدًا خلالها، وأنه لا قابل أمين شرطة ولا احتك بأمين مكتبة، ولكن أيضًا لأن البديهة التي غابت عمن كتبوا واستسهلوا "حكايات المصاطب" أن أسرة رئيس الجمهورية تخضع في تحركاتها وأسفارها لحماية أمنية من إحدى جهتين: الحرس الجمهوري أو حرس رئاسة الجمهورية، ولا يمكن تصور أن نجل الرئيس أو ابنته مثلًا تسير في الطريق العام فيعترضها اثنان من البلطجية يقومان باختطافها أو يساومان الرئيس على إعادته أو إعادتها، وهذه قواعد في حماية وتأمين أسرة الرئيس في أي مكان بالعالم، فليس من باب العقل ولا حتى الخيال العاقل تصور واقعة أمين الشرطة "واحتكاكه" بأسرة الرئيس في الطريق العام، سواء سبّ له الدين أو لم يسب، والحقيقة أنه لا يخلو يوم الآن من حدوته وقصة تتعلق برئاسة الجمهورية، الرئيس أو أسرة الرئيس أو المتحدث باسم الرئيس أو مستشار الرئيس أو أي ممن يتصل بصلة بالرئاسة، وبطبيعة الحال هذا "الإسهال" المعلوماتي المختلق، يستغل عدم رغبة مؤسسة الرئاسة في الدخول في سجالات مع تلك الصحيفة أو هذا الكاتب، وأيضًا استحالة أن تتفرغ مؤسسة الرئاسة يوميًا للرد على كل هذه "الحواديت" التي لا تنتهي، ولكني أتمنى أن يحتفظ كتاب الصحافة المصرية ببقية من الوقار واحترام النفس، لأن الإسفاف يراكم من صورة ذهنية تسقط عن صاحبها أي رصيد للمصداقية أو الأمانة مع قارئه.
سب الدين لنجل الرئيس! - جمال سلطان
قسم الأخبار
Sat, 17 Nov 2012 19:23:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى