المصدر: بي بي سي- طارق منير
وطن- يرجع تاريخ العلاقات المصرية ـ الإماراتية إلي ما قبل عام 1971 الذي شهد التئام شمل الإمارات السبع في دولة واحدة تحت قيادة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، و قد دعمت مصر إنشاءها وأيدت بشكل مطلق الاتحاد الذي قامت به ، و كانت مصر من بين أولى الدول التي اعترفت بالاتحاد الجديد فور إعلانه ودعمته دوليًا و إقليميًا كركيزة للأمن والاستقرار وإضافة جديدة لقوة العرب.
تعتبر الأزمة الحالية التي تمر بها العلاقات بين كلٍ من مصر و الإمارات تطوراً غير متوقع ، بل هو الاول من نوعه منذ استقلال دولة الامارات وتاريخ علاقاتها مع مصر.
فعلى العكس تماما كانت دولة الامارات وكل دول الخليج باستثناء قطر تتمتع بعلاقات شبه استراتيجية مع الدولة المصرية واتفاق كامل وتنسيق حول معظم القضايا الاقليمية والدولية الي جانب الوجود المصري الضخم و الكبير في الامارات والعلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي ظلت تربط بينهم خلال تاريخ طويل.
علاقات تاريخية و استثمارات إماراتية:
أدى ازدياد قوة العلاقات الثنائية بين البلدين وتوثق عراها منذ عهد الرئيسين الراحلين انور السادات و زايد بن سلطان آل نهيان ، إلى زيادة التعاون بينهما في جميع المجالات وخاصة المجالات الاقتصادية.
و خلال عهد الرئيس السابق مبارك ارتبط البلدان بعلاقات تجارية واستثمارية متبادلة تزداد نموا عاما بعد عام، إذ تربط بينهما 18 اتفاقية تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما ، كما يبلغ حجم التبادل التجاري بينهما 1.4 مليار دولار.
كما بلغ حجم الاستثمارات الاماراتية في مصر 10 مليارات دولار عام 2010 في قطاعات الزراعة و الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والعقارات والخدمات المصرفية، بحيث أصبحت الإمارات المستثمر الأول في مصر.
و تحتل السلع تامة الصنع نسبة تزيد علي 57% من إجمالي الصادرات المصرية للإمارات وتشمل قطاعات البطاقات الذكية ومنتجات النحاس والكابلات الكهربائية والاثاث وصناعات الحديد المُدرفل والملابس والرخام.
و يبلغ إجمالي المنح والقروض التي قدمتها حكومة أبوظبي لمصر ما يعادل 250 مليون دولار حتى شهر يونيو /حزيران عام ألفين و سبعة ، و قدّم صندوق أبوظبي للتنمية منحا وقروضا إلي مصر تبلغ قيمتها 325 مليون دولار ساهمت في تمويل عدد من المشروعات التنموية بمصر.
و قبيل قيام انتفاضة خمسٍ و عشرين يناير/كانون الثاني في مصر بأسابيع قليلة قام سلطان المنصوري وزير الاقتصاد الإماراتي ووفد من كبار المستثمرين الإماراتيين بزيارة إلى مصر وتم خلالها بحث فرص الاستثمار الإماراتية في مصر، كما وقع الجانبان خلالها اتفاقيتين ، تعلقت إحداهما بقرض من صندوق أبو ظبي للتنمية بقيمة 285 مليون جنيه مصري لتمويل مشروع محطة توليد كهرباء بمدينة بنها بمحافظة القليوبية.
25 يناير: بداية الأزمة:
و بعد اندلاع الانتفاضة التي أدت إلى تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة، تشكلت حكومة برئاسة عصام شرف الذي رفضت الإمارات في اللحظات الأخيرة زيارته اليها خلال جولته الخليجية التي شملت كلاً من السعودية والكويت و قطر، و قالت إن مواعيد مسؤوليها لا تسمح بزيارته في الوقت الراهن، على أن يتم تحديد موعد لاحق للزيارة.
و عزت مصادر دبلوماسية وقتها أن ذلك جاء بسبب ما اعتبرته الإمارات تقارباً مصرياً إيرانياً على حساب مصالح دول الخليج ومن بينها الإمارات، و هو ما رأته الأخيرة بمثابة تغيرٍ كبيرٍ في الموقف المصري عن مرحلة ما قبل الثورة ، الذي كان يؤكد دائما على وقوف مصر بجانب دول الخليج في مواجهة الطموحات والمطامع الإيرانية في المنطقة ، فضلاً عن رفض الحكومة المصرية رسمياً طلبات متكررة من الإمارات بعدم محاكمة مبارك وعرضها دفع أية تعويضات مناسبة بدلا من محاكمته.
ضاحي خلفان:
و قد أثارت تصريحات الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة إمارة دبي بشأن مخاوفه من تبوأ الإسلاميين في العالم العربي الحكم جدلا واسعا، وأخذ يشن حملة موسعة ضدهم منذ بدء ثورات الربيع العربي وحتي الآن على هيئة تصريحات علنية، وكتابات أو تغريدات في موقع تويتر تشكل سخرية وانتقاد مستمر لجماعة الاخوان المسلمين.
انتخابات الرئاسة:
و قد ناصر خلفان المرشح الرئاسي الخاسر في الانتخابات المصرية أحمد شفيق، وكان يتمني فوزه، واصفا إياه بمن يمد جسور التواصل مع الخليج.
واستمر خلفان في هجومه على الإخوان بعد فوز محمد مرسي ، مرشح الجماعة برئاسة مصر، كأول رئيس مدني منتخب بإرادة شعبية، منتقدا المصريين لاختيارهم مرسي.
و أدت تلك التغريدات المستمرة إلى استدعاء الخارجية المصرية لسفير الإمارات في القاهرة لسؤاله عن موقف حكومته من تصريحات خلفان، فيما دأبت المؤسسات الرسمية بالإمارات على التأكيد في اكثر من مناسبة ان كتابات خلفان لا تعبر بالضرورة عن موقف اماراتي رسمي ضد مصر.
و في السادس من سبتمبر/أيلول الماضي استقبل الرئيس مرسي وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد ال نهيان ، و بحثا معاً سبل دعم العلاقات بين البلدين خاصة ما يتعلق بإقامة المشروعات المشتركة وزيادة الاستثمارات الإماراتية في مصر.
و مع ذلك ظلت الازمة المكتومة بين البلدين و ظل تحفُّظ كلا الطرفين على بعض التصرفات الصادرة من الطرف الاخر.
و في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي ، خاطب النائب العام المصري وزير العدل لانتداب قاضٍ للتحقيق في بلاغٍ مقدمٍ من محامٍ مصريٍ اتهم فيه ضمن من اتهم كلٍ من أحمد شفيق و ضاحي خلفان كل بالتحريض على قلب نظام الحكم في مصر.
بعد ذلك بأسبوعين و قبيل نهاية العام الماضي قامت السلطات الإماراتية، باعتقال نحو 11 مصريا بإمارتي دبي وعجمان، واقتيادهم لأماكن غير معلومة، و لم تصدر السلطات تعليقًا رسميًا حول الواقعة أو حول أسباب اعتقال هؤلاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى