علي بريشة
بغض النظر عن مواقف القوى السياسية المدنية التي أنتمي إليها.. أعترض على منح الجيش والشرطة حق التصويت في الإنتخابات فهذا أمر يحمل تعقيدات إجراءية متعددة يمكن تفصيلها:
أولا: حق التصويت للناخب يرتبط بحق المرشح في الوصول إليه لعرض برامجه..فهل سيمتلك المرشحون فرصا متساوية للدعاية الإنتخابية داخل الثكنات العسكرية.. هل تجيز قواعد الضبط والربط العسكرية الصارمة أن تتحول الثكنات في موسم الإنتخابات إلى أماكن للنقاش والأخذ والرد والجدل والتأييد والمعارضة.. هل ذلك أصلا يحقق الصالح العام أم يفتح الباب أمام اقتحام السياسة بكل إيجابياتها ومساوئها الحياة العسكرية المصرية
ثانيا: حق التصويت للعسكريين معناه تمكينهم من أداء هذا الحق إما بعمل لجان انتخابية داخل ثكناتهم أوبمنحهم أجازات وقت الإنتخابات وتنظيم الأمرين صعب.. فمن المستحيل منح الجيش المصري بكامله إجازة في وقت الإنتخابات حتى يستطيع المرشحون التصويت.. وعمل اللجان داخل الثكنات يصطدم بضرورة وجود مندوبين للمرشحين وآليات مدنية للتصويت وإلا أصبح من السهل التشكيك في النتائج والطعن فيها
ثالثا: تعرض العسكريين لوسائل الإعلام محكوم ومقنن .. هناك إدارة متخصصة في الجيش تتولى ذلك هي الشؤون المعنوية وهي التي تقوم بدور (حارس البوابة) بالمفهوم الإعلامي .. وهي التي تحدد الجرائد التي يتم تداولها والمحطات الفضائية التي يشاهدها الجنود باستمرار .. فإذا فرضت عليهم مشاهدة قناة الناس مثلا ستكون النتيجة غير أن تفرض عليهم مشاهدة السي بي سي أو الفراعين أو حتى التليفزيون المصري الحكومي الدعاية والإنتماء
رابعا: الروح العسكرية تعني الإنضباط وطاعة الأوامر واحترام تسلسل القيادة بشكل صارم .. فما الذي يضمن عدم تأثير القيادات الأعلى على الرتب الأدنى (ولو حتى من الناحية المعنوية) .. هل إذا كانت الرتبة العليا في معسكر تجاهر بالإنتماء السياسي لفريق ما هل تستطيع الرتب الأدنى مخالفة هذا الإنتماء علنا .. أو حتى عرض وجهات نظرها بشكل علني والدخول في مناقشات وجدل سياسي مع الآخرين
خامسا: الحق في التصويت يرتبط تلقائيا بالحق في الترشح.. وكلاهما من حقوق المواطنة.. فهل سنجد في مرحلة تالية من يطالب بحق العسكريين في الترشح للمناصب السياسية.. وندفن رأسنا في الرمال ونقول إن ذلك لا يجر الجيش إلى دوامات العمل السياسي
هناك دول ديمقراطية كثيرة تمنح العسكريين حق التصويت .. وهناك دول أخرى تمنعهم من ذلك .. فالديمقراطية في حد ذاتها (كنظرية) لا تمنع أو تسمح بشكل صارم .. مع ملاحظة أن معظم الدول الديمقراطية لا يوجد بها أصلا نظام التجنيد الإجباري وبالتالي فالقياس دائما مع الفارق.. والفارق في هذه الحالة واضح وفي غير صالح الوطن أن يتم الزج بالمؤسسة العسكرية في آتون السياسة مرة أخرى.
المشكلة حاليا أن كثير من القوى المدنية أصبحت تؤيد حق العسكريين في التصويت لمجرد أن ذلك (يبدو) ضد مصلحة الإخوان المسلمين .. دون دراسة الموضوع من جميع جوانبه وبحث عواقبه بعيدة المدى وتعقيداته الإجرائية والفنية والسياسية .. ومن ناحية أخرى فالسبب في هذه الأزمة برمتها هو (الطبيخ ) التشريعي الرديء الذي يمارسه الإخوان ومجلس الشورى (غير المنتخب) ولجنة سلق الدستور التي سهرت في ليلة لتسلق دستورا مليئا بالثقوب والثغرات بطريقة تجعل أي قانون قادم مهددا بالطعن الدستوري .. لأن الدستور ببساطة (فيه كل حاجة وعكسها) .
http://tahrirnews.com/news/view.aspx?cdate=27052013&id=30795215-f402-4c19-a72e-e728fae57f62
1111
ردحذف11111111
ردحذف