جدارية فرعونية
قبل ظهور الإنسان وفي العصور الجيولوجية سحيقة القدم، لم تكن صورة خريطة مصر كما استقرت عليه في عصور ما قبل التاريخية، فقد كان البحران الأحمر والأبيض بعد ظهورهما على الأرض، يتصلان وينفصلان نتيجة حركات القشرة الأرضية التى تحدث على مدى ملايين السنين، فيتغير شكل الخريطة تبعًا للتغيرات الجيولوجية.
"الملاح الغريق"
قصة الملاح الغريق من القصص المشهورة في تاريخ الحكايات المصرية وعاشت هذه القصة آلاف السنين ورغم الأجواء الأسطورية التى تدور فيها أحداث القصة، إلا أنها تدل على أن المصريين كانوا قد ارتادوا البحار وتوغلوا فيها منذ عصور مبكرة، وكان كذلك ارتباط العقائد الدينية بالمركب، حيث يجوب الآلهة السماء في مركب الشمس وكان المركب في كل معبد حيث يخرج عليه تمثاله في الاحتفالات.
ومازال الكثير من أضرحة الأولياء في مصر حاليا يوجد بها مركب رمزي وفي مولد سيدي "أبو الحجاج الأقصري" الملاصق لمعبد الأقصر، يخرج موكبه ويحمل فيه المركب في مشهد ترجع جذوره إلى آلاف السنين منذ كان مركب "آمون رع" إله الإمبراطورية، يخرج من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر في احتفالية كبرى بملك الآلهة.
ومصر كان يعمها الفيضان كل سنة وتبدو القرى والمدن كثيرا كالجزر عندما يأتى الفيضان وفير المياه، فالملاحة كانت في النهر ومنها إلى البحر أيضا.
فالبحر والملاحة حاضران بقوة في التاريخ المصري سواء كان في الأساطير أو في الواقع، فنجد الملك "منتوحتب نب تاوي رع" أحد ملوك الأسرة الحادية عشرة يجمع جيشا قوامه ثلاثة عشر ألفا من بينهم ثلاثة الاف بحار من الدلتان ارسلهم إلى وادي الحمامات لاقتطاع ونقل الأحجار.
كذلك كان وصف عمليات نقل الأحجار والمسلات العملاقة يؤكد خبرة المصريين بالملاحة البحرية
" قدر البلاد المصرية"
"فالمصريون لم يعيشوا في عزلة وما كان من الممكن أن يعيشوا فيها بسبب موقع مصر الذي جعلهم في عقدة طرق الماصلات البرية والبحرية، بل وجدنا في منتصف أربعينيات القرن العشرين الرئيس الأمريكي الأمريكي فرانكلين روزفلت يقف على متن الطراد الحربي "يو إس إس كوينسي" متوقفا في عرض البحيرات المرة في أثناء رحلة شهيرة له ليلتقي الملك المصري فاروق ويؤكد أن أهمية موقع مصر بالنسبة لخطوط المواصلات الجوية لا يقل عن أهميتها بالنسبة للمواصلات البرية والبحرية".
"ولعله كان ما فعله روزفلت بتوقفه ولقائه ملك مصر في فبراير من عام 1945، دلالة ما في اختاره لنقطة التوقف في هذا المكان الحيوي في وسط قناة السويس".
وإذا ألقينا على التاريخ نظرة عامة، فإننا لا نجد إمبراطورية من الإمبراطوريات استطاعت الصعود لمركز القوة الأولى على ظهر كوكب الأرض إلا بالسيطرة على مصر، فأول امبراطورية في التاريخ كانت مصرية على عهد الأسرة الثامنة عشرة وبالتحديد في عهد تحتمس الثالث الملقب بنابليون العصور القديمة – مع انه فاق نابليون عسكريا وسياسيا ولم يلق هزيمة قط في حروبه ولم ينته نهاية نابليون المأساوية- ثم توالت الإمبراطوريات على مر التاريخ من أشور وفارس واليونان والرومان والعرب والعثمانيين والفرنسيين والبريطانيين، كل هؤلاء لم يرتقوا إلى مرتبة القوى العظمى في تواريخهم إلا بعد السيطرة على مصر بشكل أو بآخر.
فأي قوى عسكرية أو تجارية في حاجة لتأمين طرق مواصلاتها في العالم وكما قلنا، فإن خطوط المواصلات بر وبحرا بل وجوا،، تتقاطع لتكون عقدتها في مصر.
"نكبة الفوضى بعد سنوسرت"
إن بلوغ القمة في شيء لا يعنى بعده سوى الهبوط والانحدار.. هكذا يقف التاريخ شارحا ومعلما، فبعد الأوج الذ ي بلغته مصر في أزهى عصور الدولة الوسطى مع الأسرة الثانية عشرة، بدأت في الانحدار، فتوالى على مصر حكام ضعفاء كانوا سببا في تفكيك أوصال البلاد، حتى نكبت بأول عدوان تاريخي محقق على يد ما أسماهم المصريون بالهكسوس الذي هو تحريف لنطق "حقا خا سوت" أي أمراء البلاد الأجنبية.
وهؤلاء الهكسوس شكلوا وما زالوا يشكلون لغزا تاريخيا كبيرا، فبالرغم من الأبحاث التى بذل فيها علماء التاريخ والآثار جهودا كبيرة، فإن أصول هؤلاء الغزاة الذين استطاعوا احتلال شمال مصر وسيطروا على أعظم عواصمها ومركزها الديني الكبير "منف" مازالت غامضة، كذلك لم يقتصر الغموض على أصولهم، بل انسحب على ممارساتهم ومعتقداتهم الدينية الأصلية وصلتها بالمعتقدات المصرية.
وقد رأيناهم يعبدون الإله المصري الشهير "رع" بجوار إلههم "سوتخ" الذي كان مزيجا من الإله الآسيوي "بعل" والمصري الشهير "ست" وكذلك تزينوا بزي المصريين وتلقبوا بألقاب الملوك المصريين.
وفوق كل ذلك شكلت مدة بقائهم كحكام لمصر لغزا يضاف إلى ألغازهم، فيترواح الاختلاف ما بين قرنين إلى خمسة قرون لكن على أي حال، فقد بدأ عهدهم على الراجح عام 1675 إلى 1570 قبل الميلاد.
وملوك الهكسوس هم الذين وضعهم المؤرخ "مانيتون" في تاريخه في الأسرتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة من بين الأسر الثلاثين الحاكمة في تاريخ مصر القديمة، فهم سيطروا تماما على موقع القناة، حيث كانت عاصمتهم هناك ووقع الممر الملاحي العالمي القديم تحت سطوتهم وحرموا المصريين من الاستفادة من خيرات قناتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى