تصالح الدولة مع حسين سالم: النقود أهم من الحقيقة
أعلن جهاز الكسب غير المشروع، أمس الأربعاء، عن الانتهاء رسميًا من اتفاق المُصالحة مع واحد من أكبر رجال الأعمال في عهد مبارك؛ حسين سالم، والذي يتنازل بموجبه إلى الحكومة عن مبلغ 5.8 مليار جنيه، بحسب تقرير جريدة الأهرام الحكومية.
كان سالم، الذي يحمل الجنسيتين المصرية والإسبانية، قد هرب إلى إسبانيا خلال ثورة 2011، ثم واجه عدة اتهامات بالكسب غير المشروع كان لها أن تؤدي إلى حبسه لعقود طويلة. قبل أن يحُكم عليه غيابيًا بالحبس لمدة 15 سنة بتهمة اختلاس وتبديد أموال عامة لها علاقة بخطة لبيع الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل بأسعار أقل من سعر السوق، كما حُكم عليه كذلك بالحبس لمدة 10 سنوات لبيع الكهرباء بطريقة غير مشروعة إلى هيئات أخرى غير هيئة كهرباء مصر.
وخلال المؤتمر الصحفي للإعلان عن القرار، قال رئيس جهاز الكسب غير المشروع؛ عادل السعيد إن الحكومة لن تتخذ المزيد من الإجراءات القانونية ضد سالم وفق شروط اتفاق المصالحة، مُضيفًا أنه قد خاطب بالفعل المدعي العام لرفع التجميد عن أصول سالم وإزالة اسمه من قوائم المطلوبين. ووصف السعيد الاتفاق أيضًا بأنه الأكبر من نوعه الذي يتم الانتهاء منه في مصر.
إلا أن الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية؛ أسامة دياب يرى إن نهج مصر لتحقيق المُصالحة يتجاهل أي جهد نحو البحث عن الحقيقة. ويقول: "أعتقد أن المصالحة يجب أن تكون جزءًا من عملية أكبر، وأن ترتبط بآليات العدالة الانتقالية".
ويؤكد دياب على أن المُصالحة قد تلعب دورًا في تخفيف حدة التوتر خلال الفترة الانتقالية وتحييد حلفاء النظام السابق، إلا أنها يجب أن تتم في إطار جهود لمحاولة منع وقوع جرائم مماثلة في المستقبل. ويضيف قائًلا: "عادة ما تنطوي المصالحة على شروط وضعت في سياق أوسع، ويجب ألا يتم التعامل معها باعتبارها مجرد وسيلة لسد عجز في الموازنة. ينبغي استخدامها كوسيلة لتحقيق أهداف أكبر، وألا تكون كغاية في حد ذاتها".
يرى دياب أن لجنة الحقيقة والمصالحة؛ التي أنشئت في جنوب أفريقيا بعد انتهاء نظام الفصل العنصري، أظهرت أهمية البحث عن الحقيقة بالنسبة إلى عملية المصالحة. ويُضيف: "يُعد سالم بمثابة منجم من الذهب، ليس بسبب ماله، ولكن لأنه كان في الدوائر الداخلية لنظام مبارك ويعرف ما كان يدور بداخل الدولة منذ الستينيات. الأقاويل الراهنة بشأن صفقة الغاز مع إسرائيل لا تزال غامضة، وهو يعرف كل تفاصيلها".
وبعيدًا عن كشف التفاصيل الخفية، يرى دياب ضرورة فرض قيود أكثر صرامة على عمليات التصالح؛ حيث أن دور الأجهزة المُتعددة في هذه العملية غير واضح، كما أن شروط التصالح أقل من المُستوى القياسي.
وبالإضافة إلى تورط سالم؛ مؤسس شركة شرق المتوسط للغاز الطبيعي، في قضية الكسب غير المشروع من الطاقة، فإنه متورط كذلك في إحدى القضايا مع مُبارك ونجليه؛ إذ واجه الرئيس الأسبق اتهامًا بتخصيص مليوني متر مربع من أراضي سيناء لسالم بشكل غير مشروع، في مقابل خمس فيلات في شرم الشيخ؛ يُقدر ثمنها بمبلغ 39 مليون جنيه مصري. ومع ذلك، سقطت الاتهامات في 2014 بانقضاء المدة.
كان الإنتربول الدولي قد أصدر مُذكرة بإلقاء القبض على سالم في مايو 2011، في أعقاب طلب من مصر، وبحسب صحيفة إلباييس الإسبانية، وجه المُدعي العام الإسباني تهمة غسيل الأموال إلى سالم، وبعدها بوقت قصير، قامت الحكومة بتجميد أصوله المالية. وتم إلقاء القبض على سالم بناءً على ذلك، ولكن تم إطلاق سراحه بعد دفع كفالة قدرها 27 مليون يورو في يونيو 2011.
ووافقت إسبانيا بصفة مبدئية على تسليم حسين سالم وابنه إلى مصر في 2012، بشرط قيام السلطات القضائية باستبدال قاضي التحقيق في المُحاكمة والسماح لسالم بقضاء الحكم الصادر بحقه في سجن إسباني، بحسب تقرير مجلة نيويورك تايمز.
وبدأت عملية التصالح في مارس 2016، عقب قبول الحكومة بالعرض الذي تقدم به سالم بنقل ملكية 78% من أصوله المالية إلى الحكومة المصرية في مقابل السماح له بالعودة إلى مصر دون خطر التعرض للمُحاكمة.
وكانت صحيفة الشروق الخاصة قد نشرت قائمة بممتلكات سالم التي تمت مُصادرتها وفق ما أعلن عنه جهاز الكسب غير المشروع، وهي: 8 فيلات في منتجع شرم الشيخ، وملعب جولف بمساحة 800,000 متر مربع، وفيلا في الساحل الشمالي، وقطعتي أرض في القاهرة الجديدة مساحتها الإجمالية 10,000 متر مربع؛ أقيم فوقها قصر، ومبنى مكون من خمسة طوابق بمصر الجديدة، ومحطة مياه في شرم الشيخ، وقطعة أرض بمساحة 140 فدان في وادي النطرون، واسهم في عدة شركات، و123 مليون جني مصري نقدًا.
فيما ذكر دياب إن تقدير الحكومة أنها حصلت على 75% من ممتلكات سالم غير دقيق إلى حد بعيد؛ حيث أغفلت قائمة جهاز الكسب غير المشروع مُمتلكاته بالخارج، والتي تُمثل نسبة كبيرة من ثروته.
وفق تقدير دياب، لا تصل الممتلكات التي تم الحصول عليها نتيجة عملية المُصالحة إلى 20% من ثروة سالم.
ويشير بحث قامت به المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى أن عددًا من أفراد عائلة سالم يُشاركون في شركة مُسجلة في جزر كايمان بمنطقة البحر الكاريبي، المعروفة بأنها ملاذ ضريبي.
وفي بيانه يوم الأربعاء، أعلن جهاز الكسب غير المشروع أن الحكومة حصلت على 301.9 مليون جنيه مصري في اتفاقات مُصالحة سابقة قبل الاتفاق الأخير مع سالم. وأن هناك 11 طلبًا لا زالت قيد البحث، بينما تم رفض 5 طلبات من قبل.
وقد أصبح بمقدور الحكومة المصرية عقد اتفاقيات التصالح في قضايا تتعلق بالكسب غير المشروع والتربح، إثر تعديل قانون العقوبات الذي صدر في مارس 2015، والذي نجم عنه زيادة فئات الجرائم التي يمكن حلها عن طريق التصالح. وتعرض تعديل القانون وعمليات التصالح التالية لانتقادات من جانب منظمات مكافحة الفساد لأن التدابير تؤدي إلى الإفلات من العقاب، وتعمل على زيادة الفساد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى