تحت عنوان "الأنظمة الملكية: الهدف المقبل للربيع العربي"، يناقش الأمير هشام ابن عم ملك المغرب محمد السادس في مقال مطول في صحيفة "لوموند دبلوماتيك" الشهرية عدد يناير 2013 قضايا الربيع العربي، مؤكدا أنه رغم عدم سقوط أي ملك حتى الآن، فالأنظمة الملكية تعتبر خاسرة بسبب ما ينتظرها من احتجاجات مستقبلية.
وينطلق الأمير المعروف بلقب "الأمير الأحمر" بسبب انتقاداته للأنظمة الملكية من أطروحة أن الربيع العربي هو مسلسل سياسي مستمر زمنيا وليس محدودا، وهذه الاستمرارية هي التي ستجعله يغير الكثير من المفاهيم السياسية ويحدث تغييرات لم تكن مرتقبة لأن الفاعلين هذه المرة منبثقين من الشعب وليس من هياكل سياسية متواجدة سابقا وذات مصالح.
في هذا الصدد، يتعرض للأطراف الخاسرة في هذا الربيع العربي ويبدأ بالشباب الذي قاد الثورة، إذ يؤكد أن الشباب خسر دوره في الربيع العربي رغم قيادته للانتفاضات لأنه لم يكن مهيكلا لحظة إجراء الانتخابات في الدول التي شهدت سقوط أنظمة دكتاتورية. وينادي في هذا الصدد بضرورة "قيام الشباب بتنظيم أنفسهم في تنظيمات سياسية قادرة على فرض واقع جديد وتوجيه الثورات".
ويؤكد أن الحركات الإسلامية خرجت منتصرة لأنها كانت مهيكلة، لكن اعتمادها الخطاب الديني لا يعني أن الشعوب منحتها الضوء الأخضر، بل هي مطالبة بتقديم نتائج ملموسة تعمل على تحسين مستوى عيش هذه الشعوب.
ويوجه الأمير نقدا شديدا لدور بعض المثقفين الذين خانتهم عواطفهم السياسية وبدأوا يروجون لأطروحة أن مؤامرة "إسرائيلية ـ أمريكية" تقف وراء الثورات والربيع العربي، سيما بعدما امتدت لأنظمة ترفع شعارات القومية مثلما يحدث الآن في سورية. في الوقت ذاته، ينتقد مثقفين آخرين رفضوا وجود الإسلاميين بمن فيهم المعتدلون ضمن المشهد السياسي العام واعترضوا على أي دور لهم في تسيير الدولة رغم حضورهم القوي.
ورغم عدم سقوط أي نظام ملكي في العالم العربي، فالأمير العارف بخبايا هذه الأنظمة الملكية وينتمي إليها، يعتبرها ضمن فريق الخاسرين بالنظر إلى ما ينتظرها مستقبلا.
وفي تفسيره لهذه الأطروحة، يؤكد الأمير صحة الأفكار التي ترى أن الأنظمة الملكية لديها جذور سياسية وثقافية في المجتمعات التي تحكم فيها، خاصة تلك الملكيات التي واجهت وتزعمت محاربة الاستعمار، لكنه يعتقد أن ما يسمى بالشرعية التاريخية لم تعد تصمد أمام ارتفاع المطالب والخطابات السياسية الجديدة التي تجعل الديمقراطية مصدر كل شرعية في السلطة.
ويستعرض بعض هذه الأنظمة، وفي مقدمتها البحرين، التي يرى أن احتواء الربيع العربي فيها مؤقت يتم عبر تواجد قوات درع الجزيرة التابع لمجلس الخليج العربي. وينتقل إلى المملكة المغربية التي يديرها ابن عمه، الملك محمد السادس، ويبرز دور التظاهرات الكبرى التي دفعت الملكية إلى مراجعة الدستور نحو إصلاحات يصفها بالمحدودة والتي عملت على تهدئة نسبية للأوضاع "لكن غياب إصلاحات عميقة ينذر بغد متوتر". وحول الملكية السعودية التي تهيمن على المجتمع، يؤكد سعيها توظيف موارد البلاد في التنمية في محاولة لاحتواء مطالب الإصلاح الجذرية.
ويرى أن الصراع الحالي بين العائلة الملكية في الكويت والمعارضة قد يكلف آل الصباح كثيرا في حالة غياب إصلاح حقيقي.
ولا يقل وضع الملكية الأردنية عن باقي الملكيات، فهي تواجه معارضة متصاعدة تطالب بعدالة اجتماعية حقيقية وينقذها حتى الآن الملف الفلسطيني.
ويؤكد الأمير أن الأنظمة الملكية من خلال عدم المبادرة بإصلاح سياسي حقيقي، تعمل على تبذير فرصة ذهبية للتأقلم مع مطالب شعوبها وتسير نحو مستقبل من الصراعات وغياب الاستقرار قد يكون مفاجئا للبعض منها، وذلك في إشارة إلى سقوط بعضها دون أن يفصح عن ذلك مباشرة.
ويعتبر أن الربيع العربي أحدث مفارقة غريبة من الناحية جغرافية سياسية، فمن جهة هناك فوضى جغرافية سياسية في العالم العربي، لكن الدول التي نجحت فيها الثورة تحاول تعزيز مؤسساتها الداخلية بالمساءلة والبناء والتفرغ الاستقرار، وهذا سيؤدي إلى وضع جغرافي سياسي جديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى