آخر المواضيع

21‏/02‏/2015

قصة تصدير الغاز المصري لاسرائيل .. وسعر «سياسي» تخسر فيه مصر ستة أضعاف

عمرو كمال حمودة

كشفت جريدة الأهالي خلال الأسبوعين الماضيين عن تحديد موعد شهر مارس المقبل ليكون بداية تصدير الغاز المصري إلي إسرائيل .وذلك بعد سلسلة طويلة من السنوات ، دامت ما يقرب من 40 عاما! فالحلم الاسرائيلي الذي رواد النخبة الحاكمة هناك كان يسعي إلي الحصول علي البترول والغاز من مصر ، لإنها الجار الأقرب إليها مما سيحقق له هدفين :

الأول: إيجاد علاقات إقتصادية بين إسرائيل ومصر تسمح بتسريع عجلة التطبيع بينهما علي المستوي السياسي.

والثاني: الاستفادة من قرب المسافة لتحقيق مكاسب اقتصادية في النولون البحري وفي سرعة وصول الطاقة إليها.

وعقب هزيمة يونيو 1967، توقعت مراكز الأبحاث الإسرائيلية والأمريكية أن النظام المصري سوف يلغي الخيار العسكري من تفكيره ويتجه نحو التسوية السلمية للصراع.

وفي عام 1969، بدأت مجموعة دراسية في جامعة تل أبيب في وضع مجموعة من الدراسات عن التعاون الاقتصادي بين إسرائيل ومصر في حالة انتهاء حالة الحرب وتوقيع معاهدة سلام. وقد تولي البروفيسور "بن شاهار" وأيضا "فيشلسون" الإشراف علي تلك الدراسات. وكان من بينها دراسة حول آفاق التعاون في مجال الطاقة علي أساس الحصول علي نسبة من البترول المصري سنويا، والحصول علي جزء من الفائض المصري من الغاز المكتشف في شمال الدلتا في حقول أبو ماضي وأبو الغراديق.

ثم جاءت حرب أكتوبر ، ومن نتائجها عودة الحقول المصرية التي كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي إلي السيادة المصرية وتوقيع إتفاقية فك الاشتباك الأول ثم فك الاشتباك الثاني وصولا إلي توقيع معاهدة السلام المصرية-الإسرائلية عام 1979.

منذ ذلك التاريخ بدأ تصدير البترول المصري إلي إسرائيل وبكمية تقدر بنحو 2 مليون طن وفي ذات الوقت بدأت المفاوضات الشاقة والمضنية بين الطرفين حتي تقوم الحكومة المصرية بإمداد إسرائيل بالغاز الطبيعي.

فإسرائيل ، أثناء إحتلالها لسيناء تمكنت مع بعض الشركات الكندية من اكتشاف الغاز في شمال سيناء في حقل " سادوت SADOT" واستنزفت منه 19 بليون متر مكعب لتغطية جزء من إحتياجاتها من الغاز، وقامت بإنشاء خط أنابيب بطول 80 كيلو متراً إلي منطقة "عراد-ARAD" الصناعية، حيث قامت عليه عدة صناعات ، أهما معمل فوسفات النقب. وقد أخرت إسرائيل تسليم هذا الحقل لمصر حتي إبريل 1982،وقد رفضت الحكومة المصرية استمرار تزويد إسرائيل بالغاز الطبيعي من حقل "سادوت" بعد الانسحاب.

خط أنابيب الغاز المصري ــــ الإسرائيلي TRANS GAS

وعقب إتمام الانسحاب الاسرائيلي من سيناء ، تم طرح سيناريو السوق الشرق أوسطية من خلال "مشروع بيريز- خليل" لإقامة تعاون يضم إسرائيل ودول الشرق الأوسط ، وكان من بين ملفات هذا المشروع ...الطاقة.

وفي عام 1989 طرحت إسرائيل علي الحكومة المصرية مشروع إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز المصري.إلي إسرائيل.وبني المشروع علي دراسة قام بها البروفيسور " حاييم بن شاهار"

تقوم علي تجميع الغازات من حقول شمال الدلتا، علي أن يبدأ خط أنبوب الغاز من مدينة (بور فؤاد) ثم شمال سيناء حتي مستوطنة "كريم شالوم" ثم يأخذ خطا فرعيا إلي مدينة (بئر سبع) لتغذية محطات الكهرباء و تشغيل المصانع في مستوطنة "روش بينا" و"ناحال بيكا" بصحراء النقب، وهما مستوطنتان يتم تمويلهما من الصندوق القومي اليهودي والوكالة اليهودية ، وتضم يهودا من الصومال وإثيوبيا واليمن ، ثم يتجه خط الأنابيب إلي مدينة (أشدود) بطول قدره 70 كيلو متر لتموين محطة الكهرباء هناك، ثم يتجه إلي شمال غزة لتموين محطة كهرباء " الزيتيم".

وكانت تكلفة المشروع في البداية 150 مليون دولار ثم إرتفعت إلي 300 مليون دولار إلي أن وصلت عام 1998 لنحو 500 مليون دولار

وتحصل اسرائيل بواسطة الخط المصري علي 250 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز، وقد صمم الجانب الاسرائيلي علي ألا يعبر الخط أي أراض تحت إشراف السلطة الفلسطينية، بل يجب أن يصل خط الأنابيب أولا إلي إسرائيل ومنه يعبر إلي الأراضي التي تحت الأشراف الفلسطيني.

ومن فوائد المشروع أن الفرق في تكلفة النقل أنذاك عبر أنبوب الغاز ، أو نقله بواسطة البواخر يحقق خفضا قدره 23 دولاراً في الطن الواحد. وقد أعلنت إسرائيل أن المشروع يستهدف المرور بالغاز إلي لبنان، ومنه إلي تركيا ثم يعبر "البسفور" نحو جنوب أوربا.

ورغم الجدل الكبير الذي دار في الأوساط العلمية والسياسية حول جدوي بيع الغاز المصري لاسرائيل، لأن حجم الإحتياطي المصري مختلف عليه ، كما أنه ليس بالحجم الكبير الذي يسمح بإمكانيات تصديريه، كبيرة مثل قطر ( 500 تريليون) أو إيران (600 تريليون) أو الجزائر (128 تريليون) أو روسيا (2000 تريليون) ، فإن المشروع مضي قدما للأمام بسبب الضغوط الاسرائيلية والأمريكية للتطبيع.

مراحل المفاوضات بعد 1990

في أعقاب التوقيع علي إتفاق غزة/ أريحا بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، عام 1993، اعتبرت الحكومة الاسرائيلية أنها قد حققت خطوة ضخمة تستحق عليها مكافأة أسمتها أنذاك" استحقاقات السلام" ومن ثم طلبت من الحكومة المصرية دفع سبل التطبيع ، خاصة في مجال الطاقة علي أساس أولوية ملف الطاقة لإسرائيل ولإن قطاع البترول المصري محكوم بنظام مركزي صارم يسمح بالتعامل المباشر دون تعقيدات غير مباشرة.

طلبت إسرائيل وقتئذ ما يلي:

1- إنشاء مصفاة تكرير مشتركة في العريش.

2- تنفيذ مشروع إمداد إسرائيل بالغاز المصري.

وبناء عليه بدأت المفاوضات الجادة لتنفيذ المشروعين.

>> لقد تمسك المفاوض المصري بفصل السيادة القانونية علي المشروع، بمعني أن تمتلك شخصيات اعتبارية مصرية الجزء من خط الأنابيب الواصل حتي مدينة رفح.ثم بيع الغاز إلي شخصية اعتبارية تجارية وليست حكومية.

وفي سبيل تنفيذ ذلك ، نشأت شركة " غاز الشرق الأوسط ـــ EMG" في الخارج وهي شركة مساهمة بين ميرحاف الإسرائلية وشركة الغازات المصرية ورجل أعمال مصري، (حسين سالم)، له نفوذ قوي ويرتبط بالنخبة الحاكمة، وترأس في نفس الوقت مجلس إدارة مصفاة تكرير "ميدور" المصرية/ الاسرائيلية وقتئذ وكان معاونه والعضو المنتدب المهندس سامح فهمي وزير البترول الحالي . ولقد توفرت لشركة (اي.ام.جي) الصفة الإحتكارية من خلال إحتكارها وحدها توريد الغاز المصري إلي إسرائيل ولبعض الدول الأخري المجاورة.

>>ومنذ عام 1995 تعثرت المفاوضات واشتدت حدة الخلافات بين وزارة البنية التحتية الإسرائيلية ووزارة البترول المصرية، ثم تأزم الموقف بمجئ حكومة الليكود برئاسة "نتنياهو" وتعيين الجنرال المتشدد أرييل شارون وزيرا للبنية التحتيةوتبعية ملف الطاقة إليه شخصيا.

ومنذ ذلك الحين قام شارون بتعيين الجنرال "جيروراروم" كبير المفاوضين للجانب الاسرائيلي مع طاقم هيئة البترول المصرية، وفي آخر جولة تفاوضية عام 1996، اعلن الجانب المصري توقف المفاوضات بسبب الخلاف علي " التسعير" للغاز حيث يطالب المصريون بأن يتحدد سعر الغاز في ضوء الأسعار العالمية ،بينما صمم الجانب الأسرائيلي علي تحديد سعر خاص ينخفض كثيرا عن السعر العالمي، وبالتالي تم تعليق المفاوضات حتي فبراير 1997. وكان هناك سبب سياسي وراء تعثر المفاوضات، ألا وهو التعنت والتشدد من حكومة الليكود في التعامل مع الفلسطينيين وإستخدام العنف علي نطاق واسع وإحكام الحصار علي السلطة الفلسطينية وعلي الرئيس الراحل ياسر عرفات مما سمم جو المفاوضات.

ولقد توقفت المفاوضات فترة طويلة، ولكن عاد المفاوضون من الجانبين إلي الطاولة مرة أخري عندما تحسنت الظروف السياسية وخروج الدكتور حمدي البمبي وزير البترول المصري من الوزارة وحلول المهندس سامح فهمي مكانه وقدراته المرنة علي التفاوض مع الإسرائيليين نتيجة تعامله اليومي معهم أثناء إشرافه علي مصفاة ميدور والعلاقة الحسنة مع رئيس شركة إي.ام.جي (حسين سالم) والتي تعود لعملهم معا في ميدور.

>> في العامين الأخيرين من العقد الأخير من القرن الماضي، بدأت تتضح بصورة أكبر مشكلات الشبكة الكهربائية في إسرائيل . بدأت تحدث انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي ، مما سبب أضراراً إقتصادية عديدة ، بالإضافة إلي أعتماد الشبكة علي المازوت والفحم في تشغيل محطات الكهرباء وهي طاقة ملوثة للبيئة، وأصبح القانون الجديد للبيئة الصادر عام 1994 يتعامل بصرامة مع شركات الكهرباء الإسرائيلية لمواجهة المشاكل البيئية الناتجة عن إستخدام وقود المازوت والفحم.

ويتوزع تموين محطات الكهرباء بالوقود علي النحو التالي:

70% تعمل بالفحم. 25% تعمل بالمازوت 5% تعمل بالسولار

ويبلغ طول الشبكة الكهربائية 1645 ميلا، وهي شبكه مغلقة أي مقصورة علي سكان إسرائيل والسلطة الفلسطينية فقط . وقد وصلت الشبكة لحدودها القصوي وتتعرض للتدهور.

ولقد توصلت وزارة البنية التحتية أن أفضل الخيارات لتطوير الشبكة ، في إعتمادها علي الغاز الطبيعي ، ومن ثم يفضل الحصول عليه من مصر.

وقد طلبت شركة (كهرباء إسرائيل ) في مفاوضتها مع الجانب المصري ألا يقل التعاقد عن 20 عاما وفي حدود كمية 2.5 مليار متر مكعب

وقد وافق الجانب المصري علي ذلك بشرط تقديم شركة كهرباء إسرائيل خطاب ضمان قدره 300 مليون دولار لضمان جدية تنفيذ التعاقد وهو ما حاول الجانب الاسرائيلي التملص منه ، إلا أنه لم ينجح في ذلك.

>> وبعد توقيع تفاهمات شرم الشيخ بين شارون وأبو مازن أخذ موضوع الانسحاب الاسرائيلي من غزة منحني صعوديا دفع بالحراك السياسي إلي الأمام. وتضمن عودة السفير المصري إلي تل أبيب وتوقيع إتفاقية الكويز مع مصر، ومن ثم إحراز تقدم نحو توقيع إتفاق توريد الغاز المصري لاسرائيل.

وأخيرا قام وفد برئاسة وزير البنية التحتية الاسرائلية "دافيد بن إلعازر" بزيارة القاهرة في يونيو 2006 وحضر حفل توقيع الاتفاق لمذكرة التفاهم مع وزير البترول المصري...وقال بن إلعازر عقب حفل التوقيع:

"أنه اتفاق تاريخي .فهي المرة الأولي في تاريخ دولة إسرائيل تحصل علي غاز من دولة عربية ولمدة طويلة وبضمانات حكومية"

وبذلك أصبح توريد الغاز المصري بضمانة حكومية ، وليس اتفاقا تجاريا يمكن للحكومة المصرية أن تتحلل منه ، وقد لوحظ أيضا عدم مناقشة مجلس الشعب له لأنه تم علي أساس كونه "مذكرة تفاهم" .

>> المكسب الأكبر من هذا الأتفاق الذي سيدخل حيز التنفيذ في شهر مارس المقبل...هوالسعر .والذي يرتبط بعشرين عام توريد للغاز.فبعد تعتيم شديد وإخفاء للسعر، ولمدة طويلة، تبين أنه سعر خاص للغاية. وبعض الصحفيين وصفوه بإنه سعر سياسي!

فهو لا يماثل الأسعار المباع بها الغاز لدول أخري، كما أنه لايخضع لقاعدة "التعديل" Escalation clause ، التي تربط تحرك السعر بإرتفاع أسعار البترول والغاز في السوق العالمية.

وقد كشف أن السعر يدور حول 75 سنتاً للمتر المكعب، بينما الأسعار العالمية في حدود 5 إلي 7 دولارات

Welcome to

http://www.alfikralarabi.org/modules.php?name=News&file=article&sid=1308

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى