أمل دنقل شاعر ومتمرد وصعلوك
سرد الناقد اليمني الدكتور عبد العزيز المقالح بعض الذكريات التي تربطه بالشاعر الراحل أمل دنقل، وكتب ذلك أثناء تقديمه للكتاب الخاص بالأعمال الكاملة لأمل دنقل الصادر عن دار مدبولي بالقاهرة عام 1987 .
الشاعر الصعلوك
تحدث المقالح عن حياة الصعلكة التي عاشها أمل دنقل، فيقول: "كانت الصورة الشائعة عن أمل دنقل هي صورة الشاعر الصعلوك، لكنه كان صورة فريدة في صعلكته وفي محافظته على تقاليد الصعلكة الشعرية بثوبها المعاصر". وأضاف "كان وصف الشاعر الصعلوك يتردد كثيراً في الأوساط الأدبية المصرية كلما ذكر اسم أمل دنقل، وكثيراً ما قيل هذا الوصف بحضوره فيضحك ويعتبر هذا الوصف تحية كريمة لشاعر معاصر ينأى بنفسه عن الاقتداء بشعراء الصالونات المعطرة". وتوغل المقالح في حياته الشاقة والمؤلمة، فتحدث عن شقته التي استأجرها بالعجوزة وسكن بها مع زميله الشاعر حسن إبراهيم، وكيف أنهم كانوا يملكون قميصاً واحداً يليق بالمناسبات الرسمية، فعندما كان يرتديه أمل في لقاء ما فيغيب إبراهيم عن هذا اللقاء وعندما يرتديه إبراهيم في لقاء يغيب حسن عنه.
تكفير الشعراء
لم يفلت دنقل من قبضة خفافيش الظلام فقد تم كفيره بسبب قصيدته "كلمات سبارتكوس الأخيرة، حيث يقول أمل في هذه القصيدة "المجد للشيطان معبود الرياح.. من قال لا في وجه من قالوا نعم.. من علم الإنسان تمزيق العدم.. من قال لا فلم يمت.. وظل روح أبدية الالم"، ويعقب المقالح في هذا الصدد "محاكم التفتيش المعاصرة اتهمت دنقل بتمجيده لإبليس وأنه بذلك قد كفر وأن دمه قد صار حلالاً وقد حاول صغار العقول هؤلاء أن يصلوا بصرخاتهم الحاقدة إلى أهل الحل والعقد إلا أن الصرخات ضاعت في أرض مصر الواسعة الأرجاء وظلت تتردد همساً في دهاليز الكراهية". أمير شعراء الرفض
كانت هزيمة 67 الانعطافة الحقيقية نحو الشهرة ونحو الشعر، فانتشر ما يعرف بشعر المقاومة في ثوبه العصري الحديث، وكان أبرز من اشتهروا في هذه الفترة من كتاب هذا النوع من الشعر هو أمير شعراء الرفض أمل دنقل. ويقول المقالح في مقاله عن طيف الذكريات التي تحيط بأمل دنقل "أن أمل قد كتب قصيدته الشهيرة "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" في الأيام الأولى للنكسة وتم تحذيره كثيراً من نشر هذه القصيدة حتى لا يناله الأذى، لكنه عاند لدرجة أنه جعل عنوانها عنوان أول دواوينه" وأضاف "وفيما تبقى من عام 67 وإلى أوائل السبعينيات كانت القصيدة على كل لسان وذلك لأنها ارتبطت بالجرح القومي الأكبر كانت بمثابة تعبير صادق عن موقف الشعب العربي والذي شبهه الشاعر في القصيدة بعنتره الذي تركه الحكام في صحراء الأهمال يسوق النوق إلى المرعى ويحتلب الأغنام" حكاية الغرفة 8
أصيب أمل دنقل بالسرطان وعانى منه لمدة تقرب من ثلاث سنوات وتتضح معاناته مع المرض في مجموعته أوراق الغرفة 8 وهو رقم غرفته في المعهد القومي للأورام والذي قضى فيه ما يقارب ال 4 سنوات، وقد عبرت قصيدته السرير عن آخر لحظاته ومعاناته، وهناك أيضاً فيلم تسجيلي عن حياة أمل دنقل بعنوان حكايات الغرفة 8 إخراج عطيات الأبنودي .
ولم يستطع المرض أن يوقف أمل دنقل عن الشعر حتى قال عنه احمد عبد المعطي حجازي "إنه صراع بين متكافئين، الموت والشعر".
كانت آخر لحظاته في الحياة برفقة د . جابر عصفور وعبد الرحمن الأبنودي صديق عمره، مستمعاً إلى إحدى الأغاني الصعيدية القديمة، وانتهت معاناته في دنيانا مع كل شئ في مثل هذا اليوم الموافق 21 مايو عام 1983.
أمل دنقل شاعر ومتمرد وصعلوك
Wed, 21 May 2014 15:40:06 GMT