آخر المواضيع

‏إظهار الرسائل ذات التسميات حسين سالم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حسين سالم. إظهار كافة الرسائل

23‏/08‏/2016

أغسطس 23, 2016

قائمة الممتلكات التي تنازل عنها حسين سالم لـ"مصر"



تنشر "الوطن" قائمة بالأصول والممتلكات التي تنازل عنها رجل الأعمال حسين سالم، للدولة، وقيمتها التي قدّرها خبراء من وزارة العدل والكسب غير المشروع، والتي تضمنها محضر التصالح بينه وبين الدولة، ممثلة في وزارة العدل وجهاز الكسب غير المشروع.

وجاءت قائمة الممتلكات التي تنازل عنها حسين سالم، كتالي:

- فيلا رقم 222 بشرم الشيخ، بقيمة 41 مليون جنيه، بموجب عقد مشهر.

- فيلا رقم 223 بشرم الشيخ، بقيمة 26 مليون جنيه بموجب عقد مشهر.

- فيلا رقم 224 بشرم الشيخ، بقيمة 24 مليون جنيه بموجب عقد مشهر.

- فيلا رقم 225 بشرم الشيخ، بقيمة 29 مليون جنيه، بموجب عقد مشهر.

- فيلا رقم 226 بشرم الشيخ بقيمة 23 مليون جنيه، بموجب عقد مشهر.

- فيلا رقم 227 بشرم الشيخ، بقيمة 26 مليون جنيه بموجب عقد مشهر.

- فيلا رقم 228 ك بشرم الشيخ، بقيمة 23 مليون جنيه، بموجب عقد مشهر.

- فيلا 229 بشرم الشيخ، بقيمة 57 مليون جنيه، بموجب عقد مشهر.

- فيلا زيوس رقم 5 بمنتجع فينوس بقيمة 4 ملايين جنيه بموجب عقد بيع ابتدائي بين شركتي العمار للتنمية العقارية وأبناء مصر للاستثمار السياحي.

- قطعة أرض زراعية بزمام البستان بمساحة 61 فدانا و19 قيراطا، بقيمة 11 مليون جنيه، بموجب عقد بيع ابتدائي موضح به الحدود والمعالم والمساحة، من مالك إماراتي إلى خالد حسين سالم، بموافقة الجهة المالكة على البيع.

- قطعة أرض زراعية بزمام البستان ناحية المسقة، بمساحة 59 فدانا و18 قيراطا و20 سهما، بقيمة 8 ملايين جنيه، بموجب عقد بيع ابتدائي موضح به الحدود والمعالم والمساحة من مالك إماراتي إلى خالد حسين سالم بموافقة الجهة المالكة على البيع.

- العقار رقم 24 بشارع رشدي باشا بمصر الجديدة، بقيمة 45 مليون جنيه بموجب عقد مشهر.

- شركة نعمة للجولف والاستثمار السياحي، بقيمة 3 مليارات و79 مليونا و240 ألف جنيه، بموجب سجل تجاري رقم 1195 محافظة جنوب سيناء، بتاريخ 17/6/1995.

- شركة التمساح للمشروعات السياحية "أرض البياضية" بقيمة 700 مليون جنيه.

- 24% من أسهم شركة التمساح خالية من أي التزامات، بقيمة 122 مليونا و880 ألف جنيه، بموجب قرار نائب رئيس مجلس الوزراء والتخطيط والمالية والاقتصاد رقم 175 لسنة 1981 بتأسيس الشركة.

- شركة مياه جنوب سيناء، التي يساهم حسين سالم وأسرته فيها بنسبة 89%، بقيمة 756 مليونا و997 ألفا و821 جنيها، بموجب سجل تجاري 977 مكتب سجل تجاري استثمار القاهرة.

كان المستشار نبيل صادق النائب العام، أصدر قرارا صباح اليوم، برفع اسم رجل الأعمال حسين سالم، وأفراد أسرته، من قوائم الترقب والتحفظ على الأموال، بعد إتمام التصالح معه.

09‏/08‏/2016

أغسطس 09, 2016

الغاز من أجل الذهب والسكن قراءة في أروقة العدالة المصرية


كتب:

    أسامة دياب

في أحد أيام شهر يناير 2009، ذهب وهبة عيسى، أمين عام وزارة البترول، إلى القصر الجمهوري ليسلم اللواء مصطفى شاهين، سكرتير الرئيس السابق حسني مبارك، لفافة أرسلها له وزير البترول السابق سامح فهمي، ليرسلها إلى مبارك، حسب تحقيقات النيابة مع مبارك في الجناية رقم 3642 لسنة 2011.

بعدما تسلم اللواء مصطفى شاهين اللفافة، طلب من فوزي شاكر مقار، المدير العام برئاسة الجمهورية، تسليمها لمبارك، وتوجه معه بالفعل فى سيارة لمقر الرئاسة، وسلم اللفافة حال وصوله للمقر، وفقا للتحقيقات مع مقار.

كان باللفافة سبيكة ذهب وزنها 5.5 كيلوجرام، وهو ما يجعل قيمتها، وفقا لأسعار الذهب الحالية، حوالي مليون وستمائة ألف جنيه مصري. ظلت السبيكة في مسكن مبارك منذ يناير 2009 حتى التاسع من مايو 2011، أي بعد أربعة أشهر من اندلاع ثورة يناير 2011، وبعد القاء القبض على مبارك وتوجيه تهم له بالكسب غير المشروع، تبرع حينها بالسبيكة الذهبية لمتحف هدايا رئيس الجمهورية في قصر عابدين، بعد إحتفاظه بالسبيكة في منزله الخاص لمدة تزيد عن عامين، حسب أقواله في تحقيقات النيابة.

"هو ممكن يكون سلمنى اللفافة ولم أفتحها وتُرِكت ونسيتها".. هكذا رد مبارك في تحقيقات النيابة عند مواجهته بالأمر. وأضاف: "أنا لم أفتحها ونسيت أن أقوم بإيداعها بالمتحف كالمعتاد مع كل الهدايا التي تقدم إليّ في الرئاسة.. أنا أخذتها على البيت لغاية لما أتأكد هي إيه بالضبط عشان كده لم أتركها بمقر الرئاسة واللي حصل إن أنا لم أشاهدها ونسيتها."

"مدى مصر" زارت متحف رئيس الجمهورية في قصر عابدين، للاطلاع على السبيكة، لكنها لم تكون معروضة.

هذه السبيكة هي أول انتاج لمنجم السكري للذهب في جنوب مصر، وهو أحد أكبر مناجم الذهب في العالم، والذي بدأ الإنتاج به عام 2009، ويقوم باستخراج البترول منه وزارة البترول والثروة المعدنية وشركة سنتامين الأسترالية، التي يرأس مجلس إدارتها رجل الأعمال الأسترالي من أصل مصري جوزيف الراغي.

الشخص الذي قام بإرسال اللفافة لمبارك، هو سامح فهمي وزير البترول الأسبق، المتهم في العديد من قضايا الفساد، والذى تولى حقيبة وزارة البترول في 10 أكتوبر 1999 واستمر فى منصبه لمدة إثنى عشر عاما، حتى اندلاع ثورة يناير، وهو من أكثر الوزراء استمراراً في منصبهم في عهد مبارك، بجانب وزير الثقافة فاروق حسني (24 عاما)،  ووزير الدفاع المشير حسين طنطاوي (21 عاما)، ووزير الإعلام صفوت الشريف (22 عاماً)، ووزير الداخلية حبيب العادلي (14 عاما).

قطاع البترول والطاقة المصري، شهد تطورات كثيرة، خلال فترة قيادة «فهمى» له، وهى الفترة التى انتهت ببداية أزمة حادة في الطاقة، شعر بها جميع المصريين، في شكل انقطاعات يومية للتيار الكهربائي، فى حين كانت بدايتها شاهدة على بدء مفاوضات تصدير الغاز السرية ـ والمثيرة للجدل ـ للأردن وإسبانيا واسرائيل.

 أحد أهم أسباب أزمة الكهرباء التي تعيشها مصر حاليا هو نقص الغاز الطبيعي، والذي تنبأت الحكومة بأن الطلب عليه سيتخطى المتاح من الإنتاج المحلي.

وفقا لعبدالخالق عياد، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للبترول سابقا، تقدم رجل الأعمال الهارب، المدان في قضايا فساد، حسين سالم في أبريل 2000- أي بعد ستة أشهر من تولي فهمي مسئولية وزارة البترول - بطلب لفهمي لشراء كميات من الغاز الطبيعي، بغرض تصديره لتركيا واسرائيل، مقابل مبلغ دولار ونصف لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مع تثبيت السعر خلال فترة التعاقد. وكانت هناك شراكة عمل تربط سالم بفهمي، حيث عملا سويا في مصفاة ميدور للتكرير قبل تولي الاخير لوزارة البترول.

ووفقا لمحمد كامل العيسوي، وكيل أول وزارة البترول لشئون الغاز سابقا، فقد تم تكليفه بإعداد دراسة سعرية لتقدير قيمة تكلفة إنتاج الغاز الطبيعي، وتحديد الشروط التعاقدية مع شركة حسين سالم، وجاءت الدراسة بأن تكلفة إنتاج مليون وحدة حرارية بريطانية وقتها، تساوى واحد ونصف دولار، وتم عرض الدراسة على اللجنة العليا للغاز التي يرأسها سامح فهمي.

لكن من الواضح أن فهمي لم يُعجب بهذا العرض، وفي نفس اليوم الذي تقدمت فيه شركة غاز شرق المتوسط، المملوكة لسالم، بطلب جديد تضمن تعديل السعر إلى 75 سنتا، وهو نصف تكلفة الإنتاج وفقا لتقرير العيسوي، قام فهمي بتكليف حسن محمد عقل نائب، رئيس الهيئة العامة للبترول للإنتاج سابقا، وإسماعيل كرارة نائب رئيس الهيئة العامة للبترول للتخطيط، بإعداد مذكرة أخرى، يُخصم فيها من تكلفة إنتاج الغاز، عن طريق استبعاد قيمة الرسوم والضرائب التي تدفعها الهيئة، واستبعاد تكلفة استخراج الغاز من حقل غرب الدلتا العميق ومرتفع التكلفة، مما أدى إلى خفض تكلفة الإنتاج إلى 68 سنتا، مع العلم بأن الغاز الروسي- وهو من أرخص أنواع الغاز - كان ثمنه يتراوح بين 1.99 و2.51 دولار آنذاك، وفقا لأمر الإحالة في القضية المعروفة إعلاميا بتصدير الغاز إلى إسرائيل.

المذكرة الثانية التي تشتمل على التسعير البخس هي التي لاقت نصيبها من الحظ، وهي التي قدمها فهمي إلى مجلس الوزراء في إجتماعه بتاريخ 18/9/2000 وتم الموافقة عليها. وتم التعاقد على نفس هذه الأسعار بدون زيادة بعد خمس سنوات في 13/6/2005 مع شركة غاز شرق المتوسط لصاحبها حسين سالم بغرض تصديره لإسرائيل.

وقد قامت شركة غاز شرق المتوسط، بشراء الغاز من الشركة القابضة للغازات والهيئة العامة للبترول بـ 0.75 -1.25 دولار وبيعه لإسرائيل بـ 2.25 دولار، وفقا لأقوال رئيس المخابرات العامة ونائب رئيس الجمهورية السابق عمر سليمان في تحقيقات النيابة في قضية تصدير الغاز لإسرائيل.

وبجانب علاقة فهمي وسالم، فحسب أقوال سليمان في نفس تحقيقات النيابة، ربطت الرئيس السابق مبارك بحسين سالم علاقة صداقة تقرب من 20 عاما، ووفقا لسليمان قام سالم بتأسيس شركة الغاز، التي ربحت المليارات جراء تصدير الغاز بسعر بخس إلى إسرائيل، بتكليف من رئيس الجمهورية الأسبق "لسابق خبرته في التعامل مع الإسرائيليين في مشروع مصفاة ميدور".

ولكن قد يكون هناك سبب آخر وراء إختيار مبارك لسالم، للاستحواذ علي هذه الصفقة المربحة لشركته، والمكلفة لخزينة الدولة، وهي الصداقة التي تربطه بمبارك والتي ارتبطت بتقديم العطايا.

تجلت هذه الصداقة في بيع سالم خمس فيللات في مدينة شرم الشيخ السياحية، لمبارك ونجليه بسعر شديد الرمزية، في نفس العام الذي بدأت فيه مفاوضات بيع الغاز لإسرائيل، فالفيللا التي قضى مبارك بها أغلب وقته، في سنوات حكمه الأخيرة وشهور قليلة ما بعد الثورة حتى لحظة القبض عليه، تم "شرائها" من شركة نعمة جولف التي يمتلكها سالم، بسعر أقل كثيرا من قيمتها السوقية.

تقع الفيلا الرئيسية المملوكة لمبارك على مساحة تزيد عن 15 ألف متر مربع (حوالي 4 فدادين) في موقع متميز في شرم الشيخ بجوار الفندق الشهير المملوك لسالم هناك.

وفقا لتقرير الخبير الهندسي الذي قامت به إدارة الكسب غير المشروع لتقدير قيمة تلك الفيلات والذي تقدمت به للمكتب الفني للنائب العام، فعقود البيع الخمسة مشهرة جميعها بتاريخ 14/10/2000، نظير «500 ألف جنيه، 400 ألف جنيه، 400 ألف جنيه، 300 ألف جنيه، و300 ألف جنيه». "دفعت نقدا بالكامل ليد البائع من المشترى".

إذا نظرنا للفيلا الخاصة بالرئيس السابق نجد أن متوسط سعر المتر كان 31 جنيه مصري فقط، ومتوسط سعر المتر لإجمالي مساحة الخمس فيلات البالغة 22435 متر مربع كان 84 جنيه مصري.

وفقا لذات التقرير، الذي يقارن سعر هذه الوحدات بمثيلاتها التي بيعت بعد فيللات عائلة مبارك بشهرين، قامت شركة نعمة جولف للاستثمار السياحي ببيع 23 فيلا على مساحة 21،000 متر مربع (أي أقل من مساحة فيلات عائلة مبارك)، بمبلغ 35،650،000  بموجب عقد مشهر بتاريخ 17/12/2000، أي بمتوسط سعر 1697 جنيه مصري للمتر المربع، أي حوالي 54 ضعف الثمن الذي اشترى به مبارك.

وقد قدر التقرير مجموع قيمة المباني التى حصلت عليها عائلة مبارك من سالم بـ"سبعة وثلاثون مليونا وستمائة وتسعين وثمانون ألفا وخمسمائة جنيه، هذا بخلاف أعمال اللاندسكيب والتشجير والأعمال الكهربائية والميكانيكية لحمامات السباحة وأعمال الانشاءات المستجدة التي لم تتم حتى الآن. وعليه فإن سعر الفيلات الثابت بالعقود لا يتناسب مع القيم السوقية وقت الشراء."

وحين وجه المحقق سؤاله لمبارك قائلاً: "ما قولك فيما ورد بمحضر تحريات مباحث الأموال العامة، من أن ثمن شراء الفيلات الخاصة بكم من شركة سالم، لا يتناسب مع ثمن المثل فى وقت الشراء، وأنه يقل كثيرًا عن الثمن المناسب، وأنه ثبت من الاطلاع على عقود شراء شركة المهندسون المصريون للاستثمار العقارى، شرائها لعدد من الفيلات بمساحة 750 مترًا للواحدة، فى أماكن أقل تميزًا بمبلغ يتراوح بين مليون جنيه و300 ألف جنيه إلى مليون وتسعمائة ألف جنيه؟".. كان رد مبارك: "معرفش".

كانت المحكمة قد وجهت لمبارك ونجليه، تهم استعمال نفوذ وقبول عطية، ووجهت لسالم تهمة تقديم عطية، في القضية المعروفة إعلاميا بـ"محاكمة القرن". وفي حكمها الأولي الصادر في يونيو 2012، لم تنكر المحكمة وقوع الجرم، ولكنها قضت بانقضاء الدعوى الجنائية لمرور عشرة أعوام على وقوع الجريمة، وهي فترة التقادم في الجنايات، حسب المادة 15 من قانون العقوبات، التي تنص على "انقضاء الدعوى الجنائية فى مواد الجنايات لمضى عشر سنين من يوم وقوع الجريمة وفى مواد الجنح بمضى ثلاث سنين وفى مواد المخالفات بمضى سنة مالم ينص القانون على خلاف ذلك".

تصف منظمة الشفافية الدولية، اسقاط تهم الفساد بالتقادم بأنه "عد تنازلي نحو الإفلات من العقاب" وتقترح عدة إجراءات، أهمها المرونة في تحديد مدة التقادم في الوظائف التي تمنح أي نوع من أنواع الحصانة وقت ارتكاب الجريمة، ويكون التساؤل هنا، هل كان هناك إمكانية لكشف هذه الواقعة وإجراء التحقيقات قبل إنتهاء مدة التقادم حين كان الرئيس مبارك لا يزال في الحكم؟

أما من لم يفلت من العقاب بقانون الإجراءات الجنائية، فربما يستطيع الإفلات بقانون ضمانات وحوافز الاستثمار الذي يجيز التصالح مع المستثمر المعتدي على المال العام، في مادته السابعة مكرر، التي تنص على أنه: "يجوز التصالح مع المستثمر في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات التي ترتكب منه بصفته أو بشخصه أو التي اشترك في ارتكابها... ويترتب على تمام التصالح وفقا لما سبق انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمستثمر".

وهو ما حدث حين رحبت حكومة حازم الببلاوي بعرض التصالح الذي قدمه أحد الأركان الأخرى في القضية وهو حسين سالم، الذي تم الحكم عليه غيابيا بالسجن 15 سنة، في القضية الأخرى الشهيرة، والمعروفة بـ"تصدير الغاز إلى إسرائيل"، سالم الذى هرب إلى إسبانيا خلال الثورة مستغلا جنسيته الإسبانية، لم يُتم التصالح مع الحكومة حتى الآن، أما سامح فهمي، فما زال يُحاكم حالياً، بعدما أمرت محكمة النقض بإعادة محاكمته وإلغاء الحكم الصادر بحقه، بالسجن المشدد 15 عاماً، في قضية "تصدير الغاز لإسرائيل"، بينما تعاد حالياً محاكمة مبارك ونجليه وحسين سالم، فى "محاكمة القرن"، بعد أن أصدرت محكمة النقض قرارها فى يناير 2013، بقبول الطعن المقدم فى القضية وإعادة محاكمة جميع المتهمين
أغسطس 09, 2016

تصالح الدولة مع حسين سالم: النقود أهم من الحقيقة


تصالح الدولة مع حسين سالم: النقود أهم من الحقيقة
 
أعلن جهاز الكسب غير المشروع، أمس الأربعاء، عن الانتهاء رسميًا من اتفاق المُصالحة مع واحد من أكبر رجال الأعمال في عهد مبارك؛ حسين سالم، والذي يتنازل بموجبه إلى الحكومة عن مبلغ 5.8 مليار جنيه، بحسب تقرير جريدة الأهرام الحكومية.

كان سالم، الذي يحمل الجنسيتين المصرية والإسبانية، قد هرب إلى إسبانيا خلال ثورة 2011، ثم واجه عدة اتهامات بالكسب غير المشروع كان لها أن تؤدي إلى حبسه لعقود طويلة. قبل أن يحُكم عليه غيابيًا بالحبس لمدة 15 سنة بتهمة اختلاس وتبديد أموال عامة لها علاقة بخطة لبيع الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل بأسعار أقل من سعر السوق، كما حُكم عليه كذلك بالحبس لمدة 10 سنوات لبيع الكهرباء بطريقة غير مشروعة إلى هيئات أخرى غير هيئة كهرباء مصر.

وخلال المؤتمر الصحفي للإعلان عن القرار، قال رئيس جهاز الكسب غير المشروع؛ عادل السعيد إن الحكومة لن تتخذ المزيد من الإجراءات القانونية ضد سالم وفق شروط اتفاق المصالحة، مُضيفًا أنه قد خاطب بالفعل المدعي العام لرفع التجميد عن أصول سالم وإزالة اسمه من قوائم المطلوبين. ووصف السعيد الاتفاق أيضًا بأنه الأكبر من نوعه الذي يتم الانتهاء منه في مصر.

إلا أن الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية؛ أسامة دياب يرى إن نهج مصر لتحقيق المُصالحة يتجاهل أي جهد نحو البحث عن الحقيقة. ويقول: "أعتقد أن المصالحة يجب أن تكون جزءًا من عملية أكبر، وأن ترتبط بآليات العدالة الانتقالية".

ويؤكد دياب على أن المُصالحة قد تلعب دورًا في تخفيف حدة التوتر خلال الفترة الانتقالية وتحييد حلفاء النظام السابق، إلا أنها يجب أن تتم في إطار جهود لمحاولة منع وقوع جرائم مماثلة في المستقبل. ويضيف قائًلا: "عادة ما تنطوي المصالحة على شروط وضعت في سياق أوسع، ويجب ألا يتم التعامل معها باعتبارها مجرد وسيلة لسد عجز في الموازنة. ينبغي استخدامها كوسيلة لتحقيق أهداف أكبر، وألا تكون كغاية في حد ذاتها".

يرى دياب أن لجنة الحقيقة والمصالحة؛ التي أنشئت في جنوب أفريقيا بعد انتهاء نظام الفصل العنصري، أظهرت أهمية البحث عن الحقيقة بالنسبة إلى عملية المصالحة. ويُضيف: "يُعد سالم بمثابة منجم من الذهب، ليس بسبب ماله، ولكن لأنه كان في الدوائر الداخلية لنظام مبارك ويعرف ما كان يدور بداخل الدولة منذ الستينيات. الأقاويل الراهنة بشأن صفقة الغاز مع إسرائيل لا تزال غامضة، وهو يعرف كل تفاصيلها".

وبعيدًا عن كشف التفاصيل الخفية، يرى دياب ضرورة فرض قيود أكثر صرامة على عمليات التصالح؛ حيث أن دور الأجهزة المُتعددة في هذه العملية غير واضح، كما أن شروط التصالح أقل من المُستوى القياسي.

وبالإضافة إلى تورط سالم؛ مؤسس شركة شرق المتوسط للغاز الطبيعي، في قضية الكسب غير المشروع من الطاقة، فإنه متورط كذلك في إحدى القضايا مع مُبارك ونجليه؛ إذ واجه الرئيس الأسبق اتهامًا بتخصيص مليوني متر مربع من أراضي سيناء لسالم بشكل غير مشروع، في مقابل خمس فيلات في شرم الشيخ؛ يُقدر ثمنها بمبلغ 39 مليون جنيه مصري. ومع ذلك، سقطت الاتهامات في 2014 بانقضاء المدة.

كان الإنتربول الدولي قد أصدر مُذكرة بإلقاء القبض على سالم في مايو 2011، في أعقاب طلب من مصر، وبحسب صحيفة إلباييس الإسبانية، وجه المُدعي العام الإسباني تهمة غسيل الأموال إلى سالم، وبعدها بوقت قصير، قامت الحكومة بتجميد أصوله المالية. وتم إلقاء القبض على سالم بناءً على ذلك، ولكن تم إطلاق سراحه بعد دفع كفالة قدرها 27 مليون يورو في يونيو 2011.

ووافقت إسبانيا بصفة مبدئية على تسليم حسين سالم وابنه إلى مصر في 2012، بشرط قيام السلطات القضائية باستبدال قاضي التحقيق في المُحاكمة والسماح لسالم بقضاء الحكم الصادر بحقه في سجن إسباني، بحسب تقرير مجلة نيويورك تايمز.

وبدأت عملية التصالح في مارس 2016، عقب قبول الحكومة بالعرض الذي تقدم به سالم بنقل ملكية 78% من أصوله المالية إلى الحكومة المصرية في مقابل السماح له بالعودة إلى مصر دون خطر التعرض للمُحاكمة.

وكانت صحيفة الشروق الخاصة قد نشرت قائمة بممتلكات سالم التي تمت مُصادرتها وفق ما أعلن عنه جهاز الكسب غير المشروع، وهي: 8 فيلات في منتجع شرم الشيخ، وملعب جولف بمساحة 800,000 متر مربع، وفيلا في الساحل الشمالي، وقطعتي أرض في القاهرة الجديدة مساحتها الإجمالية 10,000 متر مربع؛ أقيم فوقها قصر، ومبنى مكون من خمسة طوابق بمصر الجديدة، ومحطة مياه في شرم الشيخ، وقطعة أرض بمساحة 140 فدان في وادي النطرون، واسهم في عدة شركات، و123 مليون جني مصري نقدًا.

فيما ذكر دياب إن تقدير الحكومة أنها حصلت على 75% من ممتلكات سالم غير دقيق إلى حد بعيد؛ حيث أغفلت قائمة جهاز الكسب غير المشروع مُمتلكاته بالخارج، والتي تُمثل نسبة كبيرة من ثروته.

وفق تقدير دياب، لا تصل الممتلكات التي تم الحصول عليها نتيجة عملية المُصالحة إلى 20% من ثروة سالم.

ويشير بحث قامت به المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى أن عددًا من أفراد عائلة سالم يُشاركون في شركة مُسجلة في جزر كايمان بمنطقة البحر الكاريبي، المعروفة بأنها ملاذ ضريبي.

وفي بيانه يوم الأربعاء، أعلن جهاز الكسب غير المشروع أن الحكومة حصلت على 301.9 مليون جنيه مصري في اتفاقات مُصالحة سابقة قبل الاتفاق الأخير مع سالم. وأن هناك 11 طلبًا لا زالت قيد البحث، بينما تم رفض 5 طلبات من قبل.

وقد أصبح بمقدور الحكومة المصرية عقد اتفاقيات التصالح في قضايا تتعلق بالكسب غير المشروع والتربح، إثر تعديل قانون العقوبات الذي صدر في مارس 2015، والذي نجم عنه زيادة فئات الجرائم التي يمكن حلها عن طريق التصالح. وتعرض تعديل القانون وعمليات التصالح التالية لانتقادات من جانب منظمات مكافحة الفساد لأن التدابير تؤدي إلى الإفلات من العقاب، وتعمل على زيادة الفساد.
أغسطس 09, 2016

صفقة حسين سالم: عن وهم استرداد 75% من ثروته المسروقة



" ألو...احنا الحرامية اللي لسه سارقين البنك حالا...هنرجع لكم 75 في المائة من المسروقات ونعمل تصالح".

تترجم كلمات كاريكاتير عمرو سليم المنشور في المصري اليوم بعد إعلان إتمام تصالح الدولة مع رجل الأعمال حسين سالم ببساطة قناعة قطاع لايستهان به من الرأي العام بلاأخلاقية صفقة التصالح هذه ومن حيث المبدأ.

لكن الكلمات نفسها قد تكشف عن حجم الخداع الذي حملته صفقة التصالح مقابل 5,3 مليار جنيه (أي نحو 602 مليون دولار بالسعر الرسمي في البنوك ونحو 445 مليون دولار بسعر السوق السوداء أو المسماة الموازية باعتبار أن الدولار يساوي 12 جنيها)، وتحديدا بشأن اعتبار المبلغ المتصالح عليه يساوي 75 في المائة من ثروة حسين سالم وأسرته في الداخل والخارج، وفق ما جاء على لسان المستشار عادل السعيد مساعد وزير العدل لجهاز الكسب غير المشروع.

لمتابع مثلي، سعى لكتابة سيرة لشخصية حسين سالم في سياق فهم ودراسة رأسمالية المحاسيب في عهد مبارك[1]، لا يمكنني الوثوق على الإطلاق برقم 7,12 مليار جنيه كإجمالي ممتلكات رجل الأعمال الأقرب الى مبارك (أي نحو 802 مليون دولار بالسعر الرسمي للدولار مقابل الجنيه المصري في البنوك ونحو 593 مليون دولار بسعر السوق السوداء).

ولا تستند هذه الشكوك حول صحة تقدير ثروة حسين سالم إلى تلك التقديرات التي كانت متداولة في أوساط البزنيس في مصر بعيد ثورة يناير 2011 بأنها تبلغ نحو 20 مليار دولار؛ فهي بالقطع تقديرات لا تقوم على أدلة أو براهين في ظل ما خلصنا اليه من صعوبة حصر وتتبع ثروة الرجل وأسرته، نظرا لتشعب أنشطته وعلاقاته محليا وإقليميا ودوليا والطابع المعولم لحركة رأس المال، ناهيك عن افتقاد الشفافية عندنا سواء على مستوى أجهزة الدولة أو رجال الأعمال أنفسهم، فضلا عن انتهاك حقوق الصحافة والإعلام في استقاء الأنباء والقراء والجمهور في تلقيها.

 لكن ماينسف تقدير التصالح ويدفع إلى الاعتقاد أننا إزاء صفقة جرت مقابل أقل من 10 في المائة من إجمالي ثروة الرجل وأسرته الممكن حصرها هما أمران على وجه اليقين:

الأول هو تصريح في أكتوبر 2011 للمستشار عاصم الجوهري مساعد وزير العدل الأسبق للكسب غير المشروع، ورئيس اللجنة القضائية المشكلة بعد الثورة لاسترداد أموال مصر المنهوبة بالخارج بأن "اللجنة وضعت يدها على وثائق مهمة تؤكد امتلاك حسين سالم رجل الأعمال الهارب ونجليه خالد وماجدة ثروة طائلة بعدة دول بالخارج تجاوزت 24 مليار جنيه تم التوصل اليها من خلال التحويلات البنكية العديدة التي أجراها سالم ونجلاه بعدة بنوك بالخارج خلال الشهور الستة الأخيرة عقب ثورة يناير والتي قاموا خلالها بتحويل أصول يمتلكونها بتلك الدول إلى أموال سائلة".

وأضاف الجوهري وفق ما ورد في العنوان الرئيسي للصفحة الأولى لجريدة الأهرام في عدد الثلاثاء 18 أكتوبر 2011 أن "التحويلات الخاصة بسالم وأسرته وقيمتها تتجاوز 24 مليار جنيه لا تمثل ثروة سالم الحقيقية. فهناك أصول عقارية ومالية بمصر والخارج". وفي هذا السياق، أشار المستشار الجوهري كذلك الى إيداعات بنكية لعائلة سالم في بنوك جزر ماوراء البحار والممالك المستقلة وهونج كونج ودولة الامارات العربية، وكذا إلى امتلاك حسين سالم أكبر مول تجاري برومانيا معروف باسم "جولي فيل".

وبحساب مبلغ التحويلات (24 مليار جنيه) بسعر الدولار وقتها (590 قرشا) نكون أمام ما يزيد على أربعة مليارات دولار، وهذا مجرد جانب من ثروة حسين سالم التي أمكن رصدها عند تنقلها في تحويلات بين البنوك، والتي توجد بشأنها وثائق لدى وزارة العدل وأجهزة الدولة في مصر وفق ما أعلنه المسئول المختص.

والأمر الثاني: تشير قوائم الأراضي التي اشتراها حسين سالم ونجله خالد في مدينة شرم الشيخ وحدها بين عامي 1988 و2006 فقط، والتي اطلعت عليها في بداية يونيو 2011 في مكتب الشهر العقاري بمدينة الطور، إلى أن مجموعها تجاوز مساحة المليون ونصف المليون متر مربع[2]، وقد تحصل عليها حسين سالم ونجله بأسعار بخسة، وفي بعض الحالات لم يتجاوز سعر المتر خمسة جنيهات. كان هذا بالطبع بفضل نمط علاقات رأسمالية المحاسيب مع الرئيس المخلوع مبارك وأسرته.

وبتقدير إجمالي قيمة هذه المساحة من الأراضي المميزة والمخصصة لإقامة المشروعات السياحية وفق أدنى سعر للسوق في صيف 2011 (خمسة آلاف جنيه للمتر المربع) تبين أنها تتجاوز ثمانية مليارات جنيه، أي ما يعادل مليارا و350 مليون دولار حينها. ويشكل هذا بالطبع تقديرا لقيمة هذه الأراضي مجردة من المنشآت القائمة عليها، بما في ذلك الفنادق والفيلات الفاخرة وملاعب الجولف والأسواق والمشايات السياحية ومحطات المياه وغيرها، وهي كلها ممتلكات وأنشطة دفعت أهل المدينة لأن يطلقوا على حسين سالم لقب "الأب الروحي لشرم الشيخ".

 لكن قيمة الأراضي التي امتلكها رجل أعمال مبارك ستتضاعف يقينا وحتى من دون أية منشآت، لتصل لما يزيد على 2.7 مليار دولار بمقتضى المحضر الرسمي لأقوال العقيد طارق مرزوق، مدير إدارة مكافحة جرائم الاختلاس والإضرار بالأموال العامة أمام النيابة بتاريخ 18 مايو 2011، في القضية رقم 1 لسنة 2011 الشهيرة إعلاميا بـ"محاكمة القرن". فوفقا لشهادته قال العقيد المرزوق إن إجمالي ما تحصل عليه حسين سالم وشركاته في مدينة شرم الشيخ 3 ملايين متر مربع، وذلك بعد تمديد الفترة الزمنية من 1988 إلى 2010، وليس 2006 فحسب حيث توقفت القائمة التي اطلعت عليها في مدينة الطور. وقد تقدم العقيد مرزوق بسبعة عشر قرارا من محافظة جنوب سيناء بتخصيص هذه الأراضي، وأكد أنها جاءت جميعا بالأمر المباشر وبدون أي مزادات، بل أفاد – وفقا لمحضر أقواله- بأن غالبيتها تقع في أكثر مناطق شرم الشيخ تميزا، وأن هناك أراضي انخفض سعر بيع المتر المربع منها إلى جنيهين اثنين لا غير.

وعلى أية حال، فعندما نتكلم عن لعبة الأراضي في شرم الشيخ وحدها[3] فإن الثروة التي جناها حسين سالم تتجاوز في أدنى التقديرات وبأقل سعر للمتر في السوق خلال صيف 2011 مبلغ 2.7 مليار دولار، أي نحو ستة أضعاف قيمة صفقة التصالح. وبالطبع فإن هذا التقدير لا يأخذ في الاعتبار ما أنفقته الدولة من أموال عموم دافعي الضرائب على البنية الأساسية لخدمة هذه الأراضي وجعلها صالحة لاستثمار سياحي فاخر مربح. كما لا تدخل في الاعتبار السؤال الذي لم أجد له إجابة من أي من الجهات الرسمية طوال فترة البحث في سيرة حسين سالم: هل كان الرجل يدفع الضرائب عن أنشطته ومشروعاته؟ وكم دفع؟

وعلينا هنا أن نفترض أن قيمة هذه الأراضي- حتى وإن بقيت عند رقم 2.7 مليار دولار فقط- تظل على الأرجح خارج حسابات التحويلات البنكية التي أقدم عليها حسين سالم ونجلاه بعد الثورة، تلك التي رصدتها ووثقتها الدولة وفق تصريح المستشار الجوهري المشار إليه، لأن هذه الاراضي والممتلكات العقارية داخل مصر يفترض أنها خضعت لقرار منع التصرف في الأموال والممتلكات الصادر بحق أسره سالم بعد ثورة 2011، وهو إجراء سبق صدور النشرة الحمراء من الإنتربول لملاحقة سالم الهارب الى الخارج بناء على مخاطبة صدرت من مكتب النائب العام في منتصف إبريل 2011. ولما كنت قد أطلعت على أوراق مكتب الشهر العقاري بالطور مطلع يونيو 2011، يمكنني القول بأنه لم يكن ملحوظا أن حسين سالم ونجله قد قاما بأية عمليات بيع كبرى في الفترة السابقة مباشرة، أو في أي فترة سابقة منذ الشراء.

 هذان الأمران السابقان (التحويلات المالية خلال الأشهر الستة التالية لثورة يناير وأراضي شرم الشيخ) كفيلان وحدهما بنسف مصداقية الأرقام المقدمة الآن إلى الرأي العام بشأن صفقة التصالح بين الدولة وحسين سالم. لكن من تتبع قصة رجل أعمال مبارك هذا يدرك أن نشاط الرجل واستثماراته وأرباحه جرت في مجالات شديدة التنوع وبعلاقات غاية في التشعب والتعقيد. وثمة هنا محطات مهمة موثقة من شركات خدمات لنقل السلاح من الولايات المتحدة وحتى الاتجار فيه مع كامب ديفيد منذ نهاية السبعينيات، إلى الاستثمار الكبير في السياحة بمصر اعتبارا من الثمانينيات، ثم النهب الواسع من البترول والغاز الطبيعي انطلاقا من مصر التسعينيات. وإذا ما أخذنا المجال الأخير وحده- وهو يبدو أكثرها وضوحا وأقلها حساسية- لأدركنا ضخامة الأموال التي لعب بها الرجل وتحصل عليها مستفيدا من نمط وسمات رأسمالية المحاسيب، وذلك رغم صعوبة التوصل الى أرقام محددة.

فلدينا على نحو خاص مشروعا مصفاة تكرير البترول "ميدور"عام 1993 و"شرق المتوسط للغاز" عام 2007، وكلاهما من أعمال التطبيع مع اسرائيل. وقد حصلت الشركتان- الذي لعب سالم الدور الرئيسي في تأسيسهما مستثمرا علاقته مع مبارك ورجال حكمه وأجهزته ثم ربح من بيع أسهمهما لاحقا- على امتيازات عدة من الدولة، بما في ذلك الأراضي والإعفاءات الضريبية للمناطق الحرة، نهاية بقصة تسعير الغاز المتدني قبل توريده إلى تل أبيب. ومن الصعب حساب حجم الاستثمارات والأرباح التي جناها سالم من هذين المشروعين الكبيرين، نظرا لما اكتنف عمليات التأسيس والشراكة وبيع الأسهم على نوبات متتالية من سرية وتضارب في المعلومات. لكن لدينا على الأقل تقديرا محددا بأن رأس المال الذي بدأ به المشروع الأول (المصفاة) كان 1,3 مليار دولار، وأن سالم الذي رأس مجلس الإدارة كان يمتلك على الأقل 40 في المائة من الأسهم، وفق تقرير لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية بتاريخ 13 يناير 1997.

وبالنسبة للمشروع الثاني فإن لدينا ما انتهت إليه الدكتورة عالية المهدي، عضو لجنة فحص التعاقدات بقطاع البترول، كشاهدة رابعة في قضية تصدير الغاز إلى اسرائيل بثمن بخس وشروط مجحفة، عن تربيح حسين سالم مبلغا قدره 2 مليار و3 ملايين دولار دون وجه حق، حيث كان يحوز نسبة 70 في المائة من أسهم الشركة عند التأسيس. وثمة في شهادات عالية المهدي وآخرين ما يشير أيضا إلى إخسار الدولة نحو 714 مليون دولار سنويا. وقد أفاد تحقيق صحفي مشترك بين صحيفة "المصري اليوم" وشبكة إعلاميون عرب من أجل صحافة استقصائية "أريج" نشر في يوليو 2011 بأن حسين سالم قد حصل على نحو 707 مليون دولار في عام 2007 وحده نظير صفقتي بيع 12 في المائة من أسهم شركة المتوسط للغاز و25 في المائة من أسهم شركة أخرى تدعى (مديترانيان جاز بايب لاين ليمتد)، فضلا عن استمرار ملكيته لنسبة 28 في المائة من أسهم شركة المتوسط للغاز حتى ماقبل ثورة يناير بأيام.

وهكذا فنحن أمام حجم أموال في قطاع البترول والغاز لأسرة حسين سالم قد لا تقل بحال عن تلك المخزنة والمحتجزة في الأراضي بجنوب سيناء داخل مصر. وقد يكون جانب من أموال اللعب ببترول وغاز البلد قد تسرب إلى التحويلات البنكية التي تحدث المستشار الجوهري عن رصدها خلال ستة أشهر تلت ثورة يناير، أو قد تكون خارجة عن هذه الحسابات لأنها استقرت هناك ومبكرا في شركات "أوف شور" بالكاريبي ومناطق أخرى خارج مصر، أو في استثمارات سابقة لشركة سالم المعروفة باسم "ماسكا" ومقرها في جنيف، أو حتى في أسبانيا حيث اختار أن يهرب وأسرته.

 لكن الأخطر من كل هذا أن صفقة التصالح مع حسين سالم افتقرت أي درجة من الشفافية، وبخاصة عندما تجاهلت السؤال المهم الذي كان ويظل مطروحا حول علاقات بزنيس هذا الرجل مع مبارك وأسرته، وعما إذا كان سالم بحق قد استحق ألقاب "الرجل الواجهة " و "الرجل الحقيبة" و"الصندوق الأسود" لإدارة وإخفاء أموال العائلة الرئاسية كما قالت وسائل إعلام أمريكية معتبرة وباحثون أجانب موثوقون بعيد ثورة يناير، وأيضا وفق ما قاله وزير العدل الأسبق المستشار محمد الجندي في ندوة بنادي الجزيرة يوم 28 مايو 2011 :"حسين سالم يحمل مفاتيح الفساد في هذا البلد".

 والأخطر أيضا أن يجري الإعلان عن إتمام صفقة التصالح مع سالم بينما الدولة المصرية مازالت بعيدة عن أن تبدأ طريق مكافحة رأسمالية المحاسيب ومنع إعادة انتاج المزيد من رجال أعمالها النافذين عبر تزاوج السلطة والثروة. فبدلا من سن التشريعات واعتماد السياسات واتخاذ الإجراءات على هذا الطريق تتجه مصر إلى تسهيل التصالح مع رجال أعمال مبارك خارج أي مفهوم أو سياق للعدالة الانتقالية. بل إن التعديلات على القوانين بما فتح الباب لهكذا تصالح جاءت بمرسوم رئاسي ومن دون أي نقاش مجتمعي.

وهكذا يتكرس أمام الرأي العام الإفلات بارتكاب جرائم المال العام واستغلال النفوذ وفساد الكبار والفساد الكبير، على قاعدة افسد واسرق وانهب مقابل "التنازل" عن حصة مما نهبت وسرقت، بل وعد ومعك آخرون إلى النهب والسرقة والفساد.

وفي حالة حسين سالم تحديدا فإننا إزاء حصة يتضح يقينا أنها لاتتجاوز العشرة في المائة من الأموال المنهوبة المنظورة. وإذا ما تجاوزنا عن لاأخلاقية التصالح على هذا النحو ومن الأصل والمبدأ، فإننا أيضا إزاء تناقض سافر مع بيانات وأوراق رسمية، حتى وإن تخفت صفقة التصالح تحت علامة (75%). وبالقطع التناقض سافر ولا نقول تأدبا أنه كذب مفضوح.

ولذا، وقبل أن تتوالى المزيد من صفقات التصالح على هذا النحو البائس فإننا مدعوون للتفكير في تحقيق مستقل ونزيه وشفاف في صفقة حسين سالم، وربما إلى رفع دعوى أمام القضاء الإداري، لعل شيئا ما بإمكانه وقف كل هذا الغرام من جانب الدولة برجال أعمال رأسمالية المحاسيب.

وحتى لايتحول التصالح الى "تفاسد"... بل مزيد من "التفاسد".

11‏/03‏/2016

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى