بعد فترة لم تتجاوز العام، عزلت القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني وإسلامي للبلاد، وذلك بضغط شعبي كبير ناجم عن سخط على مسيرته القيادية التي اعتبرها كثيرون في مصلحة الإخوان المسلمين.
لم يتمكن الرئيس المصري محمد مرسي، أول رئيس مدني وإسلامي لمصر، الذي عزله الجيش مساء الأربعاء (الثالث من يوليو/ تموز 2013)، من الصمود لأكثر من سنة في الحكم، وذلك حسب ردود فعل الشارع واتساع الاحتجاجات ضده. ولد محمد مرسي في محافظة الشرقية وحصل على بكالوريوس في الهندسة من جامعة القاهرة سنة 1975، ثم حصل سنة 1982 على درجة الدكتوراه من جامعة جنوب كارولينا في الولايات المتحدة. وهو متزوج وأب لخمسة أبناء.
سنة 2000 أصبح مرسي نائباً في مجلس الشعب، ثم أعيد انتخابه سنة 2005 قبل سجنه سبعة أشهر بسبب مشاركته في تظاهرة مؤيدة لحركة القضاة، التي طالبت آنذاك باستقلال القضاء. وفي سنة 2010 أصبح مرسي متحدثاً باسم جماعة الإخوان المسلمين وعضواً في مكتب الإرشاد (المكتب السياسي للإخوان). واعتقل مرسي مجدداً لفترة قصيرة في 28 يناير/ كانون الثاني 2011 بعد ثلاثة أيام من اندلاع الانتفاضة التي أسقطت نظام حسني مبارك.
وبعيد انتخابه رئيساً لمصر في يونيو/ حزيران 2012، اعتلى محمد مرسي منبر ميدان التحرير ليتعهد أمام آلاف المهنئين بأنه سيكون "رئيس جميع المصريين". لكن بعد عام، أقر أول رئيس مدني وأول إسلامي يتولى رئاسة مصر بأن الانقسام في البلاد بلغ درجة تهدد "الوطن كله بحالة من الشلل والفوضى".
أعلن قائد القوات المسلحة الفريق عبد الفتاح السيسي تعليق العمل بالدستور مؤقتاً لحين إقامة انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة
تعبئة ضد مرسي تنتهي بعزله
وكان معارضو مرسي قد دعوا إلى تظاهرة الأحد الماضي للمطالبة بـ "رحيله" في الذكرى الأولى لتوليه السلطة، بعد تعبئة غير مسبوقة ضده، فيما قررت الأحزاب الإسلامية الرد بتظاهرة "مليونية" في اليوم نفسه. وأثار ذلك مخاوف من مواجهات كانت المؤسسة العسكرية المصرية قد حذرت من أنها قد تدفعها إلى التدخل "لمنع اقتتال داخلي"، ووجهت إنذاراً الاثنين بضرورة تحقيق مطالب الشعب، أتبعته الأربعاء بإزاحة مرسي.
تميز مرسي خلال الأشهر الأولى من ولايته الرئاسية بإطلالته وبساطة تصرفاته ونبرته الخطابية المفهومة. لكن جدران القاهرة غطتها في الأيام الأخيرة رسوم كاريكاتيرية تصور مرسي على شكل خروف أو فرعون أو مصاص دماء. كما أن مقدم أشهر برنامج تلفزيوني ساخر في العالم العربي، باسم يوسف، لا يترك حلقة من برنامجه الأسبوعي تخلو من السخرية من مرسي، ما أثار سخط الفريق الحاكم.
وشدد أنصار مرسي على أنه يستمد شرعيته من فوزه بأول انتخابات رئاسية حرة في تاريخ البلاد وأن المشاكل المستفحلة في مصر من فساد إداري وتعثر اقتصادي وتوترات مذهبية كلها موروثة من سنوات طويلة من الحكم قبل توليه منصب الرئاسة.
تدخل الجيش جاء بعد احتجاجات شعبية عارمة
خطابات مستفزة
غير أن خصومه اتهموه بالسعي لفرض الشريعة الإسلامية والعودة إلى نظام مستبد عوضاً عن قيادة البلاد في اتجاه الديمقراطية والتقدم الاقتصادي. كما أن البعض اعتبره "فرعوناً جديداً"، في حين اتهمه آخرون بأنه مجرد ظل لمكتب الإرشاد، أقوى هيئة قيادية للإخوان المسلمين ينفذ أوامر مرشد الجماعة محمد بديع.
وسعى مرسي إلى دمج مصر بشكل أكبر في مصافي الدول الناشئة، مثل الصين والبرازيل، محافظاً في الوقت ذاته على العلاقات مع الولايات المتحدة، الحليفة الرئيسية لبلاده والتي طمأنها بأنه لا مجال للعودة عن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.
غير أن الخطابين الأخيرين اللذين ألقاهما في الأيام الأخيرة قبل الإطاحة به أظهراه بصورة المستفز لإرادة الشعب والمنحاز إلى جماعته وحزبه، حتى وإن كرر باستمرار أنه يدافع عن "الشرعية" الدستورية والانتخابية التي يجسدها، بحسب محللين اعتبروا أنه لم ينتبه لشرعية الشارع واتساع الاحتجاجات ضد سياساته وإثارته حفيظة الأزهر والجيش والكنيسة، فضلاً عن المعارضة والشباب والقوى المدنية.
وكان محمد مرسي قد حاول في أغسطس/ آب 2012 إخضاع المؤسسة العسكرية التي حاولت ممارسة وصاية على حكومته، وذلك من خلال إحالة المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إلى التقاعد. وبعد فترة من التكتم، عاد القادة العسكريون المصريون ليذكروا بأنهم الضامنون الأساسيون لاستقرار البلاد في حال تحولت التوترات السياسية إلى انفلات أمني كبير.
ي.أ/ أ.ح (أ ف ب)
DW
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى