27/09/2014
15/09/2011
اردوغان: السفن التركية يمكن أن تنتشر بشرق المتوسط "في اي لحظة
أنقرة (رويترز) - قال رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان يوم الخميس ان اسرائيل لا تستطيع أن تفعل ما يحلو لها في شرق البحر المتوسط وان السفن الحربية التركية يمكن أن تنتشر هناك في اي لحظة.
وأدلى اردوغان بهذه التصريحات في مؤتمر صحفي عقب وصوله الى العاصمة التونسية في اطار جولة عربية. وهي الاحدث في حرب شفهية بين تركيا واسرائيل القوتين الاقليميتين اللتين تدهورت العلاقات بينهما بعد ان قتلت اسرائيل تسعة من النشطاء الاتراك على سفينة كانت تحاول الوصول الى قطاع غزة العام الماضي.
وقال اردوغان "لا تستطيع اسرائيل أن تفعل ما يحلو لها في شرق البحر المتوسط. سيرون ماذا ستكون قراراتنا بهذا الصدد. السفن الهجومية لقواتنا البحرية يمكن أن تكون هناك في اي لحظة."
وسئل اردوغان عما اذا كانت تركيا مستعدة لحماية اي سفن مساعدات في المستقبل فقال "فيما يخص الملاحة في المياه الدولية سنضمن الحماية لسفننا في اي وقت والتي يمكنها ان تذهب الى اماكن أخرى لا غزة وحدها."
وتجيء التحذيرات التركية في الوقت الذي تتطلع فيه اسرائيل الى الاستفادة من حقول غاز بحرية اكتشفت حديثا في المنطقة.
وقالت ايلانا ستاين المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية "نعتقد ان العلاقات الاسرائيلية مع تركيا -وهي حتى الان جيدة- مهمة ولن نعلق على هذا التصريح او ذاك."
وخفضت تركيا علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل وأوقفت العمليات التجارية في مجال الدفاع بعد ان اعلنت اسرائيل الاسبوع الماضي انها لن تعتذر عن الغارة التي شنتها قواتها الخاصة على السفينة مرمرة التي كانت ضمن قافلة تحاول كسر الحصار المفروض على غزة.
ونشرت الامم المتحدة قبل اسبوعين تقريرا قالت فيه ان الحصار الذي تفرضه اسرائيل على قطاع غزة الذي تهمين عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) قانوني لكنه قال ايضا ان اسرائيل استخدمت القوة بطريقة غير معقولة.
لكن في مقابلة مع قناة الجزيرة التلفزيونية الاسبوع الماضي والتي نشرت وسائل الاعلام مقتطفات منها قال اردوغان ان الغارة الاسرائيلية على السفينة التركية في مايو ايار عام 2010 تعد سببا كافيا "لتندلع حرب" الا ان تركيا تصرفت بصبر بما يتفق مع عظمتها.
وأثار احتمال حدوث مواجهة بحرية مع تركيا عضو حلف شمال الاطلسي وحليفة الولايات المتحدة مثل اسرائيل مخاوف الاسرائيليين القلقين بالفعل من الاضطرابات السياسية التي يشهدها العالم العربي والبرنامج النووي الايراني.
ويقوم اردوغان الذي يسعى الى توسيع نطاق النفوذ الاقليمي التركي بجولة تشمل مصر وتونس وليبيا.
تركيا 'العربية' عبد الحليم قنديل
وصف تركيا بـ 'العربية' عمل مجازي بالطبع، وإن كانت أجيال من العرب والمتعربين حلمت بأن تكون تركيا كذلك .
القصة حديثة وقديمة في آن، وكلنا يذكر سيرة جمال الدين الأفغاني، وهو المفكر الإسلامي المرموق الإيراني النشأة، والعربي المصير، فقد تعرب وتمصر في القاهرة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، وكان نقده عنيفا لأحوال التدهور الذي آلت إليه الخلافة العثمانية تحت القيادة التركية، وكانت له نظراته في طبيعة العلة أو العلل، وبينها أن الخلافة سعت إلى تتريك العرب، وكان عليها أن تسعى إلى 'تعريب' الترك.
ولم يعش جمال الدين الأفغاني إلى أيامنا، والتي يتصل فيها بعض ما انقطع من علاقات الأتراك والعرب، ودون أن يتعرب لسان الأتراك، وإن كان تعلم اللغة العربية عندهم يشهد قفزات هائلة، وفي سياق تعريب للسياسة لا للسان، فقد دار الزمان دورته الكاملة في تركيا، سقطت الخلافة التركية العثمانية، وظهرت قطيعة كمال أتاتورك، والتي نزعت كل صلة لتركيا بالعالم العربي، ونزعت عن اللغة التركية حروفها العربية، وأحلت محلها حروفا لاتينية، وأطفأت نور المساجد والمآذن، ونظرت إلى الإسلام كنقيصة، وإلى التغريب كميزة، ومرت بأطوار من القلق والفشل المتصل بعد وفاة أتاتورك، وسجنت الشعب التركي في قبره، وخضعت لعلمانية الدبابات، وصارت عضوا في حلف الأطلنطي تحت القيادة الأمريكية، وصارت في موقع الرفقة الحميمة لإسرائيل، وصار جيشها توأما لجيش إسرائيل، وتعودت نخبتها المفرطة في تغريبيتها على حكم بلد مريض باقتصاده العليل، ومريض بغيبوبة الانقطاع عن قضايا العالم الإسلامي الذي كانت تحكمه تركيا لقرون، ومنفصل في نظامه الحاكم عن وجدان الأتراك المسلمين بنسبة تقارب المئة بالمئة .
وفي سياق مخاض صعب مرت به تركيا خلال عقودها الأخيرة، كانت تركيا تستعيد تركيتها، وتستعيد معها دفقات من الوعي بوصل بعض ما انقطع مع العالم العربي .
كانت ظاهرة تورغوت أوزال هي البداية العملية المؤثرة، كانت السيطرة السوفيتية قد زالت عن أجزاء من العالم التركي خارج الحدود التركية، وتشجع أوزال على طرح القومية التركية بمنظور جديد، وهو تكثيف الروابط السياسية والاقتصادية مع كل الناطقين باللغة التركية، ولم تعش تجربة أوزال طويلا، وإن أثمرت إضافة الحركة القومية التركية إلى أحزاب اليسار واليمين الساكنة تحت عباءة أتاتورك، لكن الحركة الإسلامية التركية كان لها أثر آخر، ولعب الراحل نجم الدين أربكان دورا كفاحيا أكبر في استعادة الهوية المطمورة، كان أربكان مكافحا فريدا، ورجلا ذكيا إلى أبعد حد، بدا كأنه ينازع النظام الأتاتوركي في أصل وجوده، واستفاد من ثغرات الحرية المتاحة، وكان متاثرا بدأب حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وإن أضاف إليه براجماتية ظاهرة مطلوبة في السياق التركي الصناعي المتطور، كان أربكان ينشئ الحزب تلو الحزب، ولا يقع أسيرا لإحباط نفسي جراء إحباط محاولاته، وحل أحزابه، وفي قمة نضج عمله، أنشأ حزب 'الرفاه'، ونجح في كسر الثنائية المسيطرة لحزبي سليمان ديميريل وبولنت إيجيفيت، وتحالف مع تانسو تشيلر وريثة ديميريل العجوز، وشكل حكومة في التسعينيات من القرن العشرين، كان هو رئيس وزرائها، وتبدت حيويته في طرح فكرة العالم الإسلامي بأوسع كثيرا من عالم أوزال التركي المحض، لكنه سرعان ما تعرض لقصف العسكر ونخبة القضاء الأتاتوركية الصرفة، حلوا حزبه، وأسقطوا حكومته، وهنا كانت لحظة ميلاد ظاهرة جديدة تمثلت في رجب الطيب أردوغان وصحبه، كان أردوغان ضمن جيل من الشباب اجتذبتهم كفاحية أربكان، لكنه قرر في لحظة الحسم ترك عربة أستاذه، فقد استمر أربكان على طريقته، وأنشأ حزب الفضيلة الذي تعرض هو الآخر للعصف بقرار حل مبكر، ثم جرى الانشقاق الكبير، فقد استمر مع أربكان عدد من تلاميذه في حزب آخر باسم حزب السعادة، وبدا الأخير حزبا صغيرا على الهامش، لا يحصل على مقعد واحد في البرلمان التركي، بينما وعي أردوغان وصحبه الدرس، وأنشأوا حزبا من نوع مختلف حقا، انفصل أردوغان ومعه أغلب كوادر وقواعد حزب الفضيلة، وضموا إليهم قطاعات واسعة من المثقفين ورجال الأعمال وأبناء الفئات الوسطى، وأنشأوا حزبا إلى يمين الوسط، يتمتع بديناميكية وبراجماتية هائلة، وجمع موارد الميل للإسلام السياسي مع موارد العلمانية المعتدلة التي لاتخاصم حريات التدين الإسلامي، وبلور الطموح القومي التركي في صيغة جديدة، وأصبح أردوغان الشخصية الأعظم تأثيرا في التاريخ التركي منذ وفاة كمال أتاتورك .
وبالطبع، لا يصح إنكار دور كاريزمية أردوغان، كما لا يصح إنكار براجماتيته المحسوبة، كان لابد له من إزاحة تحكم الجيش الأتاتوركي، ووجد في مبادرة الالتحاق بالاتحاد الأوروبي ضالته، فهو يدرك أن الاتحاد الأوروبي 'المسيحي' لن يضم تركيا المسلمة إليه في النهاية، لكن مفاوضات الانضمام تفيده في الداخل التركي، وتلزم تركيا بمعايير حقوقية وسياسية تخصم من نفوذ الجيش، ونجحت المناورة في تقليم أظافر الجنرالات الذين تآمروا ضد حزبه وحكوماته في الظلام، ولم ينجح التآمر، ليس فقط بسبب يقظة أردوغان، بل بسبب شعبية حزبه المطردة، والتي أضاف إليها نمو ونهضة الاقتصاد التركي مددا جديدا، فقد نجح أردوغان في جعل تركيا قوة اقتصادية وصناعية بازغة، ووظف كل الأوراق المتاحة، وأبدى صلابة سياسية هائلة في مواجهة خصومة الداخليين الذين تراجع نفوذهم، وعبر بدقة عن المزاج القومي التركي المتكبر، واقتحم الدنيا العربية من أوسع أبوابها، رفض عبور القوات الأمريكية الغازية للعراق عبر الأراضي التركية، وأقام علاقات وصل اقتصادي مع النظم العربية على بؤس أحوالها، وفتح أسواق العرب والإيرانيين لفائدة الاقتصاد التركي، ولم يتردد في الانقلاب علي الحكام مع ثورات الربيع العربي، واختار إسرائيل موضوعا لانتقامه من تراث أتاتورك، وتحين الفرص لفك الروابط الموروثة معها، وشجعته قوته المتنامية في الداخل التركي على كسر المحرمات القديمة، لم يبال كثيرا باعتراضات الحليف الأمريكي، وجعل من إسرائيل خصما مفضلا، واستثمر الخطأ الإسرائيلي في قتل أتراك سفينة الإغاثة إلى أبعد حد، طلب اعتذارا رسميا إسرائيليا يعرف أنه لن يحدث، وانتظر الانتخابات التركية الأخيرة ليجدد ويؤكد شعبيته، ثم انهال على رأس إسرائيل بمطرقة تركية، وجمد روابط السياسة والاقتصاد والسلاح معها، وبدا الزعيم التركي كأنه زعيم فلسطيني وعربي بامتياز، وبدت تركيا كأنها تتكلم العربية بلهجة أردوغان.
يديعوت: أردوغان .."صلاح الدين" القادم
تحدثت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بشكل ساخر عن الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لمصر والمنطقة حيث وصفته بأنه بطل "الشرق الأوسط الجديد"،
الذي وقف في وجهة السياسة الإسرائيلية وعاملها كند لها، الأمر الذي جعل الشباب المصري يرحب بأردوغان بوصفه "صلاح الدين"، وهو ما رأته الصحيفة استغلالا لإسرائيل لقيادة العرب.
وقالت الصحيفة اليوم الخميس إن عشرات الآلاف من المصريين المتحمسين استقبلوا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان استقبالا حافلا، باعتباره الرجل الذي يبرز يوما بعد يوم كأنه القائد العربي القادم، وشبهه البعض بـ"صلاح الدين" الذي هزم الصليبيين في معركة "عين جالوت" وحرر القدس من المغتصبين.
وأضافت الصحيفة أن استقبال "السلطان التركي" الذي بدأ الصدام وجها لوجه مع إسرائيل، فاق الوصف في القاهرة، إلا أن هذه الحفاوة قد تنقلب إلى كُره من جانب الزعماء العرب للزعيم الذي يتحدث إلى الجماهير وشعبيته فاقت شعبيتهم.
إلا أن رئيس الوزراء التركي حظي باستقبال فاتر من جانب جماعة الإخوان المسلمين بسبب تصريحاته عن أمله في أن تتبنى القاهرة دستورا علمانيا، ومع ذلك فقد انضم نحو 5 آلاف في وقت قليل لصفحة على الفيس بوك تدعو للترحيب الحار بأردوغان، ويتواجد بها صوره في مطار القاهرة.
كل هذا الترحيب جعل أكثر وسائل الإعلام العربية تؤيد الرأي القائل بأن اردوغان يسعى لاستغلال الفراغ في قيادة العالم العربي، ليتحول إلى شخصية قومية عربية إسلامية ليصبح مثل الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، الذي سعى لتوحيد الدول العربية في إطار العروبة ومعظمها تحت قيادته.
لكن الحقيقة قاسية لمصر، فبدلا من أن تقود القاهرة الطريق، فهي تستضيف زعيما إقليميا غير عربي يسعى للاضطلاع بدور قيادي، ويظهر لمصر وأخواتها المسار "الصحيح".
وأشارت الصحيفة إلى أن أردوغان خلال زيارته للدول العربية التي اجتاحها الربيع العربي لم تخرج اقتراحاته عن مضمون كلمة واحدة وهو "اتبعني.. سأريك الطريق".
في الواقع، زعيم تركيا يصور نفسه على أنه الشخص الوحيد الذي يمكن أن يشكل خطرا كبيرا على إسرائيل ويضع "طفل الغرب المدلل" في مكانه.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - يديعوت: أردوغان .."صلاح الدين" القادم
صحيفة إسرائيلية: غياب مبارك أعطي لأردوغان الفرصة لإلقاء كلمته بمصر
إعتبرت صحيفة إسرائيل اليوم أن غياب حسني مبارك عن السلطة فى مصر قد فتح الباب لرجب طيب إردوغان لدخول الحصن المصري من أوسع أبوابه والأكثر من هذا تحول إلى صلاح الدين جديد هناك.
وتحدث مقال للجريدة عن أن أردوغان لم يكن ليتجرأ على إلقاء خطاب كهذا الذي ألقاه فى القاهرة في أى عاصمة عربية – ناهيك عن مصر- مع وجود مبارك في السلطة.
وقالت الجريدة أن أردوغان واصل فى القاهرة – وكما كان متوقعا – العمل على تدهور العلاقات بين بلاده مع إسرائيل وأن تونس وليبيا المحطتان العربيتان القادمتان له
وعلى حد قول الجريدة «ينبغي أن نتمنى له أن يحتفظ ببعض التصريحات المعادية لإسرائيل في ماسورة بندقيته، حيث لم يكتفي بعد أن هددنا من البحر والجو وقال أن طائراتنا معادية، ويمكننا أن نقترح عليه في تونس أو ليبيا أن ينتقل للتهديد من البر بشجاعة كبيرة.
وعلى حد قول الجريدة فإن نتيجة المواجهة مع إسرائيل فى نظر أردوغان الآن 1-0 لصالح تركيا.
وقالت الجريدة أنه مع وافر التقدير لتركيا وللإمبراطورية العثمانية التي يتوق إليها أردوغان، فإن جانب لايستهان به من المصريين لم يحبوا ظهور أردوغان لكرههم للدولة العثمانية ومعرفتهم أن أهداف أردوغان الخفية هى الزعامة علاوة على أن بعض المحللين هناك يعتبرون النموذج الديمقراطي– الإسلامي– التركي الذى أبتدعه أردوغان يقوم فقط على الشعبوية وتهييج الجماهير.
وقالت الجريدة «رغم أن بعض المصريين أطلق لقب صلاح الدين على أردوغان إلا أنهم يجهلون أن أردوغان يكره هذا اللقب ربما لأن هذا البعض يتناسى أن صلاح الدين كردى الأصل»
أردوغان يحرج الحكام والإخوان
يواصل السيد رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا احراج الزعماء العرب بانجازاته الاقتصادية المشرفة داخل بلاده، ومواقفه السياسية الداعمة للقضايا العربية، وخاصة قضية فلسطين والاحتلال الاسرائيلي للمقدسات العربية والاسلامية في القدس المحتلة.
اردوغان حطّ الرحال في القاهرة، بعد ايام معدودة من طرده السفير الاسرائيلي من انقرة، واقتحام المحتجين المصريين للسفارة الاسرائيلية في العاصمة المصرية، واجبار دبلوماسييها على الهرب من الابواب الخلفية، متخفين بجلاليب صعيدية وكوفيات فلسطينية، ليحظى باستقبال كبير من الشعب المصري الذي تجمعت اعداد غفيرة منه امام مطار القاهرة حتى موعد وصول طائرته في منتصف الليل، للتعبير عن حبهم له، واعجابهم بمواقفه، وهو ما لم يحدث لأي زعيم عربي منذ عشرات السنين.
اللافت ان اسرائيل وبعض الانظمة العربية التقت على اظهار العداء لأردوغان والتشكيك في مواقفه، واغتيال شخصيته، واظهار كل العداء له ولنواياه، كل لاسبابه طبعاً.
اسرائيل تعادي اردوغان بسبب دعمه للقضية الفلسطينية، وارساله سفن الحرية لكسر الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة، واصراره على اعتذارها الواضح والصريح عن قتلها لتسعة من النشطاء الاتراك كانوا على ظهرها، وتهديده بعدم السماح لها، اي اسرائيل، باستغلال ثروات البحر المتوسط من النفط والغاز لوحدها، وتأكيده بانه سيرسل سفن الاسطول التركي لحماية قوافل كسر الحصار في المستقبل لمواجهة اي عدوان اسرائيلي يمكن ان يستهدفها، والأهم من كل ذلك انه يعرض تحالفاً استراتيجياً على مصر لمواجهة الغطرسة والاستفزاز الاسرائيليين، والانتصار لقضية نسيتها الانظمة العربية عندما ابتلعت كل ممارسات الاذلال والاهانة، التي تجسدت في رفض مبادرة السلام العربية، وشن الحروب على غزة ولبنان.
بعض العرب، والمملكة العربية السعودية وبعض الدول الخليجية الاخرى خصوصا، تظهر التشكيك بنوايا السيد اردوغان ومواقفه، تحت عنوان الخوف من الهيمنة التركية على المنطقة، مثلما فهمنا من بعض وسائلها الاعلامية، وبروز زعامته في العالم الاسلامي.
' ' '
منتقدو السيد اردوغان من العرب يتهمونه بأنه يركب القضية الفلسطينية لتكريس هذه الزعامة، ويتصدى لاسرائيل وحصارها لقطاع غزة من اجل كسب عقول وقلوب الشباب العربي، في وقت نسي هؤلاء الشبان هذه القضية، بدليل انهم لم يحرقوا علماً اسرائيلياً، او امريكياً اثناء انتفاضاتهم الشعبية ضد الانظمة الديكتاتورية القمعية.
ولا نعرف متى كان الانتصار للقضية المركزية العربية والوقوف في خندق العداء للدولة التي تحتل المقدسات وتذل الأمة يعتبر نوعاً من العيب يعاير به صاحبه، ثم من قال ان الشعوب العربية نسيت قضية فلسطين ومقدساتها.فإذا كانت هذه الشعوب لم تحرق علماً اسرائيلياً، او امريكياً، فذلك قمة الذكاء حرصاً منها على انتصار ثورتها في ازالة انظمة كانت أدوات قمع في خدمة العدو الاسرائيلي.
فالقوى الوطنية التونسية الممثلة للثورة اصرت على وضع بند في الدستور الجديد ينص صراحة على عدم التطبيع مطلقاً مع العدو الاسرائيلي، اما شباب الثورة المصرية فاقتحموا السفارة الاسرائيلية وبعثروا محتوياتها من وثائق، وانزلوا العلم الاسرائيلي وداسوه بالاقدام قبل ان يحرقوه، ويرفعوا العلم المصري مكانه.
الشيء الوحيد الذي يوحّد الشعوب العربية والاسلامية هو الكراهية للاحتلال الاسرائيلي، وشاهدنا المظاهرات تنطلق في معظم العواصم والمدن الاسلامية والعربية تنديداً بالعدوانين الاسرائيليين الاخيرين على قطاع غزة وجنوب لبنان. واذا كان السيد اردوغان يصطف الى جانب هذه الشعوب فما الخطأ في ذلك؟
انتهازية سياسية؟ ولماذا لا.. فالسياسة هي فن انتهاز الفرص، وتحقيق المكاسب، وماذا فعل الواقعيون العرب، وما هي انجازاتهم غير القمع والفساد والترحيب بالهيمنة الاستعمارية الامريكية والاسرائيلية، وتوظيف كل الاموال العربية في خدمة حروبها واحتلالاتها للاراضي العربية والاسلامية؟
اردوغان يحصد شعبية في المنطقة في اوساط الشباب لأنه يعرف كيف يخاطبهم، مثلما يعرف كيف يتحسس مشاعرهم من خلال تقديم النموذج الديمقراطي الناجح، المدعوم بانجاز اقتصادي كبير جعل من الاقتصاد التركي سادس اقوى اقتصاد في اوروبا، والمرتبة 17 على مستوى العالم بأسره، وهو اقتصاد مبني على قيم العمل والانتاج وليس على النفط والغاز.
' ' '
وما يثير الدهشة ان بعض قادة حركة الإخوان المسلمين اعرب عن مخاوفه من طموحات الهيمنة لدى اردوغان على المنطقة، وانتقد حديثه عن كون الدولة العلمانية لا تتعارض مع الدين الاسلامي وقيمه وتعاليمه، وهم الذين كانوا يضربون المثل في نجاح التجربة الاسلامية لحزب العدالة والتنمية في النهوض بتركيا، ونفي ما كان يشاع دائماً في الغرب والشرق حول وجود تناقض بين الديمقراطية والاسلام.
نفهم الاعتراضات هذه على اردوغان، والخوف من تطلعاته في الهيمنة لو انها جاءت من التيارات القومية التي تتعصب للهوية العربية للمنطقة، وتعتبر الخلافة العثمانية الاسلامية استعمارياً تركيا امتد لخمسة قرون، ولكن ان تأتي من حركة الاخوان المسلمين، فهذا امر يستعصي على الفهم بالنسبة الينا على الاقل.
السيد اردوغان يحكم بقيم الدين والعدالة وليس بالشعارات، ويقرن القول بالعمل، وينتصر للمظلومين من ابناء الأمة الاسلامية، ويكفي انه وصل الى مصر على رأس وفد وزاري ضخم وفريق يضم 280 من كبار رجال الاعمال الاتراك، حاملاً مشاريع تعاون اقتصادي يمكن ان تخلق الوظائف لآلاف العاطلين من الشباب المصري، وبما يفيد مصالح البلدين.
الزعماء العرب الذين يزورون مصر في المقابل يأتون محاطين برهط من الاطباء المتخصصين في امراض القلب والسكر والضغط وسرطان البروستات، لان معظمهم انتهى عمره الافتراضي منذ سنوات.
من المؤسف انه وفي ظل العجز العربي الرسمي المتمثل في الانظمة الديكتاتورية القمعية التي ما زالت تجثم على صدر الشعوب العربية، بات التهجم والتشكيك بزعماء الدول الاسلامية الناهضة والمتصدية للاسرائيليين هو النغمة السائدة. فقد انتقدوا ايران لانها شيعية فارسية، وقالوا انها خطر على السنّة العرب. الآن لماذا ينتقدون اردوغان المسلم السني، وما هو الخطر الذي يمثله عليهم؟
الخطر هو النموذج التركي الديمقراطي المدعوم بتجربة اقتصادية مشرفة، اثبتت نجاحها في ظل تهاوي الاقتصاديات الاوروبية والامريكية.. انهضوا من سباتكم وقدموا لنا نموذجاً مثله، وسنكون اول من يصفق لكم، ويقف ضد هيمنة اردوغان او ايران، اما عندما ترحبون بالهيمنة الامريكية والاسرائيلي، وتخضعون لها باعتبارها هيمنة حميدة، وترفضون هيمنة تركية اسلامية مزعومة، فهنا نقول لكم لا والف لا.
بعد زيارة قابل فيها الجميع.. أرودغان يغادر القاهرة مع وعود بالعودة قريبا
غادر القاهرة فى التاسعة مساء اليوم الأربعاء رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان والوفد المرافق بعد زيارة لمصر استمرت ثلاثة أيام.
كان المشير حسين طنطاوى القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة استقبل أردوغان خلال زيارته لمصر حيث تناول المقابلة سبل دعم العلاقات الثنائية بين البلدين وتعزيز التعاون المصرى التركى فى العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية وتبادل الاراء حول تطورات الاوضاع فى المنطقة والمتغيرات العالمية وتأثيرها على الشرق الاوسط.
واجتمع رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف مع أردوغان حيث تم عقد جلسة مباحثات ثنائية تناولت كافة الموضوعات التى تخدم البلدين بالاضافة الى لقاء مع الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب.
كما شارك رئيس الوزراء التركى فى الجلسة الافتتاحية لاعمال الدورة السادسة والثلاثين بعد المائة لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية حيث القى كلمة امام المجلس بالاضافة الى عقد سلسلة من اللقاءات مع كبار المسؤولين المصريين.
وتم خلال زيارة أردوغان الى مصر التوقيع على 11 اتفاقية للتعاون المشترك تضمنت اعلانا سياسيا مشتركا بشأن إنشاء مجلس أعلى للتعاون الاستراتيجى ومذكرات تعاون فى مجالات الطاقة والكهرباء والسياحة والثقافة والادارة العامة والتعليم والرياضة والاتصالات والصناعة والاقتصاد والاعلام.
كان فى وداع أردوغان بمطار القاهرة الدولي كبار المسؤولين المصريين وأعضاء السفارة التركية بالقاهرة
14/09/2011
بالصور.. لقاء أردوغان بالبابا شنودة
فى إطار برنامج زيارته لمصر التى بدأت منذ يومين، قام رئيس الوزراء التركى رجب طيب اردوغان والوفد المرافق له، الاربعاء، بزيارة الى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية؛ حيث التقى قداسة البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية .
ورحب البابا بزيارة أردوغان لمصر وللكنيسة القبطية لاول مرة، معربا عن تقدير مصر للشعب التركى ولشخص اردوغان الذى يحترمه المصريون ويعتبروه قيادة دولية وزعامة محل تقدير واعجاب من الجميع .
وأشاد البابا شنودة بمواقف تركيا السياسية خاصة فيما يتعلق برفض الممارسات الاسرائيلية فى الاراضى الفلسطينية المحتلة وتقديم دعم دائم للشعب الفلسطينى المحاصر فى غزة وتجميد الكثير من البرامج والانشطة مع اسرائيل.
وشكر أردوغان البابا شنودة على حفاوة اللقاء واثنى على دور الكنيسة القبطية كمؤسسة وطنية مخلصة، كما اشاد بمواقف البابا الرافضة للتطبيع وزيارة القدس قبل الوصول الى الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية .
كما ثمن أردوغان دور الكنيسة بالتعاون مع الازهر الشريف فى نشر ثقافة الحوار البناء بين اتباع الديانات السماوية وتعميق التعاون الاسلامى المسيحى فى كافة القضايا الوطنية والاقليمية، مشيرا الى استعداد تركيا لتقديم كل الدعم والتعاون للمؤسسات المصرية فى مرحلة التحول الديمقراطى بعد ثورة 25 يناير .
حضر المقابلة وزير الخارجية التركى احمد داود اوغلو وعدد من المسئولين الاتراك وكبار أساقفة الكنيسة القبطية واعضاء سكرتارية البابا.
اردوغان لابد تكون مصر جزءا من مشروع أنبوب غاز نابوكو
القاهرة (رويترز) - قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوعان الذي يزور القاهرة يوم الاربعاء انه يريد أن يرى مصر ضمن مشروع الاتحاد الاوروبي لانبوب غاز نابوكو.
وقال أردوغان في منتدى أنشطة أعمال خلال زيارته لمصر التي تستمر يومين "نريد أن نرى مصر ضمن مشروع نابوكو."
ويخطط مشروع أنبوب نابوكو الذي يمتد أربعة الاف كيلو متر لنقل الغاز من اسيا الوسطى عبر تركيا وبلغاريا ورومانيا والمجر الى النمسا وغرب أوروبا بطاقة نقل سنوية تبلغ 31 مليار قدم مكعبة
أردوغان : كلما مررت علي ميدان التحرير أتساءل كيف ستذكر كتب التاريخ ما حدث فيه
أكد رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان أن زيارته الحالية لمصر تأتى فى مرحلة تاريخية مهمة تقود مصر فيها حملة التغيير فى العالم العربى .. وقال أردوغان انه مر عدة مرات على ميدان التحرير خلال زيارته لمصر .. وكلما كان يمر من الميدان كان يتساءل كيف ستتذكر كتب التاريخ ميدان التحرير وما حدث فيه قائلا اننى أهنىء وأبارك هذه الحملة .. حملة التغييرالسلمية وكل المشاركين فى ميدان التحرير .. وأهنىء كل من عرق جبينه على طريق الديمقراطية .
أضاف أردوغان أن ميدان التحرير فى مسار الديمقراطية يعتبر ميلادا جديدا لمصر معربا عن سعادته لكونه يشاطر شعب مصر خلال الزيارة " فكرة 25 يناير " لأن الثورة التى انطلقت من ميدان التجرير فى مصر لن تقتصر على مصر فقط بل المنطقة بأسرها ..
وقال انه مع 25 يناير انطلقت الشرارة التى بدأت معها رياح التغيير التى تهب فى المنطقة بأسرها بل وعلى العالم بأسره على حد قوله .
جاء ذلك فى كلمة أردوغان خلال حفل العشاء الذى أقامه السفير التركى لدى مصر حسين عونى الليلة الماضية واستمر إلى منتصف الليل وحضره لفيف من كبار الساسة المصريين وزعماء الأحزاب والحركات السياسية ورموز ثورة يناير بتياراتها المختلفة والمفكرين والصحفيين .. وقد جلس الى جوار أردوغان خلال العشاء الدكتور نبيل العربى أمين عام الجامعة العربية والدكتور عبد العزيز حجازى .
وقال أردوغان ان " تفكيك التركيبة السياسية التقليدية وتأسيس الديمقراطية سوف يسهم فى تقليص تأثير الجهات الخارجية على القرار الداخلى ويساهم فى تقوية استقلالية هذا القرار والاستفادة الكاملة من خبرات هذا البلد " .
وأضاف أردوغان أن التغيير دخل طريقا لا عودة فيه وهو مسار طويل لكن الشعب المصرى يجب أن يتمسك به ويستمر فيه الى أن تتحقق الأهداف المرجوة من الثورة .. وقال انه يجب ألا ينحرف هذا المسار ويذهب ضحية للآمال البسيطة والحسابات القصيرة ويجب أن يتم الحفاظ على الحوار بين كافة مركبات الشعب المصرى مشيرا الى أنه من المهم ألأ يسمح شعب مصر لتأثيرات الأحداث التى ظهرت فى الفترة الأخيرة أن تدوم .
ونوه رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان بتجربة حزب العدالة والتنمية التى قادته لحكم تركيا بعد نحو عام فقط من تأسيسه مشيرا الى أهمية استطلاع للرأى أجراه قادة الحزب شمل نحو 42 ألف تركى من كل المحافظات قبل تأسيس الحزب تم خلاله سؤالهم عن أهم مطالبهم من حزب سياسى والاسم الذى يريدونه للحزب وشعاره وبرنامجه وغير ذلك وقال انه استطلاع كان مهما وأسهم فى شكل الحزب خلال تأٍسيسه ونجاحه فى الفوز بالانتخابات .. أعقب ذلك تأسيس منظمات فى كل أنحاء تركيا وكل اداراتها وتأسيس لجان فعالة للمرأة والشباب حيث يبلغ عدد النساء أعضاء الحزب الحاكم فى تركيا حاليا أكثر من 2 مليون سيدة فيما يعتمد فى قوته التنظيمية والتصويتية على الشباب بنسبة كبيرة تتخطى بكثير غيره من الأحزاب .
وطالب أردوغان فى كلمته خلال حفل العشاء الأحزاب المصرية بالتحضير للانتخابات المقبلة قبل خوضها .
وفى تعليقه على أسئلة المشاركين فى اللقاء حول التجربة الحزبية عرف السائل نفسه على أنه قيادى من حزب العدالة والتنمية فى مصر فرد عليه أردوغان مداعبا بقوله اننا نريد منكم مقابل لأن لدينا حق الملكية الفكرية لهذا الاسم فهو نفس اسم حزبنا الحاكم .. على أن نقدم هذا المبلغ تبرعا لأشقائنا فى الصومال .
ورفض أردوغان اطلاق اسم " اسلامى " على حزبه الحاكم مشيرا إلى أن مثل هذه المسميات تتواجد فى أوروبا التى تطلق فيها أسماء كالحزب المسيحى الديمقراطى .. وقال اننا لا نوافق على العقلية التى تمارس وفيها الأحزاب الديمقراطية المسيحية السياسة لذلك لا يمكن أن يكون هناك نهج على هذا الشكل .. أى حزب اسلامى ديمقراطى ..فهذا تعريف خاطىء على حد قوله .. ودافع أردوغان عن وجهة نظره التى ترفض تسمية الحزب بالاسلامى بقوله .. " اننى كمسلم يمكن أن أخطىء وكسياسى مسلم يمكننى أن أخطىء لكن دينى لا يشوبه الخطأ " .. وقد أثارت هذه المقولة موجة تصفيق من جانب عديد من الحضور .
وعدد أردوغان الايجابيات الكثيرة التى حققها حزب العدالة والتنمية اقتصاديا وتجاريا منذ وصوله للحكم مؤكدا أنه ومع تحقيق كامل أهداف الحزب فان تركيا لن تكون بحاجة الى الاتحاد الأوروبى .. ورغم أنهم من سيقررون فى هذا الشأن الا أننا فى انتظار القرار .
وجاء رد أردوغان على سؤال - حول تقييد الحربات فى تركيا من جانب حزب العدالة الحاكم بعد وصوله للسلطة ولجوء الأحزاب الاسلامية لتقييد الحريات بعد وصولها للسلطة أيضا - مفاجئا حيث أوضح أن ما يحدث هو عكس ذلك ففى مصر يمكن للطالبات دخول الجامعات بالحجاب بكل راحة وكذلك دخول مؤسسات الحكومة لكن ذلك الأمر لا يزال ممنوعا فى تركيا ..
وأوضح أردوغان أن بناته لم يستطعن دخول الجامعة لأنهن محجبات ما دفع به لإرسالهن للخارج لاستكمال التعليم .. وقال إننا نقر بأننا لم نتمكن بعد من القضاء على القيود على الحريات لكن اذا أراد الشعب ذلك فانه سيمكن تغيير ذلك .. ويجب أن تتمتع المحجبة بنفس حقوق غير المحجبة أيضا حتى لا تصبح فى مكانة أقل منها اجتماعيا وعلميا .
مرة اخرى اسرائيل وحيدة.. اصدقاؤها يتساقطون . واردوغان يريد استعادة الامجاد العثمانية
لندن - 'القدس العربي': كشفت جولة رئيس الوزراء التركي طيب رجب اردوغان للمنطقة العربية عن حجم الطموح التركي للحكومة ذات التوجهات الاسلامية في انقرة والتأثير الذي باتت تمارسه الحكومة هذه التي حققت انجازات كبيرة، وجعلت تركيا في مصاف الدول المتقدمة وذات الثقل الاقليمي والعالم، واظهرت مواقف انقرة من الربيع العربي خاصة في المسألة الليبية والسورية كيف غلبت تركيا مصالحها ووقفت مع ثورات الشعوب، والاهم من ذلك فان موقف الحكومة التركية من اسرائيل والازمة مع الاخيرة يكشف عن ثقة غير مسبوقة بين دول المنطقة، حيث قررت تركيا تعليق علاقاتها مع اسرائيل التي ترفض الاعتذار عن العملية التي قامت بها قوات الكوماندوز الاسرائيلية على قافلة الحرية عام 2009.
ومن هنا فان الموقف التركي وزيارة اردوغان للمنطقة والتي بدأها من مصر، اثارت مخاوف الموالين لاسرائيل والمدافعين عنها في الغرب وامريكا، فمن جهة رأى فيها كتاب صورة عن تداعي حلفاء اسرائيل في المنطقة بسبب الربيع العربي، فها هي اسرائيل تخسر تركيا ومصر، ومن ناحية اخرى تبدو اسرائيل معزولة ووحيدة وهي صورة توافق المدافعين عن اسرائيل الذين طالما وتحدثوا عن اسرائيل التي تعتبر واحة ديمقراطية في بحر من العداء.
كبش الفداء
وعليه فقد خصصت صحيفة 'واشنطن بوست' افتتاحيتها يوم الثلاثاء للموضوع وبعنوان 'مرة اخرى، اسرائيل هي كبش الفداء'. وقالت فيها ان اسرائيل اصبحت تخشى من ان الربيع العربي الذي يتحول من ثورة شعبية ضد الانظمة الديكتاتورية الى هجوم اخر ضد الدولة اليهودية.
واشارت الى ثلاثة مظاهر عن هذا العداء: الهجوم على السفارة الاسرائيلية في القاهرة الاسبوع الماضي، وطرد السفير الاسرائيلي من تركيا وعزم السلطة الفلسطينية الذهاب للامم المتحدة للحصول على عضوية كاملة في المنظمة الدولية، وترى ان عزلة اسرائيل ستتزايد حيث يتوقع حصول السلطة على غالبية كبيرة.
وتضيف انه مما لا شك فيه ان هناك غضبا كبيرا في المنطقة على اسرائيل لكن تجب الملاحظة ان قدرا كبيرا من هذا الغضب تحركه الحكومات. وتتهم ا ردوغان الذي قالت انه يطمح بزعامة المنطقة قامت بادارة حملة ضد بنيامين نتنياهو عززها بحملة من التصريحات الملتهبة. مشيرة الى ان اردوغان غاضب جدا من تقرير الامم المتحدة الذي صدر الاسبوع الماضي وتوصل الى ان حصار اسرائيل لغزة واعتراضها قافلة الحرية 'قانونيان'.
وتعتقد الصحيفة ان اردوغان يجد سهولة في الهجوم على اسرائيل بدلا من التحدث عن سورية التي يقوم نظامها بشكل يومي بمذابح ضد شعبه وهو نفس النظام الذي اقام اردوغان علاقات معه.
وعلى الرغم من ان قادة الثورة الشعبية المصرية وعددا من قادة الاخوان في مصر شجبوا الهجوم على السفارة المصرية، ولاموا النظام العسكري الحاكم، حيث يشكون مع عدد من الدبلوماسيين ان الهجوم ربما شجع بطريقة غير مباشرة لحرف الانتباه عن النقمة الشعبية المتزايدة على الحكومة الانتقالية. وعلى الرغم من ان نسبة 60 بالمئة من الفلسطينيين يرون ان اعلان الدولة الفلسطينية ليست قضية محورية ويدعمون محادثات مباشرة مع اسرائيل الا ان دوافع عباس للذهاب الى الامم المتحدة هي مخاوفه من انتقال عدوى الربيع العربي الى المناطق الفلسطينية، ومحاولته في الامم المتحدة هي عمل وقائي لمنع حدوثه.
جيران عدوانيون
ومع كل هذا فالصحيفة ترى ان الحكومة الاسرائيلية لا تتحمل جزءا من الوضع، فنتنياهو كان بطيئا في الرد على الازمة مع تركيا وكان من الممكن تجنب الازمة لو اعتذر عن مقتل تسعة من الاتراك خاصة ان تقرير الامم المتحدة انتقد اسرائيل على المبالغة في استخدام القوة، ونفس الامر فان الهجوم على السفارة في القاهرة كان بسبب مقتل ستة مصريين، كما ان تباطؤ نتنياهو في تحديد موقف من مشروع الدولة الفلسطينية عامل في هذا الاتجاه. وتقول في النهاية ان جوهر الربيع العربي ومطالبه لا علاقة لها باسرائيل فهي عن التخلص من الانظمة الديكتاتورية وعليه فان استخدامه ككبش فداء ليس مساعدا في عملية التغيير التي ينشدها العرب.
وبنفس السياق كتب ريتشارد كوهين المعلق في الصحيفة نفسها مقالا تحت عنوان 'جيران اسرائيل العدوانيون'. وافتتح مقالته بالتذكير بتصريح لانور السادات عام 1953 ادلى به لمجلة 'المصور' التي سألته عن هتلر وماذا سيكتب له، لو طلب منه، على افتراض انه حي فاجاب السادات انه سيبدأ بالقول 'عزيزي هتلر انا معجب بك من اعماق قلبي'، ويقول ان السادات هو نفسه من اغتيل بسبب السلام مع اسرائيل. وعاد للقول ان السلام نفسه يتعرض للخطر بعد احداث الاسبوع الماضي. وذكر ان بن غوريون اسس لاستراتيجية الهامش في بداية الدولة والتي قامت على تعزيز علاقات مع دول كتركيا واثيوبيا وايران. والاخيرة تحولت الآن الى اكبر عدو لاسرائيل فيما تمتلئ تركيا بالعدوان اما اثيوبيا فليست مهمة. وقال ان معضلة اسرائيل ان المنطقة بدأت بسبب الربيع العربي بالتراجع للوراء. ويشير ان تركيا قد تكون في طور التحول الى دولة اسلامية وان لم تكن الحالة فانها تحاول تعزيز دورها التاريخي في المنطقة. ويرى الكاتب ان المسألة ليست هي حب اسرائيل او دعم السلام بل هي ان اليهود هم المكرهون، حيث يتسامح المجتمع المصري والعالم العربي بالعداء للسامية. وذكر الكاتب بواجب امريكا الاخلاقي مقارنا بموقف هاري ترومان الذي لم يحتج سوى عشر دقائق للاعتراف بالدولة الجديدة. وقال ان القادة يأتون ويذهبون ولكن الذي يبقى هو القيم والثقافة، فالسادات: كان املا ويأسا واخيرا مأساة، لكنه تغير اما بلده فيبدو انها لم تتغير.
يحبون العزلة
ومع ان 'واشنطن بوست' تحدثت عن اسرائيل الوحيدة الا ان تقريرا في 'لوس انجليس تايمز' قال ان اسرائيل بوحدتها تبدو قوية حتى لو تعرضت للضغوط من الخارج من الحلفاء مشيرة الى تصريحات روبرت غيتس وزير الدفاع الامريكي السابق عن قلة وفاء اسرائيل. وقالت الصحيفة انه على الرغم من ان اسرائيل اساءت تقدير الربيع العربي الا ان نتنياهو يؤكد على تمسك حكومته بموقفها. مشيرة الى رفضه الاعتذار لتركيا ومطالب اطراف من حكومته بالانتقام من تركيا من خلال دعم المتمردين الاكراد، والوقوف امام محاولات تركيا لتنظيم المباريات الاوليمبية عام 2020. وترى الصحيفة ان عزلة اسرائيل ليست شيئا جديدا بل هي مغروسة في الهوية بدءا من الهولوكوست وانتهاء بتقرير غولدستون، وبحسب منظم استطلاعات فان الاسرائيليين يحملون شعورا ان العالم يقف ضدهم، فنسبة 10 بالمئة من المستطلعين في استطلاع نظم في شهر تموز (يوليو) رأت ان تحسين موقع اسرائيل في العالم يعتبر اولوية. وعلى الرغم من هذا فان نقادا يرون ان هذا الموقف قد تكون له ارتدادات سلبية مشيرة الى تصريحات تسيبي ليفني لصحيفة 'هآرتس' عن سياسة حكومة نتنياهو. ومن هنا يرى البعض من الاسرائيليين انه بدلا من التمسك بالتمترس في الخندق ضد الخارج فهي مطالبة بتبني لهجة تصالحية. ونقلت عن محلل قوله ان 'عقلية الحصار' لم تعد مناسبة للوضع الحالي لانها ادت لتطور حس من 'القدرية'، وقال انها كانت سببا في القاء اللوم على الخارج 'اوباما مخطئ، اردوغان غير مصيب لانه اسلامي، المشكلة مع مصر سببها الاخوان المسلمون...'. ويرى معلقون نقلت عنهم صحيفة 'لوس انجليس تايمز' ان زيارة اردوغان جاءت لبناء حاجز عازل لسياسات اسرائيل المتغطرسة في الشرق الاوسط'.
فيلا في غابة
وقرأت صحيفة ' ديلي تلغراف' في وضع اسرائيل جديد صورة عن تداعي الحلفاء القدماء فهي تعود الى تصريحات ايهود باراك الذي وصف اسرائيل انها 'فيلا في غابة' حيث عادت عقلية الحصار الى اسرائيل. واشار الى ان علاقة اسرائيل مع تركيا في السابق اعطتها القدرة والموقع خاصة ان تركيا دولة اسلامية قوية، وبنفس السياق السلام الذي وقعته مع اسرائيل مصر، وبعدها جاءت منظمة التحرير والاردن.
وقال انه حتى الانظمة الديكتاتورية وجدت من مصلحتها الاتصال مع اسرائيل بمن فيها سورية التي وجدت من مصلحتها الحفاظ على الهدوء مع اسرائيل على الرغم من استمرار الاخيرة احتلال الجولان. ويرى الكاتب ان الاشارات الآن تشير الى تسارع عودة اسرائيل لفكرة الغابة. وبعد سرده لتداعي العلاقة مع تركيا تقول الصحيفة ان موقف تركيا من اسرائيل وان تعلق بالاعتذار الا انه مرتبط بمحاولة تركيا المتعبة من الاتحاد الاوروبي استعادة الولايات العربية التي خسرتها الدولة العثمانية. وتقول انه من خلال الظهور بمظهر حامي الفلسطينيين فان اردوغان يوقع على وتر اهم الموضوعات المثيرة للعواطف عند العرب. وترى الصحيفة ان يقينيات العلاقة مع الانظمة الديكتاتورية التي عولت عليها اسرائيل يبدو انها في مرحلة تراجع والقادة الجدد لديهم مواقفهم التي لا يمكن لاسرائيل تجاهلها. ومن هنا يرى الباحث في جامعة شيكاغو محمد ايوب ان موقف تركيا من اسرائيل ستكون له انعكاساته ليس في المنطقة بل وستصل لواشنطن.
انعكاسات مهمة على المنطقة
وقال في مقال نشرته 'الغارديان' ان الازمة بين تركيا واسرائيل ستترك انعكاسات مهمة على مستقبل الشرق الاوسط، لانها تظهر ان سيادة اسرائيل على المنطقة لم تعد بدون تحد، خاصة ان اردوغان اوضح ان تركيا ستلعب دورا نشطا في المنطقة، وقال ان مصادر تركية قالت ان اردوغان قد يسير قافلة جديدة لفك الحصار عن غزة ما يهدد باندلاع مواجهة عسكرية.
اما الامر الثاني، فان استمرار تحدي اسرائيل للقانون الدولي لن يمر بدون اعتراض في المحافل الدولية، اما الامر الثالث فيتعلق حسب الكاتب فان الموقف التركي يأتي في خضم تغيرات تمر بها المنطقة مما يضع تركيا في نفس الموقع مع الرأي العام العربي المتعلق بالاحتلال واسرائيل.
والامر الرابع هو ما يراه الكاتب ان تركيا لم تكن لتقدم على الموقف هذا لو لم تتعزز الديمقراطية التركية، واخيرا يقول الكاتب ان تركيا تخرج الآن كقوة اقليمية تربط بين العالم العربي واوروبا. مما يدعو امريكا الى اعادة تشكيل سياستها وهذا يعني حلا عادلا للقضية الفلسطينية، ومن خلاله تعيد واشنطن النظر في دعمها الكامل وغير المشروط لاسرائيل. واخيرا يقول الكاتب انه يجب على امريكا ان لا تقلل من اهمية تركيا كقوة استراتيجية مهمة وصاعدة في المنطقة وكجسر بين الغرب والعالم الاسلامي'
اردوغان هدد سوريا وإسرائيل وأمريكا من القاهرة فهتف له المئات بالزعامة!
اكثر من ساعتين انتظرها المدعوون لحضور كلمة اردوغان للمصريين بدار الأوبرا التي كانت مقررة في الرابعة مساء وقبلها بساعة امام مداخل الدار للحصول على التصاريح الخاصة ومع ذلك فقد قام المنظمون بتوزيع التصاريح بدون ايه اثباتات شخصية بعد تعطل برنامج الحاسب الالي عن استخراج اسماء المدعوين.
الهتافات الداعية للخلافه الاسلاميه واذلال اسرائيل انطلقت بعد نحو الساعه والنصف من الانتظار وقبل وصول اردوغان فيما خصصت الصاله السفلى بالمسرح الكبير لضيوف السفارة التركية وكبار مسئولي الوفد التركي.
الهتافات الدينيه الداعية لتوحيد المسلمين سرعان ما تراجعت مع ساعات الانتظار الطويلة ثم تحولت إلى أذان المغرب من اعلى اللودج بالمسرح الكبير ليقوم بعض المصريين للصلاة بينما بقي اغلب الاتراك في مقاعدهم.
اردوغان وجه كلماته للمصريين من خلال منتدى القانون الدولي لكلية الإقتصاد والعلوم السياسية الذي استضافه في حوار جمع حشدا كبيرا من اساتذة القانون الدولي وسفراء سابقين لمصر في عدة مناطق وقدمت اللقاء استاذة مصرية بالكلية تدعي سناء البنا وهي ذات اصول تركية مرتدية الحجاب علي الطريقه التركية.
اردوغان استهل كلمته بتحية الثورة المصرية التي تذكر الأتراك بشاب غير التاريخ التركي هو السلطان محمد الفاتح.
وطالب بالتوقف عن ترويج مفهوم وجود القوى الخارجية وتلاعبها بالثورة لكنه ايضا طالب الثوار بالحيطة حتى يصلوا للهدف الصحيح وحذر من الانسياق وراء المشاعر الجارفة وتغليب العواطف التي يخسروا جرائها مكتسباتهم.
اردوغان ارسل ثلاث رسائل من القاهرة ،الأولي لسوريا التي شن هجوما علنيا غير مواربا على نظامها ورئيسها بشار الأسد وقال إنه لا يقول الصدق ولا أحد يؤمن جانبه وأن الشعب السوري لا يؤمن به وأنه ايضا لا يؤمن به وقال أن القائد الذي يقتل شعبه فقد شرعيته ولا يصدقه أحد واستمر بتأكيد أن تركيا لن ترفع يدها عن سوريا لأن لها حدود مشتركة معها وتداخل العائلات والمجتمع يجعل من سوريا جار استراتيجي لتركيا.
ثم ارسل رسالة قوية لإسرائيل أن تركيا ستضع شرق البحر المتوسط منطقة ملاحة وسفر حرة دون قيود من اي جهة وطالب مرة اخرى إسرائيل بالإعتذار ودفع التعويضات وتخفيف أو إنهاء حصار غزة وإلا تستمر تركيا في التدابير ضدها.
الرساله الثالثة كانت للولايات المتحدة والتي حرص اردوغان على أن يختزلها في معارضة الادارة الأمريكية لإعلان دولة فلسطين ما وصفه بأنه ضد معايير العداله التي تنتهجها الولايات المتحدة في ديمقراطيتها كما تحب أن تقول.
الحاضرون شعروا بخيبة أمل بعد ان جاءت كلمات اردوغان لا تحمل خطوات عمليه للتقارب السياسي والاجتماعي اكثر مما يحمله ٢٨٠ رجل اعمال صاحبوه وقال انهم حاليا لديهم استثمارات ١.٨ بليون دولار مع مصر بينما وصل اجمالي التعاون التجاري بين البلدين نحو ٤ بليون دولار يسعى لتصبح خمسه بليون العام القادم
تجمع عدد كبير من الشباب أمام دار الأوبرا مرددين هتافات مؤيده لأردوغان
تجمع نحو 300 من الشباب معظمهم من التيارات الإسلامية خارج المبنى الذى يوجد به المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، عقب انتهاء رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان من إلقاء خطابه الموجه للعالم العربى ومصر مساء اليوم الثلاثاء.
وردد الشباب الذين رفعوا الأعلام المصرية والتركية هتافات مؤيدة لأردوغان، حيث تضمنت بعض الهتافات الدعوة لإقامة دولة الخلافة الإسلامية .
وقد خرج أردوغان وقرينته من دار الأوبرا المصرية بصعوبة شديدة بسبب الزحام من جانب الشباب الذين أرادوا مصافحته.
13/09/2011
أردوغان: مصر وتركيا "إيد واحدة".. لأن بيننا صلات قرابة وصداقة على مر التاريخ
ألقى رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان خطابا تاريخيا مساء اليوم للعالم العربى من دار الأوبرا بوسط القاهرة استهله قائلا باللغة العربية "بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته".. ليرد عليه ألف ومائتا شخص اكتظت بهم قاعة المسرح الكبير بالأوبرا السلام.
وأكد أردوغان فى خطابه أن مصر سوف تعبر هذه المرحلة بأمن وسلام استنادا لتاريخها العريق.
وأضاف أن المنطقة تعيش مرحلة تغيير تاريخى وثورى وديمقراطى مهمة، وبدأت تبعث ميلادها من جديد كبعثنا بعد الموت.. وأعرب عن شعوره بالسعادة البالغة والفخر الشديد وهو يشارك الشعب المصرى فرحته بثورته.
وأشاد أردوغان بالشباب فى مصر وتونس وليبيا.. وقال "إنه كما كان فى التاريخ التركى شاب قام بإنهاء حضارة سوداء، ودشن حضارة جديدة عريقة عندما فتح اسطنبول وهو محمد الفاتح، فإن هناك شبابا فى مصر أغلقوا صفحة وفتحوا صفحة حضارة جديدة.. فالسلام على مصر .. سلام على شعب مصر .. سلام على شباب مصر .. نحن رأينا فى مصر ثورة بدأ نقطة إطلاقها مهندس حاسوب شاب 26 سنة".
وأضاف أنه يعتبر نفسه مع عائلته الآن، وهو متحمس مثل الحضور، معربًا عن شعوره بالفخر والسعادة البالغة لأن يخطب فى مصر الدولة التى لا مثيل لها.. مصر الدولة التى تمثل بشعبها أكثر من حضارة.. مصر التى أسهمت بحضارتها فى ميراث البشرية فى كل مكان.
وقال أردوغان " مصر وتركيا إيد واحدة .. مصر وتركيا شقيقان كما أن القاهرة واسطنبول شقيقتان".. ونوه أردوغان بمقولة الخطاطين الشهيرة "القرآن نزل فى مكة وقرئ فى مصر وكتب فى اسطنبول".. وحرص أردوغان على أن يردد هذه العبارة باللغة العربية.
وأكد أردوغان فى خطابه أن إسرائيل عقبة أساسية أمام الاستقرار الدائم فى المنطقة موضحا أن السياسة الاسرائيلية لا تعترف بالحقوق الشرعية وتقوم الحكومة الإسرائيلية باستراتيجية عمياء تقضى على كل فرصها.
وقال إن إسرائيل لا يمكن أن تستمر فى اللعبة بهذا الشكل مشيرا إلى أن تركيا فقدت أرواح تسعة من مواطنيها قبل 15 شهرا فى المياه الدولية بالبحر المتوسط خلال الهجوم المسلح على أسطول المساعدات الإنسانية لغزة.
وحذر أردوغان إسرائيل مباشرة، قائلا: إنه ما لم تقم إسرائيل بالاعتذار الرسمى لأهالى الضحايا الأبرياء وتقديم تعويضات ورفع الحصار عن غزة ستستمر تركيا فى إجراءات تصعيدية ضد إسرائيل بشكل مستمر، موضحا أن الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل تم عرضها فى تقاريرنا وفى تقرير بالمر، وتركيا لا يمكن أن تقبل بمشروعية الحصار على غزة، معربا عن أسفه للوضعية التى تم نشر تقرير بالمر بها لأنها جعلت هذا التقرير لا قيمة له بعد أن أقر بمشروعية الحصار على غزة "نعتبره كأن لم يكن وغير موجود بالأساس ".
وأضاف أن هناك تقريرا آخر لمفوضية تحقيق البيانات المستقلة التابعة لمجلس حقوق الإنسان والذى يقر بأن الحصار على غزة مخالف للقانون الدولى وغير شرعى ،مشيرا إلى أن تركيا ستفعل كل ما بوسعها لجعل السفر فى شرق المتوسط حرًا.
وقال إن ما قامت به إسرائيل من وجهة نظرنا من قتل ستة عسكريين مصريين يعتبر آخر مثال يمثل عدم تقيد إسرائيل بالقانون.. وقدم أردوغان التعازى لأهالى العسكريين المصريين وطلب الرحمة لهم.
وأشار إلى أن المستوطنات التى تقوم إسرائيل ببنائها تمثل جدارًا أمام السلام فى المنطقة، معربا عن أمله فى أن ترى إسرائيل وشعبها إلى أين سيأخذهما ذلك الجدار.. جدار الفصل الذى نسجته الإدارة الإسرائيلية.
وأكد أن الحساب يتم مع القيادة الإسرائيلة لكن لا يوجد عداء مع شعب إسرائيل لأنه فى اعتقادنا، فإننا يجب أن نحب المخلوق من أجل الخالق. ووصف الإدارة فى إسرائيل بأنهم غير إنسانيين وليس لهم بنية تحتية حقوقية.. وقال إنه لم يبق أى اختيار أمام تركيا سوى الاعتراف بدولة فلسطين .. ونرجو أن ينتهى هذا الشهر وتكون للفلسطينيين وضعية مختلفة فى الأمم المتحدة ونحن نعمل مع الفلسطينيين من أجل تحقيق ذلك.
وقال أردوغان فى خطابه موجها حديثه للإخوة الفلسطينيين فى غزة إن تركيا ستبقى دوما إلى جوارهم، مشيرا إلى أنه كان يرغب وبأمل كبير فى زيارة غزة لكن وحسب الظروف الراهنة فلم نستطع أن نأتى إلى غزة ،ولكنه يشعر بأمل كبير فى أنه سيستطيع زيارة غزة.. وقال " روحى وجروحى فى غزة ".
وأضاف "يجب أن تعلموا أننا سنعمل بكل الجهد لرفع الحصار وأن تنتهى هذه المأساة.. وسنعمل على حل القضية الفلسطينية لأن شرعية النظام الدولى تأتى من حل هذه القضية فإذا لم يتم حلها فإن عدالة النظام الدولى سوف تنتهى بشكل سريع". وانتقد أردوغان الموقف الأمريكى من التحرك الفلسطينى قائلا: "إن الخطوات التى يفكرون فى اتخاذها يجب أن يعيدوا النظر فيها مرة أخرى منوها بتصريح صدر مؤخرا لا يتناسب مع عدالة السياسة الخارجية الأمريكية، ولا يأتى بالعدالة للمنطقة.. وأكد أنه يجب فى هذا الصراع أن يقف الفلسطينيون يدا بيد أمام وحدة الهدف وأن يتوافق فتح وحماس معا .. لأن هذا سيسهل الأمور أمامهم وأمامنا ويجب أن ينحوا خلافاتهم جانبا".
ووجه أردوغان حديثه مجدداإلى مصر قائلا:إن مرحلة التغير يلزمها الصبر والثبات الدائم خصوصاأن المرحلة الانتقالية تحدث فيها أمور عرضية مؤقتة.. وطالب المصريين فى الفترة الانتقالية بأن يحافظوا على وحدتهم.
وقال رئيس الوزراء التركى إنه بعد استقرار الديمقراطية سيتحسن الاقتصاد.. معربا عن ثقته فى أن مصر ستنمو بعد هذه الفترة لأن التراكم الحضارى المصرى سيدفها للأمام.. وأكد أن علاقات البلدين ستتعملق وتصبح أقوى بكثير فى المرحلة المقبلة.. وأن الشعبين سيسيران معا وستقف تركيا بجانب الشعب المصرى دائما، لأن بيننا صلات قرابة وصداقة على مر التاريخ.. والآن هو الوقت للتضامن وستكون العلاقات الاستراتيجية ضامنا للسلام والتنمية.. وأعرب عن أمله فى أن تكون انتخابات 2011 "خيرًا وبركة" على مصر.
وتطرق أردوغان فى خطابه بشكل مفصل للموقف فى سوريا، وقال إن هناك تطورات كثيرة حدثت فى سوريا، مؤكدا أن " من يصوبون الأسلحة على شعبهم وأن الإدارة التى تطلق النار على شعبها وتجتاح المدن بالدبابات والمدافع هى إدارة ليس لها صديق ولا يمكن الثقة فى مثل هذه الإدارات " .
وقال إننا قدمنا كل النصائح ورحبنا بتلبية طلبات الشعب السورى وأعطينا الفرصة للإدارة السورية ولكن زيادة عدد الضحايا المدنيين أصابنا بالألم.
وأضاف رئيس الوزراء التركى أن الأسد فقد شرعيته، حيث إنه لم يتم تطبيق الإصلاحات ولم يتحدث بصراحة، ولذلك لا نستطيع أن نأمن له فالشعب السورى لا يأمن له.
وقال إن الأسد سيبقى محكوما عليه فى وجدان الإنسانية ولافائدة فى استخدام القوة للوقوف أمام مرحلة التغيير.. وعليه السير فى هذا الطريق.. وإصراره لن يجلب السلام والاستقرار لسوريا ويجب عليه أن يدرك ذلك .. ويجب أن يدرك هذه الحقيقة الجميع ومنهم الاسرائيليون .. وقال " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا".
وقال أردوغان باللغة العربية مخاطبا الرئيس الأسد "نحن فانون جميعا.. وإنا لله وإنا إليه راجعون ".. وتساءل هل بقيت الدنيا لفرعون.. ويجب ألا ننسى أن قدرة الله التى حمت موسى عليه السلام فى قصر فرعون قادرة على كل شىء.. ويجب علينا أن ننتبه لذلك فنحن لن نبقى فى هذه الدنيا.
ولفت إلى أن سوريا ليست كأى دولة بالنسبة لتركيا "لدينا حدود مشتركة كبيرة وهناك أقارب ونسب متداخل ولنا قدر مشترك.. ووحدة سوريا أساس لنا.. ولن تقبل قلوبنا أى شىء يصيب وحدة الأراضى السورية بأى شكل.. فنحن نعطى اهتماما لاستقرار الشعب السورى الشقيق كما نعطيها لأنفسنا.. وهناك الآن اشتباك مذهبى وقوى خارجية تؤجج ذلك.. وقد نقلنا لهم هذه المخاوف وقلنا لهم يجب أن تفتحوا أعينكم فالبلاء قادم.. وقد حدث ذلك من قبل ونفس البلاء يتكرر.. ولهذا فإن التغيير مهم.
وتطرق أردوغان فى خطابه للعديد من الجوانب التى تربط مصر بتركيا وقال لا ننسى شعر أحمد شوقى ومحمد عاكف وقراءة عبد الباسط عبد الصمد وغناء أم كلثوم.
وأضاف أن منطقتنا تعيش مرحلة تغير ثورى ديمقراطى ، ومصر " تمر فى مرحلة نحو ميلاد جديد ".. مشيرًا إلى أن الوفد المرافق له يضم أعضاء من الحكومة و280 رجل أعمال جاءوا لبلدهم الثانى .. مؤكدا أن مصر ستجتاز هذه المرحلة بأمن وسلام .
وقال إن " ما يحدث فى مصر هى حركة صحوة تنتشر كالأمواج وامتدت إلى أمريكا وآسيا وأوروبا " مشيرا الى أنه لابد من وجود عدالة فى النظام العالمى .. وقال إن ما بدأ فى تونس ثم مصر وطرابلس ودمشق وصنعاء والبحرين سينير الطريق أمام العالم.
ووجه تحية احترام وتقدير لمحمد بوعزيزى وكل من ضحى فى سبيل بلده .. وقال "إننا فى تركيا ندعم طلبات الشعوب الشرعية لأن شرعية الإدارات تنطلق من إرادة الشعب .. وغير ذلك فهى غير شرعية .. وقد أرسلنا رسالة واضحة للحكام فى مصر وتونس وليبيا واليمن والبحرين قلنا فيها : بدلا من أن تكونوا ضد التغيير لابد أن تكونوا مؤيدين ورائدين له " .
وأشار إلى أنه وجه رسالة منذ ثمانية أشهر قال فيها "إننا كلنا فانون .. ولن نبقى فى الدنيا ولن يبقى سوى مشاعر الاحترام والرحمة ولابد من الإصغاء لمطالب الشعوب ولا يمكن تأجيل الحريات أو غض النظر عنها .. وعندما قلت ذلك فى برلمان تركيا أشرت إلى أن المرء سيدفن فى قبر عرضه متران فبأى شىء سينفعه مقامه .. فقالوا لى إنها رسالة شنيعة .. ولكننى وجهتها لكل الأغنياء والمسئولين فى العالم كل نفس ذائقة الموت .. إن مطالب الشعوب الشرعية للتغيير أساسية وقد جلبت مرحلة التغيير لنا فرصا كبيرة فاتركوا الشعوب تقوم بالتغيير .. والتغيير يأتى بمصاعب كبيرة لكن يجب أن نتخلى بالعقل واحترام الجميع ونلغى الخرافات وأن يتم التعاون ويتم تعميم الرفاهية والأمن".
ودعا رئيس الوزراء التركى إلى إلغاء الخرافات بأن النسيج الثقافى الاجتماعى لنا كشعوب لا يسمح لنا بالديمقراطية ، كما دعا إلى الابتعاد عن سياسة التفرقة التى تؤدى لإضعافنا والتعلل بأن ما يحدث لنا هو أسباب خارجية لتأجيل البحث عن حلول "فقد انتهت أسباب استخدم المخاطر الخارجية ذريعة للتعلل بعدم اللجوء للديمقراطية، فالديمقراطية والحرية حق لكم مثل الماء والخبز.
وأشار رئيس الوزراء التركى إلى أن الشعب المصرى خطا خطوة للديمقراطية معربا عن أمله أن تتم الانتخابات المقبلة ويصبح ذلك ميلادا جديدا لمصر .. لافتاإلى أن الاستفتاء الذى تم بعد الثورة يثبت أن الشعب المصرى جاهز للديمقراطية والمشاركة، وذلك سيعد مثالا يحتذى به وسيذكر التاريخ ميدان التحرير كاسم مرادف للكفاح والبحث عن الحرية والديمقراطية.
وأكد أردوغان ثقته فى أن الخطوات المقبلة فى مصر ستكون على أساس وحدة وطنية وستجلب احتراما كبيرا لمصر .. مشيراإلى أن حجم التجارة الخارجية مع مصر بلغ 3 مليارات دولار والاتجاه لزيادته إلى 4 مليارات دولار .. بعد أن كان منذ خمس سنوات 600 مليون فقط .. وهناك استثمارات تركية نأمل أن تصل إلى خمسة مليارات دولار.
وقال "إن مصر تحتاج للاستثمارات ونحن معا نشكل 150 مليون نسمة.. ومن أصحاب البحر المتوسط ولن نكتفى بالتركيز على دعم العلاقات التجارية والعسكرية والطاقة وغيرها بل سنتجه أيضا إلى المجال الثقافى والسياحى فمصر لها مكانة مرموقة فى السياحة الدينية ".
ولفت إلى أن نقل الغاز الطبيعى المصرى من خلال الأنابيب العربية إلى تركيا سيفتح صفحة جديدة لمنطقتنا ويجب علينا الاستمرار فى العمل.. وقال إن مصر هى مفتاح تركيا لأفريقيا .. وتركيا هى مفتاح مصر لأوروبا والقوقاز.
وفيما يخص ليبيا قال إن شعبها اقترب الآن من مستقبل مشرق وقد بدأت سفارة تركيا مجددا العمل فى طرابلس .. وهو ما يبرز الدعم التركى لكفاح الشعب الليبى .. وأكد أن التغيير صعب ولكنه لا محال عنه وأن تركيا جاهزة دوما لدعم الديمقراطية فى مصر والعالم .. ونحن ضد الأنظمة الأوتوقراطية ومع النظم الديمقراطية.
واختتم أردوغان خطابه قائلا :" لا أستطيع أن أنسى ميدان التحرير .. وقال باللغة العربية " ألف مبروك لكم .. وأختم كلامى بقول السلام عليكم " .
حضر خطاب أردوغان لفيف من النخبة السياسية فى مصر وتركيا ونحو 1200 شخص اكتظ بهم المسرح الكبير فى دار الأوبرا المصرية.
وقد قوطع أردوغان مرات عديدة خلال إلقاء خطابه بهتافات التأييد والتصفيق .. وفيما كان من بين هتافات الحضور .. مصر وتركيا إيد واحدة .. فقد حرص أردوغان فى بداية خطابه أن يرد على الحضور بقوله: "تركيا ومصر إيد واحدة" وهو ما قوبل بتصفيق من الحضور الذين وقفوا تحية لأردوغان عدة مرات
اردوغان: المطالب المشروعة للشعوب لا ينبغى قمعها بالقوة
قال رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان أمام وزراء الخارجية العرب إن: "المطالب المشروعة للشعوب لا ينبغى قمعها بالقوة"، داعيا إلى أن يكون شعار دول المنطقة "الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان".
وأكد أردوغان "الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان يجب أن تكون شعارنا الموحد"، لتحقيق طموحات شعوب المنطقة، مضيفا "يجب علينا ألا نقوم بالمطالب المشروعة لشعوبنا بالدم وباستخدام القوة" فى إشارة على ما يبدو إلى سوريا.
المشير طنطاوى يلتقى رئيس الوزراء التركى أردوغان
التقى المشير حسين طنطاوى القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا والوفد المرافق له الذى يزور مصر حاليا.
تناول اللقاء مناقشة سبل دعم العلاقات الثنائية بين البلدين وتعزيز التعاون المصرى التركى فى العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية، وتبادل الآراء حول تطورات الأوضاع الإقليمية والمتغيرات العالمية وتأثيراتها فى منطقة الشرق الأوسط.
حضر اللقاء الفريق سامى عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة نائب رئيس المجلس الأعلى ومحمد كامل عمرو وزير الخارجية المصرى ووزيرا الخارجية والدفاع التركيان، وعدد من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة والسفير التركى بالقاهرة.
فهمى هويدى يحاور أردوغان : الجزء الثانى
فى الجزء الثانى من الحوار اعتبر أردوغان أن ساعة الشعوب قد حانت فى العالم العربى، وأن عصر الاستبداد قد ولى، حتى قال إنه من الآن فصاعدا فإن من لا يدرك هذه الحقيقة أو يتعامى عنها، ويظن أن إرادة الشعوب يمكن أن تقهر وأن صوتها يمكن أن يحبس، فسيدفع الثمن غاليا ولا يلومن إلا نفسه، إليك ما جرى فى اللقاء.
(1)
رحلته إلى ثلاث من دول «الربيع العربى» (مصر ثم تونس وبعدها ليبيا) استدعت سؤالا عن قراءة تركيا لتحولات العالم العربى. شجعنى على ذلك أيضا أننى علمت أن فريق عمل تشكل فى الخارجية التركية لكى يتابع ويحلل ما يجرى فى العالم العربى منذ لاحت نذر انتفاضة شعوب المنطقة فى شهر يناير الماضى. كما أن رئيس الوزراء عزز مكتبه ببعض المثقفين والخبراء الذين يجيدون اللغة العربية، وهؤلاء ظلوا يحيطونه بدقائق ما يجرى فى المنطقة صبيحة كل يوم، فضلا عن أن وزير خارجيته الدكتور أحمد داود أوغلو أصبح واحدا من أهم خبراء الشئون العربية، وله حضوره الدائم فى عواصمها وفى قلب أحداثها.
سألت فقال: علاقتنا بالعالم العربى لم تعد بحاجة إلى بيان أو برهان (تركيا عضو مراقب فى الجامعة العربية). وهى تتجاوز المصالح الاقتصادية إلى آفاق أوسع بكثير طالت الرؤى الاستراتيجية والهموم المشتركة، التى تحتل قضية فلسطين موقعا متقدما فى سلم أولوياتها. لذلك فإننا نعتبر انتصار الشعوب العربية انتصارا لتركيا أيضا. ذلك أن استعادة الشعوب لإرادتها وحريتها يعد مقدمة طبيعية لانخراطها فى التاريخ، ومن ثم للنهوض بها والتغلب على التحديات التى تواجهها.
أضاف: لقد شهد العالم متغيرات كثيرة خلال العقدين الأخيرين، وكان سقوط جدار برلين علامة فارقة فى ذلك. ولكن الأوضاع فى العالم العربى ظلت بعيدة عن التحولات التى شهدها العالم، بالأخص ما تعلق منها بالحريات العامة. وحين تلاحقت الثورات فى العالم العربى منذ بداية العام الحالى، فإن ذلك كان إيذانا ببدء عصر الشعوب وانتهاء زمن الاستبداد. وكان ذلك هو الدرس الذى تعين على الجميع استيعابه، ولئن بدا أن البعض لم يتسلموا رسالته فى الوقت الراهن، إلا أن ذلك لن يغير من الأمر شيئا، لأن عجلة التاريخ إذا دارت فسوف يتعذر إعادة عقارب ساعته إلى الوراء، حيث لن يصح إلا الصحيح فى نهاية المطاف.
سألته عن زيارته لمصر، فقال ان تركيا تدرك جيدا أن مصر لا غنى عنها فى نهوض العالم العربى أو قعوده. وإذا كان للعالم العربى أبواب عدة، فالذى لا شك فيه أن مصر هى بابه الأكبر. لذلك فإننا نتطلع إلى إقامة علاقة شراكة استراتيجية معها، وإلى توسيع وتمتين التعاون بين البلدين فى مختلف المجالات الأخرى، خصوصا الاقتصادية منها.
● قلت: هل استشعرت تركيا أن مصر فى العهد السابق تعاملت معها بدرجات من التردد والحذر؟
ــ قال: هذا صحيح، وإن كان ذلك لم يؤثر على مجالات التعاون الاقتصادى. كما اننا حين عرضنا إلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين اسوة ببعض الدول العربية الأخرى، فإن الفكرة قوبلت ببعض التحفظ، مما دفعنا إلى طرح بدائل أخرى تيسر على أصحاب المصالح فى مصر دخول تركيا وقتما يشاءون. وفى كل الأحوال فإننا ظللنا نتفهم الموقف المصرى ونقدر وجهة النظر التى يعبر عنها. وبعد قيام الثورة واستعادة الشعب قراره وإرادته فإننا نرى أن مصر صوبت مسيرتها واختارت الطريق الصحيح للتقدم والنهضة، الأمر الذى يفتح أمام العالم العربى طريق الأمل والتفاؤل.
(2)
لست متأكدا من أن السيد أردوغان كان مهموما بالحالة السورية طوال حديثه عن العالم العربى وضرورة الانصات إلى صوت شعوبه وأفول نجم الاستبداد فيه، لكنى كنت أعرف أن الرجل ظل طوال الوقت طرفا فى أزمة سوريا، وأنه خلال الأشهر الستة الماضية كان على اتصال دائم ومباشر مع الرئيس السورى بشار الأسد. وان الحوار الهاتفى بين الرجلين اللذين ارتبطا بعلاقة شخصية وعائلية وثيقة، توقف منذ أربعة أسابيع. وان ظل الملف السورى حاضرا على مكتبه. كنت أعرف أن وزير الخارجية التركى نقل إلى القيادة السورية رسائل عدة (خمس على الأقل) بدأت بالتنبيه وانتقلت إلى النصح وانتهت بالتحذير من عواقب التعامل الأمنى القاسى مع الجماهير الغاضبة فى سوريا.
سألته عن سوريا فلمعت عيناه وقال إن علاقاتنا معها كانت على أفضل ما تكون، والتعاون بين بلدين شمل كل المجالات، كما أن التفاهم كان على مختلف المستويات لكن الامور بدأت تتغير بيننا حين خرج السوريون إلى الشوارع معبرين عن غضبهم ومطالبين بإصلاح أحوال البلد بما يرد للمجتمع اعتباره ويتيح له أن يمارس حريته.
وقد أثار انتباهنا أن المطالبات الشعبية السلمية قوبلت بالقمع من جانب الأجهزة الأمنية. إلا أن ذلك القمع لم يثن الجماهير السورية عن عزمها، وإنما تحول إلى وقود أجج الغضب وضاعفه، وللأسف فإن السلطة واجهت الغضب المتزايد بمزيد من القمع الذى أدى إلى إسالة الدماء السورية فى الشارع، وحين حدث ذلك فإننا بدأنا فى التشاؤم، لأن دم المواطنين حين يسيل فإنه يكتب الأسطر الأولى فى شهادة وفاة النظام، وكل نقطة دم أخرى تضيف سطرا جديدا فى شهادة النهاية. حينذاك تم الاتصال الأول بخصوص الأزمة مع الرئيس بشار، الذى تحدث عن أن بلاده مستهدفة من قوى خارجية، ووعد باتخاذ الإجراءات التى تكفل تهدئة الأوضاع والاستجابة لطلبات الإصلاح المنشود. فى أعقاب هذه المكالمة تم ايفاد وزير الخارجية التركى إلى دمشق، لكى يثبت ما تم الاتفاق عليه فى الاتصال الهاتفى، ويتفهم الموقف على الطبيعة.
أضاف أردوغان قائلا إن ما حدث على الأرض فى سوريا جاء مخالفا لما سمعناه من وعود، حتى أدركنا فى نهاية المطاف أن الآلة القمعية لا تريد أن تتوقف، وأن غضب الجماهير السورية يتزايد ويستمر فى ثبات وشجاعة. الأمر الذى يؤكد أنه لم يعد ممكنا إسكات صوت الشعوب بالقمع والسلاح. كررنا الاتصال والنصح، وتمنينا أن تحل الأزمة بالحوار مع المعارضة السلمية، ولكن امنياتنا تبخرت بمضى الوقت. لكننا لم نيأس ودعونا الرئيس السورى إلى اتخاذ خطوات محددة لإنقاذ الموقف هى: سحب الأسلحة الثقيلة من المدن وإطلاق سراح المعتقلين والمسجونين السياسيين ــ انهاء حالة الطوارئ فى الواقع وليس الاكتفاء بإلغاء القانون دون أى تغيير فى السياسات المطبقة ــ إنهاء احتكار حزب البعث للسياسة وفتح الباب للتعددية السياسية ــ إطلاق الحريات العامة وفى مقدمتها حرية التعبير وحرية تشكيل الأحزاب السياسية والنقابات.
● سألته: ماذا كان الرد السورى؟
ــ قال: ظللنا نسمع وعودا ولا نرى لها حضورا على الأرض.
● قلت الرئيس عبدالله جول قال انه فقد الأمل فى إصلاح النظام السورى.
ــ قال: ليس هذا رأيه وحده للأسف، ولكننى أيضا أشاركه هذا الشعور باليأس.
● قلت: هل يمكن أن يكون هناك إمكانية لانقاذ الموقف بعد قتل نحو ثلاثة آلاف مواطن سورى، فضلا عن إصابة واعتقال آلاف آخرين?
ــ قال: لن نكف عن السعى والتحرك ما استطعنا إلى ذلك سبيلا فسوريا بالنسبة لتركيا ليست بلدا عاديا. ولكنها جار نشترك معه فى حدود بطول 910 آلاف كيلومتر وبيننا وشائج ومصالح مشتركة يتعذر تجاهلها. وإلى جانب أن رهاننا الحقيقى والنهائى على الشعب السورى، إلا أننا ندرك جيدا أن استقرار الوضع هناك جزء من أمننا القومى، لا نستطيع أن نتجاهل استحقاقاته ــ لذلك فإننا لا نخفى قلقنا على سوريا وخوفنا من سيناريوهات مستقبلها.
● قلت: ما هو السيناريو الأسوأ الذى يقلقكم؟
ــ قال: أخشى أن ينتهى الأمر بإشعال نار الحرب الأهلية بين العلويين والسنة. ذلك أننا نعلم أن النخب العلوية تهيمن على مواقع مهمة فى السلطة وفى قيادة الجيش والأجهزة الأمنية، وأن يتجه غضب الجماهير إلى تلك النخب ليس فقط باعتبارها أداة السلطة فى ممارسة القمع، ولكن أيضا بصفتها المذهبية. وللأسف فإن النظام يلعب الآن بتلك الورقة الخطرة، لأن بعض المعلومات المتسربة تشير إلى أن نسبة قليلة ممن يوصفون بـ«الشبيحة» ينتمون إلى الطائفة العلوية، وهو ما يعمق الفجوة بينهم وبين الأغلبية السنية، ويثير ضغائن لا علاقة لها بالانتماء المذهبى، وإنما زرعها وغذاها الصراع السياسى الذى اتسم بقصر النظر، حتى بدا أن السلطة فيه مستعدة لإشعال حريق كبير فى البلد، لكى تستمر.
● والحل؟
ــ هكذا سألت فرد قائلا: منذ اللحظات الأولى دعونا الرئيس بشار الأسد لأن ينصت إلى صوت شعبه وأن يقرأ بعناية التطور الذى حدث فى العالم العربى، لكنه لم يفعل للأسف، ولن نمل من تكرار هذا المطلب على مسامعه. ثم إننا لا نرى أملا فى الخروج من الأزمة طالما أبقى الرئيس السورى على أغلب المحيطين به الذين يصرون على استمرار سياسة القمع والقهر وكسر إرادة الشعب السورى. وإذا لم يخط هذه الخطوة فإن الرئيس بشار شخصيا هو الذى سيدفع الثمن.
(3)
● قلت: الآن تقف إيران داعمة ومساندة لسوريا، والهجوم الإعلامى على تركيا لم يعد مقصورا على الأبواق السورية، ولكن بعض الأقلام الإيرانية أسهمت فيه أيضا. لكننا فوجئنا فى الأسبوع الماضى بالرئيس الإيرانى أحمدى نجاد يدعو سوريا ــ لأول مرة ــ إلى عدم استخدام العنف ضد شعبها، مما يوحى بأن ثمة تحولا نسبيا فى موقف طهران.. كيف تقرأ هذه الصورة؟
ــ قال: على المستوى الرسمى لم تتأثر علاقاتنا بطهران، علما بأن العلاقات الاقتصادية تحتل حيزا كبيرا فى مبادلات البلدين. فإيران تعد المصدر الأول للغاز الذى تتلقاه تركيا، كما ان التبادل التجارى بين البلدين يصل إلى 10 مليارات دولار، وثمة اتفاق بين بلدينا على الارتفاع به إلى 15 مليار دولار فى عام 2015.
أضاف إنه من ناحية ثانية فإن التراشق الإعلامى الحاصل يظل فى الحدود المحتملة، ثم انه لم يتحول إلى موقف رسمى أو خطاب عبرت عنه الحكومة.
● قلت: هل لاحظت تحولا نسبيا فى لغة رئيس الجمهورية الإيرانية إزاء سوريا؟
ــ قال: نعم لاحظته، وأحسب أن لتركيا دورا فى تصويب الخطاب الإيرانى، لأن بين بلدينا اتصالات ومشاورات مستمرة، أوضحنا لهم خلالها العواقب الوخيمة التى يمكن أن تحدث لسوريا فى ظل استمرار السياسات القمعية الراهنة. ودعوناهم إلى المراهنة على الشعب السورى والثقة فى مواقفه. وقلنا لهم صراحة لا تدللوا النظام السورى حتى لا يذهب إلى أبعد مما ذهب إليه ويأخذكم معه، ولكن انصحوه قبل فوات الأوان وحيث لا ينفع الندم. وما تحدث به الرئيس أحمدى نجاد كان من قبيل النصح الذى دعونا إليه.
ختم أردوغان إجابته بقوله إن وزير الخارجية أحمد داود أوغلو سيزور طهران قريبا لمواصلة التشاور حول الوضع السورى. وبعده بقليل سأقوم بزيارة طهران ولقاء مسئوليها، لحسم بعض الامور العالقة وتعزيز مجالات التعاون بين البلدين.
(4)
● سألته كيف تقرأ الحاصل فى ليبيا الآن، خصوصا إن تركيا كانت لها مصالح اقتصادية هائلة مع نظام العقيد القذافى؟
ــ قال: القذافى لم يستوعب جيدا ما حدث للرئيسين مبارك وزين العابدين بن على. ومصالحنا كانت ــ ولاتزال ــ مع الشعب الليبى بصرف النظر عن نظامه. وحين كان علينا أن نختار بين الوقوف مع النظام وبين مساندة الشعب الليبى فإننا حسمنا خيارنا إلى جانب الشعب.
● قلت: ما رأيك فى تدخل حلف الناتو والدور الذى قامت به الدول الغربية فى إسقاط نظام القذافى. وهل تعتقد أن ذلك التدخل برىء وأن الغرب لا ينتظر مقابلا من نفط ليبيا وعقود إعمارها؟
ــ قال: سأختصر ردى فى نقطتين، الأولى إننا ضد التدخل الدولى فى ليبيا. والثانية اننا نعتبر أنه لا حق للدول الغربية فى النفط الليبى ولكنه ملك خالص لشعبها. وأضيف أن فرنسا حاولت أن تقوم بدور منفرد فى ليبيا بدعوى مساندة الثورة، وأصبح لها وجودها على الأرض هناك، لكن هذا المسعى لم ينجح، خصوصا بعد تدخل حلف الناتو. حتى مؤتمر باريس الذى دعت إليه الحكومة الفرنسية لم يحقق النجاح الذى كان مقدرا له.
● قلت: حلف الناتو يجسد التدخل الدولى، ثم إن تركيا اشتركت فى مساندة الثورة؟
ــ قال: كانت هناك مشكلة أحدثها نظام العقيد حين أصر على مهاجمة الذين عارضوا نظامه، واستخدم فى ذلك الأسلحة الثقيلة التى عرضت حياة المدنيين للخطر. وتمثلت المشكلة فى أن الثوار كانوا مخيرين بين التعرض للإبادة من جانب قوات القذافى وبين الاستعانة بقوات حلف الناتو، وكأنه كان اختيارا بين شرين، شر أكبر تمثل فى التعرض للإبادة وشر أصغر تمثل فى الاستعانة بغطاء الحلف. وقد اختار الليبيون الشر الأصغر.
أما بالنسبة لإسهام تركيا فنحن نرفض بشكل قاطع استخدام السلاح التركى ضد أى مواطن ليبى أو أى عربى. وقلناها صراحة فى البداية. لذلك فإن إسهام تركيا باعتبارها عضوا فى الحلف ظل مقصورا على دائرة المعلومات دون غيرها.
● قلت: هل دخلت تركيا فى سباق التنافس على إعمار ليبيا؟
ــ قال: كانت لنا عقود سابقة سنستأنف العمل فى تنفيذها. وخطوط الطيران بين بلدينا سوف تستأنف خلال أسبوع. وإذا ما استقرت الأوضاع تماما فى ليبيا ستعود العلاقات إلى حالتها الطبيعية، لأن وجودنا لم يكن طارئا. فلا هو مرتبط بتوقيت معين ولا بنظام معين.
(5)
● أخيرا قلت للسيد أردوغان: هل تعتقد أن سياسة «تصفير المشاكل» (بمعنى انهاؤها والنزول بها إلى درجة الصفر) التى حمل لواءها الدكتور أحمد داود أوغلو طوال السنوات الماضية لاتزال قائمة على الأرض، أم أنها تحتاج إلى مراجعة فى ضوء المتغيرات الحاصلة فى خرائط المنطقة؟
ــ فى رده قال إن الدعوة إلى إنهاء المشاكل لا تعنى أننا سنعيش بلا مشاكل. ولكنها تعنى تهدئة المشاكل أولا بأول، لأننا لا نستطيع أن نستمر فى التنمية أو التقدم بينما المشاكل تلاحقنا وتحيط بنا من كل صوب. بالتالى فهذه الدعوة ليست اجراء وقتيا ينصب على مرحلة بذاتها، ولكنها سياسة مستمرة تلتزم بها لتأمين مسيرتنا وعلاقاتنا مع جيراننا ومع العالم. فعلاقتنا كانت ممتازة مع سوريا مثلا. ولكن التطورات التى حدثت على الجانب الآخر أشاعت حالة من الفتور والتباعد بين البلدين، الأمر الذى سيكون حافزا لنا فى المستقبل لترميمها وإعادة الحيوية إليها. وهذا هدف التصفير الذى ندعو إليه، الذى لا يسمح بتفاقم أى مشكلة وإنما يسعى دائما إلى احتوائها والتقليل من تداعياتها السلبية.
● لما سألته: هل الجولة الحالية فى دول الربيع العربى تدخل ضمن مساعى التصفير?
ــ قال ضاحكا إن التقريب هدفها. حيث لا توجد مشاكل تقتضى التصفير.
فهمي هويدي يحاور أردوغان: (الجزء الأول)
حين يتكلم أردوغان فإن الجميع يرهفون السمع وينصتون، بعدما أصبح الرجل الأعلى صوتا والأكثر صدقية واحتراما بين زعماء المنطقة، وبعدما أصبحت حكومته لاعبا أساسيا له حضوره وكلمته فى كل الملفات المهمة التى تحفل به الساحة السياسية. حتى وصفته بعض الصحف الإسرائيلية بأنه عبدالناصر هذا الزمان. فى هذا الحوار الذى أجريته معه فى أنقرة، قبل وصوله إلى القاهرة وانطلاقه منها إلى ليبيا وتونس، تحدث أردوغان عن كل القضايا الساخنة والتفاعلات الجارية فى العالم العربى. اليوم يشرح موقف بلاده من إسرائيل وغدا يتحدث عن متغيرات الخريطة العربية.
(1)
فى يوم وصولى إلى أنقرة ـ الأربعاء 7/9 نشرت صحيفة «معاريف» مقالا لأحد كتابها (نداف ايال) تحت عنوان «عصر الضعف»، تحدث فيه عن «الإعصار السياسى» الذى تواجهه إسرائيل. وقال ان حكومة أنقرة تتحدى الآن إسرائيل وتعلن على الملأ عن طرد سفيرها وتقليص علاقاتها الاقتصادية معها، كما تتحدث علنا عن إمكانية وقوع مواجهة بين الدولتين بسبب تنقيبات الغاز التى تقوم بها إسرائيل فى البحر الأبيض، ولا تتردد فى أن تهدد فى الطريق بلدا عضوا فى الاتحاد الأوروبى هو قبرص. وحين تواجه إسرائيل أزمة من النوع الحاصل حاليا مع تركيا التى هى عضو كبير فى حلف الناتو وقوة إقليمية عظمى، فإن ذلك يعنى أن ثمة متغيرات استراتيجية، ترسم صورة للضعف والتآكل فى مكانتها.
أضاف الكاتب قائلا إنه فى اليوم الذى أعلنت فيه تركيا عن خفض مستوى العلاقات مع إسرائيل وعن العقوبات التى فرضتها، فإنها أعلنت أيضا عن قبولها إقامة منظومات رادار تابعة للناتو على أراضيها (يفترض أنها موجهة ضد إيران) فإن أنقرة أرادت أن تبعث إلى أوروبا وواشنطن برسالة تقول فيها: نحن لا ننقطع عن الغرب، بل عن إسرائيل فقط. وهى رسالة ماكرة وذكية من جانب الأتراك، لكنها محزنة بالنسبة لإسرائيل.
مثل هذه الكتابات حفلت بها الصحف الإسرائيلية، منها ما ذكر أن العالم تعب من إسرائيل (هاآرتس 2/9)، وأن الجيش أخطأ (بقتله الأتراك التسعة الذين كانوا على السفينة مرمرة، وهو الحادث الذى فجر الأزمة) لكن الدولة الإسرائيلية هى التى تدفع الثمن الآن (معاريف 4/9). تحدثت صحف أخرى عن أن «الدولة فى خطر» (هاآرتس 2/9)، وعن أن الاعتذار لتركيا يجنب إسرائيل الضرر الاستراتيجى الذى يترتب على القطيعة معها (معاريف 7/9) وأن إسرائيل أصبحت الآن تحت الحصار وليس غزة وحدها (هاآرتس 7/9).
(2)
● قلت لأردوغان: موقفكم فاجأ الجميع وخلط الأوراق فى المنطقة، حتى أصبحت بعض الأطراف الإسرائيلية تتحدث عن عودة شبح الحرب إلى المنطقة (تصريحات اللواء بال ابزنبرج قائد الجبهة الداخلية فى معهد البحوث الإسرائيلية ونفى وزير الدفاع إيهود باراك لها).
- قال: بالنسبة لنا فلم نفاجأ بشىء، لأننا منذ قامت إسرائيل بالهجوم على سفينة الإغاثة المتجهة إلى غزة (31/5/2010) أعلنا موقفنا بوضوح وحددنا طلباتنا التى تمثلت أولا فى الاعتذار للشعب التركى وحكومته، وثانيا تعويض أسر ضحايا الحادث، وثالثا انهاء حصار غزة غير الإنسانى وغير القانونى، لكن البعض لم يأخذ كلامنا على محمل الجد، رغم أننا كنا نعنى ما نقول، ولم يتغير شىء فى موقفنا الذى أعلناه منذ نحو أكثر من عام، لكن لدينا مشكلتين تفسران مسألة «المفاجأة» التى تتحدث عنها. الأولى أن إسرائيل اعتادت على ألا تحاسب على تصرفاتها وأن تعتبر نفسها فوق القانون ومعفاة من أى حساب على ما ترتكبه من أخطاء أو جرائم. والثانية أنها تحولت بمضى الوقت إلى طفل مدلل أفسده المحيطون به، فلم تكتف بممارسة إرهاب الدولة بحق الفلسطينيين، وإنما أصبحت تتصرف برعونة تفتقد المسئولية، وتستغرب أن يحاول أى أحد أن يدعوه إلى احترام غيره واحترام القوانين السارية.
● قلت: هل تعتبر أن التلويح باحتمالات المواجهة المسلحة لا أساس له؟
- قال: إسرائيل بعقليتها التى أشرت إليها لا تريد أن تعترف لا بأخطائها ولا بأن العالم من حولها تغير. لا تريد أن تفهم أن فى تركيا نظاما ديمقراطيا حريصا على أن يعبر عن ضمير الشعب وأشد حرصا على أن يدافع عن كرامته. فى الوقت ذاته فهى لم تستوعب جيدا حقيقة التغيرات التى حدثت فى العالم العربى، حين سقطت بعض أنظمته المستبدة واستردت الشعوب وعيها ورفعت صوتها عاليا. مدافعة أيضا عن الحرية والكرامة. بل إن إسرائيل باتت رافضة حتى للانصات لبعض الأصوات العاقلة فى الغرب التى أدركت حقيقة متغيرات المنطقة ودعتها إلى الاعتذار لتركيا عما فعلته بحق أبنائها الذين قتلتهم.
ماذا فعلت إسرائيل؟ سأل أردوغان ثم قال، كما أنها تسارع إلى اتهام كل من ينتقد سياستها بأنه معاد للسامية، فإنها تحدثت عن عودة شبح الحرب على ألسنة بعض المتطرفين فيها. ورغم أن تركيا فى ردها على الاستعلاء الإسرائيلى لم تتحدث إلا عن الالتزام بالقانون الدولى واللجوء إلى العدالة الدولية، وحماية المياه الدولية فى البحر الأبيض، إلا أنها آثرت تجاهل كل ذلك والاستسلام لسلوك الطفل المدلل، الذى يؤثر الصياح وإثارة الضجيج على الاعتراف بمسئوليته عن الأخطاء التى ارتكبها.
● قلت إن لجنة التحقيق الدولية برأت ساحة إسرائيل من العدوان على السفينة مرمرة وانتقدتها فقط فى استخدامها المفرط للقوة ضد ركابها ـ (اللجنة شكلتها الأمم المتحدة برئاسة جيفرى بالمر رئيس الوزراء النيوزيلندى السابق وحملت اسمه).
- قال: هذا التقرير لا قيمة له، وهو عار على واضعيه وعلى الجهة التى أصدرته، يكفى أنه أضفى شرعية على الحصار، بما يفتح الباب لقبوله بشرعية الاحتلال، ثم أنه اتسم بالتناقض ليس فقط فى المعلومات التى أوردها، ولكن أيضا مع ميثاق الأمم المتحدة ذاته، لذلك فإننا لن نعترف به، وسنلجأ إلى العدالة الدولية للدفاع عن حقوقنا كحكومة وشعب ولدينا من الوثائق والتقارير التى تدين الجريمة الإسرائيلية بصورة قطعية.
(3)
حين سألت رئيس الوزراء التركى عن تفاصيل هذه النقطة قال إن هناك جوانب فى المسألة لا تقبل الشك هى: أن السفينة كانت موجودة فى المياه الدولية على بعد 78 ميلا من شواطئ غزة ـ وأنها كانت مسالمة تماما ولم يثبت لأى جهة أنها كانت تحمل سلاحا من أى نوع، وان كل حمولتها كانت محصورة فى المواد الإغاثية ـ وأن الجنود الإسرائيليين اقتحموا السفينة من البحر والجو وبادروا إلى إطلاق النار على ركابها المسالمين ـ الذين كانوا منتمين إلى 33 دولة ـ وأن القتل من جانبهم كان متعمدا حتى أن لدينا تقريرا للأطباء الشرعيين سجل أنهم تعمدوا قتل الأتراك التسعة الذين كان من بينهم شاب عمره 19 سنة يحمل الجنسية الأمريكية. وأثبت الطب الشرعى أن هذا الشاب فرقان دوغان قتل برصاصة وجهت إلى جبهته أطلقت عليه من مسافة 30 سنتيمترا ـ الثابت أيضا أن الأتراك التسعة تلقوا 35 رصاصة، وأن نصيب الشاب فرقان وحده خمس رصاصات (قال أردوغان إنه روى القصة للرئيس الأمريكى حين التقاه، وأخبره أن واشنطن تخلت عن أحد مواطنيها، وأن أوباما استمع للقصة ولم يعلق عليها ـ وقد وصفه روجر كوهين المعلق البارز فى صحيفة نيويورك تايمز بأنه الأمريكى المنسى).
وقتذاك ـ أضاف أردوغان ـ كان لابد لتركيا أن تحدد موقفا إزاء ذلك العدوان الصارخ، وهو موقف ضد السلوك السياسى وليس ضد الشعب الإسرائيلى. ولأن الحكومة تعرف أن دفاعها عن كرامة الشعب التركى أهم بكثير من العلاقات التى تربطها بإسرائيل، فإنها طالبت إسرائيل بالأمور الثلاثة التى سبق ذكرها وهى الاعتذار والتعويض وإنهاء الحصار. وكانت تلك هى الخطوة (أ) التى لجأت إليها فى ترتيب التعامل مع القضية. وبعد إثارة الموضوع فى دوائر عدة، ثم تشكيل لجنة الأمم المتحدة، ومر أكثر من عام حتى انتهت اللجنة من تقريرها الذى جاء فى أكثر من 200 صفحة. صبرت تركيا طول الوقت، واستجابت للرغبة فى تأجيل صدور التقرير لإتاحة الفرصة لتسوية الموقف وديا مع إسرائيل ولكن حكومة تل أبيب واصلت الإعلان عن رفضها تقديم الاعتذار، ثم طلبت تأجيل إصدار التقرير لستة أشهر أخرى (وزيرة الخارجية الأمريكية السيدة هيلارى كلينتون نقلت هذه الرغبة إلى وزير الخارجية التركى أحمد داود أوغلو أثناء لقائهما فى باريس يوم الخميس الأول من سبتمبر على هامش الاجتماع الذى كان مخصصا لبحث الأوضاع فى ليبيا، لكنه رفض العرض وأبلغها أن أمام إسرائيل مهلة أسبوع واحد لكى تحدد موقفها النهائى). وحين سربت الصحافة الأمريكية مضمون التقرير فى اليوم التالى مباشرة (2 سبتمبر)، كان لابد أن ترد تركيا. وبالتالى فإنها أعلنت عن إجراءاتها الخمسة التى تضمنتها الخطة (ب) المعدة سلفا ضمن استراتيجية التعامل مع الملف، وفى مقدمتها خفض التمثيل الدبلوماسى إلى مستوى السكرتير الثانى، بما يعنى طرد السفير ونائبته ومن دونهما حتى تلك الدرجة وتجميد الاتفاقات العسكرية مع إسرائيل وتحريك البوارج العسكرية لحماية البواخر التركية فى المياه الإقليمية شرق البحر المتوسط. وتبنى القضايا التى ترفعها أسر الشهداء ضد إسرائيل أمام العدالة الدولية.
● قلت: معلوماتى أن الملحق العسكرى الإسرائيلى رفض مغادرة أنقرة.
- قال هذا صحيح ولكننا سنرغمه على ذلك بالوسائل الدبلوماسية، لأن تخفيض مستوى التمثيل يشمل الملحقية العسكرية أيضا، بحيث تخفض من رتبة عميد إلى عقيد.
● قلت إن تحريك البوارج التركية إلى موانئ شرق البحر المتوسط أسهم فى إثارة الشكوك حول احتمالات الحرب، كما أن تجميد العلاقات أدى إلى انهيار البورصة فى تل أبيب.
- قال: دعنى أشرح لك الموقف بصورة أكثر تفصيلا.
(4)
لقد هاجمت إسرائيل السفينة مرمرة فى المياه الدولية فى استهتار شديد بالأعراف والقوانين المتعارف عليها، هكذا تحدث أردوغان، ثم أضاف أنه بهذا الهجوم فإن إسرائيل تعاملت مع البحر المتوسط وكأنه بحيرة إسرائيلية حكر عليها. وكان لابد لنا وللمجتمع الدولى أيضا أن يردها إلى صوابها. وكل ما قلناه أن بوارجنا الحربية ستحمى السفن التركية من الاعتداء أثناء مرورها بالمياه الدولية، وهذا حقنا المشروع ليس لأحد أن يعترض عليه، لكن ذلك أغضب إسرائيل التى أرادت أن تدافع فى استيلائها على المياه الدولية فى شرق المتوسط.
أعدت عليه قولى إن وجود البوارج التركية يفتح الباب لاحتمال الاحتكاك مع البحرية الإسرائيلية، التى قد تحاول استفزاز تركيا واستدراجها إلى مواجهة عسكرية، عندئذ قال إن ذلك احتمال مستبعد. لا تؤيده كل معطيات الواقع الإقليمية والدولية. ومع ذلك فإن البحرية التركية مستعدة لمواجهة كل الاحتمالات وأسوئها.
فيما خص تجميد الاتفاقات ـ أضاف أردوغان ـ فإن الموقف التركى حدد الاتفاقات العسكرية ولم يشر إلى العلاقات التجارية على محدوديتها (حجم التبادل التجارى السنوى بين البلدين فى حدود مليارين ونصف المليار دولار)، ومن جانبنا فإن العلاقات الاقتصادية يفترض أن تستمر كما هى حتى إذا القت عليها التطورات الحاملة بين البلدين ببعض الاسقاطات السلبية.
استدرك أردوغان قائلا: رغم أننا لم نتخذ أى إجراء يمس العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، فإنها لم تتصرف معنا بشرف ولم تلتزم بأخلاقيات التعامل التجارى.
سألته كيف؟ فأجاب قائلا: إن تركيا كانت قد اشترت من إسرائيل 6 طائرات بدون طيار، ودفعت ثمنها كاملا أثناء العمل بالاتفاقات العسكرية الموقعة بين البلدين. هذه الطائرات احتاجت إلى صيانة خلال الأشهر الأخيرة فتم إرسالها إلى إسرائيل لإجرائها. وبعد أن تمت الصيانة المطلوبة فإنها رفضت إعادتها إلينا، واحتجزتها على أراضيها. وهو تصرف ما توقعنا أن تلجأ إليه نظرا لتعارضه مع المبادئ الأخلاقية المتعارف عليها فى التعامل التجارى.
(5)
قلت لرئيس الوزراء التركى إننا فهمنا مضمون الخطة ألف والخطة باء فى سيناريوهات التعامل مع ملف الأزمة، لكننا نستشعر فضولا وقلقا عن احتمالات الخطة (جـ)، فسكت لحظة، وقال إننا لا نريد أن نستبق، لأن الإعلان عن الخطة وثيق الصلة بردود الأفعال الإسرائيلية. ومدى استعدادها للقبول بحل منصف وعادل يحفظ لتركيا حقوقها وكرامتها. وما أستطيع أن أقوله فى هذه الجزئية أننا ملزمون بأربعة أمور هى: الحفاظ على كرامة وحقوق الشعب التركى الذى أولانا ثقته وتعين علينا ألا نفرط فى دمائه التى أهدرها الجيش الإسرائيلى ـ وقف الاستهتار والعربدة الإسرائيلية التى اعتادت أن تدوس على القوانين والأعراف والمواثيق الدولية ـ ثم التمسك فى تحقيق المطالب التركية بطرق أبواب العمل السياسى والدبلوماسى وبالاحتكام إلى العدالة الدولية، أخيرا فإننا نتمسك بإنهاء الحصار المفروض على غزة لتعارضه الفادح مع القانون الدولى.
قلت: رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تحدث عن رغبة بلاده فى تحسين وترميم العلاقات مع تركيا، ومعلوماتى أن هناك وسطاء كثيرين يعملون على وصل ما انقطع بين البلدين. حينئذ علق أردوغان قائلا: كل هذا صحيح، ولكن بعد أن تعتذر إسرائيل وتستجيب للشروط التى أعلناها، ولا ينبغى أن يتصور أى أحد، لا نتنياهو ولا غيره أن تركيا يمكن أن تفرط فى كرامة شعبها ودماء ابنائها. وهذا الكلام سمعه كل من فاتحنا فى الموضوع من وسطاء نحمل لهم مشاعر التقدير والاحترام.
أضاف: ان قادة إسرائيل حينما فشلوا فى قراءة الواقع المحيط بهم، فإنهم خسروا أنصارهم وليس فقط أصدقاؤهم، وذلك حاصل حتى فى داخل الولايات المتحدة ذاتها. وحين يقول وزير الدفاع الأمريكى السابق ورجل الاستخبارات الأسبق إن نتنياهو خطر على إسرائيل وأنه يدفع ببلاده إلى مزيد من العزلة الدولية، فتلك إشارة عميقة الدلالة، تبين مدى التأثيرات السلبية التى أحدثتها ممارسات السياسة الإسرائيلية بما اكتنفته من استهتار دفعها إلى احتقار القانون الدولى والمواثيق والأعراف المستقرة، فى العالم المتحضر. وقد سكت كثيرون على ذلك حتى حولوا إسرائيل إلى طفل مدلل ومغرور، وما كان لتركيا أن تسكت حين أرادت أن تمارس ذلك الدلال والغرور حين أسالت دماء أبنائها، فقررت أن تتصدى لتلك العربدة وان توقفها عند حدها.