تغريدة شريف عبد الغني : أعلن براءتى من كل كلمة طيبة كتبتها بحق عبد الناصر

(1)
الشاعر العراقي أسعد الغريري، فقد شقيقه الأصغر، ولم يلحق بجنازته. دخل البيت ولم يجده، فكتب هذه الكلمات المؤثرة في رثائه والتي زادها كاظم الساهر شجنا بصوته الحزين الذي يحمل بين نبراته هما كربلائيا:
استعجلت الرحيل.. ورحلت في غير أوانك..
هنا خطوط أيديك.. صمتك.. صدى صوتك.. عنفوانك.. هنا ضحكت.. هنا بكيت.. هنا على صدري غفيت.. هنا تصاويرك على حايط البيت.. هنا على كتفي لعبت لعب الأطفال.. هنا بقايا من بقايا أمنياتك.. رحلت أنت وهي ظلت في مكانك.
في وجوه الناس أطالع وجهك الحاضر الغايب.. وين أنت؟ ومتى أشوفك؟ وحدي أسأل وحدي أجاوب.. حتى في أصغر أشيائك أبقى أتأمل وأراقب.. أستجدي صوتك.. أستجدي وجهك.. ولو في لحظة وهم.. جمدت الدمعة بعيوني وانتهى إحساس القلم.
استعجلت الرحيل.. ورحلت في غير أوانك.
(2)
ربما هذا أصعب مقال أكتبه في حياتي.
ريم السماحي.. استعجلت الرحيل.
لم أقابلها مطلقا في حياتي. لكني عرفتها عن قرب. عرفتها من كتاباتها. عرفتها من مبادئها. عرفتها من قوة إيمانها. شابة نضرة في ربيع عمرها «22 سنة». اسمها معروف على موقع «تويتر». تنشر تغريداتها في فضاء الموقع، فتجد صداها سريعا عبر متابعيها الكثر.
من عمق تغريداتها تظنها أكبر من سنها. من خفة ظل ما تكتبه تذكرك بروح العبقري الراحل جلال عامر. صوتها يمتلئ بهجة وإشراقا وثقة في المستقبل. كنا نتناقش كثيرا في أحوال مصر، فتعطي تحليلات للموقف تفوق ما يطرحه المنظرون المقعرون على الشاشات.
(3)
ريم السماحي. لم تكن فقط فتاة مصرية حرة عندها مبدأ وموقف وثبات على الحق، لكنها كانت تعبر عن مصر التي نحلم بها.. مصر البهية، الشابة، المثقفة، المؤمنة، الصادقة، المتحضرة، الخيرة. مصر التي لا تتأثر بحملات إعلامية منحطة مدفوعة الأجر. مصر التي تعمل عقلها وتفرق بين الغث والثمين. مصر التي لا تقبل الضيم.. ولا تنزل على رأي الفسدة.. ولا تعطي الدنية أبداً من وطنها ودينها وشرعيتها.
(4)
رغم أنها من مدينة بعيدة عن القاهرة شرقي الدلتا، ورغم صغر سنها أيام ثورة 25 يناير، فإنها كانت تأتي من مدينتها «الزقازيق» لتشارك في مليونيات ميدان التحرير.
بعد الكارثة المدوية التي حلت بمصر ووأد التجربة الديمقراطية واختطاف الرئيس المنتخب، ومصادرة البلد لصالح عصابة «الترامادول»، كانت من أوائل من ولوا وجوههم شطر «رابعة الصمود والعز والفخر». هي من الحرائر اللاتي كن في مرمى اتهامات إعلام العهر والضلال.
(5)
بعد فض الاعتصام والمجزرة البشعة، لم تتخلف عن المشاركة في كل المظاهرات بمدينتها، وتنقلها أولا بأول على مواقع التواصل الاجتماعي. كنت أمازحها: «يا بنتي بطلي بقى مظاهرات.. إنتي لسة متعينة معيدة في الجامعة.. لو عرفوا إنك بتشاركي هيقولوا عنك إرهابية ويفصلوكي». كانت تضحك: «والله يا أستاذ شريف مش مهم.. الإنسان بيعيش مرة واحدة وبياخد نصيبه.. نعيش بكرامة أفضل ما نعيش عبيد».
كانت تحب الرئيس الدكتور محمد مرسي، لكنها كانت تلومه على طيبته المفرطة في التعامل مع المسؤولين من بقايا عصر مبارك، والذين دبروا الانقلاب ضده وضد المسار الديمقراطي و.. ضد مصر.
(6)
في يوم قدره الله، تعرضت «ريم» لحادث مروري خطير. كانت مع والدها في السيارة. انتقل الوالد -المهندس المحترم- إلى جوار ربه فورا. أما الغالية الصابرة فكان نصيبها عدة أشهر من العمليات الجراحية الخطيرة في ألمانيا. عادت إلى مصر وفرح كل محبيها بعودتها، وطمأنتنا أختها «رغد». لكن فجأة سافرت مرة أخرى إلى فرنسا لإجراء عملية في ساقها. كانت العملية الأخيرة. عادت بعدها إلى بارئها، لتزين السماء بوجهها الملائكي وروحها الطيبة.
(7)
لن أتحدث عن فعل الخير الذي كانت تؤديه هذه الإنسانة الملاك. لقد عرفت بعضه بالصدفة، وأحسبه في ميزان حسناتها. يكفي فقط أنها كانت ترسل لي ولغيري زملاء لها لا يجدون عملا لمساعدتهم في البحث عن وظيفة. لن أذكر ما فعلته هي وأسرتها مع امرأة مغلوب على أمرها ألقاها زوجها في الشارع مع أولادها.
(8)
أدعو الله أن يلهم أمها الصبر، وأن يعينها على اختبار ربها، وأن تتذكر دائما أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه، وريم الغالية النقية تعرضت رغم سنها الصغيرة لاختبارات قاسية جدا، وتحملت ما لا يتحمله بشر. وعلى قدر الاختبار يكون الجزاء من الخالق العادل، جنة وارفة مع الصديقين والشهداء. لقد تركت الدنيا الفانية إلى خالقها وهو أرحم بها منا.
(9)
أترككم مع بعض من تغريدات ريم السماحي، وقد غابت عنها روح الدعابة، فكلها كانت بعد الحادث الأليم:
• السرقة أصبحت شطارة وقلة الأدب ديمقراطية، والطيبة هبل. اللهم عافنا واعف عنا.
• الكرامة بنك بلا سيولة حقا، لكن ليس كل الناس يملكون رصيدا فيه.
• ليست كل البنوك على الأرض.. هناك بنك في السماء يعطي بلا حساب لكل من يرفع يديه متضرعا طالبا صونا لكرامته التي توشك أن تنهار في بورصات اللصوص.
• صحيح إما أن نصبر أو نقتدي بقول أبي ذر «عجبت لمن لا يجد قوت عياله كيف لا يخرج للناس شاهرا سيفه».
• لا تنشغل بالناس وأنت تدخل بيتاً من بيوت الله، انشغل بالجبار المتكبر، كيف ترضيه، كيف تريه قلباً منكسراً يشتاق إلى ربه، ويرجو رحمته.
• بحب بلدي وتراب بلدي وأرفض حكم العسكر لأني عايزاها مرفوعة الراس.. عايزاها حرة.
• أبحث عن متنفس للوجع، أشهق منه الأمل وأزفر رياح اليأس دون ألم.. باتت الأوجاع صاخبة والأحلام ضائعة، والقلم عجز عن وصف الألم.. فصمت واكتفى.
• ﻻ ﺃﻧكر ﻳوﻣﺎً أﻧﻲ سئمت ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻻ ﺃﻧكر ﺿﻌﻔﻲ ﻣﻦ بعض الظروف، لكني ﺃﻋﺮﻑ أﻥ الحياة تتعثر، لكنها ﻻ تتوقف. اﻷمل ﻳﺨﺘﻔﻲ، ﻟكن ﻻ ﻳموت ﺃبدﺍً!!
• (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما). يبدو أن شريحة من الناس وجدوا ضالتهم في الانتحار هربا من الجحيم الذي يعيشونه، وسط التصفيق الحاد للظالم.
• في النهاية لازم نقاوم ونحقق اللي حلمنا بيه.. ونتحدى أي حد اغتصب أحلامنا ودمرها بطمعه ومصالحه الشخصية. حسبنا الله ونعم الوكيل.
• آآآآآآآآآآآه على أوطان تقام فيها صلاة الجنازة، أكثر مما تقام الصلوات المفروضة!
وهذه التغريدة قبل الأخيرة وكأنها كانت تعلم بالغيب:
• الحياة عبارة عن تذكرة سفر لا نعلم متى نهاية المحطة الأخيرة، وستكون في أي بلد وأي يوم وأي ساعة.
وهذه آخر تغريدة لريم، قبل أن تتركنا وترجع إلى ربها راضية مرضية.. ولاحظوا كلماتها المعبرة لنعرف كيف كانت حالة ومتاعب زهرة بريئة مثلها:
• فوق رأسي هموم وأوجاع يضيق بها المكان، وفي داخلي ذكريات محفورة لا يمحوها الزمان، فأنا عبارة عن مزيج لشتى أنواع العذاب وجدت بإنسان. الحمد لله.
(10)
آخر كلماتها أدمت قلوب كل من قرأها. ريم السماحي.. يا أختنا وابنتنا.. يا عروس السماء.. ستظلين عندنا نحن كل محبيك «ضحكتنا التي تشرق بالدموع ووجعنا الذي لن يطيب». إن العين لتدمع.. وإن القلب ليحزن.. وإنا على فراقك يا ريم لمحزونون.
• shrief.abdelghany@gmail.com
@shrief_ghany
بعد أن عاد من غرفة مكتبه بالبيت الأبيض، عقب انتهاء عمله، لاحظت السيدة «ميشال» أن زوجها سيادة الرئيس باراك أوباما، مهموم. خلع ربطة عنقه وألقاها على كرسي بجانبه، وهو ينظر في الأرض، وينفخ زفيرا في الهواء. اقتربت منه الزوجة، ونظرات عينيها تتساءل عن سر حالته. لم يجبها. ربتت على كتفه بحنان، ثم خرجت مسرعة وأحضرت له كوبا من الليمون لتهدئته. ارتشفه على مراحل. ارتاح قليلا. وبدأ الزوجان الكلام.
(1)
• ميشال: مالك «مستر بريزدنت».. إيه الهمّ والحزن ده كله.. كفا الله الشر.. إيه اللي حصل؟
- أوباما: معلهش ميشال.. سيبيني الساعة دي.. شوية مشاكل في الشغل.
• كده برضه؟! ده اللي اتفقنا عليه؟! مش قلنا إحنا مع بعض على الحلوة والمُرة.. إسرائيل بعد الشر جرى لها حاجة؟!
- يا ريت.. كان أهون من اللي أنا فيه!
• قواتنا يا أخويا اللي موجودة في كل حتة بالعالم حصل عليها هجوم من تنظيم القاعدة ولا «داعش»؟
- لا ميشال.. القوات بخير والحمد لله.. ما في حد يقدر يقرب منا.. الموضوع أكبر!
• أكبر؟!! قبضوا على الحكام اللي شغالين لحسابنا واعترفوا علينا؟!
- مين اللي هيقبض عليهم يعني؟!! هما شغالين كويس.. وكل يوم يمدونا بالتقارير كالمعتاد!
• ميشال وقد شعرت بقلق جدّي: أمّال إيه اللي حصل يا سي أوباما.. وقّعت قلبي؟
- اللي ما يتسمى ده مش ناوي يعديها على خير.. كل يوم تصعيد ضدنا.. من يوم ما مسك الحكم وهو حاططنا في دماغه.. شكله مش هيستريح إلا لما ييجي واشنطن ويعمل «انقلاب» ويشتت شملنا..
• معقولة.. تقصد اللي في بالي!!
- هو بعينه.. غُلبت معاه يا ميشال.. دماغه زي الحجر.. شكله هيقلب علينا المنطقة.
(2)
توترت ميشال، وذهبت سريعا إلى المطبخ وأعدت كوب ليمون آخر لزوجها، ولنفسها 15 كوبا، بعدما بلغ بها التوتر مداه، فقد شعرت أن الموقف جد خطير. انتهيا من العصير، ثم استأنفا الحوار.
• إيه اللي عمله معاك تاني يا أوباما.. قول ما تخفش.. أنا جنبك وسامعاك عشان نبحث عن حل مع بعض..
- عمله أسود ومهبب بعيد عنك.. مش مكفيه كل عمايله فينا.. أحبط مشروع سيطرتنا على الشرق الأوسط.. فضحني وكشف للعالم السر الخطير اللي فضلنا مخبيينه طول عمرنا وهو إني «إخواني».. أسر قائد الأسطول السادس بتاعنا ولم يفرج عنه إلا بعد ما رحت لغاية عنده في زيارة سرية وقعدت أتحايل عليه وأبوس إيده وراسه عشان يسامحنا.. كمان كشف أرقام الفلوس اللي بناخدها من الخليج بكل سهولة.. وفوق كل ده ومن ساعة ما ظهر على الساحة أميركا من شرقها لغربها بتخاف منه وبتنام من المغرب.. صحيح راجل قادر ومفتري..
• وإيه الجديد يا أوباما.. كل اللي بتقوله عارفاه واتعودنا عليه.. وحكاية النوم من المغرب قلنا للشعب ناخد الجانب الكويس فيها وهو إننا بنحافظ على صحتنا بعدم السهر.. عمل إيه تاني الله ينتقم منه؟
- انتي مش متابعة «الجزيرة»؟! ولا بلاش «الجزيرة» لحد يسمعنا يبلغه إننا بنشوفها يقوم ييجي بنفسه يولع في التلفزيون.. إنتي عارفة إنه يطيق العمى ولا يطيق سماع اسم الجزيرة.. اللي حصل يا ستي إنه استقبل «بوتن» ونزلوا غزل وهيام و»استلطاف» في بعض وعاملين حلف ضدي.. واتفقوا على التعاون النووي في «الفضاء الكوني»؟
• يعني إيه الفضاء الكوني يا سي أوباما؟!
- معرفش.. البيانات بعد اللقاء قالت كده.. واضح إنه اختراع روسي جديد..
• وإيه اللي يخوف في كده؟! روسيا إيه دي اللي تخوفنا.. إحنا ملوك الفضاء وما حدش يقدر ينافسنا ولا يقول لنا تلت التلاتة كام في الغلاف الجوي..
(3)
كلام ميشال هدأ روع أوباما قليلا، لكنه أكد لها أن مغزى ما حصل عند استقبال الرئيس الروسي أكبر مما يتخيله عقلها..
• سألته: إيه المغزى بقى.. فهمني يا أبو العُريف؟
- أجابها: هتعذريني في مخاوفي لما تعرفي إنه علّق صور «بوتن» الفقير العدمان على كل الكباري والأعمدة وجاب لكل صورة عسكري يحرسها.. أنا لو رحت عنده مش هيعلق لي ولا صورة.. ده لو وافق أصلا أنه يقابلني.. فاكرة لما حضر هنا في الأمم المتحدة كلمت طوب الأرض عشان يتوسطوا ويقنعوه يقابلني 5 دقائق.. والمشكلة إن إعلامه أقوى من الـ «سي إن إن» وكشف ضعفي أمامه وخلى سيرتي على كل لسان.. حتى الفنانة الكبيرة سما المصري، ودي زي ويتني هيوستن عندنا كده، عملت ضدي أغنية مشهورة وتلفظت فيها على المرحومة ماما.. أغنية «يا أوباما أبوك وأمك»..
• يا أخويا ولا تشغل بالك.. أغنية تفوت ولا حد يموت.. وبعدين برضه هو فيه مزايا.. ده ماشي كويس مع إسرائيل وأكد إنه هيحمي أمنها..
- لا ميشال.. الراجل ده غير كل الزعماء وعارف طريقه كويس.. وهيخلي بلده قد الدنيا.. شفتي الغارات الأخيرة اللي عملها.. خطيرة.. مرعبة.. بعت «النسور» وعفاريت الأسفلت وجابوا عاليها واطيها.. مش عارف أغلبه إزاي.. ومش عارف أصلا أحمي نفسي منه..
• عندك حق.. فعلا يخوّف.. ده حتى شعبيته جارفة والكل هناك بيغني ويرقص عشانه.. والنسوان بتموت فيه..
- عارفة فيه مطربة اسمها شادية غنت زمان «في إيديك قوة تهد جبال.. في إيديك قوة.. وعليك صبر وطولة بال.. وعينيك حلوة»، سألوها «تقصدي رشدي أباظة»، قالت «لا».. قالوا لها «عمر الشريف».. قالت: «ولا ده كمان.. أنا غنيتها لواحد تاني هيكتسح رشدي أباظة وعمر الشريف وأحمد رمزي وعمرو دياب في الوسامة وهيكون Dakkar».. عارفة معنى اسم الشهرة بتاعه ده؟!
• ميشال وقد احمر وجهها خجلا: ما تكسفنيش بأه يا سي أوباما.. هو الحقيقة شكله فعلا «جاذب للستات» وباين عليه زي ما قال عبدالفتاح القصري في فيلم ابن حميدو «راجل قاري وفاهم ومستوعب الأشياء»، وكمان عليه كرافتة ترد الروح..
- أوباما وقد شعر بضيق من كلامها: طيب اختشي.. عيب الكلام ده.. إحنا ناس متربيين.. مش زي «الأم المثالية» بتاعتهم..
(4)
فجأة رنّ موبايل أوباما. أخرجه من جيبه ليعرف مَن المتصل. نظر في الشاشة فوجد كلمة «رقم خاص». فتح الهاتف ورد.
ظل لمدة دقيقتين يتلعثم ولا ينطق سوى بعبارات «طيب إديني فرصة أشرح الموضوع لسعادتك».. «والله ما نقصد أي حاجة وحشة». ثم تقلصت كلماته إلى «حاضر يا فندم».. «كلمات جنابك أوامر».. «عُلم وينفذ».
انتهت المكالمة، وسقط الهاتف من يد أوباما الذي بدا في حالة ذهول وخوف وجسده يرتعش. صرخت ميشال: يا لهووووي.. فييييه إيييييه.. مين اللي كان بيكلمك؟
أجابها بصوت متحشرج: هو بنفسه.. أتاريه زارع أجهزة تنصت في غرفتنا.. سمع كل حاجة وهددني إني لو ما تركت الرئاسة وأميركا كلها خلال 24 ساعة هيعمل غارة علينا وهيوجه صاروخ من «الفضاء الكوني» ويدمر البيت الأبيض على اللي فيه، وهيجيب مكاني واحد اسمه «Tartur».
• ميشال مرعوبة: وإيه العمل دلوقتي؟
- أوباما مستسلما: خلاص ما بقاش لنا عيش في البلد دي.. بسرعة جهزي الشُّنط.. أنا هرجع عند أهلي في كينيا.. وانتي خدي البنات وروحي عند جدودك في موزمبيق!!
• shrief.abdelghany@gmail.com
@shrief_ghany
http://twitter.com/shrief_ghany
بعد نشر مقالي الجمعة الماضية 27 سبتمبر، وكان بعنوان «مرسي فرصة تاريخية خسرتها مصر!»، تلقيت العديد من التعليقات، كثير منها يؤيد مضمونه وبعضها يعترض عليه. وهذا أمر عادي. لكن ما لفت نظري أن أحد الليبراليين وصف المقال بـ «الخزعبلات». الوصف كان مفاجئا من صاحبه، وهو إنسان أحترمه وأقدره.
أظن أن كلامي كان واضحا، والفكرة قد استطعت عرضها بشكل منطقي. قارنت بين تجربتي محمد مصدق في إيران، ومحمد مرسي في مصر، وكيف أنه بعد انتصار الدولة العميقة على مصدق بما تملكه من جيش وآلة أمنية، تلافى الإيرانيون في ثورة 1979 عدم وجود قوة تحمي ثورتهم، فحلوا الأجهزة الأمنية والعسكرية وأنشأوا ميليشيا خاصة بهم هي الحرس الثوري لتحل محل الجيش، وأسسوا دولة فاشية دينية متشددة ردا على إجهاض تجربتهم الديمقراطية مع مصدق.
قلت نصا: (قناعتي الشخصية أن مصر خسرت محمد مرسي. بل أراه فرصة تاريخية لن تتكرر للتداول السلمي للسلطة. أثبتت الأحداث أنه ديمقراطي فعلا وقولا ورئيس لكل المصريين، ويكفي الدستور الذي صدر في عهده ومنح رئيس الوزراء سلطات واسعة ربما تساوي سلطات رئيس الدولة، والذي يمكن عزله من قبل البرلمان. كل من صدق أضاليل الفاجرين وفجر المضللين في الإعلام الذين تحدثوا عن الميليشيات الإخوانية المسلحة، يجب أن يخجل من نفسه، بعدما شاهد بأم عينيه اللي يندب فيهم رصاصة أن مقرات الإخوان تحرق وبيوتهم تنتهك، ويتم القبض عليهم دون وجود مسلح واحد يدافع عنهم).
أضفت: (الآن.. نحن أمام خيارين. إما أن يحكم العسكر البلد بشكل مباشر بالحديد والنار، وعندها لن يتركوا السلطة طواعية، أو يحكمون من وراء الستار على أن يدفعوا إلى الواجهة بـ «طراطير» يحركونهم كما شاءوا وكيفما أرادوا، وهؤلاء يملؤون المحروسة أكثر من الهم على القلب، ويعرضون حاليا خدماتهم، الليبرالي منهم والناصري واليساري واليميني و «الهلهلي». أما الخيار الآخر فقد نكون بالفعل في انتظار دولة دينية فاشية على النموذج الإيراني، يقودها حاكم متشدد تعلم جيدا من تجربة مرسي أن الحلم لا يستقيم مع مجتمع يتلذذ بالعبودية ويستمتع بحياة الفساد).
أزعم أن تلك السطور كافية لتوضيح الهدف النهائي من المقال: إن محمد مرسي، كان بالفعل فرصة تاريخية خسرتها مصر للتداول السلمي للسلطة، لإيمانه بالديمقراطية، على عكس الخيارين المتاحين بعده.
حاولت توضيح هذا المعنى، وذكرت أن مرسي الإسلامي أثبت أنه أكثر قبولا للآخر وانحيازا للدولة المدنية، ممن صدعونا بمبادئ الحرية ثم انحازوا لتكميم الأفواه والمذابح. لكن القارئ الكريم، راح يفتش في مقالات قديمة، يرى أنها تتناقض مع مواقفي وآرائي الحالية، منها مقال ذكرت فيه أن المصريين بنسبة أمية وصلت %40 غير قادرين على الاختيار الصحيح أمام صناديق الاقتراع، لكن القارئ فاته أنني شددت في المقال نفسه على أن هذا ليس مبررا لوأد التجربة الديمقراطية، وأن الديمقراطية ممارسة، وتزداد رسوخا بتكرار الانتخابات.
كنت أتمنى أن ينشر القارئ الكريم، مقالا لي بتاريخ 18 مايو 2012، عنوانه «حائر بين البرادعي الليبرالي والشاطر الإخواني!»، أشدت فيه بالدكتور البرادعي الليبرالي، والمهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وذكرت أنه لا يوجد تناقض إطلاقا لأني أحكم على المواقف لا الأفكار التي هي في النهاية اجتهاد بشري قابل للصواب والخطأ. قلت إنني في انتخابات مجلس الشعب 2005، أعطيت صوتي لاثنين.. محام «إخواني» وطبيب يساري متشدد، وأنني لم أر أي ازدواجية ولا تناقض أن أجمع بين الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا.
وأوضحت أنني نجوت من طوفان تأثير الإعلام الموجه الذي ربانا عليه نظام مبارك، فلم يحسن تربيتنا، وكيف أن هذا الإعلام نجح بشكل كبير في إسقاط 3 أجيال مصرية أسرى لـ «الصورة الواحدة»، وأن يكون قبولهم لأي فصيل سياسي بـ «الجملة». فإما أن يكون كله حسناً ويستحق أن نرفعه عالياً، أو كله رديئاً ويستحق أن نرفعه عالياً ثم نلقي به إلى القمامة!
وأشرت إلى أن الإعلام الساقط والتعليم الفاشل لم يعودونا على إعمال العقل، والنظر للأمور بشكل ناقد، وللسياسيين -بمختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم- على أنهم بشر فيهم سلبيات، لكنهم لا يخلون من الإيجابيات.
أشدت بالدكتور البرادعي عندما حرك المياه الراكدة أواخر أيام مبارك، ثم بعد أن انفتح على كل التيارات. ذكرت عنه أيامها: هل الليبرالية تعني معاداة كل صاحب توجه إسلامي. الدكتور محمد البرادعي «ملهم الثورة المصرية» أعطى النموذج لليبرالي الحقيقي المؤمن بحق الآخر في التواجد على الساحة. انفتح على كل التيارات بما فيها التيارات الإسلامية بمختلف توجهاتها، وأكد حقهم في التعبير عن آرائهم، ولم يرفض -مثل فرق النواح والولولة- حقهم المشروع في تولي الحكم عبر صناديق الانتخابات.
أما عندما صمت البرادعي على أفعال «البلطجة» أيام مرسي، بل وأعطى غطاء سياسيا لها، فكان طبيعيا أن أهاجمه، وأقول إنه «خيب آمالنا فيه»، وبعد ظهوره لحظة إعلان الانقلاب على الشرعية، ثم قبوله منصب نائب الرئيس، فقد فتحت عليه ما أستطيعه من نيران الكلمات. لهذا من الطبيعي جدا أن أقول الآن إن التاريخ أنقذه من «المزبلة» بأن استفاق ورفض فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة والإبادة، ليتهمه الغوغاء في الإعلام الفاجر بالخيانة وليعطوا الضوء الأخضر لأحد السفهاء برفع قضية عليه بهذا المعنى. سيسجل له التاريخ أنه استقال حتى لا يلحق به هذا العار الأبدي، كما سيدون في سجلاته أنه لم يصمت على «الخطة الفاشية الممنهجة» في مصر ضد القيم الإنسانية من جانب من وصفها بـ «مصادر سيادية»، فكان الرد الفوري شطبه من جداول نقابة المحامين من قبل نفس الأشخاص الذين سبق وهللوا لانضمامه للنقابة أيام مرسي.
أشكر القارئ الكريم الذي انتقد «خزعبلاتي»، والذي كان سببا أن أقول للبرادعي في هذه اللحظة: لقد عدت إلى قلبك.. عدت إلى مصر الحقيقية الرافضة للديكتاتورية والتي لن تكف عن الحلم بالحرية!
• shrief.abdelghany@gmail.com
@shrief_ghany
محمد أحمد
سارة علي
يوسف محمود
ليلى حسن
مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →