عاشت البنوك خلال فترة ما بعد الثورة حالة من الحيرة في تعاملها مع كبار عملائها من المحسوبين على النظام السابق خاصة مع قرارات ملاحقتهم قضائياً من جهاز الكسب غير المشروع، إلا أن رفع الغطاء السياسي والذي كان يحمي بعض المستثمرين المرتبطين منهم بالنظام السابق من التحرك القضائي ضدهم أعاد البنوك لسياسة الأيدي المرتعشة في التعامل معهم بل ودفع البنوك للتحرك لملاحقة المدينين منهم والمتعثرين قضائياً.
وكانت بعض البنوك ظلت لفترة طويله في شهور عسل متواصله مع كبار متعثريها من رجال الأعمال الذين حصلوا علي قروض بمليارات الجنيهات دون ضمانات كافيه, حيث فر بعضهم إلي الخارج وامتنع الآخرون عن السداد, إلا أن الثورة جاءت وبالاً على هؤلاء حيث كشرت البنوك عن أنيابها لاسترداد أموالها.
وكانت البنوك العامة طالبت حديد عز- الدخيلة بضرورة سداد 3 مليارات جنيه؛ بعد طلب الشركة ضرورة سداد المديونيات المستحقة عليها، وهو ما قُوبل بالرفض من قبل، وكانت البنوك قد بدأت في المطالبة بالسداد منذ اندلاع الثورة واتهام أحمد عز، رئيس مجلس الإدارة، بإهدار المال العام وصدور حكم عليه بالسجن 10 سنوات؛ وذلك بعد توقف الشركة عن سداد مستحقات البنوك.
ضغوط
وكانت شركة عز قد توقفت عن السداد منذ صدور أحكام قضائية ضده ضمن قائمة رجال أعمال المتهمين بالكسب غير المشروع، ما نتج عنه التحفظ على أمواله وعدم قدرته على سداد مديونيات البنوك، وهو ما جعل البنوك تطالب بالسداد للمديونيات التي تم الحصول عليها منذ أكثر من 5 سنوات، غير أن مجلس الإدارة أكد أن سداد المديونية صعب في ظل الظروف الحالية التي تمر بها المجموعة.
الأمر لم يتقصر على عز فحسب وإنما كان لأحمد بهجت نصيب من ذلك خاصة وأن البعض يحسبه علي النظام السابق الصراع اشتعل أيضاً بين رجل الأعمال أحمد بهجت، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات "دريم لاند"، مع البنوك فى القضية الخاصة بتسوية مديونياته المستحقة لبنكى "الأهلى" و"مصر" بقيمة 3.2 مليار جنيه.. حيث هدد بهجت أنه سيلجأ إلى الطعن بالنقض.
وتمارس البنوك الدائنة خلال الوقت الحالي ضغوطا على المتعثرين للحصول على أموالها وعلى رأسها بنوك الأهلي وبنك مصر والمصرف المتحد والبنك العقاري المصري العربي وبنك قناة السويس وبنك التنمية الصناعية والعمال المصري.
الأيدي المرتعشة
من جانبه يري هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي ورئيس شركة الاستشارات المالية والمصرفية أن البنوك بعد الثورة اهتمت بشكل كبير باتباع أصول الائتمان المصرفي خاصةً وأن حالات الفساد التي تم الكشف عنها عقب الثورة طالت سياسيين ورجال أعمال معروفين وهو ما سيجعل البنوك تعود إلى سياسة الأيدي المرتعشة في منح الائتمان خاصة لمثل هذه الشخصيات الشهيرة.
وأضاف أبو الفتوح أن ظاهرة ارتباط السلطة بالمال لن تختفي تماماً خلال الفترة القادمة ولكنها ستقل تدريجيا نظراً للعواقب التي يخشي متخذو القرار أن تطالهم في ظل المحاكمات والمكاشفات والمصارحات التي باتت تنتظر أي مسئول.
ولفت إلى أنه لايتصور أن البنوك العامة أو الخاصة سوف تكون مضطره لكي تجامل رجال الأعمال المرتبطين بالسياسة في هذه الفترة دون اتباع المعريف المصرفية خشية أن يقع القائمين على هذه البنوك تحت طائلة المحاسبة التي أصبحت لاتفرق بين مسئول صغير أو كبير .
وأشار إلى أن ظاهرة الائتمان السياسي برزت في التسعينات بشكل كبير فكان العميل يحصل على تسهيل ائتماني كبير بمجرد أن يكون له علاقة بأحد رجال الحزب الوطني ، ولكن هذه الظاهرة بدأت تتلاشي تدريجياً بعد بدء برنامج الإصلاح المصرفي .
رفع الغطاء السياسي
وأضاف أبو الفتوح أنه لايتوقع أن تكون البنوك خلال الفترة الحالية تسعي إلى التسوية وفي نفس الوقت تقع في تعثر لآخر بمنح قروض جديدة لمن تم رفع الغطاء السياسي عنهم وأصبحت أوضاعهم مهدده بعدم الاستقرار ، كما أن المخالفات التي رصدها الجهاز المركزي للمحاسبات للبنوك في الفترة السابقة والحالية والتي كان يتم رفعها للبرلمان وللرئاسة ولايتم تصعيدها وتدخل الأدراج سوف تكون ؤثرة خلال المرحلة المقبلة وهو ما سيجعل الجميع سواء البنك أو العميل حذراً في معاملاته.
المشروعات لا الأشخاص
في المقابل يري حسام راجح مدير إدارة المخاطر بأحد البنوك الأجنبية أنه رغم ارتفاع نسبة المخاطرة بالنسبة لكبار العملاء من رجال الأعمال ممن يحسبون على النظام السابق إلا أن ذلك لايمنع التعامل مع في ظل رفع الغطاء السياسي عنهم وملاحقتهم قضائياً حالياً لأن البنك في النهاية يتعامل مع الشركات وليس مع الأشخاص بعينهم.
وأضاف راجح أن البنك لو أمامه شركة مساهمة مصرية تتقدم للحصول على تمويل لإنشاء مشروع حيث ويساهم في هذه الشركة أحد هذه الأسماء المرفوع عنها الغطاء السياسي أو المتحفظ على أموالها ولكنه يساهم بنسبة 10% على سبيل المثال ففهذه الحالة لاتثمل هذه النسبة أية أضرار أو مخاطرة بالنسبة للبنك ما دام هناك دراسة ائتمانية كافية عن الشركة ونسبة المخاطرة يتم احتسابها بناء على النشاط والتدفقات النقدية.
وأشار إلى أن الائتمان السياسي بشكل عام لم يكن ظاهرة بالمعني الحقيقي لأنه لم يصل إلى كل البنوك بل إنه طال بنك أو اثنين فقط ورغم ذلك فإن الائتمان السياسي كان سببا رئيسيا في إصابة البنوك بسياسة الأيدي المرتعشة والقلق في منح الائتمان.
وأكد أن القواعد السليمة للائتمان أن يقوم في الأساس على المشروع ذاته ومدي قدرة المشروع علي السداد وليس على أشخاص بعينهم .
ولفت إلى أنه ومنذ 2002 وبالتحديد منذ بدء تطبيق بازل وبدء الإصلاح المصرفي وحرص البنك المركزي على هذه السياسة وزيادة الرقابة على البنوك وتم إغلاق المحابس على مثل هذه التمويلات ولم يعد لها وجود.
المصدر:
التغيير - محمد سيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى