آخر المواضيع

آخر الأخبار

04‏/04‏/2015

بالتفاصيل : الاتفاق حول الملف النووي الإيراني: تم التوقيع!

 

تمّ التوقيع! مرّ الأصعب وبقي الأطول؛ فبعد واحدة من أطول الماراثوانات في التاريخ الدبلوماسي، توّصلت الجمهورية الإسلامية في إيران بالإضافة إلى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا إلى اتّفاق سياسي يسمح بمراقبة البرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات الّتي تعرقل الاقتصاد الإيراني منذ 2006. ويتجاوز هذا الاتّفاق قضية النووي؛ لأنّه يحرّر إيران وسكّانها الـ 78 مليونًا الّذين بإمكانهم الآن مواجهة مملكات النفط في جميع المجالات ليس قط على ساحات الصراعات والمعارك الخارجية.

وفتحت بوّابة إيران أخيرًا وسيتجمّع الكثيرون عندها، ولكن هناك حاجة إلى الوقت بلا شكّ لتعود الثقة؛ لأنّ المعارضين كثر من الجانبين؛ إذ رسم طريق عودة إيران ولكنّه سيكون على الأرجح طويلًا.

تخلّت إيران إذن عن إنتاج السلاح النووي بطريقة واضحة وحقيقية ودائمة. وقد تمّ التفاوض على هذه النتيجة يوم 21 أكتوبر 2003 من قبل فرنسا وألمانيا والمملكة المتّحدة، وقد فشل هذا الاتّفاق آنذاك؛ لأنّ الولايات المتّحدة لم ترغب فيه وهدفت إلى الإطاحة بالجمهورية الإسلامية، عضو “محور الشر”.

وفي إيران، كان معارضو هذا الانفتاح الدولي الّذي أراده الرئيس الإصلاحي محمّد خاتمي أيضًا نشطاءً للغاية. وبعد 12 عامًا بدت سياسات باراك أوباما وحسن روحاني المدعوم من المرشد الأعلى علي خامنئي متوافقة، ولكن ضاع الوقت ونقصت الكفاءة.

وفي عام 2003، لم تكن إيران تملك إلاّ بضع عشرات من أجهزة الطرد المركزي البدائية وصناعة نووية مبتدئة، مقابل 20 ألفًا اليوم، ومهارات تكنولوجية عالية المستوى. وأكملت الجمهورية الإسلامية بطريقة جيّدة السياسة النووية الوطنية الّتي أطلقت في عام 1974 من قبل رضا شاه. وشرف إيران في مأمن؛ لأنّ “حقّها في تطوير الصناعة النووية السلمية” معترف به بحكم الأمر الواقع بموجب معاهدة عدم انشار الأسلحة النووية الّتي وقّعتها إيران في عام 1968.

وسيسمح الحقّ المؤطر بموجب اتّفاق لوزان -الّذي سيتحدّد في نهاية يونيو المقبل- لطهران بمواصلة برنامجها النووي المدني، ويقطع الطريق أمام انتشار السلاح النووي في المنطقة؛ على الرغم من أنّ المملكة العربية السعودية أعلنت عن رغبتها في تطوير الصناعة النووية (وهذا ما من شأنه أن يستغرق سنوات عديدة بلا شكّ). وتغيّرت الأولويات الإقليمية وتبدو مشاركة القوى العظمى -الّتي أتت بنتائج عكسية ولكنها واقعية في نهاية المطاف- في المغامرة النووية الإيرانية رادعة.

وباكستان -التي موّلت المملكة العربية السعودية على الأرجح قنبلتها النووية- لم تعد في وضع يمكنّها من المساعدة في مثل هذا الطموح، ومن مصلحة “إسرائيل” أن تبقى حذرة في هذا المجال. وبالتالي تمّ اتّخاذ خطوة حاسمة لمواجهة الانتشار النووي في الشرق الأوسط على الرغم من وجود قوّة نووية ناشئة جديدة.

مرّ زمن “الدولة المارقة” و”الشيطان الأكبر”

كان رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الأمم المتّحدة منذ عام 2006 والولايات المتّحدة والاتّحاد الأوروبي نقطة مركزية في المفاوضات بالنسبة لإيران؛ إذ فرضت على البلاد في الواقع عقوبات اقتصادية شديدة جدًّا خاصّة في مجال النفط منذ قطع العلاقات السياسية مع الولايات المتّحدة في عام 1979 في أعقاب احتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين، وسعت واشنطن إلى التسبّب في أزمات داخلية بأمل الإطاحة بالجمهورية الإسلامية، ولا يزال هذا الهدف قائمًا داخل الكونغرس؛ حيث أعلن 47 من أعضائه عن أنّهم لن يحترمون التزامات بلادهم إذا عادوا إلى السلطة، والفكرة نفسها تسود في “إسرائيل” وحتّى في أوروبا وخاصة في فرنسا.

لم يتوقّف هذا العداء تجاه الجمهورية الإسلامية أبدًا عن تغذية الفصائل الراديكالية الإيرانية الّتي تعتبر حتّى بعد الحرب العراقية الإيرانية أنّ الهوية الأولى للجمهورية الإسلامية تكمن في المعاداة الدائمة لـ “الغرب”، وقد جرّم هذا الرفض المتبادل والمفروض والمرغوب فيه من قبل “الدولة المارقة” و”الشيطان الأكبر” كثيرًا إيران الّتي عاشت -أو نجت بنفسها- لمدّة 36 عامًا خارج العولمة الاقتصادية.

كان هذا النفي مفيدًا لتركيا وخاصة إلى المملكة العربية السعودية وممالك النفط؛ إذ أصبحت دبي “العاصمة” الاقتصادية لإيران أيّ إنّ طهران دفعت الثمن باهظًا جدًّا مقابل “نصرها” النووي وقدرتها الجديدة على “المقاومة الاقتصادية” والتنمية بالاعتماد على الذات لتبعد نفسها عن العولمة الاقتصادية في العقود الأخيرة. ولا تخفي الديناميكية الاستثنائية للمجتمع الفجوة بين الـ 78 مليون إيراني الّذين لم تعرف أغلبيتهم غير الجمهورية الإسلامية والعولمة الاقتصادية والثقافية. واستخدام الإنترنت لا يلغي هذه الفجوة؛ بل يجعلها أكثر وضوحًا.

نحو إعادة التوازن الاقتصادي الإقليمي

الآن بعد أن فتح باب إيران، سنشهد إعادة التوازن للأنشطة الاقتصادية بين الضفتين الشمالية والجنوبية للخليج العربي؛ فالجميع يتوقّع طفرة في تحسين الأوضاع الاجتماعية والثقافية بدعم من الطبقة الوسطى الإيرانية الواسعة والمدرّبة تدريبًا جيّدًا والمحفّزة. كما كثّفت المؤسسات الدولية مؤتمراتها ومقارباتها واتصالاتها للتحضير لعودتها إلى البلد الّذي تعدّ قدرته كمستهلك وأيضًا كمنتج غير مسبوقة بالنظر إلى فردوس المملكات النفطية.

وعمومًا، يبدو هذا التحليل محقًّا؛ لأنّ إيران تحتاج للتكنولوجيا والاستثمار على نطاق واسع، ولكن هذا لا يعني أنّ الأمر سيكون سهلًا أمام المؤسسات الغربية؛ لأنّ إيران معتادة على العمل مع شركات الدول الناشئة الّتي تضاهي كفاءاتها كفاءات الدول الأوروبي، فالصين وكوريا والهند والبرازيل وماليزيا وبالطبع تركيا لن يتخلّوا بسهولة عن حصصهم في السوق الّتي اكتسبوها في السنوات الصعبة. ولن تختفي دبي باعتبارها مركزًا ماليًا وتجاريًا.

أمّا المشكلة الأكثر صعوبة، فتكمن بالتأكيد في تدنّي الخبرة الدولية وإدارة الطاقم السياسي والإداري والشركات العمومية والمؤسسات الّتي أدارت البلاد لأكثر من ثلاثة عقود، والنخب الجديدة في الحياة السياسية أو الإدارية أو الثقافية أو الاقتصادية في البلاد المنبثقة عن الثورة وعن الحرب راسخة بقوّة ويجب إعادة بناء البلاد، وهذا سيكون على الأقل بطول وصعوبة المفاوضات حول الملفّ النووي، ومن الواضح أن إيران تتمتّع بقدرة استثنائية على جميع الأصعدة للاستجابة سريعًا إلى التحدّيات والفرص الّتي يخلقها الاتّفاق حول الملفّ النووي وعملية التطبيع السياسي الجارية، ولكن التفاؤل لا يستبعد الواقعية.

حارسان للخليج

تمّ في البداية التفاوض على الاتّفاق النووي بين إيران والولايات المتّحدة، ولكن هذا التطبيع الدبلوماسي الجاري لا يعني أنّ البلدين سيحظيان بعلاقات ثقة على المدى القصير؛ إذ إنّ الراديكاليين من الجانبين لا يقبلان به، وأيّ خلل سيؤدي إلى وقف تنفيذ الاتّفاق على النووي الّذي سيستغرق تطبيقه عدّة سنوات.

ويبدو أنّ تلاقي المصالح والعودة إلى مبدأ الواقع سائدان خصوصًا وأنّ البلدين يسيران للمرّة الأولى على الخطّ نفسه؛ إذ إنّ “الاعتدال” العزيز على روحاني يسير في الاتجاه نفسه مع الإرادة الأمريكية في العثور على شركاء إقليميين جديد قادرين على الحفاظ على الاستقرار النسبي، باعتبار أنّ الحلفاء التقليديين في ممالك النفط غير قادرين على السيطرة على أنصارهم الّذين انحرفوا نحو الجهادية الإرهابية.

هل نسير نحو إمالة في التحالفات؟ بالتأكيد لا، ولكن خوف ممالك النفط -و”إسرائيل”- مفهوم بعد ثلاثة عقود من العصر الذهبي جراء تهميش إيران. والآن أصبح هناك حارسان في الخليج بدلًا من حارس واحد كما في أيّام شاه إيران، وسيكمن التحدي في خلق تعايش سلمي على الأقل بينهم إذا لم تكن الثقة ممكنة. وهذا يتطلّب دبلوماسية وشجاعة من قبل الدول الغربية الّتي عليها أنّ تعطي الممالك ضمانات أمنية لتقبل بأن تجد إيران مكانتها ولا شيء غير مكانتها.

إنّ مكوّنات التنافس بين إيران والمملكة العربية السعودية عديدة والعوامل الدينية أو العرقية مهمّة، ولكن يجب إدخالها ضمن معارضة قوية وشاملة بين النظامين السياسيين والاجتماعيين: الجمهورية مقابل المملكة والنظام الاستبدادي مقابل الإخوان المسلمين وغيرها.

ويمكن أن يعيد الاتّفاق على الملفّ النووي وتطبيع العلاقات مع إيران التوازن للعلاقات السياسية والمساهمة في إنهاء الصراعات الدامية الّتي يتواجه فيهما الزعيمان الإقليميان في ساحات المعارك في سوريا والعراق وفلسطين ولبنان في اليمن منذ وقت قصير. وفي فلسطين، يؤمل في أنّ تلقي قضية النووي الإيراني بظلالها على نهاية الاستيطان والبحث عن حل سياسي.

ولكن، تحتاج الصدمة السياسية والثقافية لعودة إيران وقتًا طويلًا لتترجم إلى مصطلحات سلمية لا بردّ فعل عسكري، مثلما هو الحال في اليمن مع العملية السعودية ضدّ “الدعم الإيراني” للحوثيين.

المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى