آخر المواضيع

‏إظهار الرسائل ذات التسميات فهمى هويدى. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات فهمى هويدى. إظهار كافة الرسائل

14‏/01‏/2017

20‏/07‏/2016

يوليو 20, 2016

نص المقال المحذوف لفهمي هويدي من الشروق: أبو الغيط إذا تكلم


لم يفاجئنا السيد أحمد أبو الغيط حين وصف الربيع العربي باعتباره «مؤامرة»، ولم ير فيه إلا ما حل ببعض الأقطار من خراب وفوضى.

ذلك أن مسؤولا بمواصفاته وتاريخه لا يستغرب منه مثل ذلك الكلام. إذ من المفهوم أن يرى وزير خارجية مبارك لمدة سبع سنوات أن ثورة ٢٥ يناير جزءا من مؤامرة.

وحين يكون الرجل صديقا للإسرائيليين ومعاديا للفلسطينيين وفخورا بإفشاله دعوة انعقاد القمة العربية لوقف العدوان الوحشي الإسرائيلي على غزة فإن خصومته للربيع العربي تصبح مبررة.

لكن المشكلة أن يصدر هذا الكلام عن الأمين العام لجامعة الدول العربية. وهي صفة كانت تفرض عليه أن يكون أكثر حذرا واحتشاما في الحديث عن رياح التغيير التي هبت على العالم العربي في عام 2011 معبرة عن شوق العرب إلى الحرية والعدل.

صحيح أن الجامعة العربية تمثل الأنظمة وليس الشعوب العربية، وهي الآن في أضعف وأتعس حالاتها، وأن الرجل يجسد تلك الحالة، الأمر الذي يجعله الرجل المناسب في الظرف المناسب، إلا أن ثمة حدودا للوهن والسقوط.

ولو تمتع الرجل ببعض الكياسة وحسن التقدير لاستخدم لباقة الدبلوماسيين التي يفترض أنه تعلمها في التعبير عن رأيه.

إذ ليس مطلوبا منه أن يمتدح الربيع العربي وربما قبل منه أن ينتقد تداعياته أو يحذر من تفاقمها. لكن انحيازه الصريح إلى الثورة المضادة وتعبيره الجارح عن إدانة انتفاضة الشعوب العربية لا يهين المشاعر العربية فحسب، ولكنه يهين المنصب الذي يشغله باعتباره أمينا للجامعة.

حتى إذا كان الرجل مناسبا لمرحلة الانكسار وانهيار النظام العربي، وأصبح رمزا للسقوط الذي صرنا إليه، فليس مفهوما أن يبالغ في ذلك وأن يصل به إلى القاع بحيث يخاطبنا من منتهاه.

ولئن عمت البلوى وصار السقوط واقعا يتعين علينا أن نعترف به ونتعامل معه حتى إشعار آخر، فما تمنينا أن يكون خطابه من قاع السقوط، وما توقعنا أن يعبر أمين الجامعة العربية عن ذلك الخطاب حفاظا على ما تبقى من رمزية الجامعة واحتراما لمنصب الأمين العام.

أدرى أن الأوصاف التي أطلقها السيد أبو الغيط في حواره الذي بثته قناة «سى. بى. سى» مساء الأحد الماضي17 /7 استخدمها آخرون من قبل، حيث لم يكن أول من وصف الربيع العربي بأنه «مؤامرة»، إلا أن ذلك الوصف جاء على ألسنة خصوم وموتورين وآخرين من المنافقين والمهرجين وغير ذوي الصفة.

وما تمنينا أن يجور علينا الزمان ويتردى بنا الحال بحيث يصطف أمين الجامعة العربية إلى جانب هؤلاء.

أكرر أنني لا أحسن الظن بالرجل وليس لدي دفاع عنه، لكنني انطلق من الغيرة على المنصب وأتعلق بشعرة تبقى على شيء من الكرامة للجامعة العربية.

إذا أردنا أن نوسع دائرة المصارحة فإننا لا ينبغي أن نكتفي باستهجان ما صدر عن السيد أبو الغيط، لأن زملاءه الذين عملوا معه ويحفظونه جيدا يقولون إنه ما كان له أن يتحدث بتلك الجرأة إلا إذا كان مطمئنا إلى أن هناك من يسانده ويدعمه.

ولأنني سمعت ذلك الرأي من أكثر من واحد، فالسؤال الذي تثيره الملاحظة هو: ما هي الجهات التي عبر السيد أبو الغيط عن رأيها فيما جهر به؟

الإجابة سهلة ولا تكلف الباحث أكثر من متابعة بعض التصريحات الرسمية والاتصالات لبعض الأصوات التي تتردد في المنابر الإعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة.

وهي ذات الأصوات التي تتحرك ضمن معسكر الثورة المضادة، الذي ظننا أنه مخاصم فقط للحلم العربي، لكن اكتشفنا بمضي الوقت ما هو أنكى وأمر، إذ تبين لنا أنه متصالح أيضا مع إسرائيل!

يغنينا عن التفصيل في الإجابة عن السؤال عما إذا كان الربيع العربي مؤامرة أم لا، أن نتعرف على السائل بهويته وخلفياته.

إذ حين تسقط ثورة 25 يناير نظام مبارك، فمن الطبيعي أن يعتبر وزراؤه أن ما حدث كان مؤامرة ــ بالمناسبة فقد كان مدهشا في حوار السيد أبو الغيط إشارته إلى أن النظام المصري كان ينبغي أن يتغير لأن مبارك حينذاك كان قد بلغ عامه الثالث بعد الثمانين ــ من ثَمَّ فإنه لم يذكر في حقه سوى أنه كبر في السن.

أما جرائمه طوال ثلاثين عاما، التي تمثلت في الفساد والاستبداد وتزوير الانتخابات ونهب ثروات البلد التي أدانه فيها القضاء، ذلك كله سقط من ذاكرة «الأمين» الهمام، ولم ير فيه ما يشين الرجل ونظامه.

حين يكتب التاريخ بنزاهة يوما ما سيعرف الناس ما يهمس به البعض ولا يجرؤ على إعلانه لأسباب مفهومة، من أن التآمر الحقيقي قامت به أطراف محلية وإقليمية.

وهو ما يسوغ لنا أن نقول بأن الربيع العربي كان ضحية للتآمر ولم يكن سببا فيه. أما مظاهر الخراب والفوضى فلها أسباب أخرى على رأسها الاستبداد ومخلفاته، والربيع العربي بريء منها، بل لعله كان العلاج الحقيقي لها.

05‏/03‏/2016

مارس 05, 2016

فهمى هويدى : هذا هو السبب الحقيقى لإسقاط عضوية "عكاشة"

 هذا هو السبب الحقيقى لإسقاط عضوية "عكاشة"


يرى الكاتب الصحفي المتخصص في الشئون العربية، فهمي هويدي، أن السبب الحقيقي لإسقاط عضوية النائب البرلماني توفيق عكاشة، هو إهانته للرئيس عبدالفتاح السيسي، مؤكدًا أن الشىء المحدد فيها أنه في لقائه مع السفير الإسرائيلى أساء إلى مقام الرئاسة وإلى شخص الرئيس.

وكان نص مقال "هويدي"،بصحيفة "الشروق":

هذه شائعة من الوزن الثقيل أطلقها من لا يصدقها فى مصر، وصدقها واحتفى بها من سمع بخبرها فى العالم العربى، الإعلام المصرى كان من أطلق الشائعة وروج لها، وهو ما عبرت عنه بعض الصحف الصادرة صباح يوم الخميس الماضى ٢/٣، فذكرت جريدة «الشروق» فى عناوينها «البرلمان يسقط نائب التطبيع، التطبيع مع إسرائيل أطاح بالنائب خارج البرلمان»، وكان عنوان جريدة «الوطن» التطبيع يسقط عضوية عكاشة، وتحدثت «اليوم السابع» عن الرجل بوصفه نائب التطبيع. وذكرت «الحياة» اللندنية، فى أحد عناوينها «لقاء السفير الإسرائيلى يطيح عكاشة من البرلمان»، وقالت وكالة الصحافة الفلسطينية إن الرجل أسقطت عضويته «على خلفية استقباله للسفير الإسرائيلى».

ما لاحظته فى الصحف المصرية التى صدرت صبيحة ذلك اليوم أن الربط بين إسقاط عضوية النائب وبين لقائه مع السفير الإسرائيلى لم تشر إليه الصحف القومية الثلاث «الأهرام والأخبار والجمهورية». أغلب الظن لأن تلك الصحف التى يفترض أنها أقرب إلى سياسة الدولة المصرية تعرف «البئر وغطاها»، كما يقال. ذلك أنها مملوكة لدولة يرتبط نظامها بمعاهدة مع إسرائيل فتحت باب التطبيع معها، كما أن السفير الذى التقى النائب فى بيته يعقد لقاءات مع المسئولين وغير المسئولين فى مصر دون حرج. وغاية ما ركزت عليه الصحف القومية الثلاث أن النائب أسقطت عضويته لأنه «أخل بمقتضيات الأمن القومى المصرى»، وكانت جريدة «الجمهورية» أكثر وضوحا حين أبرزت على صفحتها الأولى عنوانا اقتبسته من كلام رئيس مجلس النواب أثناء جلسة إسقاط العضوية وذكر فيه أنه لا علاقة بفصل النائب بمقابلته للسفير الإسرائيلى، وهو التعليق الذى نشرته مختلف الصحف فى تقاريرها وإن لم تبرزه فى العناوين.

تسوغ لنا تلك الخلفية أن تقرر أن التطبيع لم يكن السبب الحقيقى لفصل النائب، وأن لقاءه بالسفير الإسرائيلى هو الذى أطاح به. شائعة وذريعة جرى اختلاقهما ولا ظل لهما من الحقيقة. من ثم فإن تعليق رئيس البرلمان كان صحيحا ودقيقا، حين نفى الربط بين لقاء السفير الإسرائيلى مع النائب، وفصل الأخير من المجلس ، كما أن السفير المذكور لم يفوت الفرصة، لأنه أصدر شريطا مصورا دافع فيه عن النائب وقال إنه التقى أخيرا عددا من الصحفيين المصريين فى «لقاءات ناجحة» كما عبر عن تفهمه «لحال الجدل التى أثارها» اجتماعه مع النائب.

إذا لم يكن اللقاء مع السفير الإسرائيلى هو ما أدى إلى فصل صاحبنا، فما هو السبب الحقيقى وراء ذلك الإجراء الذى تم بسرعة مثيرة للانتباه؟، يساعدنا التلخيص الذى نشرته جريدة الأهرام يوم الخميس لوقائع الجلسة التى وصفتها بأنها «تاريخية» على أن نقترب من الإجابة، ذلك أن الجريدة نسبت فى عناوينها إلى النواب قولهم عن الرجل إنه: خان الوطن وأساء للشعب والبرلمان وتعدى على السلطة التنفيذية وأهان رئيس الدولة وعرض الأمن القومى للخطر، وهى اتهامات كبيرة تكفى لإعدام الرجل وليس لإسقاط العضوية عنه فقط، علما بأنها لم تتضمن أية إشارة إلى التطبيع ولقائه مع السفير الإسرائيلى.

فى التقرير المنشور خلاصة لأقوال بعض النواب، كان من بينهم مصطفى بكرى، الذى قال إن الرجل خان الوطن وإنه عميل رسمى ضرب الأمن القومى فى مقتل. وأضاف أن لقاءه مع السفير الإسرائيلى ليس وحده القضية، ولكن ما قاله أثناء اللقاء أساء إلى رئيس الجمهورية. وطالب الجهات الأمنية التى سجلت اللقاء بالكشف عما ورد بتلك التسجيلات، نواب آخرون رددوا الأفكار ذاتها، وحسب الأهرام فإن النائب محمد كمال مرعى قال فى تنديده بموقف الرجل إنه أساء إلى رموز الدولة وقياداتها وإنه أطلق لشيطانه العنان غير مراعٍ لمصلحة الشعب. نائب آخر هو جمال عبدالعال قال إن صاحبنا هاجم قيادات مصر وتاريخها وما فعله جريمة...إلخ.

يصعب الاقتناع بالاتهامات الكبيرة التى نسبت إلى الرجل فضلا عن أنها أطلقت فى سياق عبارات عامة وفضفاضة. لكن الشىء المحدد فيها أنه فى لقائه مع السفير الإسرائيلى أساء إلى مقام الرئاسة وإلى شخص الرئيس. وهو أمر جدير بالاستهجان لا ريب. ولذلك استحق الحساب والعقاب بإجراء سريع وحاسم. ولإخراج المسألة فقد كان النفخ فى مسألة التطبيع هى الصيغة الأنسب لتمريرها. آية ذلك أن جريدة الأهرام ذكرت أن قرار الفصل اتخذ «فى تجاوب سريع ومفاجئ مع الشارع المصرى.

فى إشارة ضمنية إلى مشاعرالمصريين الرافضة للتطبيع سيئ السمعة فى أوساطهم.

إذا صح ذلك التحليل فإنه يسلط الضوء على مسألتين؛ الأولى أن الرجل الذى كان طول الوقت بوقا للدولة العميقة لم يمارس أى بطولة أو شجاعة، لكنه لم يفهم حدود الدور وخرج بنزقه على النص فلقى جزاءه على الفور. الثانية أن المشهد الذى وظفت فيه المشاعر الرافضة للتطبيع كذريعة لفصل النائب كان بمثابة أول استفتاء عملى على موقف المصريين من معاهدة السلام. وذلك يتم لأول مرة منذ توقيع المعاهدة فى عام ١٩٧٩. وتلك هى الفضيلة الوحيدة التى تحسب للقصة.

18‏/01‏/2016

يناير 18, 2016

فهمى هويدى : فضيحة غير مسبوقة (ما حدث مع هشام جنينة )

فهمي هويدي


ما حدث مع المستشار هشام جنينة ليس أزمة، لكنه فضيحة غير مسبوقة فى مصر. إذ رغم أن خلفيات القصة لم تعرف تفصيلاتها بعد، إلا أن القدر الذى تسرب منها حافل بالإثارة وعناصر الدهشة. ذلك أن الرجل أعد دراسة عن تكاليف الفساد فى مصر بناء على طلب وزير التخطيط. الذى كان مهتما بإنجازها قبل موعد اليوم العالمى لمكافحة الفساد فى ٩ ديسمبر.
 
وكان الوزير أشرف العربى قد سبق له تشكيل لجنة فى إطار وزارته لدراسة الموضوع، واختار من جانبه اثنين من خبراء جهاز المحاسبات لتمثيله ضمن أعضائها. لكن الخبيرين وجدا أن لجنة وزارة التخطيط اعتمدت على بيانات منشورة فى الصحف المصرية، واعتبرا أن تلك البيانات غير مدققة. وأن لدى جهاز المحاسبات تقارير أعدتها لجان فنية حول الملفات المطروحة. وبناء على ذلك تم الاتفاق على أن يقوم الجهاز بالمهمة. وبالفعل شكلت لجنة مثلت فيها ١٤ إدارة ذات صلة بالموضوع، سميت لجنة إعداد دراسة تحليل تكاليف الفساد. وقد وضعت تحت تصرف اللجنة التقارير التى سبق لخبراء الجهاز إعدادها. وظل وزير التخطيط يستعجل انتهاء اللجنة من مهمتها قبل ٩ ديسمبر حتى أنه أرسل من يمثله إلى رئيس جهاز المحاسبات أكثر من مرة لكى يطمئن إلى ذلك. وبالفعل أنجزت اللجنة الدراسة المطلوبة فى الموعد، وأرسلت نسختين منها واحدة إلى رئاسة الجمهورية والثانية إلى وزير التخطيط. وفى الصدارة منها نص صريح على أنها رصدت تكاليف الفساد فى مصر خلال ٤ سنوات فى الفترة ما بين عامى ٢٠١٢ و٢٠١٥.
تسرب الخبر إلى الصحفيين وسئل المستشار هشام جنينة أثناء حضوره إحدى المناسبات عما انتهت إليه لجنة تكاليف الفساد فقال لمندوبة موقع «اليوم السابع» إن اللجنة قدرت التكاليف فى السنوات ما بين عامى ٢٠١٢ و٢٠١٥ بنحو ٦٠٠ مليار جنيه. إلا أن الموقع نشر الرقم منسوبا إلى عام ٢٠١٥ وحده، فى حين أن مجلة «روزاليوسف» نشرت الخبر منسوبا إلى الأعوام الأربعة، كما ذكره المستشار جنينة.
بعد النشر حدثت مفارقة غريبة ومريبة. ذلك أنه رغم أن الإشارة إلى سنوات الدراسة الأربع صريحة فى التقرير الذى أرسل إلى الرئاسة وإلى وزير التخطيط، إلا أن الضجة التى حدثت استندت إلى ما نشره موقع اليوم السابع وتجاهلت ما نشرته روزاليوسف. توالت بعد ذلك التطورات التى يعرفها الجميع. إذ شكلت لجنة لتقصى الحقائق لم تعرف قائمة أعضائها، وإنما عرف أن بعض الجهات الخاضعة لرقابة جهاز المحاسبات التى رصدت بحقها مخالفات، مثلت فيها. وخلال أسبوعين يفترض أن تكون اللجنة قد فحصت فيها البيانات التى أعدتها اللجان الفنية فى جهاز المحاسبات عن السنوات الأربع، ثم نشرت الصحف بعض ما خلصت إليه اللجنة المذكورة. وأبرزت ما ذكرته فى تقريرها عن تعمد التضليل وسوء النية فى تقرير جهاز المحاسبات. وإذ ألمحت إلى أن ذلك كان مقصودا لتشويه سمعة البلاد وتجريح حكم الرئيس السيسى خلال السنة الأخيرة، فإن التعليقات الصحفية تحدثت عن أن ذلك كان مقصودا لإثارة البلبلة والفوضى قبل موعد الذكرى الخامسة للثورة فى ٢٥ يناير. وبذلك أصبحنا إزاء مجموعة من المفارقات والأكاذيب تمثلت فيما يلى:
● إخفاء حقيقة أن تقرير جهاز المحاسبات كان بطلب من وزير التخطيط، وأنه تضمن نصا على أنه يخص أربع سنوات وليس سنة واحدة، وتجاهل حقيقة أنه قدم قبل ٩ ديسمبر بطلب من وزير التخطيط أيضا ليكون جاهزا قبل اليوم العالمى لمكافحة الفساد. ولا علاقة له بذكرى ٢٥ يناير.
● إنكار أن التقرير أعدته لجنة مثلت فيها ١٤ إدارة بجهاز المحاسبات لها صلة بالموضوع، وأن تلك اللجنة اعتمدت على تقارير مدققة أعدها خبراء الجهاز عن السنوات الأربع. ومن ثم فإن التقرير لم يكن رأيا لرئيس الجهاز وإنما كان بمثابة تجميع لخلاصة تلك التقارير الفنية خلال تلك السنوات.
● لجنة غامضة لإبداء الرأى فى تقرير فنى لم يطلع عليه أحد، وأعدت اللجنة تقريرها عن ٤ سنوات خلال أسبوعين، ولم ترسله إلى جهاز المحاسبات للرد على الملاحظات التى وردت فيها. وإنما جرى تسريب مضمونه إلى الصحف مباشرة. واعتمدت تعليقات وسائل الإعلام على ما ورد فيه من تجريح واتهامات.
● فى حين لم يطلع الرأى العام على التقرير الأول أو الثانى، ولا عرف حقيقة اللجنة التى أعدت الرد، فإن جريدة الأهرام الصادرة أمس (الأحد ١٧/١) نشرت تقريرا حول «أزمة أرقام جنينة» تخيرت له عنوانا على ثمانية أعمدة نصه كما يلى: نواب: الاعتذار للشعب أو الإحالة إلى المحاكمة. وهؤلاء «النواب» لم يكونوا سوى نائب واحد نشرت الجريدة اسمه وصورته. وفى العدد ذاته تعليق لأحد الكتاب طالب فيه بإقالة المستشار جنينة أو استقالته. وكان الكاتب ذاته قد امتدحه فى مقال سابق، بعدما زاره فى وساطة لصالح أحد المقاولين الكبار فى محافظة المنيا، ولكن الوساطة لم تنجح لأن الجهاز اكتشف أن المقاول كان ضالعا فى الفساد!
إن «لوبى» الفساد فى مصر أكبر وأخطر مما نتصور!

https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=18012016&id=a5ccebaa-90eb-4fce-a423-47ca2233849f

05‏/05‏/2015

مايو 05, 2015

فهمي هويدي يكتب : من يتجرع السُم لإنقاذ اليمن؟

من الجنون أن يتم إنقاذ اليمن بتدميره، ومن العار أن يشارك بعض العرب فى ذلك. فى حين يقف البعض الآخر بين متفرجين ومهللين.
(١)
حين قلت فيما نشر لى فى وقت مبكر (يوم ٣١ مارس الماضى) تحت عنوان «رفع الالتباس» ان «حرب الضرورة» عالجت وضعا سيئا بما هو أنكى وأسوأ. ما خطر لى أن يصل الأمر إلى حد تدمير البلد وترويع وتشريد شعبه وإعادته إلى الوراء مائة عام على الأقل. ما تخيلت أن نعالج أزمة بكارثة. وأن يفضى صد غارة الحوثيين إلى معاقبة ٢٥ مليون يمنى وتحويل حياتهم إلى جحيم. إزاء ذلك فإن مطلب وقف الغارات فى أسرع وقت وبأى ثمن أصبح قضية الساعة وواجب الوقت. ذلك أن استمرارها لن يجلب انتصارا بقدر ما أنه سوف يشيع المزيد من العذاب والخراب، ليس ذلك فحسب وإنما سيفتح الأبواب واسعة لتداعيات أخرى سيكون «المنتصرون» بين ضحاياها.
فى مقالة ٣١ مارس ذاتها أشرت إلى أربعة أطراف صنعت الأزمة فى اليمن. وكان تدبير وتآمر الرئيس السابق على عبدالله صالح هو الطرف الأول والأخطر. الحوثيون الذين تحالفوا معه وأساءوا الحساب والتقدير هم الطرف الثانى، أما الطرف الثالث فقد كانت إيران التى تورطت فى مساندة الحوثيين تحت إغراء طموحات التمدد فى الفراغ العربى، الطرف الرابع كان الرئيس عبدربه هادى منصور الذى فشل فى إدارة المرحلة الانتقالية بضعفه وتردده، لدرجة أنه قبل أن يحكم بلدا ولاء الجيش فيه لسلفه وخصمه اللدود.
هذا التقدير صار تاريخا الآن، ذلك ان الخرائط تغيرت نسبيا خلال الأسابيع الخمسة التالية. إذ صرنا فى أوائل شهر مايو أمام وضع جديد تشكل فى ضوء استمرار غارات «التحالف» الذى قادته المملكة العربية السعودية، ذلك ان القصف استهدف جميع أنحاء اليمن، لأن ألوية الجيش الموالية لعلى عبدالله صالح والتى تضامنت مع الحوثيين موزعة على مختلف المحافظات، الأمر الذى أدى إلى توسيع نطاق القصف بحيث لم يصب معسكرات الجيش فقط وإنما أشاع الترويع بين الناس بقدر ما أصاب العمران بالخراب. وهو ما أحدث تحولا فى الرأى العام الذى بدا واستمر ساخطا على الحوثيين وزعيمهم، وانتهى ساخطا على القصف السعودى. وذلك تطور مهم ينبغى أن يوضع فى الحسبان فى تقدير الموقف الراهن.
صحيح أن الحوثيين ليس مرحبا بهم، ليس فقط لأسباب طائفية باعتبارهم أقرب إلى الشيعة لاشك فى أن مناطق الجنوب بوجه أخص شافعية ينتمون إلى أهل السنة، إلا أن ممارساتهم وجرائمهم أزعجت كثيرين. من نهبهم للبنوك إلى استيلائهم على المدارس وتحويلها إلى مخازن للسلاح أو معتقلات وسجون إلى تعمدهم تفجير بيوت خصومهم واختطاف معارضيهم، إلى جانب انتشار قناصتهم فوق البيوت وإطلاقهم النار بصورة عشوائية على الأهالى. لكن أصداء الغارات والدمار والترويع الذى أحدثته ظلت أقوى وأعمق أثرا. وهو ما أحدث التباسا لدى البعض ممن باتوا يتساءلون هل المستهدف هم الحوثيون فقط أم أيضا اليمن بقدراته وعافيته؟. وفيما فهمت من بعض الخبراء المتابعين فى الداخل فإن شدة وكثافة الغارات أحدثت نوعا من إعادة الاصطفاف لمواجهة ما سمى بـ«العدوان السعودى». وهو ما استغله الحوثيون وحاولوا توظيفه لصالحهم رغم تراجع شعبية زعيمهم.
(٢)
تصدمنا التقارير التى خرجت من اليمن أو صدرت عن محنته فى الآونة الأخيرة. ذلك أنها ترسم صورة محزنة لما آل إليه حال البلد الأكثر ثراء فى التاريخ، وكيف انه فى حاضره أصبح الأكثر بؤسا وتعاسة. إذ عندما تدمر مطاراته الخمسة وتعطل موانيه أو تحاصر، فى حين أنه يعتمد فى ٩٠٪ من غذائه على الاستيراد من الخارج فضلا عن أن معاناته تقليدية من أزمة شح المياه، فإن ذلك يصور مدى معاناة الناس فيه، خصوصا إذا ضربت محطاته الكهربائية وأصبح ٩٠٪ من اليمنيين بلا كهرباء، وحين يقضى المواطن عدة أيام نائما أمام محطة البنزين لكى يحصل على بعض ما يحتاجه منه. وهو ما يؤدى إلى توقف المركبات وشلل المولدات، وإلى إصابة الحياة بالتوقف، وتكون النتيجة أن الناس يعيشون على ما قد يتوافر لهم من مخزون الأرز والطحين. ولا يستطيعون الخروج من بيوتهم لتدبير احتياجاتهم بسبب قناصة الحوثيين، ولا يستطيعون مغادرة البلاد بسبب توقف المطارات والموانى. وهو وضع أدى إلى «غزونة» اليمن كما ذكر بعض المدونين، بمعنى أنها أصبحت شبيهة بمأساة غزة التى تعانى من التدمير والحصار الذى يراد به خنق الحياة فيها وإماتتها.
صحيفة نيويورك تايمز نشرت تقريرا فى ٣٠ أبريل الماضى كتبه كريم فهيم اعتبر أن اليمن ضحية الصراع بين إيران والسعودية، وان صنعاء وتعز وعدن تحملت نصيبا أوفر من تجليات ذلك الصراع، الذى أدى إلى مقتل أكثر من ألف يمنى وإصابة أكثر من خمسة آلاف بجراح ونزوح وتشرد نحو ٣٠٠ ألف آخرين. وقد اشتد ذلك الصراع خلال الأسابيع الأخيرة لان كل طرف يريد أن يحسن موقفه على الأرض قبل الدخول فى أى مفاوضات لوقف القتال وإعادة السلام إلى اليمن.
منظمة الصحة العالمية حذرت من تفاقم الأوضاع الصحية، ونقص الطواقم الطبية. إذ فضلا عن إشارتها إلى أعداد القتلى والمصابين والنازحين، فإنها حذرت من قصف بعض المستشفيات ونقص الأدوية وتدهور أوضاع الطرق الأمر الذى يجعل من المتعذر الوصول إلى المرضى والمصابين. كما حذرت من انتشار الأمراض المعدية بسبب تراكم القمامة...إلخ.
من ناحية أخرى أصدرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» تقريرا أخيرا (فى ٣/٥) ذكر أن طائرات التحالف استخدمت فى قصف مواقع الحوثيين ذخائر عنقودية محظورة دوليا. وهى تشكل خطرا بعيد المدى على المدنيين. وذلك بموجب اتفاقية اعتمدها ١١٦ بلدا عام ٢٠٠٨، ليس بينها السعودية واليمن والولايات المتحدة. وذكر البيان أن أدلة استخدام الذخائر العنقودية توافرت لدى المنظمة فى منتصف شهر أبريل الماضى، وان خبراءها جمعوا من الأدلة والقرائن ما أكد لديها صحة وقائع القصف الذى استهدف بعض قرى الحوثيين فى محافظة صعدة.
(٣)
قلت ان وقف الغارات فى أسرع وقت وبأى ثمن هو المطلب الملح الآن، أولا لوقف تفاقم الكارثة الإنسانية التى يزداد ضحاياها يوما بعد يوم (آخر احصاء للقتلى ذكر ان عددهم وصل إلى ألف ومائتين وخمسين شخصا).
وثانيا لترميم والحفاظ على الأواصر السعودية اليمنية. ثالثا للإسراع بإعادة إعمار ما تم هدمه وتخريبه خصوصا فى البنية الأساسية لليمن. ورابعا لوقف تمزق اليمن وانفراط عقده بعد إغراق القبائل بالسلاح الخفيف والثقيل ونشوء مجموعات المقاومة الشعبية فى مختلف المناطق مع الحرص على تدريبها وتحملها عبء مقاتلة الحوثيين وجيش الرئيس السابق. وهو ما يثير التساؤل حول مصير تلك «المقاومات» بعد انتهاء القتال علما بأن انفصال الجنوب بات احتمالا قويا الان، والتفكير فى المستقبل يستدعى اسئلة كثيرة ليس فقط على أوضاع اليمن الداخلية وإنما على أصداء الأحداث فى محيطها أيضا.
إذا كان التفكير فى التعامل مع أى أزمة يبدأ بالاتفاق على مالا ينبغى عمله لينتهى بالتوصل إلى ما يجب عمله، فأزعم أن وقف القتال هو المحظور الذى ينبغى الاتفاق عليه، أما ما بقى بعد ذلك فهو بحاجة إلى تشاور وتوافق وربما إلى وساطات. وتتحمل المملكة العربية السعودية مسئولية خاصة فى هذا الصدد، لانها هى التى تقود التحالف الذى يشن الغارات الآن، ولانها المتضرر الأكبر من الانقلاب الذى قام به الحوثيون فى اليمن.
وتحضرنى فى هذا الصدد عبارة «تجرع السم» التى بمقتضاها يتحلى الطرف المشارك بشجاعة تمكنه من القبول بقدر من التنازل والضرر لكى يتجنب ضررا أكبر وأفدح. من هذه الزاوية فلست واثقا من حكمة وصواب الإصرار على دعوة الفرقاء اليمنيين بمن فيهم الحوثيون للحوار فى الرياض التى تشن الغارات على الطرف الآخر. وهو ما قد يكون مفهوما فى حالة انتصار «التحالف» وتسليم الطرف الآخر بالهزيمة، وهو ما لم يحدث. ولأن الخلاف فى هذه الحالة حول رمزية المكان، فإن جرعة السم المقترحة فى هذه الحالة لن تكون كبيرة إذا عقد الاجتماع فى سلطنة عمان أو فى الكويت. أو حتى فى الإمارات.
على صعيد آخر، فاننى لا استطيع أن أخفى دهشة واستنكارا لقول نائب وزير الخارجية الإيرانى حسين أمير عبداللهيان أن طهران «لن تسمح بتعريض أمنها المشترك لمغامرات عسكرية». وهو ما نقلته على لسانه وكالة «تسنيم» الإيرانية فى مقال نشر بطهران يوم السبت ٢/٥. الأمر الذى يفهم منه ان إيران باتت تتحدث الآن عن «مصالح أمنية» لها فى اليمن. وهذا ــ إذا صح ــ يصبح شيئا جديدا ولافتا للانتباه. مع ذلك فإن مخاطبة إيران فى حل الأزمة. تنفيذا للقرار الذى اتخذه مجلس الأمن فى الموضوع، لابد أن يكون لها تأثيرها على موقف الحوثيين. إذ ما عاد سرا انهم يستشيرون طهران فى مثل هذه التطورات المفصلية على الأقل.
أدرى أن هناك تفاصيل كثيرة فى الموضوع، إلا أننى أزعم أنها تتوزع على ثلاث دوائر، أولاها وقف الغارات وثانيتها ترتيب إدارة البيت اليمنى لأجل تثبيت الشرعية والتحرك السريع باتجاه إعمار ما تم تدميره. وهى المسئولية التى يتعين أن تسهم فيها الدول الخليجية قبل أى طرف آخر. وليت الهمة التى ظهرت فى الدعوة إلى الاحتشاد العسكرى واستخدام القوة التى أدت إلى تدمير اليمن تتكرر فى التنادى لإعمار البلاد وطى صفحة آلامه وأحزانه. وفى هذا الصدد فإن التساؤل يصبح واردا عن دور المجالس والمؤسسات التنموية العربية بل وعن مسئولية «القمم» خليجية كانت أم عربية.
(٤)
إننا إذا وسعنا من زاوية النظر، ورفعنا البصر مؤقتا عما حل باليمن من دمار، فسوف تستوقفنا ثلاثة أمور.
الأول أن إعصار الدمار ضرب بقوة عدة أقطار عربية لاحت فيها بوادر التغيير وأحلامه. من ليبيا إلى سوريا مرورا بالعراق. وسوف نلحظ أن سيناريو الانتحار واحد فى تلك الأقطار. من قتل واقتتال وتشريد وقصف للعمران والبنى التحتية، بما يشغل شعوب تلك الأقطار بجراحها وأحزانها لعدة عقود قادمة، وبما يدمى الجغرافيا ويخرجها من التاريخ وهو ما يثير التساؤل عما إذا كانت تلك مجرد مصادفة أم لا.
الأمر الثانى محير ومحزن، ذلك انه فى ظل ذلك الاعصار المدمر يبدو العالم العربى كسفينة مثقوبة وتائهة، موشكة على الغرق، فى حين لا تجد ربانا يقودها أو يعالج شقوقها ويضمد جراحها. وأصبحت غاية مرادها ومناها ان يلقى إليها الآخرون بطوق النجاة لانقاذها من الغرق وايصالها إلى بر السلامة.
الأمر الثالث انه فى حين تتسابق أقطار العالم العربى على الانتحار، فإن إسرائيل تواصل الازدهار والتمدد، وتتفرغ لتحقيق أحلامها ليس فقط فى ابتلاع فلسطين وتهويدها وقمع الفلسطينيين وإذلالهم، وإنما أيضا فى اختراق العالم العربى وتوظيف قدراته لبسط هيمنتها على المنطقة وإشغالها بالصراع المذهبى الذى يشعل فيها الحرائق لعدة عقود قادمة على الأقل.
المدهش أنه فى حين يحدث ذلك، فإنه يتم تخديرنا واستغفالنا طول الوقت عبر محاولة اقناعنا بأن الأمن العربى مهدد فقط عند باب المندب فى الركن القصى من الجزيرة العربية. أما التغول والتوحش الإسرائيليين فإنه شأن أقل أهمية يمكن احتماله ولا يستحق ان نشغل أنفسنا به.

الشروق

فهمي هويدي يكتب : من يتجرع السُم لإنقاذ اليمن؟
noreply@blogger.com (peposhokry)
Tue, 05 May 2015 10:30:00 GMT

21‏/07‏/2014

يوليو 21, 2014

فهمي هويدي: مصر تساند إسرائيل والمبادرة لإحراج الفلسطينيين

 

وسط اتهامات لمصر بمساندة إسرائيل على حساب أهل قطاع غزة، التقتDW عربية بالمفكر والكاتب المصري فهمي هويدي، لتسأله عن قراءته للمبادرة المصرية والدور الذي يمكن للقاهرة لعبه في سبيل تحقيق التهدئة.

Gaza Palästina Israel Krieg Bombardierung 17.7.2014

أعلنت مصر قبل أكثر من أسبوع مبادرة للتهدئة بين الإسرائيليين والفصائل المسلحة في قطاع غزة، ما لبتت أن قوبلت برفض قاطع من قبل حركتي "حماس" و"الجهاد" باعتبار أنها لا تلبي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية وعلى رأسها فك الحصار عن قطاع غزة والالتزام باتفاق التهدئة لعام 2012. وقد فجرت هذه المبادرة موجة من الانتقادات اتهمت مصر بالتحيز لصالح الإسرائيليين على حساب الفلسطينيين، وذلك في ظل توتر غير مسبوق تمر منه العلاقة بين حماس ومصر السيسي التي اعتبرت أن حركة "حماس" تهدد أمنها القومي. وحول هذه المبادرة ومدى قدرة القاهرة لتحقيق التهدئة المنشودة أجرت DW عربية حوارا مع المفكر الإسلامي فهمي هويدي أوضح فيه موقفه من المبادرة، معتبرا أن القاهرة لم تبدأ بداية صحيحة لحل الأزمة.

DWعربية: ما تقييمك للموقف المصري منذ بداية العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة؟

فهمي هويدي: الموقف المصري في بداية العملية العسكرية تحدث في بياناته الرسمية عن عدوان إسرائيلي على قطاع غزة وبعدها بـأربع وعشرين ساعة، وجدناه يتحدث عن عنف متبادل وعنف مضاد ويتحدث عن الطرف الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية كأنهما على قدم المساواة، ثم الخطوة الثالثة يتحدث عن أعمال عدائية من الطرفين.. ليس هذا فحسب وإنما عندما أصدر المبادرة جرى التنسيق فيها مع إسرائيل ولم يتواصل مع المقاومة الفلسطينية وهذا خطأ بروتوكولي، لأنه كان يجب على الأقل أن يتشاور مع الطرفين حتى يرى ماذا يقبل كل منهما، ثم يكمل النظام المصري الحكاية بمنع قافلة الإغاثة، في ظروف يبدو فيها الطريق مفتوحا بين القاهرة وتل أبيب، ومغلقا ومقطوعا بين القاهرة وغزة. وهذا أشعر البعض بأن مصر وإسرائيل يد واحدة في مواجهة الفلسطينيين، وهذا أمر مشين تاريخياً في هذه الظروف، كما أن هناك انحيازاً واضحاً من الدول الخليجية إلى إسرائيل مثل السعودية والإمارات التي أعلنت في البداية تأييدها للمبادرة على لسان وزير خارجيتها عبدالله بن زايد.

Fahmi Huwaidi

المفكر الإسلامي فهمي هويدي

هل أثرت الخصومة مع حماس على موقف مصر؟

النظام لديه خصومة مع حماس، لكنه كان يقول إن حماس ليست غزة.. لكن عندما منع التعاطف الشعبي بمنع قافلة الإغاثة أضاف حجة جديدة لمن يرى أن هناك انحيازا لإسرائيل.. الانحياز كان موجوداً في عهد مبارك لكن لم يكن بهذه الفجاجة، لأن الانحياز كان يلعب بشكل مختلف، وهذا يعطي انطباعا بأن الزواج العرفي الذي كان موجودا في السابق بين مصر وإسرائيل في عهد مبارك يكاد يتحول الآن إلى زواج رسمي، خاصة عندما نجد مصر تسعى لتحسين صورة إسرائيل في المنطقة وتبرر للمجازر التي تجرى الآن في غزة تحت مظلة أن إسرائيل مضطرة لأن تدافع عن نفسها.

وما رأيك في نص المبادرة؟

كانت المبادرة "تعجيزية" بالنسبة للمقاومة، وهذا يفتح الباب لسوء الظن كأنك تقدم شيئا وأنت تعلم أنهم سيرفضونه، وأن إسرائيل إذا بالغت في رد العنف فإنها بريئة لأن الطرف الآخر هو الذي رفض المبادرة.. الملابسات كلها تعطي انطباعا أنها لم تكن مبادرة بقدر ما أنها فخ نصب للفلسطينيين فوقعوا فيه برفضها.

هل رفض حماس للمبادرة المصرية كان لإحراج مصر؟

لا يريد الفلسطينيون إحراج مصر.. العكس هو الصحيح؛ مصر هي التي أرادت إحراج حماس .. ومصر طوال السنوات الماضية أرادت تشويه صورة حماس واتهامها بأنها وراء ثورة 25 يناير، بالرغم من أنه لم يبد تورطها في أي شيء تم اتهامها فيه.. هم يرون أنه تم تجاهلهم واحتقارهم عندما أطلقنا مبادرة لوقف النار بدون أي مشاورات معهم وبدون أي ضمانات أيضا، مما يدل على أنك لا تريد إنهاء الأزمة بقدر ما أنك تريد عودة الوضع إلى ما كان عليه وكل الخراب سيعود مرة أخرى، بعدما دفع الفلسطينيون ثمنا غاليا. والآن تطلب مصر أن تجلس المقاومة مع عدوها وكأن شيئا لم يحدث.

Gaza Israel Krieg Bodenoffensive Beschuss Terror in Gaza 21.7.

أزيد من 500 قتيل وآلاف الجرحى إثر الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع ردا على الصواريخ الفلسطينية.

حمل وزير الخارجية سامح شكري محور حماس تركيا قطر مسؤولية إفشال دور مصر في المنطقة، كيف ترى تصريحاته؟

هذا كلام مبالغ فيه فرفض المبادرة تم قبل أن يتم أي تنسيق بين الفصائل المقاومة وقطر كما أن حركة الجهاد رفضتها قبل أن ترفضها حركة حماس .. هم بحثوا بعد ذلك عن حلفاء.. وليس كل تأييد لموقف هو تعبير عن تحالف استراتيجي .. لابد أن نفرق بين ما هو تكتيكيا وفرعيا وبين ما هو استراتيجي.

ألم يقم النظام بمصر بمشاورات مع أبو مازن الذي يعتبر رئيسا لكل الفلسطينيين؟

أبو مازن ليس له علاقة بالمقاومة .. والتجربة المصرية كانت تقوم على إجراء مشاورات مع المقاومة حتى أيام مبارك .. هذه أول مرة لا يتم فيها التشاور مع حماس والمقاومة قبل الإعلان عن المبادرة.. فحتى أيام مبارك وعمر سليمان كانوا يتشاورون مع المقاومة أولا مباشرة، ثم يأتي أبو مازن لتغطية المبادرة بعدما يتم الاتفاق عليها بشكل شرفي وبروتوكولي، كما أن النظام يعرف جيدا أن بو مازن ضد المقاومة لكن النظام "استعبط" وقال إن أبو مازن هو رئيس كل الفلسطينيين وهو لا يمثل المقاومة.

قال سامح شكري أيضا لو وافقت حماس على المبادرة منذ البداية، لمنعت سقوط كل هؤلاء القتلى، ما رأيك في هذا الحديث؟

هذا الكلام خطأ كبير، والعكس هو الصحيح.. فلو كانت مصر تشاورت مع المقاومة الفلسطينية قبل إطلاق المبادرة لكان الوضع أفضل. الخطأ أصلا من جانب مصر لأنها لم تبدأ بداية صحيحة لحل الأزمة، وتاريخياً هذا لم يكن تقليداً في خبرة التفاوض المصري.

الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح أعلن صراحة أنه لا يمكن لهذه الحرب أن تتوقف بدون الدور المصري.. فما الحل إذا كانت مصر طرفا أساسيا وهناك خصومة بين حماس والقاهرة؟

على رأي عبد الحليم حافظ "اللي شبكنا يخلصنا" .. يجب تطوير المبادرة المصرية ولابد أن يكون لها تعديل .. أبو مازن يدور على نفسه وفي النهاية سيجلس مع خالد مشعل في الدوحة .. يمكن لمصر بأن لا تعدل المبادرة لكن عليها على الأقل إعطاء ضمانات.. الكرة في الملعب المصري .. هو المسؤول عن تعديل موقفه حتى يكون على مسافة واحدة بين الطرفين، وهذا يتم من خلال أمرين هما دخول الجرحى والمصابين الفلسطينيين، ودخول قوافل الإغاثة وتوفير ضمانات ملحقة بالمبادرة.

ما هو الدور الذي يمكن للقاهرة لعبه لإنهاء الأزمة، وهل تتوفر على أوراق ضغط؟

تقلصت علاقة مصر بالقضية الفلسطينية إلى حدود معبر رفح وهذا تفريط كبير في الدور المصري الذي يجب استعادته.. نحن نحتاج لأن يكون لدينا موقف متوازن .. لا نريد خصومة مع إسرائيل ولكن على الأقل علاقات متوازنة لأنه واضح جدا أن النظام المصري أقرب إلى إسرائيل ويضغط لصالح إسرائيل.. كنت أتمنى أن تدخل القافلة إلى غزة ويقال إننا مع الشعب الفلسطيني وليس مع حماس .. لابد من تلطيف الأجواء وسمعنا كلاما هادئا من قيادات حركة حماس تجاه مصر فنحتاج لأن نرى تهدئة من جانب مصر بأي شكل.

* فهمي هويدي: مفكر إسلامي وصحفي ذو توجهات قومية عربية، له العديد من المؤلفات، لعل من أهمها "الإسلام والديمقراطية" الذي صدر عام 1993، كما أنه يواظب على نشر مقالاته في عدد من الصحف والمواقع العربية.

29‏/06‏/2014

يونيو 29, 2014

بقلم : فهمى هويدى : حكومة الظل المصرية

 

فهمى هويدى

 

السبت ٢٨‎ يونية ٢٠‎١٤09:01:50  صباحاً

قبل أن يُعلن رسميا عن منع بث مسلسل «أهل إسكندرية» خلال شهر رمضان، أشارت الصحف إلى أن جهة غامضة أوصت بذلك. وهو ما يعنى أن القرار أصدرته تلك الجهة لأسباب وحسابات لم تكن مضطرة ولا راغبة فى إعلانها، وأن مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامى حين اجتمع وأعلن «تأجيل» عرض المسلسل فإن دوره كان مقصورا على إخراج القرار وليس إصداره.

عندى تجربة خاصة مع حكاية «التأجيل» تجعلنى أستريب فى مقصوده. ذلك أن أحد رؤساء التحرير السابقين لجريدة الأهرام حين كان يريد منع أى مقال لى فإنه لم يكن يؤشر بالمنع كى لا يؤخذ عليه، لكنه كان يقرر «تأجيله» فقط. وهو يعلم أنه كان يُنشر فى اليوم نفسه فى عدة دول عربية، الأمر الذى يعنى أنه إذا لم يظهر بالأهرام فى ذلك اليوم فسوف يتعذر نشره بعد ذلك، لأنه يكون قد «حُرِق» إذا استخدمنا الوصف الدارج فى محيط المهنة، بعدما تم نشره فى أماكن أخرى وصار فى متناول الجميع.

حدث معى بعد ذلك أنه حين لم أُمكَّن من السفر قبل عدة أسابيع، قيل لى إنه لا يوجد قرار بمنعى من السفر. وأفهمنى العالمون ببواطن الأمور بأن المنع له بابان أحدهما قانونى يصدره النائب العام والثانى «سيادى» يصدر عن جهات غامضة لا تُسمى ولا تُعرف ولا تُسأل. والمنع الأول يتم من خلال قرار مكتوب يصدره النائب العام ويبلَّغ إلى الجهات المعنية فى المطارات والموانئ. أما المنع الثانى فتصدره الجهات الغامضة من خلال الرسائل والاتصالات التى يتعذر إثباتها. فقد يقوم الوسطاء بتوصيل التبليغات والتنبيهات شفاهة، وقد يتم الأمر من خلال الاتصالات الهاتفية. وما أدهشنى أن مسئولا صحفيا على صلة بالمؤسسة الأمنية قال لى إن الجهات التى تُصدر ما يُسمى بالقرارات السيادية عددها تسع فى مصر، وهو ما استغربته لأن مبلغ علمى أنها بين ثلاث أو أربع.

لقد ذكرت فى مناسبة سابقة أن مصطلح الجهات السيادية الرائج فى الإعلام المصرى يُعد بدعة لا أصل لها، فى السياسة أو القانون. وهو قناع تتجمل به المؤسسة الأمنية والجهات الغامضة التابعة لها التى لا تريد الإعلان عن نفسها، وتفضل استخدام ذلك المصطلح التماسا للهيبة من ناحية ولترهيب الآخرين وإسكاتهم من ناحية أخرى. ذلك أنه لا يوجد شىء فى الدول العصرية اسمه مؤسسة سيادية، ولكن هناك قرارات سيادية تصدرها السلطة بناء على تقديرها السياسى وليس بموجب صلاحياتها الإدارية. ولأنه تقدير سياسى (مثل إعلان الحرب أو الطوارئ أو تعديل الوزارة) فإنه يظل بعيدا عن الرقابة القضائية، وإن خضع للرقابة البرلمانية.

من الناحية العملية فكلما انحسر التطبيق الديمقراطى تمددت وتعددت الجهات الغامضة واستفحل دور الجهات التى تتحصن وراء المسميات المختلفة، والصفة السيادية أبرزها. وبمقتضى ذلك فإنها تقوم بدور فاعل فى توجيه مختلف أنشطة الشأن العام، فى حين تظل قابعة فى الظل وبعيدة عن أى مساءلة.

إننا لا نعرف على وجه التحديد من قرر منع مسلسل «أهل إسكندرية»، ولا من أوقف برنامج باسم يوسف، ولا من ضغط سواء لتطفيش علاء الأسوانى، أو لمنع أشخاص بذواتهم من الكتابة فى الصحف أو إخضاع كتاباتهم لرقابة خاصة، كما حدث مع أهداف سويف مؤخرا ومن قبلها وائل قنديل. ثم إننا لا نعرف مدى صحة الشائعات التى تتحدث عن وضع أسماء منسوبين إلى ثورة 25 يناير ضمن قوائم غير المرضى عنهم. ومن هؤلاء الدكتور عمرو حمزاوى والدكتور سيف عبدالفتاح وصولا إلى عبدالرحمن القرضاوى ومصطفى النجار وعمرو واكد والفنانة بسمة...إلخ.

هذه الجهات الغامضة التى يسمونها جهات سيادية هى حكومة أخرى قابعة فى الظل. ولا أستبعد أن تكون الحكومة الحقيقية التى تسير البلد من مواقعها البعيدة عن الأعين. وهى مختلفة عن حكومة الظل فى إنجلترا مثلا، التى تشكلها الأحزاب لكى تكون جاهزة لإدارة البلد واستلام السلطة إذا فازت فى الانتخابات إلا أن جهاتنا السيادية تمارس ولا تنتظر الانتخابات. وهى أيضا تختلف عن الدولة العميقة التى تضم عناصر الأجهزة الأمنية وشبكات المصالح والخصوم السياسيين الذين يعملون تحت الأرض لتغيير الأوضاع والتأثير على السياسات. ذلك أنها عندنا جزء من السلطة يعمل فوق الأرض وغير مرئى لنا ولكنه أحد أذرع سلطة القرار. وهى تؤدى دورا سياسيا لما تتصوره خدمة للنظام، دون ضلوع شبكات المصالح الاقتصادية فيها.

والأمر كذلك، فإن أزمة مسلسل «أهل إسكندرية» تعد قرينة جديدة على مدى عمق أزمة الديمقراطية والشفافية فى مصر. وإذا كان منع المسلسل قد وفر أفضل حملة دعائية له، إلا أننى أتمنى أن تعد الأزمة بمثابة جرس إنذار ينبهنا لحاجتنا الملحة إلى الشفافية واستعادة المسار الديمقراطى، الذى يبدو أنه بند مؤجل فى أولويات النظام القائم.

23‏/01‏/2013

يناير 23, 2013

فهمي هويدي يكتب : محظور يوم الخروج

 

الشحن الإعلامى الذى نطالعه هذه الأيام فى مصر يبعث إلينا برسالة خلاصتها أن يوم 25 يناير سيكون يوم حسم الحرب الأهلية المستعرة فى المحروسة، أو عند الحد الأدنى يوم الفوضى الذى يمهد لحسم تلك الحرب. هكذا تدل العناوين التى تتصدر الصفحات الأولى للصحف ومنها على سبيل المثال ما يلى: المواجهة تتصاعد ــ مصر تنتظر 25 يناير ــ الاحتقان يتصاعد ــ ساعة المواجهة تقترب ــ الغضب الساطع آت ــ الألتراس يهدد بالدم ــ الأقنعة السوداء تعلن: سنحافظ على الثورة وسنتصدى ــ وزير الداخلية: أخشى من عنف يؤدى إلى انهيار الدولة ــ حرب شوارع فى الإسكندرية ــ بروفة لـ25 يناير بالثغر ــ 52 حزبا وحركة ثورية تحتشد فى الميادين و6 أبريل تحذر الجماعة من النزول...الخ.
على هذا المنوال استمرت عملية الشحن والتعبئة التى تقول لنا بصريح العبارة إنه لا يراد لذلك اليوم أن يمر على خير. وهو انطباع خالفتنى فيه صحفية لبنانية كانت لها قراءة أخرى، إذ اعتبرت أن تلك التلويحات من علامات الحيوية والفوران الذى لم يهدأ فى الشارع المصرى رغم مضى سنتين على الثورة. ودللت على ذلك بما يجرى فى الساحة اللبنانية التى لا تكف الجماعات والأحزاب السياسية فيها عن الاحتراب الإعلامى طول الوقت. وهو احتراب يتجاوز التراشق اللفظى وإطلاق التهديدات والاتهامات، ولكنه لا يخلو من اشتباكات يحتكم فيها إلى السلاح بين الميليشيات الحقيقية المدربة والجاهزة، والتى تنتظر الإشارة فى أى وقت. وعلقت على هذه النقطة الأخيرة قائلة بأن مصر لم تعرف الميليشيات بعد. والبلطجية الذين يظهرون فى المظاهرات هم فى أحسن حالاتهم مجرد هواة ومبتدئين إذا ما قورونوا بالحاصل فى لبنان. صحيح أن هناك اختلافا كبيرا بين التركيبة والطبيعة السكانية فى البلدين، ولكن أكثر ما يميز مصر أن فيها دولة وجهاز إدارة ثابتا ومستقرا منذ أمد بعيد، لأن ضعف الدولة فى لبنان كان من العوامل التى ساعدت على تقوية دور الميليشيات فيها، حتى أصبحت تشكل أكثر من دولة أخرى موازية.
لا تطمئننا ولا تبهجنا هذه المقارنة، لأننا إذا احترمنا خصوصية الحالة اللبنانية وقدرنا فضائلها، فلا أظن أن الثورة قامت لكى تتفوق الميليشيات فيها على نظيرتها هناك. ذلك أن ما يسمى بميليشيات عندنا فيه من الوهم أكثر مما فيه من الحقيقة ومبلغ علمى أنها سُبَّة يتم التراشق بها أثناء احتدام الخلاف بين الفرقاء، وفى كل الأحوال فإن الشائعات المثارة فى هذا الصدد لم تؤيدها أى تحقيقات أو بيانات رسمية، قضائية أو غير قضائية. حتى البلطجية الذين يظهرون فى التظاهرات لايزال أمرهم غامضا، بحيث إننا لم نعرف بعد هل هم مجرد عاطلين وأصحاب سوابق، أم أنهم مجندون لأداء مهام معينة، وهل هم جسم واحد أم جماعات متفرقة. ثم إننا لم نعرف بعد من يقف وراءهم، رغم تواتر الإشارات فى التصريحات والتقارير الإعلامية إلى أنهم مدفوعون وممولون من جانب عناصر لم تتحدد هويتها، وإن ذكر فلول النظام السابق بينها.
إن أخشى ما أخشاه ان يستسلم العقلاء للانفعال فلا يقاومون ضغوط التعبئة والتحريض، ثم نجد أنفسنا فى نهاية المطاف وقد صرنا إزاء حالة من الانفلات تحقق لدعاة الفوضى وهدم المعبد على الجميع غرضهم. وكأى مشهد للعنف أو حريق فإنه ما إن تطلق الشرارة الأولى حتى تنفتح الأبواب على كل الاحتمالات، بما فيها الأخطر والأتعس.
أدرى أن بعض العقلاء الذين أيدوا الخروج يوم الجمعة حذروا من العنف واستبعدوا فكرة إسقاط النظام، وقالوا إن فى البلد رئيسا منتخبا ديمقراطيا، وللديمقراطية آليات تسمح بإقصائه حين تنتهى مدته. إلا أن من الواضح أن حملة التعبئة والإثارة والتحريض كانت أعلى، حتى خفتت إلى جوارها أصوات العقلاء، والعناوين التى سبقت الإشارة إليها تشهد بذلك، حيث قرأنا فيها الجموح والإثارة، بأكثر مما قرأنا صدى العقل والمسئولية.
إن مغامرة التحريض على العنف، واعتبار اقتحام وإحراق محكمة جنايات الإسكندرية «بروفة» لما يمكن أن يحدث فى 25 يناير ــ كما قالت إحدى الصحف ــ بمثابة لعب بالنار. إذ تعبر عن خفة تفتقد إلى المسئولية، وتعكس مزاجا خطيرا يزايد به البعض على الجميع، ويبدون استعدادا لإحراق البلد لتصفية الحساب مع الإخوان ورئيس الدولة، هذا إذا لم يستهدفوا أيضا إجهاض الثورة برمتها.
إن الخلاف مقبول فى كيفية الاحتفال بذكرى قيام الثورة، وقد تتباين اجتهاداتنا بشأن ما ينبغى أن يرفع من شعارات أو يوجه من نداءات فى هذه المناسبة، إلا أن كل المختلفين الذين لديهم حد أدنى من العقل والمسئولية ينبغى أن يتفقوا على شىء واحد على الأقل، هو الإصرار على رفض العنف وقطع الطريق على أى منفذ له ــ كيف؟ ــ أحاول الإجابة عن السؤال غدا بإذن الله.

فهمي هويدي يكتب : محظور يوم الخروج
قسم الأخبار
Wed, 23 Jan 2013 17:04:00 GMT

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى